الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيهِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ. فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ (1)(2) نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ لَهُ. وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ قَالتْ (3): تَقُولُ سَوْدَةُ: وَالذي لا إِلَهَ إلا هُوَ لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أُبَادِئَهُ بِالذي قُلْتِ لِي وَإِنَّهُ لَعَلَى الْبَابِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَال: (لا). قَالتْ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ قَال: (سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ). قَالتْ: جَرَسَتْ (2) نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالتْ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلا أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَال: (لا حَاجَةَ لِي بِهِ). قَالتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَاللهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قَالتْ قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي (4). وفي بعض ألفاظ البُخَارِيّ: فَيَدْنُو مِنْ إِحدَاهُنَّ، وَقَالت: فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ فَغِرتُ.
في التَّخْييرِ والإيلاءِ
2443 -
(1) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالتْ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي، فَقَال:(إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلا عَلَيكِ أَنْ لا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيكِ). قَالتْ: قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ. قَالتْ: ثُمَّ قَال: (إِنَّ الله عز وجل قَال لِي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالينَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا *
(1)"جرست": أكلت.
(2)
في (ج): "قال".
(3)
في (ج): "جرشت".
(4)
انظر الحديث الذي قبله.
وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}) (1). قَالتْ (2): فَقُلْتُ فِي أَيِّ هَذَا أسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّنِي (3) أُرِيدُ الله وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. قَالتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَا فَعَلْتُ (4).
2444 -
(2) وعَنْهَا قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُنَا (5) إِذَا كَانَ في يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَ مَا نَزَلَتْ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوي إِلَيكَ مَنْ تَشَاءُ} (6) فَقَالتْ لَهَا مُعَاذَةُ: فَمَا كُنْتِ تَقُولِينَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَأذَنَكِ؟ قَالتْ (7): كُنْتُ أَقُولُ: إِنْ كَانَ ذَلكَ إِلَيَّ لَمْ أُوثِرْ أَحَدًا عَلَى نَفْسِي (8). وقال البُخَارِيّ: قَالتْ: كُنْتُ أَقُولُ لَهُ: إِنْ كَانَ ذَلكَ إِلَيَّ فَإِنِي لا أُرِيدُ يَا رَسُول اللهِ أَن أُوثِرَ عَلَيكَ أَحَدًا. خرَّجه في "التفسير".
2445 -
(3) مسلم. عَن عَائشَةَ أَيضًا قَالت: قَدْ خيَّرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ نَعُدَّهُ طَلاقًا (9).
2446 -
(4) وعَنْهَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خيَّرَ نِسَاءَهُ فَلَمْ يَكُنْ طَلاقًا (10).
2447 -
(5) وعَنْهَا؛ خيَّرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَرْنَاهُ، فَلَمْ يَعْدُهَا عَلَينَا شَيئًا (11).
(1) سورة الأحزاب، آية (28 و 29).
(2)
قوله: "قالت" ليس في (ج).
(3)
في (ج): "فإنِّي".
(4)
مسلم (2/ 1103 رقم 1475)، البُخَارِيّ (8/ 519 رقم 4785)، وانظر (4786).
(5)
في حاشية (أ): "نا" أي: يستأذنا.
(6)
سورة الأحزاب، آية (51).
(7)
في (ج): "قال".
(8)
مسلم (2/ 1103 رقم 1476)، البُخَارِيّ (8/ 525 رقم 4789).
(9)
مسلم (2/ 1103 رقم 1477)، البُخَارِيّ (9/ 367 رقم 5262)، وانظر (5263).
(10)
انظر الحديث الذي قبله.
(11)
انظر الحديث رقم (3) في هذا الباب.
2448 -
(6) وعَنْ مَسْرُوقٍ قال: مَا أُبَالِي خَيَّرْتُ امْرَأَتِي وَاحِدَةً أَوْ مِائَةً أَوْ أَلْفًا بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِي، وَلَقَدْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقَالتْ: قَدْ خيَّرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَفَكَانَ طَلاقًا؟ (1).
2449 -
(7) وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ، قَال: فَأُذِنَ لأَبِي بَكْرٍ فَدَخَلَ ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ وَاجِمًا (2) سَاكِتًا. قَال فَقَال: لأَقُولَنَّ شَيئًا أُضْحِكُ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ رَأَيتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إِلَيهَا فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا (3)، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَال:(هُنَّ حَوْلي كَمَا تَرَى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ). فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، وَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، كِلاهُمَا يَقُولُ تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَيسَ عِنْدَهُ، فَقُلْنَ: لا وَاللهِ لا نَسْألُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيئا أَبَدًا لَيسَ عِنْدَهُ، ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيهِ (4) هَذِهِ الآيةُ:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حَتَّى بَلَغَ {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} ، قَال: فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ فَقَال: (يَا عَائِشَةُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيكِ أَمْرًا أُحِبُّ أنّ لا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيكِ). قَالتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَتَلا عَلَيهَا الآيَةَ. قَالتْ: أَفِيكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَسْتَشِيرُ أَبَوَيَّ؟ ! بَلْ أخْتَارُ الله وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاخِرَةَ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ لا تُخْبِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِكَ بِالذي قُلْتُ. قال: (لا تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إلَّا أَخْبَرْتُهَا إِنَّ
(1) انظر الحديث رقم (3) في هذا الباب.
(2)
"واجمًا": هو الذي اشتد حزنه حتَّى أمسك عن الكلام.
(3)
"فوجأت عنقها": يقال: وجأ إذا طعن.
(4)
قوله: "عليه" ليس في (أ).
الله تَعَالى لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا) (1). لم يخرج البُخَارِيّ هذا الحديث، إلَّا ذكر التخيير فإنَّه أخرجه عن عائشة وغيرها.
2450 -
(8) مسلم. عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَال: لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ قَال: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى (2) وَيَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرْنَ بِالْحِجَابِ، قَال عُمَرُ فَقُلْتُ: لأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ، قَال: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا ابْنَةَ أَبِي بَكْرٍ أَقَدْ (3) بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالتْ: مَا لِي وَلَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ عَلَيكَ بِعَيبَتِكَ (4). قَال: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فَقُلْتُ لَهَا: يَا حَفْصَةُ أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّكِ، وَلَوْلا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبَكَتْ أَشَدَّ الْبُكَاءِ، فَقُلْتُ لَهَا (5): أَينَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالتْ: هُوَ في خِزَانَتِهِ في الْمَشْرُبَةِ (6). فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا عَلَى أُسْكُفةِ الْمَشْرُبَةِ مُدَلٍّ (7) رِجْلَيهِ عَلَى نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ، وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيَنْحَدِرُ، فَنَادَيتُ: يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيئًا، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَظرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَةِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيئًا، ثُمَّ رَفَعْتُ صَوْتِي فَقُلْتُ:
(1) مسلم (2/ 1104 - 1105 رقم 1478).
(2)
"ينكتون بالحصى" أي: يضربون الأرض.
(3)
في (ج): "قد".
(4)
"بعيبتك" المراد: عليك بوعظ ابنتك حفصة. قال أهل اللغة: العيبة في كلام العرب: وعاء يجعل الإنسان فيه أفضل ثيابه ونفيس متاعه.
(5)
قوله: "لها" ليس في (أ).
(6)
"المشربة": الغرفة.
(7)
في الأصول: "مدلي"، والمثبت من "صحيح مسلم".
يَا رَبَاحُ اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَنَّ أَنِّي إنمَا جئْتُ مِنْ أَجْلِ حَفْصَةَ، وَاللهِ لَئِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِضَرْبِ عُنُقِهَا لأَضْرِبَنَّ (1) عُنُقَهَا، وَرَفَعْتُ صَوْتِي، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنِ ارْقَهْ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ فَجَلَسْتُ، فَأَدْنَى عَلَيهِ إِزَارَهُ وَلَيسَ عَلَيهِ غَيرُهُ، وَإِذَا (2) الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ، فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي في خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَنَا بقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْو الصَّاع وَمِثْلِهَا قَرَظًا (3) في نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ، وَإِذَا أَفِيقٌ (4) مُعَلَّقٌ. قَال: فَابْتَدَرَتْ عَينَايَ. قَال: (مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ ) قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! وَمَا لِي لا أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِكَ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إلا مَا أَرَى، وَذَلكَ قَيصَرُ وَكِسْرَى في الثِّمَارِ وَالأَنْهَارِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ، فَقَال:(يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟ ) قُلْتُ: بَلَى. قَال: وَدَخَلْتُ (5) عَلَيهِ حِينَ دَخَلْتُ وَأَنَا أَرَى في وَجْهِهِ الْغَضَبَ (6)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا يَشُقُّ عَلَيكَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ (7)، فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإِنَّ الله مَعَكَ وَمَلائِكَتَهُ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَأَنَا وَأبو بَكْرٍ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَكَ، وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ وَأَحْمَدُ اللهَ (8) بِكَلامٍ إلا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ الله يُصَدِّقُ قَوْلِي الذِي أَقُولُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ آيةُ التَّخْيِيرِ {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيرًا مِنْكُنَّ} ، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ
(1) في (ج): "لأضرب".
(2)
في (ج): "فإذا".
(3)
"قرظ": هو ورق السَّلَم يدبغ به.
(4)
"أفيق": الجلد الذي لم يتم دباغه.
(5)
في (ج): "فدخلت".
(6)
في (ج): "الغضب في وجهه".
(7)
في (ج): "من جهة النساء"، وفي حاشيتها:"من شأن".
(8)
في (ج): "والحمد لله".
وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (1)، وَكَانَتْ (2) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ عَلَى سَائِرِ نِسَاءِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلقْتَهُنَّ؟ قَال: لا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى يَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ أَفَأَنْزِلُ فَأُخْبِرَهُمْ (3) أَنكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ. قَال: (نَعَمْ إِنْ شِئْتَ). فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُهُ (4) حَتَّى انْحَسَرَ (5) الْغَضَبُ عَنْ وَجْهِهِ، وَحَتى كَشَرَ (6) فَضَحِكَ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ الناسِ ثَغْرًا، ثُمَّ نَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَزَلْتُ، فَنَزَلْتُ أَتَشَبَّثُ بِالْجِذْع (7)، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنمَا يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا يَمَسُّهُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا كُنْتَ في الْغُرْفَةِ تِسْعًا وَعِشْرِينَ! قَال: (إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ). فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَنَادَيتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (8)، فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الأَمْرَ، وَأَنْزَلَ الله عز وجل آيَةَ التَّخْيِيرِ (9).
2451 -
(9) وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَال: مَكَثْتُ سَنَةً وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ [عَنْ آيَةٍ فَمَا أَسْتَطِعُ](10) أَنْ أَسْأَلَهُ هَيبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ
(1) سورة التحريم، الآيتان (4 و 5).
(2)
في (ج): "فكانت".
(3)
في (أ): "فأخبر"، وفي الحاشية:"أخبرهم".
(4)
في (ج): "أكلمه".
(5)
في حاشية (ج): "تحسر"، و"انحسر الغضب" أي: زال وانكشف.
(6)
"كشر" أي: أبدى أسنانه تبسمًا.
(7)
"أتشبث بالجذع" أي: أستمسك.
(8)
سورة النساء، آية (83).
(9)
مسلم (2/ 1105 - 1108 رقم 1479)، البُخَارِيّ (1/ 185 رقم 89)، وانظر (2468، 4913، 4914، 4915، 5191، 5218، 5243، 7256، 7263).
(10)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
حَاجًّا فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ، فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَزْوَاجِهِ؟ فَقَال: تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ. قَال فَقُلْتُ لَهُ: وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ فَمَا أَسْتَطِعُ هَيبَةً لَكَ! قَال: فَلا تَفْعَلْ، مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَسَلْنِي عَنْهُ، فَإنْ كُنْتُ أَعْلَمُهُ أَخْبَرْتُكَ قَال: فَقَال عُمَرُ: وَاللهِ إِنْ كُنا في الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا حَتَّى أَنْزَلَ الله تَعَالى فِيهِنَّ مَا أنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ. قَال: فَبَينَمَا (1) أَنَا في أَمْرٍ أَتَأَمَّرَهُ (2) إِذْ قَالتْ لِي امْرَأَتِي: لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا، فَقُلْتُ لَهَا: وَمَا لَكِ أَنْتِ وَلِمَا هَا هُنَا وَمَا تَكَلُّفُكِ في أَمْرٍ أُرِيدُهُ، فَقَالتْ (3) لِي: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ، وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ! قَال عُمَرُ: فَآخُذُ (4) رِدَائِي ثُمَّ أَخْرُجُ مَكَانِي حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: يَا بُنيَّةُ إِنكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ؟ فَقَالتْ حَفْصَةُ: وَاللهِ إِنا لَنُرَاجِعُهُ. فَقُلْتُ: تَعْلَمِي أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللهِ عز وجل وَغَضَبَ رَسُولِهِ، يَا بُنيَّةُ لا يَغُرَّنكِ هَذِهِ الَّتِي قَدْ أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا وَحُبُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا فَكَلَّمْتُهَا فَقَالتْ لِي أُمُّ سَلَمَةَ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ دَخَلْتَ في كُلّ شَيءٍ حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَينَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَينَ أَزْوَاجِهِ! قَال: فَأَخَذَتْنِي أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا، وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غِبْتُ أَتَانِي بِالْخَبَرِ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا
(1) في (أ): "فبينا".
(2)
في هامش (أ): "أأتمره".
(3)
في (ج): "قالت".
(4)
في (أ): "فأجذب".
آتِيهِ بِالْخَبَرِ، وَنَحْنُ حِينَئِذٍ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ ذُكِرَ لَنَا أَنهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَينَا فَقَدِ امْتَلَأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، فَأَتَى (1) صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَدُقُّ الْبَابَ وَقَال: افْتَح افتحْ، فَقُلْتُ جَاءَ الْغَسَّانِيُّ؟ فَقَال: أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، اعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَزْوَاجَهُ. فَقُلْتُ: رَغِمَ أنْفُ (2) حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ، ثُمَّ آخُذُ ثَوْبِي فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في مَشْرُبَةٍ لَهُ يُرْتَقَى إِلَيهَا بِعَجَلَةٍ (3) وَغُلامٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْوَدُ عَلَى رأسِ الدَّرَجَةِ، فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ، فَأُذِنَ لِي، قَال عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَينَهُ وَبَينَهُ شَيءٌ، وَتَحْتَ رَأسِهِ وسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيهِ قَرَظًا مَضبورًا (4)، وَعِضْدَ رَأسِهِ أُهُبًا (5) مُعَلَّقَةً، فَرَأَيتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ في جَنْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبَكَيتُ، فَقَال:(مَاُ يُبْكِيكَ يَا عُمَرَ (6)؟ ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ! فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ الدُّنْيَا وَلَنَا (7) الآخِرَةُ) (8). وفِي طَرِيقٍ أُخرَى: حَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ بدَل: عَائِشَة. وفِيهِ: فَأَتَيتُ الْحُجَرَ فَإِذَا في كُلِّ بَيتٍ بُكَاءٌ، وَكَانَ آلَى مِنْهُنَّ شَهْرًا، فَلَمَّا كَانَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ نَزَلَ إِلَيهِنَّ. وفي بعض طرق البخاري: كُنَّا لا نَعُدُّ النِّسَاءَ شَيئًا، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ وَذَكَرَهُنَّ الله رَأَينَا لَهُنَّ بِذَلِكَ حَقًّا
(1) في (ج): "وأتاني".
(2)
"رغم أنف" أي: لصق بالرغام وهو التراب.
(3)
في حاشية (ج): "بعجلها".
(4)
"مضبورًا" أي: مجموعًا.
(5)
"أهبًا": جمع إهاب وهو الجلد قبل الدبغ. وفي (أ): "أهب".
(6)
قوله: "يا عمر" ليس في (أ).
(7)
في حاشية (ج): "ولك".
(8)
انظر الحديث الذي قبله.
عَلَينَا (1) مِنْ غَيرِ أَنْ نُدْخِلَهُنَّ في شَيءٍ مِنْ أُمُورِنَا، وَكَانَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اسْتَقَامَ لَهُ فَلَمْ يَبْقَ إلا مَلِكُ غَسَّانَ [بِالشَّامِ كُنَّا نَخَافُ أَنْ يَأْتِنَا](2).
2452 -
(10) مسلم (3). عَنِ (4) ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَينِ اللَّتينِ تَظَاهَرَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَبثْتُ سَنَةً مَا أَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا، حَتَّى صَحِبْتُة إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ (5) ذَهَبَ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَقَال: أَدْرِكْنِي بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ فَأَتَيتُهُ بِهَا، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ وَرَجَعَ ذَهَبْتُ أَصُبُّ عَلَيهِ وَذَكَرْتُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ فَمَا قَضَيتُ كَلامِي حَتَّى قَال: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ (6).
2453 -
(11) وعَنْهُ قَال: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَنْ أسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَينِ مِنْ أَزْوَاج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اللَّتينِ قَال الله عز وجل: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ، حَتَّى حَجَّ عُمَرُ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْضِ الطرِيقِ عَدَلَ عُمَرُ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإِدَاوَةِ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ أَتَانِي فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيهِ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَانِ قَال اللهُ عز وجل لَهُمَا (7): {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ قَال (8) عُمَرُ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! قَال الزُّهْرِيُّ: كَرِهَ وَاللهِ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكتمْهُ. قَال: هِيَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ، ثُمَّ أَخَذَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ. قَال: كُنا مَعْشَرَ قُرَيشٍ قَوْمًا
(1) قوله: "علينا" ليس في (أ).
(2)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(3)
قوله: "مسلم" ليس في (أ).
(4)
في (أ): "وعن".
(5)
في (ج): "ظهران". وفي الحاشية: "الظهران".
(6)
انظر الحديث رقم (8) في هذا الباب.
(7)
قوله: "لهما" ليس في (ج).
(8)
في (ج): "فقال".
نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، قَال: وَكَانَ مَنْزِلِي في بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيدٍ بِالْعَوَالِي (1) فَتَغَضَّبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي فَإذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي فَأَنْكَرْتُ أنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالتْ: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ (2) فَوَاللهَ إِنَّ أزْوَاجَ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم ليُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيلِ، [فَافْزَعَنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَ] (3). فَانْطَلَقْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: أتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالتْ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: أَتَهْجُرُهُ إِحْدَاكُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيلِ؟ قَالتْ: نَعَمْ. قُلْتُ: قَدْ خَابَ مَن فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُنَّ وَخَسِرَ، أَفَتَأمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ الله عَلَيهَا لِغَضَبِ رَسُولِ اللهِ فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ، لا تُرَاجِعِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلا تَسْأَلِيهِ شَيئًا، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلا يَغُرَّنكِ (4) أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ (5) هِيَ أَوْسَمَ (6) وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ، يُرِيدُ عَائِشَةَ. قَال: وَكَانَ لِي جَارٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَيَأْتِينِي بِخَبَرِ الْوَحْي وَغَيرِهِ وَآتِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيلَ لِتَغْزُوَنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي ثُمَّ أَتَانِي عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي، ثُمَّ نَادَانِي (7) فَخَرَجْتُ إِلَيهِ، فَقَال: حَدَثَ أَمْر عَظِيمٌ. قُلْتُ: مَاذَا أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَال (8): لا بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ، فَقُلْتُ: قَدْ خَابَتْ
(1)"العوالي" هو ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال، وقيل: ثلاثة.
(2)
في (أ): "تراجع"، وفي الحاشية:"أراجعك".
(3)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(4)
ضبطت في (أ) بالياء والتاء وكتب فوقها: "صح".
(5)
"جارتك" المراد بالجارة هنا الضرة.
(6)
"أوسم": أحسن وأجمل.
(7)
في (أ): "نادى".
(8)
في (ج): "فقال".
حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، وَقَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا كَائِنًا، حَتَّى إِذَا صَلَّيتُ الصُّبْحَ شَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي ثُمَّ نَزَلْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقُلْتُ: أَطَلقَكُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالتْ: لا أَدْرِي، هَا هُوَ ذَا، هُوَ مُعْتَزِلٌ في هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ، فَأَتَيتُ غُلامًا لَهُ أَسْوَدَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ، فَقَال: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى انْتَهَيتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَجَلَسْتُ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَهْطٌ جُلُوسٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، ثُمَّ أَتَيتُ الْغُلامَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَقَال: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَوَلَّيتُ مُدْبِرًا فَإِذَا الْغُلامُ يَدْعُونِي، فَقَال: ادْخُلْ فَقَدْ أَذِنَ لَكَ، فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى رَمْلِ حَصِيرٍ قَدْ (1) أَثَّرَ في جَنْبِهِ، فَقُلْتُ أَطَلَّقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ فَقَال:(لا). فَقُلْتُ: الله أَكْبَرُ لَوْ رَأيتَنَا يَا رَسُولَ اللهِ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيشٍ قَوْمًا (2) نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَتَغَضَّبْتُ عَلَى امْرَأَتِي يَوْمًا فَإِذَا هِيَ تُرَاجعُنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالتْ: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النبَيِّ صلى الله عليه وسلم يُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيلِ، فَقُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ الله عَلَيهَا لِغَضَبِ رَسُولهِ فَإِذا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم له فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ دَخَلْتُ (3) عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لا يَغُرَّنكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمُ مِنْكِ وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَقُلْتُ: أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: نَعَمْ. فَجَلَسْتُ
(1) في (ج): "وقد".
(2)
قوله: "قومًا" ليس في (أ).
(3)
في (أ): "فدخلت".
فَرَفَعْتُ رَأسِي في الْبَيتِ، فَوَاللهِ مَا رَأيتُ فِيهِ شَيئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ إِلَّا أُهَبًا ثَلاثَةً، فَقُلْتُ: ادْعُ الله يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ فَقَدْ وَسَّعَ الله (1) عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُمْ لا يَعْبُدُونَ الله، فَاسْتَوَى جَالِسًا، ثُمَّ قَال:(أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طيِّبَاتُهُمْ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لا يَدْخُلَ عَلَيهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ (2) عَلَيهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ الله عز وجل. قَال الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي (3) عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: لَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيلَةً دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لا تَدْخُلَ عَلَينَا شَهْرًا، وَإِنكَ دَخَلْتَ مِنْ تِسْعِ وَعِشْرِينَ أَعُدُّهُنَّ، فَقَال: إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، ثُمَّ قَال: يَا عَائشَةُ إِنِّي ذَاكِرٌ (4) لَكِ أَمْرًا فَلا عَلَيكِ أَنْ لا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيكِ). ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ هَذِهِ الآيةَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حَتَّى بَلَغَ {أَجْرًا عَظِيمًا} قَالتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ وَاللهِ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ. قَالتْ (5): فَقُلْتُ (6): أَوَ في هَذَا أَسْتَامِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ الله وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. قَال مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالتْ: لا تُخْبِرْ نِسَاءَكَ أَنِّي اخْتَرْتُكَ. فَقَال لَهَا النبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الله عز وجل أَرْسَلَنِي مُبَلِّغًا وَلَمْ يُرْسِلْنِي مُتَعَنِّتًا). قَال قَتَادَةُ: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} : مَالتْ قُلُوبُكُمَا (7).
في بعض طرق البخاري: أَنَّ عُمَرَ أُذِنَ لَهُ في الدُّخول في الثَّالِثة، وفي كُل مَرةٍ
(1) لفظ الجلالة ليس في (أ).
(2)
"موجدته" أي: الغضب.
(3)
في (ج): "وأخبرني".
(4)
في (أ): "أذكر".
(5)
في (أ): "قال".
(6)
في (أ): "قفلت".
(7)
انظر الحديث رقم (8) في هذا الباب.
يَرجِعُ إِلى الرَّهط فَيجلِس مَعَهم ثُمَّ يَقُومُ فَيطلُب الإذن، وفيها: أَنَّه طَلَب الاستئنَاس قَبل أَن يُحَدِّثه بِالحَديث. وقال في هذا (1) الحديث: فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَصَلَّيتُ صَلاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ. وقال في هذا (1) الحديث أَيضًا: فَاعْتَزَلَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيلَةً، وَكَانَ قَال:(مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيهِنَّ شَهْرًا). مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ الله، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيلَةً دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ إنكَ كُنْتَ أَقْسَمْتَ أَنْ لا تَدْخُلَ عَلَينَا شَهْرًا، وَإِنا (2) أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيلَةً [أَعُدُّهَا عَدًّا. قَال:(الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ)، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيلَةً] (3). ولم يذكر ما قال مسلم، عن عمر، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنمَا كُنْتَ في الْغُرْفَةِ تِسْعًا وَعِشرينَ! قَال: (إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ). خرَّجه في كتاب "النكاح"، وفي كتاب "المظالم". [وفي بعض الروايات: حَتَّى عَاتَبَهُ الله عَلَى ذَلِكَ] (4).
2454 -
(12) وخَرَّجَ عَنْ أَنَسٍ قَال: آلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَ (5) قَدْ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَجَلَسَ في عُلِّيَّةٍ لَهُ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَال: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَال: (لا، وَلَكِنِّي آلَيتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا). فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ
(1) قوله: "هذا" ليس في (أ).
(2)
في (ج): "وإنما".
(3)
ما بين المعكوفين ليس في (أ).
(4)
ما بين المعكوفين ليس في (ج).
(5)
في (ج): "فكانت".