المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابعا: نتائج المعركة - السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: التعريف بالمدينة المنورة "دار الهجرة" وبيان أهميتها للدعوة

- ‌الفصل الأول: السيرة النبوية من الهجرة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة

- ‌النقطة الثانية: أهمية الهجرة

- ‌النقطة الثالثة: تنظيم الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تآمر القرشيين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: التخطيط للهجرة

- ‌ثالثًا: عناية الله بنبيه في الهجرة

- ‌رابعًا: الوصول إلى المدينة

- ‌النقطة الرابعة: وقفات مع الهجرة

- ‌المبحث الثاني: الاستقرار في المدينة

- ‌مدخل

- ‌أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: تأمين سكن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته

- ‌ثالثًا: هجرة آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: إقامة المسجد النبوي

- ‌المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة

- ‌مدخل

- ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

- ‌ وضع الميثاق العام لسكان المدينة:

- ‌المبحث الرابع: الحياة الأسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة

- ‌أولا: التعريف بأمهات المؤمنين المتفق عليهن

- ‌ثانيًا: الزوجات المختلف فيهن

- ‌ثالثًا: من خطبها أو وهبت نفسها ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس: الحكم العامة في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع: الحياة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أولا: أكله

- ‌ثانيًا: شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: سماحته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

- ‌الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: بناء المجتمع الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دين كامل

- ‌ثانيًا: قيادة أمينة رائدة

- ‌ثالثًا: مؤمنون صادقون

- ‌رابعًا: التفاعل التام بين المسلمين والإسلام

- ‌المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة

- ‌مدخل

- ‌أولا: تعريف الجهاد

- ‌ثانيا: مراحل تشريع الجهاد

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة التحمل والصبر

- ‌المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة القتال المقيد

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بالقتال العام

- ‌المبحث الثالث: السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب وقوع السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌ثانيًا: السرايا والغزوات قبل "بدر

- ‌ثالثًا: السرايا وحركة الدعوة

- ‌المبحث الرابع: غزوة بدر الكبرى

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: مواقف الفريقين قبل المعركة

- ‌مدخل

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ موقف القرشيين:

- ‌ثالثًا: أحداث المعركة

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: قريش والهزيمة

- ‌سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر

- ‌الاختلاف في توزيع الغنائم

- ‌الاختلاف في مصير الأسرى

- ‌ الابتهاج بنصر الله تعالى:

- ‌ تشريع زكاة وعيد الفطر:

- ‌سابعا: بدر في رحاب القرآن الكريم

- ‌حديث ما قبل المعركة

- ‌ حديث القرآن الكريم عن المعركة:

- ‌ حديث ما بعد المعركة:

- ‌ توجيهات قرآنية تربوية:

- ‌المبحث الخامس: أحداث ما بين بدر وأحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: غزوة بني سليم

- ‌ثالثًا: غزوة السويق

- ‌رابعًا: غزوة غطفان

- ‌سادسًا: سرية زيد بن حارثة

- ‌سابعًا: غزوة بني قينقاع

- ‌ثامنًا: قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط

- ‌تاسعًا: قتل كعب بن الأشرف

- ‌عاشرًا: أهم أحداث المجتمع الإسلامي

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة بين بدر وأحد

- ‌المبحث السادس: غزوة أحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: موقف أطراف معركة أحد قبل القتال

- ‌موقف المشركين

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ثالثا: أحداث المعركة

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى للقتال انتصار المسلمين:

- ‌المرحلة الثانية للقتال هزيمة المسلمين:

- ‌المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي:

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد

- ‌سادسًا: أحد في رحاب القرآن الكريم

- ‌سابعًا: أحد وحركة الدعوة

- ‌المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة حمراء الأسد

- ‌ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه

- ‌ثالثًا: بعث عبد الله بن أنيس

- ‌رابعًا: بعث الرجيع

- ‌خامسًا: سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان

- ‌سادسًا: وقعة بئر معونة

- ‌سابعا: غزوة بني النضير

- ‌ثامنا: غزوة نجد

- ‌تاسعًا: غزوة بدر الثانية

- ‌عاشرًا: غزوة دومة الجندل

- ‌حادي عشر: أهم الأحداث الاجتماعية بين أحد والأحزاب

- ‌ثاني عشر: حركة الدعوة بين أحد والأحزاب

- ‌المبحث الثامن: غزوة الأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: وقت الغزوة

- ‌ثانيًا: تجمع الأحزاب

- ‌ثالثًا: استعداد المسلمين للأحزاب

- ‌رابعًا: سير القتال

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق

- ‌سادسًا: حركة الدعوة خلال أيام الخندق

- ‌سابعًا: الأحزاب في رحاب القرآن الكريم

- ‌المبحث التاسع: أحداث ما بين الأحزاب والحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة بني قريظة

- ‌ثانيًا: قتل ابن أبي الحقيق

- ‌ثالثا: سيرة محمد بن مسلمة

- ‌رابعًا: غزوة بني لحيان

- ‌خامسًا: غزوة الغابة

- ‌سادسًا: سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌سابعًا: السرايا إلى ذي القصة

- ‌ثامنًا: سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

- ‌عاشرًا: السرايا بعد غزوة بني المصطلق

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

- ‌المبحث العاشر: غزوة الحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: سبب الغزوة

- ‌ثانيًا: التحرك للعمرة

- ‌ثالثًا: المفاوضات مع قريش

- ‌رابعًا: الصلح

- ‌خامسًا: موقف المسلمين من الصلح

- ‌سادسًا: موقف المسلمين بعد توقيع الصلح

- ‌سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

- ‌ثامنًا: فراق الكافرات

- ‌تاسعًا: أهم ما في الحديبية من حكم

- ‌المبحث الحادي عشر: الأحداث بين صلح الحديبية وفتح مكة

- ‌مدخل

- ‌أولا: هدوء جبهة قريش وظهور مفرزة أبي بصير رضي الله عنه

- ‌ثانيا: العمل في المحيط العام "إرسائل الرسائل

- ‌مدخل

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي وثمامة بن آثال صاحبي اليمامة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر صاحب دمشق:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان وأخيه:

- ‌ الدعاة حملة الرسائل:

- ‌ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها

- ‌مدخل

- ‌ حصون خيبر:

- ‌ تحرك المسلمين نحو خيبر:

- ‌ اقتحام الحصون:

- ‌ نهاية غزوة خيبر:

- ‌ في أعقاب خيبر:

- ‌ تطهير الجبهة الشمالية من أتباع يهود خيبر:

- ‌رابعا: مواجهة القبائل المتمردة

- ‌مدخل

- ‌ غزوة ذات الرقاع:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح في قديد

- ‌ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى بني مرة:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر:

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار:

- ‌ سرية أبي حدرد رضي الله عنه إلى الغابة:

- ‌ سرية أبي بكر رضي الله عنه إلى بني هلال:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة:

- ‌خامسا: تطبيق بنود صلح الحديبية وأداء العمرة

- ‌عمرة القضاء

- ‌ سرية ابن أبي العوجاء:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله:

- ‌سرية ذات الصلح

- ‌ سرية ذات عرق:

- ‌ سرية شجاع بن وهب إلى السي:

- ‌ سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة:

- ‌سادسا: بدء مواجهة الرومان والقبائل التابعة لها

- ‌مدخل

- ‌ سرية مؤتة

- ‌ غزوة ذات السلاسل

- ‌ سرية الخبط:

- ‌ سرية أبي قتادة إلى خضرة:

- ‌سابعًا: حركة الدعوة في مرحلة ما بين الحديبية وفتح مكة

- ‌المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

- ‌مدخل

- ‌أولا: فتح مكة

- ‌سبب فتح مكة

- ‌ محاولة أبي سفيان تجديد الصلح:

- ‌ استعداد المسلمين لفتح مكة:

- ‌ الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة:

- ‌ مكة تحت القيادة الإسلامية:

- ‌ثانيًا: تطهير مكة وما حولها من الأصنام

- ‌ثالثا: غزوة حنين

- ‌مدخل

- ‌ استعداد المشركين للحرب:

- ‌ القتال:

- ‌ تعقب الفارين:

- ‌ غزوة الطائف:

- ‌ توزيع الغنائم:

- ‌ العودة إلى المدينة:

- ‌المبحث الثالث عشر: الاستقرار العام في الجزيرة ومواجهة غير العرب

- ‌مدخل

- ‌أولا: بعث عمال الصدقات إلى القبائل

- ‌ثانيًا: إرسال الدعاة إلى القبائل

- ‌ثالثًا: تسيير السرايا للخارجين على النظام

- ‌رابعا: غزوة تبوك والتصدى لعدوانية الرومان

- ‌استعداد المسلمين للغزوة

- ‌ نتائج الغزوة:

- ‌ موقف المنافقين بعد الغزوة:

- ‌ الثلاثة الذين تخلفوا:

- ‌المبحث الرابع عشر: السرايا والجهاد في الميزان

- ‌الجهاد ضرورة عامة

- ‌ الجهاد يحمي حرية الإنسان:

- ‌ الجهاد يصون كرامة الإنسان:

- ‌ الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:

- ‌ الواقعية في تشريع الجهاد:

- ‌ ظهور فقه الإسلام في الجهاد:

- ‌المبحث الخامس عشر: وجاء نصر الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: تتابع مجئ الوفود إلى المدينة

- ‌ثانيًا: نظام استقبال الوفود

- ‌ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:

- ‌رابعًا: حجة الوداع وتحديد المعالم الكبرى في الإسلام

- ‌خامسًا: آخر بعوث النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسامة

- ‌المبحث السادس عشر: انتقال الرسول إلى الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المدنية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: ضرورة بناء الأمة الإسلامية [قاعدة الدعوة]

- ‌مدخل

- ‌أولا: إيجاد الأمة القوية

- ‌ثانيا: التزام الأمة بالإسلام

- ‌ثالثا: صيانة ثوابت الأمة

- ‌المبحث الثاني: الاهتمام بمعرفة الواقع العالمي

- ‌المبحث الثالث: أهمية التطابق بين المسلم والإسلام

- ‌مدخل

- ‌ نشر العدل:

- ‌ تحقيق القيم النبيلة:

- ‌ تعود الصبر والتحمل:

- ‌ تحقيق التكافل بين الناس:

- ‌المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌رابعا: نتائج المعركة

‌رابعًا: نتائج المعركة

لم تغرب شمس يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان من العام الثاني للهجرة إلا وقد تم النصر لجند الله في بدر، وتأكد المسلمون المجاهدون من نصر الله تعالى، بعدما رأوا الملائكة تنزل عليهم في صورة بشرية، معونة، وتثبيتًا، وأسفرت المعركة عن هزيمة ساحقة لكفار مكة، وانتصار كبير للمسلمين، وكان لهذا النصر صدى واسع في الجزيرة العربية كلها.

وقد لقي سبعون من صناديد مكة مصرعهم في بدر، وعلى رأسهم أبو جهل، وأمية بن خلف، وحنظلة بن أبي سفيان، وعبيدة والعاص ابنا سعيد بن العاص، وعقبة بن أبي معيط، وغيرهم من القادة والزعماء كما أسر منهم سبعون آخرون1.

وفر الباقون إلى مكة تاركين وراءهم الأموال وكثيرًا من الإبل، والخيل التي كانت في صحبتهم.

وقد حفر المسلمون قليبًا، دفنوا فيه قتلى المشركين، بعدما أمرهم صلى الله عليه وسلم بإلقائهم فيه دفعة واحدة.

ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بجيفة إنسان أمر بدفنه، لا يسأل عنه، مؤمنًا كان أو كافرًا، احترامًا لإنسانيته، وإلقاء القتلى في القليب من هذا الباب، إلا أنه صلى الله عليه وسلم كره أن يشق على أصحابه بكثرة جيف الكفار أن يأمر بدفنهم، واحدًا، واحدًا، فرأى أن دحرجتهم إلى القليب جملة أيسر عليهم وعلى المسلمين فأمر به، وبخاصة أن نتن الجيف قد انتشرت لبقائها في العراء مدة ليست قليلة.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء القتلى جميعًا في القليب بأجسادهم، إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأها، فذهبوا ليحركوه، فتزايل جسده وتقطع، فأهالوا عليه التراب حيث هو، ووقف الرسول على القليب ثم قال: "يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، يا أمية بن خلف، يا أبا جهل بن هشام، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا فإني

1 انظر صحيح البخاري. كتاب المناقب. باب في غزوة بدر ج6 ص250.

ص: 280

قد وجدت ما وعدني ربي حقًا؟ بئس القوم كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس".

قال المسلمون: يا رسول الله تنادي قومًا قد ماتوا؟

قال صلى الله عليه وسلم: "قد علموا أن ما وعدهم ربهم حق"1.

وقال السدي عن مقسم عن ابن عباس: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى بدر فقال: "جزاكم الله عني من عصابة شرًا فقد خونتموني أمينًا، وكذبتموني صادقًا"، ثم التفت إلى أبي جهل فقال:"هذا أعتى على الله من فرعون، إن فرعون لما أيقن بالهلكة وحد الله، وإن هذا لما أيقن بالهلكة دعا باللات والعزى".

وأما الأسرى والجرحى فقد اهتم بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذهم إلى المدينة، وفرق الأسرى على أصحابه لإعالتهم، ورعايتهم وقال لهم:"استوصوا بالأسارى خيرًا". وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى.

يقول أخو مصعب: وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غذاءهم، وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، فأستحيي فأردها على أحدهم فيردها علي ما يمسها.

وقد استشهد من المسلمين أربعة عشر شهيدًا وهم رضي الله عنهم:

1-

عبيدة بن الحارث رضي الله عنه.

2-

عمير بن أبي وقاص رضي الله عنه.

3-

عمير بن الحمام من بني سلمة رضي الله عنه.

4-

سعد بن خيثمة من بني عمرو بن عوف من الأوس رضي الله عنه.

5-

ذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة الخزاعي حليف بني زهرة رضي الله عنه.

6-

مبشر بن عبد المنذر من بني عمرو بن عوف رضي الله عنه.

1 انظر صحيح البخاري كتاب المناقب باب غزوة بدر ج6 ص249.

ص: 281

7-

عاقل بن البكير الليثي رضي الله عنه.

8-

مهجع مولى عمر حليف بني عدي رضي الله عنه.

9-

صفوان بن بيضاء الفهري رضي الله عنه.

10-

بيضاء الفهري رضي الله عنه.

11-

يزيد بن الحارث من بني الحارث بن الخزرج رضي الله عنه.

12-

رافع بن المعلى رضي الله عنه.

13-

حارثة بن سراقة وهو ابن عمة أنس بن مالك خرج نظارًا، وهو غلام، فأصابة سهم فقتله رضي الله عنه.

14-

عوف، ومعوذ ابنا العفراء وكان سنهما أربع عشرة سنة1 رضي الله عنهما وهؤلاء الشهداء منهم ستة من المهاجرين، وستة من الخزرج، وثلاثة من الأوس.

وقد أحاط الله شهداء المسلمين بالخير، وميزهم بالفضل، وأحاطهم بالنعيم.

يروي البخاري عن رفاعة ابن رافع الزرقي رضي الله عنه، وكان من أهل بدر قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟

قال صلى الله عليه وسلم: "من أفضل المسلمين"، أو كلمة نحوها.

قال جبريل: وكذلك من شهد بدرًا من الملائكة2.

وروى أبو داود وابن ماجه والطبراني بسند جيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطلع الله تعالى على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"3.

وروى مسلم والترمذي عن جابر رضي الله عنه أن عبدًا لحاطب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبًا إليه فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخلن حاطب النار، فقال:"كذبت لا يدخلها، فإنه قد شهد بدرًا والحديبية"4.

وفي الصحيح عن علي رضي الله عنه في قصة كتاب حاطب وأن عمر بن الخطاب قال: يا رسول

1 سيرة النبي لابن هشام ج1 ص706، 708.

2 صحيح البخاري كتاب المناقب باب شهود الملائكة بدرًا ج6 ص256.

3 صحيح البخاري باب شهود الملائكة بدرًا ج6 ص257.

4 صحيح مسلم باب فضائل حاطب ج19 ص56.

ص: 282

الله أضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أليس من أهل بدر؟ ولعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، أو قال فقد وجبت لكم الجنة"1.

وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: أصيب حارثة بن زيد ببدر فجاءت أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى فترى ما أصنع؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "ويحك أو هبلت أو جنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في الفردوس"2.

وإنما استحق أهل بدر كل هذا الفضل؛ لأنهم قدموا أنفسهم لنصر دين الله تعالى، فجعل الله ذنوبهم بعد ذلك تقع مغفورة، كما أنهم لصفاء أرواحهم، وصدق إيمانهم لا يقع الذنب منهم إلا خطأ، وبصورة نادرة.

والمغفرة المذكورة تتعلق بأحكام الآخرة، وبحقوق الله تعالى، أما أحكام الدنيا وحقوق الناس فلا بد من استيفائها، وأدائها لأصحابهما بعدما حدثت.

ومن مواقف المسلمين في بدر ما حدث من عمير بن الحمام الأنصاري فلقد روى الإمام أحمد في مسنده أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر: "قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض".

فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "نعم".

فقال عمير: بخ بخ.

فقال صلى الله عليه وسلم: "ما يحملك على قولك بخ بخ"؟.

قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها.

قال صلى الله عليه وسلم: "فإنك من أهلها".

فأخرج تمرات من قرته، فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، ثم رمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل.

1 صحيح البخاري كتاب المناقب باب غزوة بدر ج6 ص249.

2 صحيح البخاري كتاب المناقب باب غزوة بدر ج6 ص248.

ص: 283