الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولا: فتح مكة
سبب فتح مكة
…
أولًا: فتح مكة
هو الفتح الأعظم الذي انتهى به عصر الأصنام في الجزيرة العربية كلها، وعلت به كلمة الله تعالى، وأصبح الإسلام قوة ظاهرة بانضمام مكة والمدينة تحت لوائه.
وصارت مكة هي قلب الأمة الإسلامية، ومستقرها الآمن، وغدت الأمل الذي عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل له، ويجاهد من أجله.
وفتح مكة يحتاج إلى دراسة النقاط التالية:
1-
سبب فتح مكة:
تعاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرشيون في الحديبية على حرية كل فرد وكل جماعة في أن تنحاز لأيهما، وتدخل في دينه وعقيدته.
وقد انحازت بنو بكر لقريش، وانحازت بنو خزيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبنو بكر وبنو خزاعة قبيلتان متحاربتان في الجاهلية، وبينهما عداوات قديمة فلما انحاز كل منهما لطرف من طرفي الحديبية عاشوا آمنين في ظل هذا الصلح.
إلا أن بني بكر انتهزوا فرصة انشغال المسلمين بالسرايا، وبالدعوة إلى الله تعالى وظنوا أن يعد المسافة بين مكة والمدينة يؤدي إلى عدم وصول الأخبار إلى المدينة، وإلى تقاعس المسلمين عن الانتصار لحلفائهم بني خزاعة وبخاصة إذا خططوا لتآمرهم وخدعوا بحيلهم رسول الله والمسلمين معه، فتآمروا مع حلفائهم من قريش.
وقال القرشيون: ما يعلم بنا محمد، إذا دبرنا الغدر ليلا وفي الظلام.
فوثب بنو بكر على بني خزاعة ليلا وقتلوا منهم ثلاثًا وعشرين نفسًا عند بئر لهم
يعرف بـ"بئر الوتر" وكان أغلب القتلى من الأطفال والنساء والشيوخ، ففرت خزاعة إلى الحرم ودخلت فيه ولجأت إلى البيت الكريم.
أدركت بنو بكر حرمة المبيت، وشعرت بافتضاح تآمرها، فنادت قائدها نوفل بن معاوية الدؤلي، قائلة له: إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك.
فقال لهم: لا إله اليوم يا بني بكر، أصيبوا ثأركم، فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم؟ أفلا تصيبون فيه ثأركم؟ 1.
وقد أعانت قريش حلفاءها بالسلاح والرجال، وحاولوا إخفاء ما قاموا به حتى لا ينتقم المسلمون منهم، وظنوا أن ظلام الليل يستر غدرهم.
وفي مكة بحثت خزاعة بعد انتهاء العدوان الغادر عن مقر آمن تذهب إليه فلجأت إلى دار بديل بن ورقاء، واستجارت به.
وأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر، ويستنجده، فلما وصل إلى المدينة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد بين الصحابة فوقف عنده ثم قال:
يا رب إني ناشد محمدا
…
حلف أبينا وأبيه الأتلدا2
قد كنتم ولدًا وكنا والدا3
…
ثمة أسلمنا فلم ننزع يدا
فانصر هداك الله نصرا اعتدا
…
وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا
…
أبيض مثل البدر يسمو صعدا
إن سيم خسفا وجهه تربدا
…
في فيلق كالبحر يجري مزبدا
إن قريشًا أخلفوك الموعدا
…
ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وجعلوا لي في كداء رصدا
…
وزعموا أن لست أدعو أحدا
وهم أذل وأقل عددا
…
هم بيتونا بالوتير هجدا
وقتلونا ركعًا وسجدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت يا عمرو بن سالم، ثم عرضت له سحابة من السماء فقال: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب"4.
ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأخبروه بمن أصيب منهم، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم، ثم رجعوا إلى مكة.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز، وكتم الخروج، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم5.
1 سيرة النبي ج2 ص390.
2 يشير إلى ما كان بين خزاعة وبني هاشم من حلف في الجاهلية.
3 يشير إلى أن زوجة قصي أم عبد مناف من أم بني هاشم خزاعة.
4 سيرة النبي ج2 ص395.
5 البداية والنهاية ج4 ص278، 279.