المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين: - السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: التعريف بالمدينة المنورة "دار الهجرة" وبيان أهميتها للدعوة

- ‌الفصل الأول: السيرة النبوية من الهجرة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة

- ‌النقطة الثانية: أهمية الهجرة

- ‌النقطة الثالثة: تنظيم الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تآمر القرشيين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: التخطيط للهجرة

- ‌ثالثًا: عناية الله بنبيه في الهجرة

- ‌رابعًا: الوصول إلى المدينة

- ‌النقطة الرابعة: وقفات مع الهجرة

- ‌المبحث الثاني: الاستقرار في المدينة

- ‌مدخل

- ‌أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: تأمين سكن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته

- ‌ثالثًا: هجرة آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: إقامة المسجد النبوي

- ‌المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة

- ‌مدخل

- ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

- ‌ وضع الميثاق العام لسكان المدينة:

- ‌المبحث الرابع: الحياة الأسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة

- ‌أولا: التعريف بأمهات المؤمنين المتفق عليهن

- ‌ثانيًا: الزوجات المختلف فيهن

- ‌ثالثًا: من خطبها أو وهبت نفسها ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس: الحكم العامة في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع: الحياة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أولا: أكله

- ‌ثانيًا: شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: سماحته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

- ‌الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: بناء المجتمع الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دين كامل

- ‌ثانيًا: قيادة أمينة رائدة

- ‌ثالثًا: مؤمنون صادقون

- ‌رابعًا: التفاعل التام بين المسلمين والإسلام

- ‌المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة

- ‌مدخل

- ‌أولا: تعريف الجهاد

- ‌ثانيا: مراحل تشريع الجهاد

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة التحمل والصبر

- ‌المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة القتال المقيد

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بالقتال العام

- ‌المبحث الثالث: السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب وقوع السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌ثانيًا: السرايا والغزوات قبل "بدر

- ‌ثالثًا: السرايا وحركة الدعوة

- ‌المبحث الرابع: غزوة بدر الكبرى

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: مواقف الفريقين قبل المعركة

- ‌مدخل

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ موقف القرشيين:

- ‌ثالثًا: أحداث المعركة

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: قريش والهزيمة

- ‌سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر

- ‌الاختلاف في توزيع الغنائم

- ‌الاختلاف في مصير الأسرى

- ‌ الابتهاج بنصر الله تعالى:

- ‌ تشريع زكاة وعيد الفطر:

- ‌سابعا: بدر في رحاب القرآن الكريم

- ‌حديث ما قبل المعركة

- ‌ حديث القرآن الكريم عن المعركة:

- ‌ حديث ما بعد المعركة:

- ‌ توجيهات قرآنية تربوية:

- ‌المبحث الخامس: أحداث ما بين بدر وأحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: غزوة بني سليم

- ‌ثالثًا: غزوة السويق

- ‌رابعًا: غزوة غطفان

- ‌سادسًا: سرية زيد بن حارثة

- ‌سابعًا: غزوة بني قينقاع

- ‌ثامنًا: قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط

- ‌تاسعًا: قتل كعب بن الأشرف

- ‌عاشرًا: أهم أحداث المجتمع الإسلامي

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة بين بدر وأحد

- ‌المبحث السادس: غزوة أحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: موقف أطراف معركة أحد قبل القتال

- ‌موقف المشركين

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ثالثا: أحداث المعركة

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى للقتال انتصار المسلمين:

- ‌المرحلة الثانية للقتال هزيمة المسلمين:

- ‌المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي:

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد

- ‌سادسًا: أحد في رحاب القرآن الكريم

- ‌سابعًا: أحد وحركة الدعوة

- ‌المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة حمراء الأسد

- ‌ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه

- ‌ثالثًا: بعث عبد الله بن أنيس

- ‌رابعًا: بعث الرجيع

- ‌خامسًا: سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان

- ‌سادسًا: وقعة بئر معونة

- ‌سابعا: غزوة بني النضير

- ‌ثامنا: غزوة نجد

- ‌تاسعًا: غزوة بدر الثانية

- ‌عاشرًا: غزوة دومة الجندل

- ‌حادي عشر: أهم الأحداث الاجتماعية بين أحد والأحزاب

- ‌ثاني عشر: حركة الدعوة بين أحد والأحزاب

- ‌المبحث الثامن: غزوة الأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: وقت الغزوة

- ‌ثانيًا: تجمع الأحزاب

- ‌ثالثًا: استعداد المسلمين للأحزاب

- ‌رابعًا: سير القتال

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق

- ‌سادسًا: حركة الدعوة خلال أيام الخندق

- ‌سابعًا: الأحزاب في رحاب القرآن الكريم

- ‌المبحث التاسع: أحداث ما بين الأحزاب والحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة بني قريظة

- ‌ثانيًا: قتل ابن أبي الحقيق

- ‌ثالثا: سيرة محمد بن مسلمة

- ‌رابعًا: غزوة بني لحيان

- ‌خامسًا: غزوة الغابة

- ‌سادسًا: سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌سابعًا: السرايا إلى ذي القصة

- ‌ثامنًا: سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

- ‌عاشرًا: السرايا بعد غزوة بني المصطلق

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

- ‌المبحث العاشر: غزوة الحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: سبب الغزوة

- ‌ثانيًا: التحرك للعمرة

- ‌ثالثًا: المفاوضات مع قريش

- ‌رابعًا: الصلح

- ‌خامسًا: موقف المسلمين من الصلح

- ‌سادسًا: موقف المسلمين بعد توقيع الصلح

- ‌سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

- ‌ثامنًا: فراق الكافرات

- ‌تاسعًا: أهم ما في الحديبية من حكم

- ‌المبحث الحادي عشر: الأحداث بين صلح الحديبية وفتح مكة

- ‌مدخل

- ‌أولا: هدوء جبهة قريش وظهور مفرزة أبي بصير رضي الله عنه

- ‌ثانيا: العمل في المحيط العام "إرسائل الرسائل

- ‌مدخل

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي وثمامة بن آثال صاحبي اليمامة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر صاحب دمشق:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان وأخيه:

- ‌ الدعاة حملة الرسائل:

- ‌ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها

- ‌مدخل

- ‌ حصون خيبر:

- ‌ تحرك المسلمين نحو خيبر:

- ‌ اقتحام الحصون:

- ‌ نهاية غزوة خيبر:

- ‌ في أعقاب خيبر:

- ‌ تطهير الجبهة الشمالية من أتباع يهود خيبر:

- ‌رابعا: مواجهة القبائل المتمردة

- ‌مدخل

- ‌ غزوة ذات الرقاع:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح في قديد

- ‌ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى بني مرة:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر:

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار:

- ‌ سرية أبي حدرد رضي الله عنه إلى الغابة:

- ‌ سرية أبي بكر رضي الله عنه إلى بني هلال:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة:

- ‌خامسا: تطبيق بنود صلح الحديبية وأداء العمرة

- ‌عمرة القضاء

- ‌ سرية ابن أبي العوجاء:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله:

- ‌سرية ذات الصلح

- ‌ سرية ذات عرق:

- ‌ سرية شجاع بن وهب إلى السي:

- ‌ سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة:

- ‌سادسا: بدء مواجهة الرومان والقبائل التابعة لها

- ‌مدخل

- ‌ سرية مؤتة

- ‌ غزوة ذات السلاسل

- ‌ سرية الخبط:

- ‌ سرية أبي قتادة إلى خضرة:

- ‌سابعًا: حركة الدعوة في مرحلة ما بين الحديبية وفتح مكة

- ‌المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

- ‌مدخل

- ‌أولا: فتح مكة

- ‌سبب فتح مكة

- ‌ محاولة أبي سفيان تجديد الصلح:

- ‌ استعداد المسلمين لفتح مكة:

- ‌ الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة:

- ‌ مكة تحت القيادة الإسلامية:

- ‌ثانيًا: تطهير مكة وما حولها من الأصنام

- ‌ثالثا: غزوة حنين

- ‌مدخل

- ‌ استعداد المشركين للحرب:

- ‌ القتال:

- ‌ تعقب الفارين:

- ‌ غزوة الطائف:

- ‌ توزيع الغنائم:

- ‌ العودة إلى المدينة:

- ‌المبحث الثالث عشر: الاستقرار العام في الجزيرة ومواجهة غير العرب

- ‌مدخل

- ‌أولا: بعث عمال الصدقات إلى القبائل

- ‌ثانيًا: إرسال الدعاة إلى القبائل

- ‌ثالثًا: تسيير السرايا للخارجين على النظام

- ‌رابعا: غزوة تبوك والتصدى لعدوانية الرومان

- ‌استعداد المسلمين للغزوة

- ‌ نتائج الغزوة:

- ‌ موقف المنافقين بعد الغزوة:

- ‌ الثلاثة الذين تخلفوا:

- ‌المبحث الرابع عشر: السرايا والجهاد في الميزان

- ‌الجهاد ضرورة عامة

- ‌ الجهاد يحمي حرية الإنسان:

- ‌ الجهاد يصون كرامة الإنسان:

- ‌ الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:

- ‌ الواقعية في تشريع الجهاد:

- ‌ ظهور فقه الإسلام في الجهاد:

- ‌المبحث الخامس عشر: وجاء نصر الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: تتابع مجئ الوفود إلى المدينة

- ‌ثانيًا: نظام استقبال الوفود

- ‌ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:

- ‌رابعًا: حجة الوداع وتحديد المعالم الكبرى في الإسلام

- ‌خامسًا: آخر بعوث النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسامة

- ‌المبحث السادس عشر: انتقال الرسول إلى الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المدنية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: ضرورة بناء الأمة الإسلامية [قاعدة الدعوة]

- ‌مدخل

- ‌أولا: إيجاد الأمة القوية

- ‌ثانيا: التزام الأمة بالإسلام

- ‌ثالثا: صيانة ثوابت الأمة

- ‌المبحث الثاني: الاهتمام بمعرفة الواقع العالمي

- ‌المبحث الثالث: أهمية التطابق بين المسلم والإسلام

- ‌مدخل

- ‌ نشر العدل:

- ‌ تحقيق القيم النبيلة:

- ‌ تعود الصبر والتحمل:

- ‌ تحقيق التكافل بين الناس:

- ‌المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين اليهود بقبائلهم، وقد تفرقوا، وسكنوا ظاهرًا، وأسلموا أمورهم مؤقتًا لرسول الله بسبب شعروهم بالضعف والخوف.

ومعهم كان المشركون الذين سلكوا مسلك اليهود، فاستسلموا ظاهرًا مع امتلاء قلوبهم بالحقد والحسد.

وتذبذب المنافقون بين هؤلاء وهؤلاء، وقد أخفوا الكراهية للإسلام، والمسلمين أمام هذا الوضع الجديد كان من الضروري تنظيم العلاقات بين سكان المدينة لتتكون منهم لأول مرة في تاريخ المدينة دولة تملك الأرض والشعب والقيادة الواحدة والتعاليم الواحدة التي تحكم الأفراد جميعًا.

إن سكان المدينة هم الشعب، ومعهم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قائد الناس، يتلقى وحي الله، ويعلمه للناس، ويشكل به الحياة علمًا وفهمًا وسلوكًا، ويظهر الإسلام للعالم عقيدة وشريعة وخلقًا.

وابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بتنظيم الحياة الاجتماعية بين الناس على أساس تحديد الحقوق والواجبات للجميع، وقد اشتمل هذا التنظيم على ما يلي:

ص: 110

1-

‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، إذ قال لهم:"تآخوا في الله أخوين أخوين"، ليتحقق الترابط، والتكافل فيما بينهم.

ولم تكن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصاري فقط، وإنما كانت تتم أحيانًا بين مهاجر ومهاجر، فلقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين علي بن أبي طالب، وآخى بين عبد الله بن الزبير وعبد الله بن مسعود، وآخى بين عمه حمزة وبين زيد بن حارثة وكل هؤلاء مهاجرون1.

وابتدأت المؤاخاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أول مجيئه صلى الله عليه وسلم وكانت تتجدد كلما ظهر مسلم جديد، أو جاء المدينة مؤمن مهاجر.

1 السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص505.

ص: 110

يورد ابن إسحاق صورًا لهذه المؤاخاة، ويحدد أشخاصها وعنه نقل غيره من المحدثين والعلماء.

يقول ابن إسحاق: وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال: تآخوا في الله أخوين أخوين، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: هذا أخى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أخوين.

وكان حمزة بن عبد المطلب أسد الله، وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم، وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوين، وإليه أوصى حمزة يوم أحد حين حضر القتال إن حدث به حادث الموت.

وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، الطيار في الجنة، ومعاذ بن جبل، أخو بني سلمة أخوين، مع أن جعفر بن أبي طالب كان يومئذ غائبًا بأرض الحبشة.

وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ابن أبي قحافة، وخارجة بن زهير، أخو بلحارث بن الخزرج أخوين.

وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وعتبان بن مالك، أخو بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج أخوين.

وأبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح، واسمه عامر بن عبد الله، وسعد بن معاذ بن النعمان، أخو بني عبد الأشهل أخوين.

وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع أخو بلحارث بن الخزرج أخوين، والزبير بن العوام، وسلامة بن سلامة بن وقش، أخو بني عبد الأشهل أخوين، وعثمان بن عفان، وأوس بن ثابت بن المنذر، أخو بني النجار أخوين.

وطلحة بن عبيد الله، وكعب بن مالك، أخو بني سلمه أخوين.

وسعد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي بن كعب، أخو بني النجار أخوين.

ومصعب بن عمير بن هشام، وأبو أيوب خالد بن زيد، أخو بني النجار أخوين، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وعباد بن بشر بن وقش أخو بني عبد الأشهل أخوين،

ص: 111

وعمار بن ياسر حليف بني مخزوم، وحذيفة بن اليمان، أخو بني عبد الدار حليف بني عبد الأشهل أخوين.

وثابت بن قيس بن الشماس، أخو بلحارث بن الخزرج، خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمار بن ياسر أخوين.

وأبو ذر، وهو برير بن جنادة الغفاري، والمنذر بن عمرو، أخو بني سعد بن كعب بن الخزرج أخوين.

وكان حاطب بن أبي بلتعة، حليف بني أسد بن عبد العزى وعويم بن ساعدة أخو بني عمرو بن عوف أخوين.

وسلمان الفارسي، وأبو الدرداء عويمر بن ثعلبة، أخو بلحارث بن الخزرج أخوين، وبلال، مولى أبي بكر رضي الله عنهما، ومؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي أخوين.

فهؤلاء من سمي لنا، ممن كان رسول الله آخى بينهم من أصحابه1.

ولقد برز خلق الأنصار العظيم، وهم يؤثرون إخوانهم المهاجرين على أنفسهم وقد تجردوا من شح النفس، وملئوا قلوبهم بحب الله ورسوله، فكانوا قدوة مثالية في عالم الإيثار الرائع، والإنسانية النبيلة حتى إنهم قبلوا أخوة جعفر بن أبي طالب لمعاذ بن جبل رغم اغتراب جعفر وجعلوا له حق المشاركة والعطاء والولاء.

تورد كتب السنة نماذج لهؤلاء الصفوة من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نقرأ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: أقسم بيننا وبين إخوتنا النخيل قال: صلى الله عليه وسلم: "لا".

فقالوا: تكفونا المئونة ونشرككم في الثمرة.

قالوا: سمعنا وأطعنا2.

روى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: إن

1 سيرة النبي لابن هشام ج1 ص504، 507.

2 صحيح البخاري ك المناقب. ب مناقب الأنصار ج6 ص147 ط الأوقاف.

ص: 112

إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم.

فقالوا: أموالنا بيننا قطائع.

فقال صلى الله عليه وسلم: "أو غير ذلك"؟

قالوا: وما ذاك يا رسول الله.

قال صلى الله عليه وسلم: "هم قوم لا يعرفون العمل، فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر".

قالوا: نعم1.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين فقالوا: لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها.

قال صلى الله عليه وسلم: "أما لا فاصبروا حتى تلقوني، فإنه سيصيبكم بعدي أثرة"2.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال المهاجرون: يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلا من كثير، لقد كفونا المئونة، وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله.

قال: "لا ما أثنيتم عليهم، ودعوتهم الله لهم"3.

وقد سجلت السنة موقف أنصاري بلغ في الإيثار مبلغًا يستجلب تمام رضى الله سبحانه وتعالى، لقد بات الرجل طاويًا وزوجته كذلك، وفوق ذلك نوما صبيانهما دون عشاء، وآثرا ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين بما كان عندهم من طعام.

والعظيم في الأمر أن الأنصاري يطلب هذا وتوافقه زوجته، والأم على أطفالها جد حانية، ولا تؤثر بطعامها عليهم أحدًا إلا أن صنيع الإيمان في قلوب الأنصار غير الطبائع إلى أسمى ما يتصوره عقل يفهم أو يخطر ببال مفكر أريب {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 4.

1 البداية والنهاية ج3 ص228.

2 صحيح البخاري ك المناقب ب مناقب الأنصار ج6 ص152.

3 البداية والنهاية ج3 ص228.

4 الحشر: 9.

ص: 113

سبحان الله!!

والله لا يحدث هذا إلا بسبب صدق الإيمان.

ومحال أن يتم إلا لله سبحانه وتعالى.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من يضيف هذا"؟

فقال رجل من الأنصار: أنا. فانطلق به إلى امرأته فقال لها: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني.

فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك، إذا أرادوا عشاء، فهيأت الأم طعامها، وأصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان بصوت يصدرونه، وباتا طاويين فلما أصبح غدا الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم:"ضحك الله الليلة -أو عجب- من فعالكما"1.

فأنزل الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .

ولم يكن المهاجرون أقل مروءة، وإخلاصًا، وحبًا من الأنصار، لأنهم بعدما استقروا، وعرفوا طرق العمل، وأتتهم الدنيا ردوا لإخوانهم الأنصار ما أخذوه منهم.

- عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من قتال أهل خيبر، وانصرف إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم، التي كانوا منحوهم إياها من ثمارهم2.

- يقول أنس: فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمي عذاقها الذي أخذته من أم أيمن وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن مكانه من حائطه3.

1 صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار باب ويؤثرون على أنفسهم ج6 ص154 ط الأوقاف.

2 صحيح البخاري كتاب الهبة باب فضل المدينة ج4 ص347.

3 تكملة الحديث السابق.

ص: 114

- قال أنس: وإن أهلي أمروني أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله ما كان أهله أعطوه، أو بعضه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أم أيمن، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وقالت: والله لا نعطيكهن، قد أعطانيهن.

فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "يا أم أيمن اتركيه، ولك كذا وكذا".

وتقول: كلا والذي لا إله إلا هو.

فجعل صلى الله عليه وسلم يقول كذا ثم كذا حتى أعطاها عشرة أمثاله، أو قريبًا من عشرة أمثاله حتى رضيت1.

بل إن بعض المهاجرين ما قبل أن يكون عبثًا على أخيه الأنصاري، نعم هو لا يجيد الزراعة، ولكنه يمكن أن يعمل في التجارة، وفعلا ذهب إلى السوق وتاجر، وإذا كانت الأيام الأولى أيام تعلم، وتعليم، واستعداد، وجهاد، فإن في الوقت سعة بجانب ذلك للذهاب إلى السوق ليعمل في تجارة يتكسب من ورائها ولو قليلا بدلا من الاعتماد على أخيه مهما كان سخيًا غنيًا.

- قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها، فإذا حلت تزوجها!

فقال له عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك، هل من سوق فيه تجارة؟

قال: سوق بني قينقاع.

قال: فغدا إليه عبد الرحمن فأتى بأقط وسمن ثم تابع الغدو.

فما لبث أن جاء عبد الرحمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة من زعفران فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتزوجت".

قال: نعم.

قال: "ومن"؟.

ال: امرأة من الأنصار.

قال: "كم سقت"؟.

1 صحيح البخاري ك الهبة، ب فضل المنحة ج4 ص345 ط الأوقاف.

ص: 115

قال: زنة نواة من ذهب، أو نواة من ذهب.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أولم ولو بشاة"1.

يتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن فضل الأنصار والمهاجرين فيما يرويه الإمام البخاري بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ثلة يدخلون الجنة لفقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره، إذا أمروا سمعوا وأطاعوا، وإن كانت منهم حاجة إلى السلطان لم تقض حتى يموت وهو في صدره، وإن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها، فيقول: أي عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وقتلوا وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي ادخلوا الجنة فيدخلونها بغير عذاب ولا حساب، وتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون: ربنا نحن نسبح لك الليل والنهار، ونقدس لك. من هؤلاء الذين آثرتهم علينا"؟

فيقول الله: هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي فتدخل الملائكة عليهم من كل باب وهم يقولون: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} "2.

- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، وذلك في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخير.

فقال: ما يبكيكم؟

قالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا.

فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك.

فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب رأسه بحاشية برد، فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:"أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشى -بطانتي- وعيبتي -خاصتي- وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزا عن مسيئهم"3.

1 صحيح البخاري ك المناقب، ب إخاء النبي بين المهاجرين والأنصار ج6 ص146 ط الوقاف.

2 السيرة النبوية في ضوء الكتاب والسنة ص139.

3 صحيح البخاري ك المناقب ج6 ص155 ط الأوقاف.

ص: 116

- وعن أنس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيانًا ونساء مقبلين من عرس فقام النبي صلى الله عليه وسلم منتصبًا لهم فقال: "اللهم أنتم من أحب الناس إليّ، اللهم أنتم من أحب الناس إليّ، اللهم أنتم من أحب الناس إليّ"1.

لقد صهرت هذه الأخوة المسلمين في بوتقة واحدة، وربطتهم بحبل الله المتين، وخلصت نفوسهم من شهوات النفس، وأزاحت من حياتهم وساوس الهوى والشيطان، وشعر كل مسلم بأخوته للآخرين بلا فرق بين حر ومولى، أو غني وفقير، أو كبير وصغير، أو مهاجر وأنصاري وصار الجميع جنودًا لله تعالى، يضحون بكل ما يملكون في صدق وإخلاص.

لقد أقاموا بجهدهم وجهادهم دولة الإسلام الأولى، في سموها ورفعتها، وربانيتها، وأصبحوا مثالا يفتخر المسلمون بهم في كل مكان، وصدق قول الله فيهم:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} 2.

والآية تقدم صورة كريمة، رائعة لهذا الجيل المتفرد في حياة الأمة الإسلامية الذي اتصف وتميز بالحقائق التالية:

1-

جعلوا حياتهم لله تعالى، فساروا بأمره واتبعوا منهجه، وكانوا بحق خير معية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخير جند لله تعالى.

2 عاشت آمالهم وأحلامهم وأعمالهم كلها بفضل الله ورضوانه محفوظة في الدنيا.

1 صحيح البخاري كتاب النكاح ج6 ص148.

2 سورة الفتح: 29.

ص: 117

بالنصر والتوفيق، وفي الآخرة بالجنة والنعيم.

3-

كانوا عبادًا لله مخلصين، تراهم دائمًا راكعين ساجدين خاشعين، وتبرز في وجوههم سمة الخشوع والعبادة، وتنمحي من حياتهم علامات الاستعلاء والكبر.

4-

علاقتهم بالآخرين أساسها الإيمان، فهم مع المؤمنين رحماء، ومع الكفار أشداء، ولو كانوا آباءهم وإخوانهم.

5-

أكرم الله هذا الجيل العظيم بتنزيل مثله في التوراة والإنجيل، فجعلهم صورة وضيئة في التوراة، وصورهم في الإنجيل بالزرع النامي القوي الضخم المستقيم الذي يعجب زارعه، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولك أن تتخيل أثر هذه الآية على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يتلقون هذا التكريم الإلهي الذي يوضح مقامهم عند الله وعند الناس، ويستمر مع الناس ما دامت تلاوة القرآن الكريم، وما دامت الحياة.

ص: 118