الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق
أحاط الله المسلمين بالعون، ونصرهم على عدوهم، وأكرمهم في وقت شدتهم، وعاشوا هذه المعونة في أعمال خارقة للعادة أتتهم من قبل الله تعالى ومنها:
1-
ظهور عوامل النصر:
لما اشتد الأمر بالمسلمين كانت عناية الله بهم، فهزم عدوهم بأمور خارقة حيث جاءت العواصف، والسيول، والرعب، وملائكة الله تعالى، وانقسام الأحزاب على أنفسهم وتلك كلها أهم عوامل انتصار المسلمين على نحو ما سبق ذكره.
2-
كسر الكدية الصخرية:
لما بدأ المسلمون في حفر الخندق وواجهتهم بعض الصخور الصلبة، حاولوا تفتيتها مدة ثلاثة أيام فعجزوا، فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكوا إليه الأمر فكسرها من ضربة واحدة.
يروي البخاري بسنده عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال: أتيت جابرًا صلى الله عليه وسلم فقال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق.
فقال صلى الله عليه وسلم: "أنا نازل". ثم قام، وبطنه معصوب بحجر، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضربه فعادت الكدية كثيبًا أهيل، أو أهيم1.
يقول ابن إسحاق بلغني أن جابر بن عبد الله كان يحدث: أنه اشتدت عليهم في بعض الخندق كدية، فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بإناء من ماء، فتفل فيه، ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به، ثم نضح ذلك الماء على تلك الكدية، فيقول من حضرها: فوالذي بعثه بالحق نبيًا لانهالت حتى عادت كالكثيب لا ترد فأسًا، ولا مسحاة2.
1 صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الأحزاب ج6 ص320.
2 سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ج2 ص217.
3-
تكثير الطعام:
عاش الصحابة رضوان الله عليهم، وهو عند الخندق بلا طعام مدة ثلاثة أيام فأصابهم الجوع، فرزقهم الله تعالى من حيث لا يتوقعون، يروي البخاري بسنده أن جابر بن عبد الله قال: لما حفر الخندق، رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصًا شديدًا فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم، خمصًا شديدًا، فأخرجت لي جرابًا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغت إلى فراغي، وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فجئته فساورته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعًا من شعير، كان عندنا، فتعال أنت، ونفر معك.
فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أهل الخندق، إن جابرًا قد صنع سؤرًا فحي هلا بكم".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء". فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقدم الناس، حتى جئت امرأتي فقالت: بك وبك.
فقلت: قد فعلت الذي قلتِ، فأخرجت له عجينًا، فبصق فيه صلى الله عليه وسلم وبارك ثم عمد إلى برمتنا، فبصق وبارك، ثم قال:"ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها". وهم ألف، فأقسم بالله، لقد أكلوا، حتى تركوه، وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو1.
ويروي ابن إسحاق بسنده عن أخت النعمان بن بشير قالت: دعتني أمي عمرة بنت رواحة، فأعطتني حُفنة من تمر في ثوبي، ثم قالت: أي بنية، اذهبي إلى أبيك، وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما.
قالت: فأخذتها، فانطلقت بها، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبي، وخالي فقال صلى الله عليه وسلم:"تعالي يا بنية، ما هذا معك"؟.
فقالت: يا رسول الله، هذا تمر، بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة يتغديانه.
1 صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الخندق ج6 ص322، 323.