الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:
أبرز تشريع الجهاد حقيقة الإنسان المسلم، في باطنه، وظاهره، وخلقه.
فهو في باطنه يسلم أمره لله ورسوله، ويؤمن بكل ما يبلغه من الرسول صلى الله عليه وسلم.
وليست الحياة الدنيا في مفهوم المسلم مغنمًا يحرص عليه، وإنما هي مجال يطيع الله فيه، ليغنم رضوان الله وجنته بعد هذه الحياة الدنيا.
إن الجهاد يبرز أعلى درجات الاستسلام والطاعة لله تعالى؛ لأن المجاهد يدفع روحه لله، ويقبل الموت راضيًا به، ليفوز برضوان الله تعالى.
إن سائر العبادات رقي في حياة المسلم، واستمرارية لطهارة الدنيا، وعظمتها والهجرة من مكة إلى المدينة كانت خلاصًا من الضعف، والقلة، والأذى، وانتقالا إلى القوة، والكثرة، والغلبة، والتخلص من عدوان الكفر، وأذى المشركين، فهي رقي دنيوي في طاعة الله تعالى.
إن الجهاد هو بذل للمال، وللنفس، وترك الدنيا، من أجل إعلاء كلمة الله وذلك كان ذروة سنام الإسلام، وقد جعل الله المجاهدين صفوة الخلق، وأكرمهم عنده وجدد الله حياتهم بعد استشهادهم، وضاعف رزقهم، وأحاطهم بالبشر، والسرور، يقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ، الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ
النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} 1.
إن التضحية لإحقاق الحق، وإبطال الباطل شهامة وبطولة يقدم عليها العظماء من الناس، وهي مناط إظهار إيجابية المجاهدين في سبيل الله تعالى.
لقد قام المجاهدون بما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبدءوا بعدوان، وإنما كانوا يبدءون بعرض الإسلام وشرح أعماله ومراميه، ودفع ما يثار حوله من شبه وافتراء، وكانوا يعرضون الجزية يدفعها من يأبى الإسلام ليكون له العهد والذمة.
ولم يتعد المجاهدون على شيخ كبير أو امرأة أو صغير أو راهب في صومعة أو بيعة. إن الجهاد في الإسلام معلومة غايته، مبينة وسيلته، من خلال تشريعه الصريح، وتطبيقاته في الأمم، التي تمتعت به، وهو في مجمله قوة تؤمن بالله، وتستمد طاقتها من شريعة الله، وتبرز غايتها المعلنة منذ أن جاء الإسلام للناس.
إن تكوين القوى الدولية التابعة للأمم المتحدة تنطلق من هذا المفهوم الذي نرجو له أن يتطابق وسمه مع رسمه وتلتقي فكرته مع واقعه ليكون عونًا للضعفاء، ومساعدة للمحتاجين.
إن المجاهد لا يطلب مجدًا شخصيًا، ولا سلطانًا قوميًا، ولا استعلاء أمميًا، وإنما كل غايته تحقيق العبودية للمعبود، وإعلاء سلطان الله في الأمم كلها.
وبذلك فالمسلم المجاهد إنسان إيجابي يفيد الإنسانية كلها.
1 سورة آل عمران: 169-174.