الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما قاموا بتشكيل مجموعة من رجالهم، لتدور على العرب في البوادي، وتؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحضهم على قتال المسلمين في المدينة، وقد تكونت هذه المجموعة من عمرو بن العاص، وهبيرة بن أبي وهب، وابن الزبعري، وأبي غرة عمرو بن عبد الله الجمحي، وقد استمع العرب لهؤلاء ونفروا مع قريش في غزو أحد1.
وبذلك أشعلت قريش نار الحرب في الجزيرة كلها، وأخذت تعد عدتها لحرب شاملة وكان من الضروري أن يكلف المسلمون بقتال من يعتدي عليهم، وهنا كان فرض الجهاد مقيدًا بقتال المعتدي، وهو المرحلة الثانية في تشريع الجهاد.
1 سيرة النبي ج2 ص61، 62.
سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر
الاختلاف في توزيع الغنائم
…
سادسًا: المسلمون في إطار انتصار بدر
تحقق النصر للمسلمين في بدر، وقد استشهد منهم أربعة عشر شهيدًا، وغنموا ما كان مع القرشيين من عتاد، وأموال، وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعد المعركة في بدر ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع أخذوا في الرجوع إلى المدينة بعد أن انتهوا من دفن الشهداء ووضع قتلى المشركين في القليب.
وقد عاش المسلمون بعد النصر الحقائق التالية:
1-
الاختلاف في توزيع الغنائم:
عندما أتم النبي صلى الله عليه وسلم تسوية الصفوف قال للمجاهدين: "من قتل قتيلا فله سلبه، من أسر أسيرًا فهو له"، فلما انهزم المشركون تفرق المجاهدون إلى أعمال متعددة فمنهم من وقف عند خيمة النبي صلى الله عليه وسلم يحرسه، ومنهم من أغار على الأعداء ليهزمهم، ويقتلهم، ومنهم من اتجه للأسر والغنيمة.
وقد غنم المسلمون مائة وخمسين بعيرًا، وعشرة أفراس، وأداما كثيرًا حمله القرشيون معهم للتجارة بعد النصر الذي أملوا فيه.
وقد اختلف المسلمون في الغنائم؛ لأن الذين كانوا حول النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذوا شيئًا، وقالوا: ما منعنا أن نطلب العدو زهادة في الأجر، ولا جبنا عن لقاء العدو، ولكن
خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يميل عليه خيل المشركين، ورجالهم، وقد أقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه المهاجرين والأنصار ولم يغنم أحد منهم شيئًا ومتى أعطى الشباب لا يبقى للشيوخ شيء، وبخاصة أن الغنيمة قليلة، فنزل قول الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 1.
وهكذا لم يترك الله أمر الغنائم لعقولهم واجتهادهم، وإنما جعلها لحكم الله ورسوله جاء في تفسير ابن كثير عن عبادة بن الصامت قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرًا فالتقى الناس فهزم الله تعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون، ويقتلون، وأقبلت طائفة على العسكر يحوزونه، ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض.
قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها فليس لأحد فيها نصيب.
وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق به منا نحن منعنا عنه العدو، وهزمناهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به2 فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برد الغنائم حتى يقضي الله فيها، فرد أصحابه صلى الله عليه وسلم الغنائم التي جمعوها من أعدائهم، أما ما أخذ بغير قتال فقسمه صلى الله عليه وسلم بينهم.
وجمعت الغنائم، واستعمل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن كعب بن عمرو المازني وسار بها حتى وصل إلى "سير" وهناك قسمها على المجاهدين، وقيل بل استعمل عليها خباب بن الأرت، وكان فيها إبل، ومتاع، وأنطاع، وثياب3.
وأنزل الله تعالى قوله في شأن الغنيمة: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا
1 سورة الأنفال: 1.
2 تفسير ابن كثير ج2 ص283.
3 إمتاع الأسماع ج1 ص93.
أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 1.
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة أسهمًا، بعد أن أخذ الخمس منها، فأعطى للراجل سهمًا، وللفارس سهمين، وضرب لثمانية من الصحابة رضي الله عنه، تخلفوا عن الغزوة لعذر ألم بهم وهم:
من المهاجرين:
1-
عثمان بن عفان، خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته رقية، ليعودها في مرضها، وقد ماتت يوم قدوم زيد بن حارثة بنبأ النصر، وعند عودة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كانوا عائدين من دفنها في البقيع.
2-
طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
3-
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع طلحة بن عبيد الله يتحسسان العير تلقاء "الحوراء" فلم يلحقا بالجيش.
ومن الأنصار:
4-
أبو لبابة بن عبد الله رضي الله عنه، خلفه على المدينة.
5-
عاصم بن عدي رضي الله عنه، خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قباء، وأهل العالية.
6-
الحارث بن حاطب رضي الله عنه، أمره صلى الله عليه وسلم بأمر في بني عمرو بن عوف.
7-
خوات بن جبير رضي الله عنه، كسر بالروحاء.
8-
الحارث بن الصمة رضي الله عنه، كسر بالروحاء2.
وضرب النبي صلى الله عليه وسلم كذلك لمن استشهد ببدر، وسلم غنائمهم لأبنائهم، واصطفى النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه من الغنيمة جمل أبي جهل، فجعل يغزو صلى الله عليه وسلم عليه حتى ساقه هديًا في الحديبية.
1 سورة الأنفال: 41.
2 إمتاع الأسماع ج1 ص94.