الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد
"
استمر عون الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه خلال معركة "أحد" وظهرت آيات بينات، خارقة للعادة، تبرز هذه المعونة، وتؤكدها للناس وقد سبق إيرادها في سياق ذكر أحداث غزوة أحد، وإني هنا أشير إلى أهم هذه الآيات للتذكير بشأنها، والاعتبار بها ومن أهمها:
1-
إمداد المسلمين بالملائكة:
يروي البخاري بسنده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم "أحد" ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد1.
وروى أحمد بسنده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم "أحد" رجلين عليهما ثياب بيض، ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل يقاتلان عنه كأشد القتال2.
وروى الطبراني وابن منده أنه صلى الله عليه وسلم سأل الحارث بن الصمة عن مكان عبد الرحمن بن عرف فقال: هو بجنب الجبل.
فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة تقاتل معه".
قال الحارث: فذهبت إليه فوجدت بين يديه سبعة فقلت له: ظفرت يمينك أكل هؤلاء قتلت؟
فقال: أما هذا وهذا فأنا قتلتهما، وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره.
فقلت: صدق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم3.
وروى ابن سعد أن مصعبًا لما قتل أخذ اللواء ملك في صورته، فجعل صلى الله عليه وسلم يقول:"تقدم يا مصعب". فالتفت الملك إليه وقال: لست بمصعب فعرف صلى الله عليه وسلم أنه ملك أيده الله به4.
1 صحيح البخاري ج6 ص292.
2 الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد الشيباني ج21 ص57، 58.
3 بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج6 ص164.
4 المغازي ج1 ص245.
وروى ابن إسحاق أن سعد بن أبي وقاص قال: كنت أرمي السهم يومئذ، فرده على رجل أبيض، حسن الوجه، ما كنت أعرفه فظننت أنه ملك1.
وهناك من ذهب إلى أن الملائكة لم تقاتل يوم "أحد" عن المسلمين.
ولا تعارض بين هؤلاء الذين قالوا بأن الملائكة لم تقاتل، وهؤلاء الذين قالوا: إن الملائكة قاتلت حول النبي صلى الله عليه وسلم ومع عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لأن من قال بالمدد بالملائكي، واشتراك الملائكة في القتال يريد نزول أفراد قلائل منهم، للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من الصحابة ومن ينفي المدد يقصد نزول الآلاف للقتال كما حدث في "بدر" وهذا لم يحدث لأن المسلمين لم يصبروا، ولم يتقوا الله على النحو الذي وجب عليهم.
2-
مد عكاشة بقية وتر قوسه صلى الله عليه وسلم بعدما انقطع:
وذلك أنه ما زال صلى الله عليه وسلم يرمي عن قوسه حتى تقطع وتره، وبقيت في يده منه قطعة صغيرة تكون شبرًا في سية القوس فأخذ القوس عكاشة بن محصن رضي الله عنه ليوتره له فقال: يا رسول الله لا يبلغ الوتر.
فقال صلى الله عليه وسلم: "مده فيبلغ".
قال عكاشة: فوالذي بعثه بالحق، لمددته حتى بلغ، وطويت منه لفتين، أو ثلاثًا على سية القوس2.
3-
رد عين قتادة رضي الله عنه:
عن قتادة رضي الله عنه قال: كنت أتقي السهام بوجهي دون وجه النبي صلى الله عليه وسلم فكان آخرها سهمًا ندرت منه حدقتي، وسالت على خدي، فأخذتها بيدي، وسعيت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها صلى الله عليه وسلم في كفي دمعت عيناه، فقال صلى الله عليه وسلم:"اللهم في عين قتادة كما وقيت وجه نبيك فاجعلها أحسن عينيه وأحدهما نظرًا". وكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى، وصارت لا تعرف ولا يدري أيتهما التي سالت على خده3.
1 سيرة النبي ج2 ص90.
2 المغازي ج1 ص242.
3 المغازي ج1 ص242.
4-
شفاء نحر أبي رهم ببصاقة النبي صلى الله عليه وسلم:
رمي أبو رهم الغفاري بسهم فوقع في نحره، فبصق صلى الله عليه وسلم فبرئ1.
5-
انقلاب العرجون سيفًا في يد عبد الله بن جحش رضي الله عنه:
انقطع سيف عبد الله بن جحش، فأعطاه صلى الله عليه وسلم عرجونًا فعاد في يده سيفًا فقاتل به، وكان ذلك السيف يسمى العرجون، ولم يزل يتوارث حتى بيع لبغاء التركي من أمراء المعتصم بالله في بغداد بمائتي دينار، وهذا السيف غير سيف عكاشة يوم "بدر" فسيف عكاشة أصله جذر من حطب، والجذر أصل الشجرة، وسيف عبد الله بن جحش أصله عرجون نخلة2.
6-
غسل الملائكة لحنظلة رضي الله عنه:
التقى حنظلة وأبو سفيان فعلاه حنظلة، فجاء شداد بن أوس وضرب حنظلة فقتله.
فقال صلى الله عليه وسلم: "إن حنظلة لتغسله الملائكة بماء المزن، في صحاف الفضة، بين السماء والأرض". فسألوا امرأته جميلة أخت عبد الله بن أبي بن سلول، وكان ابتنى بها تلك الليلة، وكانت عروسًا عنده، فرأت في المنام تلك الليلة كأن بابًا من السماء قد فتح فدخله ثم أغلق دونه فعلمت أنه ميت من غده، فدعت رجالا حين أصبحت من قومها، فأشهدتهم على الدخول بها خشية أن يكون في ذلك نزاع، فلما سألوها عن حالته وقت خروجه.
قالت: خرج وهو جنب، حين سمع الهاتفة.
فقال صلى الله عليه وسلم: "لذلك غسلته الملائكة"3.
وذكر السهيلي نقلا عن الواقدي وغيره أنه رضي الله عنه التمس في القتلى فوجدوه يقطر رأسه ماء، وليس بقربه ماء، تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم4.
7-
إلقاء النعاس على المؤمنين:
وألقى الله النعاس على المؤمنين حين اشتد عليهم الخوف مع أن الخائف لا ينام عادة فعن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم "أحد" حين اشتد علينا
1 المغازي ج1 ص243.
2 إمتاع الأسماع ج1 ص155.
3 البداية والنهاية ج4 ص21.
4 الروض الأنف ج3 ص164.