الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: غزوة حنين
مدخل
…
ثالثًا: غزوة حنين
فوجئ العرب بالانهيار السريع لمشركي مكة، واستسلامهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فبدءوا في تقدير الإسلام غير أن فريقًا من القبائل تعالت على الإسلام، وبقيت في شركها، وأخذت تتجمع لمهاجمة المسلمين في مكة وعلى رأس هؤلاء قبائل هوازن، وثقيف، ونصر وحشم وبنو هلال1.
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم تحشدوا، وتجمعوا تحت قيادة مالك بن عوف، وأخذوا في التحرك نحو مكة حتى نزلوا بـ"أوطاس" وهو واد سهل واسع بين مكة والمدينة مجاور لوادي حنين.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس جيش من المسلمين بلغ عدده اثنا عشر ألف رجل في يوم السبت السادس من شهر شوال، بعد أن ولى أمر مكة للصحابي عتاب بن أسيد بن أبي العيص، وأبقى معه معاذ بن جبل ليعلم الناس السنن والفقه، ويدارسهم القرآن الكريم وما شرع من أحكام الإسلام، والحديث عن غزوة حنين يحتاج إلى بيان النقاط التالية:
1 لم يحضر مع هوازن بطنان منهم هما كعب وكلاب.
1-
استعداد المشركين للحرب:
خرجت القبائل من ديارها، وتجمعت في وادي "أوطاس" واصطحبوا معهم أموالهم ونساءهم وأطفالهم لدفع الرجال للقتال دفاعًا عن كل ما لهم.
سأل دريد بن الصمة قائدهم مالك بن عوف: ما لي أسمع بكاء الصغير، ورغاء البعير، ونهاق الحمير، ويعار الشاء؟
قال مالك: يا أبا قرة إني سقت مع الناس أموالهم وذراريهم، وأردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله يقاتل عنه.
فقال دريد: رويعي ضأن! وهل يرد المنهزم شيء؟
وصل جيش المسلمين إلى وادي "حنين" وعسكر فيه، فأخذ مالك بن عوف يبعث رسله ليعرف خبر رسول الله وجنوده بعد استقرارهم بـ"حنين" فبعث ثلاثة رجال
وكلهم رجعوا إليه، وهم في حالة خوف ورعب، وقالوا: رأينا رجالا بيضًا على خيل بلق، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى وقد اتفق الثلاثة على هذا.
وقالوا له: ما تقاتل أهل الأرض إنما تقاتل أهل السماء، وإذا أطعتنا رجعت بالناس فسبهم وحبسهم، وعبأ جنوده، ونظمهم في وادي حنين1.
1 بلوغ الأماني ج2 ص168.
2-
استعداد المسلمين للقتال:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفًا من أصحابه، عشرة منهم من المهاجرين والأنصار، وألفين من مسلمي مكة، وسار بهم حتى نزل في "وادي حنين" وعبأ قواته من السحر ووضع الألوية والرايات في أهلها، فحمل رايات المهاجرين: علي، وسعد ابن أبي وقاص، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم.
وحمل رايات الأنصار الحباب بن المنذر، وقيل: كان لواء الخزرج الأكبر مع سعد بن عبادة، ولواء الأوس مع أسيد بن حضير، وفي كل بطن لواء أو راية.
وكانت رايات المهاجرين سودًا وألويتهم بيضًا، ورايات الأنصار خضرًا وحمرًا، وكانت في قبائل العرب رايات، وبقيت سليم كما هي في مقدمة الخيل وعليهم خالد بن الوليد.
ولما تجمع المسلمون بهذا العدد أعجبتهم كثرتهم، وانتظروا النصر وقالوا بلسان الحال، والمقال: لن نغلب اليوم عن قلة.
وانحدر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في وادي حنين، وهو على تعبئته، وقد ركب بغلته البيضاء "دلدل" ولبس درعين والمغفر والبيضة، وحض على القتال، وبشر بالفتح إن صدقوا وصبروا.
وقد أرسل رسول الله عبد الله بن أبي حدرد ليأتي بخبر القوم، فطاف بهم، وسمع كلامهم، وعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما رأى وسمع وبمدى استعداد القوم للقاء، وبعلمهم بجيش المسلمين كما نقلته العيون إلى مالك بن عوف1.
1 المغازي ج3 ص895-900.