المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث جابر في حجة النبي صلى الله عليه وسلم - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ٢

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجنائز

- ‌بَابٌ فِي إِغْمَاضِ الْمَيتِ وَالدُّعَاءِ لَهُ إِذَا حَضَرَ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌[بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزكاةُ مِنْ العَينِ والحَرْثِ وَالْمَاشِيةِ وَمَا لَيسَ فِيهِ زَكَاةٌ، وَفِي زَكَاةِ الفِطْرِ، وَمَا جَاءَ فِي مَانِع الزَّكَاةِ، وَالأَمْرِ بإرْضَاءِ الْمُصَدِّقِين]

- ‌[بَابُ قَبُولِ الصَّدَقَةِ تَقَعُ فِي غَيرِ أَهْلِهَا]

- ‌بَابٌ فِي ذَمِّ الرَّغْبَةِ وَمَا فِي الصَّبْرِ وَالقَنَاعَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أُعْطَي عَنْ مَسْأَلَةٍ وَفُحْشٍ، وَإِعْطَاءِ الْمُؤَلَفَةِ قُلُوبُهُم وَفِيهِ ذِكْر الْخَوَارِجِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَتَحْرِيمهَا عَلَى آلِهِ وَإبَاحَتِهَا لِمَوَالِي نِسَائِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ قَبُولِ الْهَدِية والدُّعَاء لِمَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ

- ‌كتاب الصيام

- ‌بَابٌ في فَضْلِ رَمَضَان

- ‌بَابُ الصَّوْمِ وَالفِطْرِ لِرُؤيَةِ الهلالِ أَوْ إكْمَالِ العِدَةِ وَالنَّهْي أَنْ يَتَقَدَّمَ صَوْمُ رَمَضَان بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيِن، وَقَوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: شَهْرَا عِيدٍ لا ينقُصَان

- ‌بَابُ إِبَاحَةِ الأكْلِ مَا بَينَ الْمَغْرَبِ وَالفَجْرِ وَفِي صِفَةِ الفَجْرِ وَفِي السَّحُورِ وَفِي الفِطْرِ وَتَعْجِيلِهِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنِ الوصَالِ فِي الصَّوْمِ

- ‌بَابٌ فِي القُبْلَةِ وَالْمُبَاشرةِ لِلصَّائِمِ وَفِيمَنْ أَدْرَكَهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٍ وَفِيمَنْ وَطِيءَ امْرَأتَهُ فِي رَمَضَان

- ‌بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصائِمِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الصِّيامِ فِي السّفَرِ

- ‌بَابُ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وَفِي قَضَاءِ رَمَضَان

- ‌بَابٌ فِيمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُم أَفْطَرَ، وَفِيمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا

- ‌بَابُ صَوْمِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالترْغِيبِ فِي الصيَامِ، وَفَضلِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ]

- ‌بَابٌ فِي لَيلَةِ القَدْرِ وَالاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابٌ فِي الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابٌ فِي التَّلْبِيَةِ

- ‌بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ [لَحْمِ الصَّيدِ لِلمُحْرِمِ]

- ‌بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌بَابُ الفِدْيَةِ

- ‌بَابُ سُنةِ الْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ

- ‌بَابٌ فِي النُّفَسَاءِ إِذَا أَرَادَتْ الإِحْرَام

- ‌بَابُ إِرْدَافِ الْحَائِضِ الْحَجَّ عَلَى العُمْرَةِ

- ‌حَدِيثِ جَابِر فِي حَجَّةِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَفَسْخِ التحَلُّلِ مِنَ الإحْرَامِ

- ‌بَابُ فِي الْمُتْعَةِ بِالحَجِّ إِلَى العُمْرَةِ وَالْهَدْيَ فِيهَا

- ‌الإفْرَادُ والقِرَان

- ‌فِي تَقْلِيدِ الْهَدْي وَإشْعَارِهِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌بَابٌ

- ‌رَمْيُ الجِمَارِ

- ‌فِيمَن قَدَّمَ شيئًا مِن نُسُكِهِ أَوْ أَخرَهُ

- ‌أَينَ يُصَلِي الظُهْرَ يَوْمَ التَرويَةِ

- ‌المَبِيتُ بمكة ليالي مِنَى

- ‌بَابُ سِقَايَةِ الحَاجِّ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ بِلحُومِ البُدْنِ وَجِلالِهَا

- ‌بَابُ الاشْترَاكِ فِي الهَدْي ونَحْرِهَا قَائِمَةً

- ‌رُكُوبُ البُدْنِ

- ‌مَا يُصنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الهَدي

- ‌طَوَافُ الوَدَاع وفِي المرأَةُ تَحِيضُ بَعد الإِفَاضَةِ

- ‌الدُخُولُ فِي الكَعْبَةِ والصَّلاةُ فِيهَا

- ‌فِي بُنيَانِ الكَعبَةِ

- ‌حَجُّ الصَّبِي

- ‌فَرضُ الحَجِّ مَرَّةً واحِدَةً

- ‌الإِقَامَةُ بِالبَطْحَاءِ التِّي بِذِي الحُلَيفَةِ والصَّلاةُ فِيهَا

- ‌بَابٌ لا يَحُجُّ البَيتَ مُشرِكٌ ولا يَطُوفُ بالبَيتِ عُرْيَانٌ

- ‌ باب

- ‌تَحرِيمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ

- ‌كِتَاب النِكَاح

- ‌فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الشُّرُوطِ

- ‌مَا يَقُول إِذَا أَراد أَن يَأتِي أَهلَهُ وفِي قَول اللهِ تَعَالى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وفي المَرأَةُ تَهْجُر فِرَاشَ زَوجِهَا والرجُل يُحَدِّث بِسر امرأتِه

- ‌في العَزلِ والغِيلَةِ

- ‌في الرَّضَاعِ

- ‌في قَوْلِهِ تَعَالى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}

- ‌في الوَلَدِ للفِراشِ وفِي القافَةِ

- ‌في المقَامِ عِنْدَ البِكْرِ والثَّيبِ

- ‌لا يَمَسُّ المَرأَةَ في يَومِ الأُخرَى

- ‌هِبَةُ المَرأَةِ يَوْمَهَا مِنْ زَوْجِهَا لِصاحِبَتِهَا

- ‌في قَوْلِهِ تَعَالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ}

- ‌في المَرأَةِ الصَّالِحةِ وفِي مُدَارَاة النِّسَاءِ

- ‌بَابٌ

- ‌في طَلاقِ الحَائِضِ

- ‌بَابٌ

- ‌في التَّحْرِيمِ

- ‌في قَولِهِ تَعَالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا}

- ‌في التَّخْييرِ والإيلاءِ

- ‌بَابٌ فَى الخُلْعِ

- ‌خُرُوجُ المُطَلَّقَةِ

- ‌عِدَّةُ الحَامِلِ

- ‌فِي الإحدَادِ عَلَى المَيت

- ‌وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَى الأهْلِ والعِيَال

- ‌كِتَابُ العِتْقِ

- ‌كِتَابُ البُيُوع

- ‌النَّهْيُ أَن يَبيعَ الرَّجُلُ عَلَى بَيع أَخِيهِ وعَنِ النَّجْشِ وتَلَقّي الرُّكبَانِ والتَّصْرِيةِ وأَن يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ

- ‌النَّهيُ عَنْ بَيع الطعَام إِذَا اشتُرِي قَبْلَ أَن يُستَوْفَى ونَقلِ الطَّعَامِ إِذَا بِيعَ جُزَافًا

- ‌بَابٌ فِي بَيع الصُّبرَةِ مِن التَّمْرِ

- ‌فِي كِرَاءِ الأرضِ

- ‌المُسَاقاةُ عَلَى جُزءٍ مَعلُومٍ مِن التَّمْرِ والزَّرْعِ

- ‌فَضلُ الغَرس والزَّرع

- ‌الأمرُ بِوَضْعِ الجَوَائِحِ

- ‌فِي الْمُفْلِسِ

- ‌بَابٌ

- ‌فِيمَنْ أَدْرَكَ سِلْعَتَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ

- ‌فَضْلُ إِنظَارِ الْمُعْسِرِ والتَّجَاوُزِ

- ‌النَّهي عَنْ بَيعِ فَضْلِ المَاء وضِرَابِ الجَمَلِ

- ‌النَّهْي عَنْ ثَمَنِ الكلْبِ والسِّنَّورِ وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ وَعَنْ كَسْبِ الحَجَّامِ والأَمرُ بِقَتْلِ الكِلابِ وَمَا اسْتثنِي مِنْ ذَلِكَ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أُجرَةِ الحَجَّامِ

- ‌إِثمُ مَنْ بَاعَ حُرًّا

- ‌تَحرِيمُ بَيعِ الخَمْرِ

- ‌فِي التفَاضُلِ فِي الطعَامِ

- ‌التشْدِيدُ فِي الربا

- ‌اتِّقَاءُ الشُّبُهاتِ

- ‌الشرطُ فِي البِيع

- ‌بَاب فِي السَّلَمِ

- ‌ما جَاءَ فِي الْمُحتَكِرِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الحَلِفِ فِي البُيُوع

- ‌فِي الشُّفعَةِ

- ‌غَرْزُ الحشَبِ فِي جِدَارِ الجَارِ

- ‌فِيمَنْ ظَلَمَ شِبرًا مِن الأرضِ

- ‌الاختِلافِ فِي الطَّريقِ

- ‌القَطَائِعُ

- ‌فِي الفَرائِضِ

- ‌فِيمَنْ يَمُوتُ وعَلَيهِ دَينٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فِي الوَصَايَا والحبسِ

- ‌بَابٌ فِي النذُورِ والأيمَانِ

- ‌فِي صُحبَةِ المَمَالِيكِ وأَبْوَابٍ مِن العِتْقِ

- ‌كتَاب الْحُدُود

- ‌فِي المُرتَدِّ

- ‌فِي القَاتِلِ يُقتَلُ بِمثلِ مَا قَتَلَ بِهِ

- ‌القِصَاصُ فِي الجِرَاحَةِ والدِّيةِ

- ‌ما يُحِلُّ دَمَ المُسلِمِ والنَّهِيُ أَن يُقْتَلَ مُسلِمٌ بِكافِر

- ‌تَعْظِيمُ القَتْلِ

- ‌باب

- ‌بابٌ في دِيَةِ الجَنِينِ وفِيمَنْ عَفا في الخَطأ

- ‌حدُّ البِكرِ والثيِّبِ في الزنا

- ‌في رَجْمِ أَهْلِ الذمَةِ إِذا زَنُوا

- ‌بابٌ في التعزيرِ

- ‌بابُ الحدُودِ كَفارَةٌ

- ‌باب]

- ‌الأَقْضِيَة والشَّهادات

- ‌فِي اللُّقَطَةِ والضَّوَال

- ‌فِي الضِّيَافَةِ والموَاسَاةِ

الفصل: ‌حديث جابر في حجة النبي صلى الله عليه وسلم

فَـ {أَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله (1)} (2) كَمَا أَمَرَكُمُ الله، وَاتَقُوا نِكَاحَ هَذِهِ النِّسَاءِ فَلَنْ أُوتَى بِرَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً إِلَى أَجَلٍ إلا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ (3). وفِي لفظٍ آخر:"فَافْصِلُوا حَجَّكُمْ مِنْ عُمْرَتِكُمْ فَإِنهُ أَتَم لِحَجِّكُمْ وَأَتَم لِعُمْرَتِكُمْ". لم يخرج البخاري هذا الحديث إلا أنه ذكر منه تمتعهم مع رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم (4)، وذكر قول عمر في المتعة من حديث أبي موسى (5).

‌حَدِيثِ جَابِر فِي حَجَّةِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم

-

1915 -

(1) مسلم. عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَينِ، عَنْ أَبِيهِ قَال: دَخَلنا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رضي الله عنه فَسَأَلَ عَنِ الْقَوْمِ، حَتى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ: أَنَا مُحمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَينٍ (6)، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأسِي، فَنَزَعَ زِرِّي الأَعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الأَسْفَلَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفهُ بَينَ ثَدْييَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ شَابٌّ، فَقَال: مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ أَخِي، سَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلاةِ، فَقَامَ فِي سَاجَةٍ (7)(8) مُلتحِفًا بِهَا كُلمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيهِ مِنْ صِغَرِهَا، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ (9)، فَصَلّى بِنَا فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا، فَقَال: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم

(1) قوله: "لله" ليس في (ج).

(2)

سورة البقرة، آية (196).

(3)

مسلم (2/ 885 رقم 1217).

(4)

البخاري (3/ 422 رقم 1568) من رواية جابر.

(5)

البخاري (3/ 416 رقم 1559)، وانظر (1565، 1724، 1795، 4346، 4397).

(6)

في (ج): "الحسين".

(7)

في هامش (أ): "نساجة".

(8)

"ساجة" الساجة والساج جميعًا: ثوب كالطيلسان وشبهه.

(9)

"المشجب": اسم لأعواد توضع عليها الثياب ومتاع البيت.

ص: 235

مَكَثَ تسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذنَ فِي الناسِ فِي الْعَاشِرَةِ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشرٌ كَثِيرٌ كُلهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأتَمَّ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتى أَتَينَا ذَا الْحُلَيفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أبي بَكْرٍ، فَأَرْسلتْ إلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَيفَ أَصْنَعُ؟ فَقَال:(اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي (1) بثَوْبٍ وَأَحْرِمِي)، فَصلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ (2) حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيدَاءِ، نَظَرْتُ (3) إِلَى مَدّ بَصَرِي (4) بَينَ يَدَيهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وعَنْ يمينه مِثْلَ ذَلِكَ، وعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَينَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأويلَهُ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فَأَهَلَّ بِالتوْحِيدِ: لبيكَ اللهُمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ لا شَرِيكَ لَكَ لبَّيكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ. وَأَهَلَّ الناسُ بِهَذَا الذي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَيهِمْ (5) شَيئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ. قَال جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوي إلا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتى إِذَا أَتَينَا الْبَيتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ (6) ثَلاثًا، وَمَشىَ أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إلى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ فَقَرَأَ {وَاتخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى} (7) فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَينهُ وَبَينَ الْبَيتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: وَلا أَعْلَمُهُ

(1)"استنفري" الاستنفار: أن تشد في وسطها شيئًا وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها.

(2)

"القصواء" قال ابن الأعرابي: القصواء التي قطع طرف أذنها.

(3)

في (ج): "فنظرت".

(4)

"مد بصري": منتهى بصري.

(5)

قوله: "عليهم" ليس في (أ).

(6)

"فرَمَل" الرمل: هو إسراع المشي مع تقارب الخطا، وهو الخب.

(7)

سورة البقرة، آية (125).

ص: 236

ذَكَرَهُ إلا عَنِ النبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَينِ {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} وَ {قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ:({إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله} (1) أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ). فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيهِ حَتى رَأَى الْبَيتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ الله وَكبَّرَهُ، وَقَال:{لا إِلَهَ إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير، لا إِلَهَ إلا الله وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ} . ثُمَّ دَعَا بَينَ ذَلِكَ قَال مِثْلَ هَذَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ (2) فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى، حَتى إِذَا (3) أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، فَقَال:(لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيسَ مَعَهُ هديٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً). فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَال: يَا رَسُولَ الله! أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلأَبَدِ (4)؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأُخْرَى وَقَال: (دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَج مَرَّتَينِ، لا بَلْ لأَبَدٍ أَبَدٍ). وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيهَا، فَقَالتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا. قَال: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مُتَحَرِّشًا (5)(6) عَلَى فَاطِمَةَ لِلذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا

(1) سورة البقرة، آية (158).

(2)

"انصبت قدماه" أي: انحدرتا في السعي.

(3)

قوله: "إذا" ليس في (ج).

(4)

في (ج): "لأبد".

(5)

"متحرشًا" التحريش: الإغراء، والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها.

(6)

في (ج): "محرشًا".

ص: 237

لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، فَأخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيهَا فَقَال:(صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ؟ ) قَال: قُلْتُ: اللهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَال: (فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلا تَحِلُّ). قَال: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْي الذي قَدِمَ بِهِ عَلِى مِنَ الْيَمَنِ، وَالذِي أَتَى بِهِ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم مائَةً. قَال: فَحَلَّ الناس كُلُّهُمْ وقَصَّرُوا إلا النبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هديٌ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الترْويَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهلُّوا بِالْحَجِّ، فَرَكِبَ (1) رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتى طَلَعَتِ الشمس فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ (2) لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولا تَشُكُّ قُرَيشٌ إلا أَنهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ (3)، فَنَزَلَ بِهَا حَتى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِّلَتْ لَهُ، فَأتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ الناس، فَقَال:(إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ حَرَامٌ عَلَيكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلا كُلُّ شَيءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ (4)، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ (5)، وَإِنَّ أَوَّلُ رِبا أَضَعُهُ (6) رِبَانَا رِبَا العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلهُ، فَاتقُوا الله فِي النِّسَاءِ، فَإِنكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ

(1) في (ج): "وركب".

(2)

في (ج): "فضربت" وفي الهامش: "تضرب" وعليها "خ".

(3)

"نمرة" هي موضع بجنب عرفات، وليست من عرفات.

(4)

"موضوع" المراد بالوضع: الرد والإبطال.

(5)

في (ج): "موضوعة".

(6)

في (ج): "أضع".

ص: 238

بِأَمَانَةِ (1) الله وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بكَلِمَةِ الله عز وجل، وَلَكُمْ عَلَيهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ (2)، فَإِن فعلن ذَلِكَ فَاضْرُبوهُنَّ ضَرْبًا غَيرَ مُبَرِّحٍ (3)، وَلَهُنَّ عَلَيكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمعروفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ الله، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ ) قَالُوا: نَشْهَدُ أَنكَ قَدْ بَلغْت وأَدَّيتَ وَنَصَحْتَ، فَقَال بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُبُهَا (4) (5) إِلى الناسِ:(اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ). ثَلاثَ مَرَاتٍ، ثُمَّ أَذنَ، ثم أَقَام، فَصَلَّى الظهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَينَهُمَا شَيئًا، ثُمَّ رَكِبَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَات (6) ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَينَ يَدَيهِ وَاسْتَقبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتى غَرَبت الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، دَفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شَنَقَ (7)

(1) في هامش (أ) وهامش (ج): "بأمان" وعليها "خ".

(2)

"ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه" قال الإمام النووي: المختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلًا أجنبيًّا أو امرأة أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك.

(3)

"غير مبرح" أما الضرب المبرح فهو الضرب الشديد الشاق، ومعناه: اضربوهن ضربًا ليس بشديد ولا شاق، والبرح: المشقة.

(4)

في هامش (أ): "ينكتها" وفوقها "صح"، وفي (ج) نقط الناسخ الباء والتاء معًا وكتب فوقها "صح".

(5)

"ينكبها إلى الناس" معناه: يقلبها ويردها إلى مشيرًا إليهم.

(6)

"الصخرات" هي صخرات مفترشات في أسفل جبل إلال، وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات.

(7)

"شنق": ضم وضيق.

ص: 239

لِلْقَصْوَاء الزِّمَامَ حَتى إنَّ رَأسَهَا ليصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ (1)، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى:(أيُّهَا النَاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ). كُلّمَا أَتَى حَبْلًا (2) مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتى تَصْعَدَ، ثُمَّ (3) أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإقَامَتَينِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَينَهُمَا شَيئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَان وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكبَّرَهُ وَهَللَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ ظُعُنٌ (4) يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ فَصَرَفَ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، حَىْ أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ (5) فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطرِيقَ الْوُسْطى التي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتى أَتَى الْجَمْرَةَ التِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْع حَصَيَاتٍ يُكبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا [مثل](6) حَصَى الْخَذْفِ (7) رَمَى مِنْ

(1)"مورك رحله" قال الجوهري: قال أبو عبيد: المورك والموركة هو الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه قدام واسطة الرحل إذا ملّ من الركوب.

(2)

"حبلًا" الحبل هنا هو التل من الرمل.

(3)

في (ج): "حتى".

(4)

"ظُعن يجرين" الظعن جمع ظعينة، كسفينة وسفن، وأصل الظعينة: البعير الذي عليه امرأة، ثم تسمى به المرأة مجازًا لملابستها البعير.

(5)

"بطن محسر" هو موضع ما بين مكة وعرفة، وقيل بين منى وعرفة، وقيل بين منى والمزدلفة، وليس من منى ولا مزدلفة، بل هو وادٍ برأسه.

(6)

ما بين المعكوفين زيادة من مسلم.

(7)

"حصى الخذف" أي: صغارًا. قال النووي: وهو نحو حبة الباقلاء.

ص: 240

بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ (1) وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطبخَتْ فَأَكَلا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيتِ فَصَلَّى بِمَكةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمطِلبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَال:(انْزِعُوا (2) بَنِي عَبْدِ الْمُطلِبِ، فَلَوْلا أَنْ يَغْلِبَكُمُ الناسُ عَلَى سِقَايَتكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ (3).

1916 -

(2) وعَنْ جَابِرٍ بِإسنَادٍ واحِدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَكَانَتِ العَرَبُ يَدْفَعُ بِهِمْ أَبو سيَّارَةَ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ، فَلَمَّا أَجَازَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ المزْدَلِفَةِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لَمْ تَشُكَّ قُرَيشٌ أَنهُ سَيَقْتَصِرُ عَليهِ وَيَكُونُ مَنزِلُة ثَمَّ، فَأجَازَ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ حَتى أَتَى عَرَفَاتٍ فَنَزَلَ (3). وبهدا الإسناد أيضًا؛ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:(نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانحَرُوا في رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَجَمْعٌ كُلهَا مَوْقفٌ). وبه؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مَكةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُم مَشَى عَلَى يمينه فَرَمَلَ ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا. تفرد مسلم بسياق حديث جابر هذا على هذا الترتيب، وعلى هذا الكمال، وتفرد فيه من الزيادة بِأَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، وأَنه أَذَّنَ فِي الناسِ، وأَنهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ فِي الْعَاشِرَةِ، وبِقصةِ أسمَاء بنْت عُمَيسٍ، وبِقِراءةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عَلَى مَا فِي ذَلِك مِنَ الشَّكِ -وقد أسنده النسائِي (4)، وهو صحيح-.

(1)"ما غبر": ما بقي.

(2)

"انزعوا": استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء.

(3)

مسلم (2/ 886 - 892 رقم 1218).

(4)

في "سننه"(5/ 236 رقم 2963).

ص: 241

وتفرد أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "أَبْدَأ بِمَا بَدَأَ الله بِه"، وبِاستِقبَال القبلَةِ، والذِكر عَلى الصَّفا وعَلَى المَرْوَةَ كذلك، وبذكرِ فَاطِمَة. لكن ذكر فسخ الحج بالعمرة، وتفرد أَيضًا بما ذكر من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بِعَرَفةَ إلى قَوله:"اللَّهم اشهَدْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وبمَوضِع الوقُوف بعَرفَةَ، وبِمُدَّتهِ (1) وبالوقُوفِ بالمشعَرِ الحَرَامِ والذِّكرِ فيِه، وَبنَحْرِ النبي صلى الله عليه وسلم ثَلاثًا وَسِتِّينَ بدَنَة بِيَدِه (2). لكن البخاري قد ذكر من حديث أنس نَحر النبي صلى الله عليه وسلم سبعة بدن بيده قيامًا (3)، وتفرد مسلم (4) أَيضًا من حديث جابر المذكور بأكلِ النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ لُحُومِ البُدْنِ وَشُرْبِه مِنْ مَرَقِهَا، ، وبذِكرِ السقاية من حديث جابرٍ وبما بعده إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ". إلا ذكر نزول النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة والإفاضة، وانفرد بذكر أَبِي سَيَّارة (5) أَيضًا، وسائِرُه (6) ذكره البخاري في مواضع مفترقة من كتابه من حديث جابر وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وغيرهم، وكذلك مسلم أَيضًا. وذكر البخاري السقاية من حديث ابن عباس (7)، ومدة الوقوف بعرفة من فتوى ابن عباس (8)، وذكر أَيضًا استلام الركن من حديث ابن عمر (9)، وكذلك مسلم رحمه الله.

(1) في (ج): "ومدته".

(2)

قوله: "بيده" ليس في (أ).

(3)

البخاري (3/ 411 - 412 رقم 1551)، وانظر (1089، 1546، 1547، 1548،.1712، 1714، 1715، 2951، 2986).

(4)

قوله: "مسلم" ليس في (ج).

(5)

في (ج): "من غير ذكر أبي سيارة".

(6)

في (ج): "وسيارة".

(7)

البخاري (3/ 491 رقم 1635).

(8)

البخاري (8/ 187 رقم 4521) وسيأتي.

(9)

البخاري (3/ 473 رقم 1609)، وانظر (166، 1514، 1552، 2865، 5851).

ص: 242