الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمَن تَأَخَّرَ}
في النفر حتى رمى في اليوم الثالثِ قبل الزوالِ أو بعده، وعند الشافعيّ بعده فقط،
بما صنعَ من التأخُّرِ، والمرادُ: التخييرُ بين التعجل والتأخر، ولا يقدح فيه أفضليةُ الثاني، وإنما ورد بنفي الإثم؛ تصريحاً بالرد على أهل الجاهلية حيث كانوا مختلفين فمن مُؤثِّمٍ للمتعجل ومؤثمٍ للمتأخر.
ــ
وكأن المصنف تساهل في البيان؛ لأنه معلوم في الفروع (1)، مفرغ منه." (2) أهـ
وفي (ز):
" اعلم أن الفقهاء قالوا: إنما يجوز التعجيل في اليومين لمن رمى اليوم الثاني، وتعجل قبل غروب الشمس، فإن غربت شمس الثاني قبل النفر لم يكن له نفر إلا في اليوم الثالث، فيلزمه مبيت بمنى ورمي فيه؛ لأن الشمس إذا غابت ذهب اليوم ولم يجعل له التعجيل إلا في اليومين.
وهذا مذهب الشافعي وقول كثير من الفقهاء والتابعين.
وعند أبي حنيفة: له أن ينفر مالم يطلع الفجر؛ لأنه لم ينفر في وقت الرمي بعده (3)." (4) أهـ
(والمراد إلخ): عبارة (ق): " ومعنى نفي الإثم بالتعجل والتأخر: التخيير بينهما، والرد على أهل الجاهلية؛ فإن منهم من أَثَّمَ المُتعجل، ومنهم من أَثَّمَ المُتأخر. (5) "(6) أهـ
(1) الفروع: يقصد بها كتب "الفقه" الذي هو: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية، المكتسب من أدلتها التفصيلية. أما الأصول فهي كتب "أصول الفقه" الذي هو: القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية. ينظر: القاموس الفقهي - حرف الفاء (1/ 290)، معجم لغة الفقهاء-حرف الهمزة (1/ 72).
(2)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 294).
(3)
ينظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (1/ 146)[لعلي بن أبي بكر الفرغاني ت: 593 هـ، تحقيق: طلال يوسف، دار احياء التراث العربي - بيروت - لبنان]، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (2/ 274) [للخطيب الشربيني ت: 977 هـ، دار الكتب العلمية، ط: الأولى، 1415 هـ - 1994 م].
(4)
حاشية زادة على البيضاوي (2/ 498).
(5)
المقام هنا يقتضي نفي الإثم عن المتعجل فقط؛ لأنه هو الآخذ بالرخصة، ولكنه - تعالى - نفى الإثم عن المتأخر أيضا، مع أنه لم يفعل شاء يقتضي نفي الإثم عنه، وذكر العلماء أن ذلك لحكم منها:
أن مَعْنَى نَفْيِ الْإِثْمِ فِيهِمَا كِنَايَةً عَنِ التَّخْيِيرِ بَيْنَهما، وَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ، وَلَا مَانِعَ مِنَ التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ، كَمَا خُيِّرَ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ.
وَقِيلَ: فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الرُّخْصَةِ.
وَقِيلَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَرِيقَيْنِ: مَنْ يُؤَثِّمُ الْمُتَعَجِّلَ، وَمَنْ يُؤَثِّمُ الْمُتَأَخِّرَ، فرفعِ الْقُرْآنُ الْإِثْمِ عَنْهُمَا.
وَقِيلَ: إِنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ عَنِ الْمَغْفِرَةِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ.
ينظر: مفاتيح الغيب (5/ 342)، البحر المحيط (2/ 323)، التحرير والتنوير (2/ 263).
(6)
تفسير البيضاوي (1/ 132).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كتب (ع):
" أي: المقصود من (نفي الإثم) مجموع الأمرين، وذلك لأن نفي الإثم فيهما يستلزم استواءهما في الخروج عن العهدة، وإن كان التأخر أفضل.
والتعبير بنفي الإثم: لتعريض من اعتقد الإثم في أحدهما. " (1) أهـ
وفي (ش):
" (ومعنى نفي الإثم إلخ): تبع فيه (ك)(2)؛ لأن التخيير يجوز بين الفاضل والمفضول؛ لأن التأخير أفضل.
ورَدَّه في الانتصاف (3): " بأن التخيير يوجب التساوي، فلا يصح ما قاله (4)."(5)
وأجيب: بأنه إنما يمتنع إذا لم يسبق بمنع لأحد الطرفين، فإن سبق به جاز التخيير، إشارة إلى مطلق الجواز فيهما (6)، ولذلك عطف عليه
(والرد على أهل الجاهلية)، فعلى هذا هما جواب واحد.
وقيل: الأول: جواب بمنع امتناع (7) التخيير، والثاني: جواب بتسليمه.
وعليه كان الظاهر أن يقول (والرد)(8)." (9) أهـ
(1) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (336 / أ).
(2)
أي تبع القاضي البيضاوي فيه الإمام الزمخشري. ينظر: تفسير الكشاف (1/ 250).
(3)
يقصد: حاشية (الانتصاف فيما تضمنه الكشاف) لابن المنير الإسكندري المتوفي: 683 هـ.
(4)
أي: لا يصح ما قاله الإمام الزمخشري من أنه: " يجوز التخيير بين الفاضل والأفضل."
(5)
الانتصاف فيما تضمنه الكشاف، بهامش تفسير الكشاف (1/ 250).
إلا أن الإمام الآلوسي قال في " روح المعاني "(1/ 489): " والمراد التخيير بين التعجل والتأخر، ولا يقدح فيه أفضلية الثاني خلافا لصاحب الإنتصاف."
(6)
ذكر القاضي البيضاوي تبعا للإمام الزمخشري: أن معنى " نفي الإِثم بالتعجيل والتأخير": التخيير بينهما، وقد اعترض صاجب الانتصاف على ذلك في حاشيته على الكشاف: بأن التخيير يقتضي التساوي، ولا مساواة؛ لأن بينهما تفاضل. فأجيب: بأنه يجوز التخيير بين الشيئين الذي سبق أحدهما بالمنع؛ للدلالة على مطلق الجواز فيهما، بصرف النظر عن كون أحدهما أفضل من الآخر أم لا.
(7)
أي جوازه؛ لأن نفي النفي إثبات.
(8)
في حاشية الشهاب بلفظ (أو الرد).
(9)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 294).