الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باعتبار اتصافِهم بما ذُكر من النعوتِ الجميلةِ، وما فيه من معنى البعد؛ لما مر مراراً من الإشارة إلى علوِّ درجتِهم وبُعْدِ منزلتِهم في الفضلِ، وقيل: إليهما معاً، فالتنوينُ في قولِهِ تعالَى:
{لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا}
على الأول: للتفخيم، وعلى الثاني: للتنويعِ،
ــ
ولذلك ترك العاطف (1) ههنا؛ لكونه كالنتيجة لما قبله كما مر في: {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} (2)، بخلاف:{وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} . (3)
وأما حَمْل {أُوْلَئِكَ} على التعظيم فمما لا يظهر وجهه؛ لأن اسم الإشارة إنما يتوصل به إلى تعظيم المشار إليه بالبعيد، و {أُوْلَئِكَ} ليس مختصا بالبعيد (4)." (5) أهـ
(باعتبار اتصافهم إلخ) لبيان علة الحكم.
(وما فيه من معنى البعد) وما عن (ع): طريقة.
(وقيل: إليهما): أي إشارة إليهما (6)، وهو مقابل لـ (إشارة إلى الفريق الثاني).
(1) أي: ترك حرف العطف، وهو في هذا الموضع (الواو) حيث قال:{أُوْلَئِكَ} ، ولم يقل (وأولئك) كما في مواضع أخري نحو:{أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 157].
(2)
سورة: البقرة، الآية:5.
(3)
ينظر: روح المعاني (1/ 487).
(4)
هذا غير صحيح فـ (أولئك) اسم إشارة للبعيد؛ لاقترانه بالكاف، كما سبق بيانه.
وقال الإمام الآلوسي في " روح المعاني "(1/ 487): " قيل: وما فيه من معنى البعد؛ للإشارة إلى علو درجتهم وبُعد منزلتهم في الفضل." وينظر: محاسن التأويل (2/ 79).
(5)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (335 / أ).
(6)
أي: إشارة إلى الفريقين، وهذا هو الرأي الثاني.
أي: لكل منهم نوع: نصيب من جنس ما كسَبوا، أو من أجله، كقوله تعالى:{مِّمَّا خَطِيآتِهِمْ أُغْرِقُوا} ، أو مما دَعَوْا به نعطيهم منه ما قدّرناه.
وتسميةُ الدعاء كسْباً؛ لما أنه من الأعمال.
ــ
(من جنس ما كسبوا): وهو جزاؤه، فمن بيانية، والجنسية باعتبار كونه حسنة، أو ابتدائية، أو تبعيضية، أو تعليلية.
(أو من أجله): " فعلى هذا (من) للابتداء والمبدئية على وجه التعليل."(1)(ع)
(أو مما دعوا به): " صريح في أن من للتبعيض، فعلى هذا قوله: {مِّمَّا كَسَبُوا} من وضع الظاهر موضع المضمر بغير لفظه السابق (2)؛ لأن المفهوم من {رَبَّنَا آتِنَا} الدعاء لا الكسب."(3)(ع)
لكن في (ش): " والمراد بـ (ما كسبوا): الدعاء؛ لأنه عمل لهم، والعمل يوصف بالكسب."(4)
وهو ما أشار إليه المصنف (5) بقوله: (وتسمية الدعاء كسبا).
(1) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (335 / ب).
وينظر: روح المعاني (1/ 487).
(2)
قال تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} إلخ [البقرة: 201] ثم لم يقل: (أولئك لهم نصيب مما دعوا به)، بل قال:{لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا} مع أن المفهوم من قوله: {رَبَّنَا آتِنَا} الدعاء لا الكسب، فعبر بالكسب - وهو لفظ ظاهر - عن الدعاء - وهو معنى مضمر في قوله:{رَبَّنَا آتِنَا} - من باب وضع الظاهر موضع المضمر بغير لفظه السابق؛ وذلك لأن الدعاء؛ عمل لهم، والعمل يوصف بالكسب. وهذا باب من أبواب الإطناب يأتي في القرآن لحكم كثيرة منها: التَّنْبِيهُ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ، نحو قَوْلُهُ:{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170] وَلَمْ يَقُلْ: "أَجْرَهُمْ"؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ صَلَاحَهُمْ عِلَّةٌ لِنَجَاتِهِمْ. ينظر: البرهان (2/ 482)، الاتقان (3/ 244).
(3)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (335 / أ).
وينظر: روح المعاني (1/ 487).
(4)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 293).
وينظر: محاسن التأويل (2/ 79).
(5)
أي: الإمام أبو السعود في تفسيره.