المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم - السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: التعريف بالمدينة المنورة "دار الهجرة" وبيان أهميتها للدعوة

- ‌الفصل الأول: السيرة النبوية من الهجرة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة

- ‌النقطة الثانية: أهمية الهجرة

- ‌النقطة الثالثة: تنظيم الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تآمر القرشيين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: التخطيط للهجرة

- ‌ثالثًا: عناية الله بنبيه في الهجرة

- ‌رابعًا: الوصول إلى المدينة

- ‌النقطة الرابعة: وقفات مع الهجرة

- ‌المبحث الثاني: الاستقرار في المدينة

- ‌مدخل

- ‌أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: تأمين سكن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته

- ‌ثالثًا: هجرة آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: إقامة المسجد النبوي

- ‌المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة

- ‌مدخل

- ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

- ‌ وضع الميثاق العام لسكان المدينة:

- ‌المبحث الرابع: الحياة الأسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة

- ‌أولا: التعريف بأمهات المؤمنين المتفق عليهن

- ‌ثانيًا: الزوجات المختلف فيهن

- ‌ثالثًا: من خطبها أو وهبت نفسها ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس: الحكم العامة في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع: الحياة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أولا: أكله

- ‌ثانيًا: شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: سماحته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

- ‌الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: بناء المجتمع الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دين كامل

- ‌ثانيًا: قيادة أمينة رائدة

- ‌ثالثًا: مؤمنون صادقون

- ‌رابعًا: التفاعل التام بين المسلمين والإسلام

- ‌المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة

- ‌مدخل

- ‌أولا: تعريف الجهاد

- ‌ثانيا: مراحل تشريع الجهاد

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة التحمل والصبر

- ‌المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة القتال المقيد

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بالقتال العام

- ‌المبحث الثالث: السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب وقوع السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌ثانيًا: السرايا والغزوات قبل "بدر

- ‌ثالثًا: السرايا وحركة الدعوة

- ‌المبحث الرابع: غزوة بدر الكبرى

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: مواقف الفريقين قبل المعركة

- ‌مدخل

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ موقف القرشيين:

- ‌ثالثًا: أحداث المعركة

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: قريش والهزيمة

- ‌سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر

- ‌الاختلاف في توزيع الغنائم

- ‌الاختلاف في مصير الأسرى

- ‌ الابتهاج بنصر الله تعالى:

- ‌ تشريع زكاة وعيد الفطر:

- ‌سابعا: بدر في رحاب القرآن الكريم

- ‌حديث ما قبل المعركة

- ‌ حديث القرآن الكريم عن المعركة:

- ‌ حديث ما بعد المعركة:

- ‌ توجيهات قرآنية تربوية:

- ‌المبحث الخامس: أحداث ما بين بدر وأحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: غزوة بني سليم

- ‌ثالثًا: غزوة السويق

- ‌رابعًا: غزوة غطفان

- ‌سادسًا: سرية زيد بن حارثة

- ‌سابعًا: غزوة بني قينقاع

- ‌ثامنًا: قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط

- ‌تاسعًا: قتل كعب بن الأشرف

- ‌عاشرًا: أهم أحداث المجتمع الإسلامي

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة بين بدر وأحد

- ‌المبحث السادس: غزوة أحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: موقف أطراف معركة أحد قبل القتال

- ‌موقف المشركين

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ثالثا: أحداث المعركة

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى للقتال انتصار المسلمين:

- ‌المرحلة الثانية للقتال هزيمة المسلمين:

- ‌المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي:

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد

- ‌سادسًا: أحد في رحاب القرآن الكريم

- ‌سابعًا: أحد وحركة الدعوة

- ‌المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة حمراء الأسد

- ‌ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه

- ‌ثالثًا: بعث عبد الله بن أنيس

- ‌رابعًا: بعث الرجيع

- ‌خامسًا: سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان

- ‌سادسًا: وقعة بئر معونة

- ‌سابعا: غزوة بني النضير

- ‌ثامنا: غزوة نجد

- ‌تاسعًا: غزوة بدر الثانية

- ‌عاشرًا: غزوة دومة الجندل

- ‌حادي عشر: أهم الأحداث الاجتماعية بين أحد والأحزاب

- ‌ثاني عشر: حركة الدعوة بين أحد والأحزاب

- ‌المبحث الثامن: غزوة الأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: وقت الغزوة

- ‌ثانيًا: تجمع الأحزاب

- ‌ثالثًا: استعداد المسلمين للأحزاب

- ‌رابعًا: سير القتال

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق

- ‌سادسًا: حركة الدعوة خلال أيام الخندق

- ‌سابعًا: الأحزاب في رحاب القرآن الكريم

- ‌المبحث التاسع: أحداث ما بين الأحزاب والحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة بني قريظة

- ‌ثانيًا: قتل ابن أبي الحقيق

- ‌ثالثا: سيرة محمد بن مسلمة

- ‌رابعًا: غزوة بني لحيان

- ‌خامسًا: غزوة الغابة

- ‌سادسًا: سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌سابعًا: السرايا إلى ذي القصة

- ‌ثامنًا: سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

- ‌عاشرًا: السرايا بعد غزوة بني المصطلق

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

- ‌المبحث العاشر: غزوة الحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: سبب الغزوة

- ‌ثانيًا: التحرك للعمرة

- ‌ثالثًا: المفاوضات مع قريش

- ‌رابعًا: الصلح

- ‌خامسًا: موقف المسلمين من الصلح

- ‌سادسًا: موقف المسلمين بعد توقيع الصلح

- ‌سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

- ‌ثامنًا: فراق الكافرات

- ‌تاسعًا: أهم ما في الحديبية من حكم

- ‌المبحث الحادي عشر: الأحداث بين صلح الحديبية وفتح مكة

- ‌مدخل

- ‌أولا: هدوء جبهة قريش وظهور مفرزة أبي بصير رضي الله عنه

- ‌ثانيا: العمل في المحيط العام "إرسائل الرسائل

- ‌مدخل

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي وثمامة بن آثال صاحبي اليمامة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر صاحب دمشق:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان وأخيه:

- ‌ الدعاة حملة الرسائل:

- ‌ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها

- ‌مدخل

- ‌ حصون خيبر:

- ‌ تحرك المسلمين نحو خيبر:

- ‌ اقتحام الحصون:

- ‌ نهاية غزوة خيبر:

- ‌ في أعقاب خيبر:

- ‌ تطهير الجبهة الشمالية من أتباع يهود خيبر:

- ‌رابعا: مواجهة القبائل المتمردة

- ‌مدخل

- ‌ غزوة ذات الرقاع:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح في قديد

- ‌ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى بني مرة:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر:

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار:

- ‌ سرية أبي حدرد رضي الله عنه إلى الغابة:

- ‌ سرية أبي بكر رضي الله عنه إلى بني هلال:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة:

- ‌خامسا: تطبيق بنود صلح الحديبية وأداء العمرة

- ‌عمرة القضاء

- ‌ سرية ابن أبي العوجاء:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله:

- ‌سرية ذات الصلح

- ‌ سرية ذات عرق:

- ‌ سرية شجاع بن وهب إلى السي:

- ‌ سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة:

- ‌سادسا: بدء مواجهة الرومان والقبائل التابعة لها

- ‌مدخل

- ‌ سرية مؤتة

- ‌ غزوة ذات السلاسل

- ‌ سرية الخبط:

- ‌ سرية أبي قتادة إلى خضرة:

- ‌سابعًا: حركة الدعوة في مرحلة ما بين الحديبية وفتح مكة

- ‌المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

- ‌مدخل

- ‌أولا: فتح مكة

- ‌سبب فتح مكة

- ‌ محاولة أبي سفيان تجديد الصلح:

- ‌ استعداد المسلمين لفتح مكة:

- ‌ الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة:

- ‌ مكة تحت القيادة الإسلامية:

- ‌ثانيًا: تطهير مكة وما حولها من الأصنام

- ‌ثالثا: غزوة حنين

- ‌مدخل

- ‌ استعداد المشركين للحرب:

- ‌ القتال:

- ‌ تعقب الفارين:

- ‌ غزوة الطائف:

- ‌ توزيع الغنائم:

- ‌ العودة إلى المدينة:

- ‌المبحث الثالث عشر: الاستقرار العام في الجزيرة ومواجهة غير العرب

- ‌مدخل

- ‌أولا: بعث عمال الصدقات إلى القبائل

- ‌ثانيًا: إرسال الدعاة إلى القبائل

- ‌ثالثًا: تسيير السرايا للخارجين على النظام

- ‌رابعا: غزوة تبوك والتصدى لعدوانية الرومان

- ‌استعداد المسلمين للغزوة

- ‌ نتائج الغزوة:

- ‌ موقف المنافقين بعد الغزوة:

- ‌ الثلاثة الذين تخلفوا:

- ‌المبحث الرابع عشر: السرايا والجهاد في الميزان

- ‌الجهاد ضرورة عامة

- ‌ الجهاد يحمي حرية الإنسان:

- ‌ الجهاد يصون كرامة الإنسان:

- ‌ الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:

- ‌ الواقعية في تشريع الجهاد:

- ‌ ظهور فقه الإسلام في الجهاد:

- ‌المبحث الخامس عشر: وجاء نصر الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: تتابع مجئ الوفود إلى المدينة

- ‌ثانيًا: نظام استقبال الوفود

- ‌ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:

- ‌رابعًا: حجة الوداع وتحديد المعالم الكبرى في الإسلام

- ‌خامسًا: آخر بعوث النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسامة

- ‌المبحث السادس عشر: انتقال الرسول إلى الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المدنية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: ضرورة بناء الأمة الإسلامية [قاعدة الدعوة]

- ‌مدخل

- ‌أولا: إيجاد الأمة القوية

- ‌ثانيا: التزام الأمة بالإسلام

- ‌ثالثا: صيانة ثوابت الأمة

- ‌المبحث الثاني: الاهتمام بمعرفة الواقع العالمي

- ‌المبحث الثالث: أهمية التطابق بين المسلم والإسلام

- ‌مدخل

- ‌ نشر العدل:

- ‌ تحقيق القيم النبيلة:

- ‌ تعود الصبر والتحمل:

- ‌ تحقيق التكافل بين الناس:

- ‌المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

وهب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم عددًا من الأبناء والبنات كلهم من خديجة رضي الله عنها ما عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية.

وقد مات أبناء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، ما عدا فاطمة رضي الله عنها فإنها توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر على الصحيح، وأبناؤه صلى الله عليه وسلم هم على ترتيب ميلادهم:

الأول: القاسم رضي الله عنه

وهو أول أبنائه مولدًا، وبه كان يكنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على عادة العرب، وقد ولد القاسم، ومات بمكة قبل البعثة، وعاش سبعة عشر شهرًا فقط.

الثانية: زينب رضي الله عنها

وهي المولد الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكبر بناته، ولدت قبل النبوة في مكة، وتزوجت ابن خالتها أبا العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس فهو ابن أخت خديجة رضي الله عنها، وأمه هالة بنت خويلد، وكانت خديجة تحبه لما كان يتميز به، فهو من رجال مكة المعدودين، مالا وأمانة وتجارة، وقد رغبت خديجة رضي الله عنها في تزويجه زينب، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجها له وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالف طلبًا لخديجة وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي فزوجه، وكانت خديجة تعد أبا العاص بمنزلة ولدها، فلما أكرم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بنبوته آمنت به خديجة وبناته، فصدقته وشهدن أن ما جاء به الحق، ودن بدينه، وثبت أبو العاص على شركه.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج عتبة، وعتيبة ابنا أبي لهب رقية وأم كلثوم فلما بادى قريشًا بأمر الله تعالى وبالعداوة، قالوا للأزواج: إنكم قد فرغتم محمد من همه، فردوا عليه بناته، فاشغلوه بهن، فأطاعهم أبناء أبي لهب، فلما مشوا إلى أبي العاص وقالوا له: فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئت، قال لهم: لا والله لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في مصاهرته خيرًا.

ص: 169

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بمكة ولا يحرم، وكان الإسلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلمت وبين أبي العاص بن الربيع، لبقائه على شركه، فقال رسول الله لزينب إنه لا يحل لك فأقامت معه على إسلامها، وهو على شركه حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركها معه، وكانت قد رزقت منه بولد سمته عليًا، وبنتًا أسمتها أمامة.

وقد تأخر إسلام زوجها العاص، ووقع أسيرًا في يد المسلمين يوم بدر؛ لأنه كان في صف الكفار يومها، وفدت زينب زوجها بقلادة ذهبية، أهدتها لها أمها خديجة رضي الله عنها، يوم زواجها، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلادة تذكر خديجة وابنته زينب رضي الله عنها، فرق قلبه ودمعت عيناه، فعفا عن أبي العاص، ومن عليه بالحرية، وأرسله إلى مكة، ومعه قلادة خديجة رضي الله عنها، واشترط عليه أن يسمح لزينب بالهجرة على أن يلحق بها إذا أسلم.

يقول ابن إسحاق: كان في الأسرى يوم بدر أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب، وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة، وهو ابن أخت خديجة، وكانت تعده بمنزلة ولدها، فسألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه زينب وذلك قبل الإسلام، وكان رسول الله لا يخالفها فلما أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وآمنت به خديجة رضي الله عنها ودخلت بناته في الإسلام وصدقنه وشهدن أن ما جاء به هو الحق، ودن بدينه، وثبت أبو العاص على شركه، فمشت قريش إلى أبي العاص بن الربيع فقالوا: فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة شئت.

فقال: لا -هاء الله- إذا لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على صهره خيرًا.

وكان الإسلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبي العاص بن الربيع إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرق بينهما بالطلاق، فأقامت معه على إسلامها وهو على شركه، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهي مقيمة معه بمكة، فلما سارت قريش إلى بدر سار فيهم أبو العاص بن الربيع، فأصيب في الأسارى يوم بدر، فلما بعث أهل مكة في فداء الأسرى، بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص، وبعثت فيه

ص: 170

بقلادة لها كانت أمها خديجة قد أدخلتها بها على أبي العاص حين تزوجها، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال:"إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا".

قالوا: نعم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها.

قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه العهد مشافهة، ووعده أبو العاص سرًا أن يخلي سبيل زينب إليه كما شرط عليه في إطلاقه فلما خرج أبو العاص إلى مكة، وخلى سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار وقال لهما:"كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحبانها فتأتياني بها". فخرجا مكانهما، وذلك بعد بدر بشهر أو نحوه فلما قدم أبو العاص مكة أمر زينب باللحوق بأبيها، فخرجت جهرة فتحدث بذلك رجال من قريش وكبر عليهم أن تخرج زينب علانية فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى فكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن عبد العزى، فروعها بالرمح وهي في هودجها، وكانت حاملا فلما ريعت طرحت ذا بطنها، وبرك حموها "أخو زوجها" كنانة، ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهمًا، وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال: أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك فكف فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال: إنك لم تصب، خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا، وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت بابنته إليه علانية على رءوس الناس من بين أظهرنا، أن ذلك على ذل أصابنا عن مصيبتنا التي كانت، وأن ذلك منا ضعف ووهن، ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة، وما لنا في ذلك من ثأر، ولكن ارجع بالمرأة، حتى إذا هدأت الأصوات، وتحدث الناس أن قد رددناها، فسلها سرًا، وألحقها بأبيها، ففعل، فأقامت ليالي، حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم1.

ولما أسلم أبو العاص وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة رد زينب إليه بنكاحها الأول

1 سيرة النبي لابن هشام ج1 ص654.

ص: 171

وكان إسلام أبي العاص وهجرته رضي الله عنه سنة ست، يروى ابن سعد ذلك فيقول: خرج أبو العاص بن الربيع في عير إلى الشام فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب فلقوا العير بناحية العيص في جمادى الأولى سنة ست من الهجرة فأخذوها وما فيها من الأثقال وأسروا ناسًا ممن كان في العير منهم أبو العاص بن الربيع، فلم يعد أن جاء المدينة فدخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر وهي امرأته فاستجارها فأجارته، فلما صلى رسول الله الفجر قامت على بابها فنادت بأعلى صوتها: إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس هل سمعتم ما سمعت"؟.

قالوا: نعم.

قال: "فوالذي نفسي بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعت الذي سمعتم، المؤمنون يد على من سواهم يجير عليهم أدناهم وقد أجرنا من أجارت".

فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله دخلت عليه زينب فسألته أن يرد على أبي العاص ما أخذ منه ففعل، وأمرها أن لا يقربها فإنها لا تحل له ما دام مشركا، ورجع أبو العاص إلى مكة فأدى إلى كل ذي حق حقه، ثم أسلم ورجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا مهاجرًا في المحرم سنة سبع من الهجرة فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بذلك النكاح الأول1.

وقد ظلت زينب رضي الله عنها وجعة بسبب سقطها حتى لقيت ربها سنة ثمان من الهجرة، وقد صلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ودفنت بالبقيع رضي الله عنها2.

الثالثة: رقية رضي الله عنها

هي الثالثة في ترتيب أولاد النبي صلى الله عليه وسلم، خطبها ابن عمها "عتبة بن أبي لهب" إلا أنه تخلى عنها، ولم يدخل بها، وطلقها بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزولا على رغبة أبيه أبي لهب، وأمه أم جميل، فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وولدت له ولدًا أسموه "عبد الله" مات صغيرًا.

1 الطبقات الكبرى ج8 ص33.

2 سيرة النبي ج1 ص654، 655.

ص: 172

وهاجرت رضي الله عنها مع زوجها عثمان رضي الله عنه إلى الحبشة الهجرة الأولى، وعادت معه إلى مكة ثم هاجرت إلى المدينة المنورة بعد هجرة رسول الله إليها ومرضت بعد الهجرة واستمرت مريضة حتى وافاها أجلها، عند رجوع المسلمين من غزوة بدر في رمضان سنة اثنين من الهجرة، وبسبب ذلك لم يشترك عثمان رضي الله عنه في بدر، وبقي مع زوجته رقية يمرضها، ويرعاها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم له سهمه، وأجره.

وعند عودة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد "بدر" كان عثمان رضي الله عنه، راجعًا من البقيع بعد أن واراها مثواها الأخير رضي الله عنها1.

الرابع: أم كلثوم رضي الله عنها

خطبها ابن عمها "عتيبة بن أبي لهب" إلا أنه تخلى عنها، وتركها بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم إرضاء لأبيه وأمه، هاجرت إلى المدينة مع أختها فاطمة رضي الله عنها، وعاشت مع أبيها في بيته، وبعد وفاة رقية تزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه في شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة ولذلك عرف عثمان بن عفان بـ"ذي النورين" ولم تنجب منه، واستمرت في كنفه حتى ماتت رضي الله عنها سنة تسع من الهجرة، ودفنت بالبقيع2.

الخامسة: فاطمة رضي الله عنها

هي أصغر بناته صلى الله عليه وسلم، وكان لها دور بارز في الهجرة النبوية، تزوجها علي بن أبي طالب بأمر من الله تعالى، وولدت له: الحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم، وزينب، وهي من النساء الكاملات اللاتي أحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكانت خديجة رضي الله عنها إذا ولدت ولدًا دفعته إلى من يرضعه، فلما ولدت فاطمة لم يرضعها غيرها، فحظيت بعناية أبيها وأمها منذ صغرها3.

أمر الله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولذلك توقف صلى الله عليه وسلم عن تزويجها لغيره من كبار الصحابة، بعدما ذكروها لأنفسهم، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أتى أبا بكر رضي الله عنه فقال:

1 بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد باب ما جاء في رقية ج9 ص347.

2 المرجع السابق باب ما جاء في أم كلثوم ج9 ص348.

3 الطبقات الكبرى ج8 ص21.

ص: 173

يا أبا بكر ما يمنعك أن تتزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قال أبو بكر رضي الله عنه: لا يزوجني.

قال عمر: إذا لم يزوجك، فمن يزوج، وإنك من أكرم الناس عليه، وأقدمهم في الإسلام. فانطلق أبو بكر رضي الله عنه إلى بيت عائشة رضي الله عنها.

فقال: يا عائشة إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس، وإقبالا عليك، فاذكري له أني ذكرت فاطمة، فلعل الله عز وجل أن ييسرها لي.

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأت عائشة منه طيب نفس وإقبالا، فقالت: يا رسول الله إن أبا بكر ذكر فاطمة، وأمرني أن أذكرها.

قال صلى الله عليه وسلم: حتى ينزل القضاء.

فرجع إليها أبو بكر فقالت: يا أبتاه، وددت أني لم أذكر الذي ذكرت.

فلقي أبو بكر عمر فذكر أبو بكر لعمر ما أخبرته عائشة.

فانطلق عمر إلى حفصة، فقال: يا حفصة إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم إقبالا -يعني عليك- فاذكريني له واذكري فاطمة لعل الله أن ييسرها لي.

فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة، فرأت طيب نفس ورأت منه إقبالا، فذكرت له فاطمة رضي الله عنها.

فقال صلى الله عليه وسلم: حتى ينزل القضاء.

فانطلق عمر رضي الله عنه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: ما يمنعك من فاطمة؟

فقال علي رضي الله عنه: أخشى أن لا يزوجني.

قال عمر رضي الله عنه: فإن لم يزوجك فمن يزوج وأنت أقرب خلق الله إليه؟

فانطلق علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة ولم يكن له مثل عائشة، ولا مثل حفصة، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أريد أن أتزوج فاطمة.

قال صلى الله عليه وسلم: "فافعل".

قال علي: ما عندي إلا درعي الخطمية.

قال صلى الله عليه وسلم: "فاجمع ما قدرت عليه وأتني به"، فأتى علي باثنتي عشرة أوقية، أربع مئة وثمانين درهمًا فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه فاطمة رضي الله عنها، فقبض ثلاث قبضات

ص: 174

فدفعها إلى أم أيمن وقال لها: "اجعلي منها قبضة في الطيب". أحسبه قال: "والباقي فيما يصلح المرأة من المتاع"، فلما فرغت أم أيمن من الجهاز، وأدخلتهم بيتًا قال صلى الله عليه وسلم:"يا علي لا تحدثن إلى أهلك شيئًا حتى آتيك". فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فاطمة متقنعة، وعلي قاعد، وأم أيمن في البيت، فقال:"يا أم أيمن ائتيني بقدح من ماء".

فأتته بقعب فيه ماء، فشرب منه، ثم مج فيه، ثم ناوله فاطمة، فشربت، وأخذ منه فضرب جبينها، وبين كتفيها وصدرها.

ثم دفعه إلى علي فقال: "يا علي اشرب". ثم أخذ منه فضرب به جبينه وبين كتفيه ثم قال: "أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرم تطهيرًا". فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم أيمن وقال: "يا علي أهلك"1.

وكان لفاطمة منزلة خاصة عند أبيها صلى الله عليه وسلم.

يروي الترمذي بسنده عن بريدة أنه قال: كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ومن الرجال علي2 يقول إبراهيم بن سعيد يقصد من أهل بيته.

وعن عائشة رضي الله عنها: وكانت فاطمة رضي الله عنها إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إليها، فقبلها، وأجلسها في مجلسه وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت له فقبلته، وأجلسته في مجلسها3.

ثم إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب بنت أبي جهل على فاطمة، فأتت فاطمة أباها، غاضبة تقول له: إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكحًا ابنة أبي جهل4.

فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ثم خطبهم. وقال: "إن فاطمة مني، وأني أتخوف أن تفتن في دينها"، ثم ذكر صهرًا له من بني عبد شمس، هو زوج زينب، فأثنى عليه في

1 الطبقات الكبرى ج8 ص19، 20.

2 سنن الترمذي ج5 ص698.

3 تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي، باب ما جاء في فضل فاطمة ج10 ص253 وهو حديث حسن غريب.

4 صحيح مسلم بشرح النووي. فضائل فاطمة ج16 ص4.

ص: 175

مصاهرته إياه1 وقال عنه: "حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي وإني لست أحرم حلالا ولا أحلل حرامًا، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله في مكان واحد أبدًا"2.

وقال صلى الله عليه وسلم: "إن فاطمة بنت محمد مضغة مني، وإنما أكره أن يفتنوها"3.

وقال صلى الله عليه وسلم: "ابنتي مضغة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها"4.

فترك علي رضي الله عنه ما شرع فيه5.

وقد بشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها سيدة نساء العالمين، كما جاء في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أقبلت فاطمة تمشي، كأن مشيها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم:"مرحبًا يا بنتي". ثم أجلسها عن يمينه، ثم أسر إليها حديثًا، فبكت، ثم أسر إليها حديثًا، فضحكت.

تقول عائشة: ما رأيت كاليوم أقرب فرحًا من حزن؟ فسألتها عما قال صلى الله عليه وسلم؟

فقالت: ما كانت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره.

تقول عائشة: فلما قبض صلى الله عليه وسلم سألتها.

فأخبرتني أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، وما أراه إلا قد حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحوقًا بي، ونعم السلف أنا لك"، فبكيت لذلك.

ثم إنه صلى الله عليه وسلم سارني فقال: "ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين"؟. فضحكت لذلك6.

1 صحيح مسلم بشرح النووي. فضائل فاطمة ج16 ص4.

2 الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان باب تفضيل فاطمة ج6 ص279.

3 صحيح مسلم فضائل فاطمة ج16 ص3.

4 صحيح مسلم فضائل فاطمة ج16 ص4.

5 ترجع معارضة النبي صلى الله عليه وسلم لزواج علي رضي الله عنه على ابنته فاطمة لتأذيه من ذلك، والمسلم مأمور بعدم إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وأيضًا فإن رسول الله خاف على فاطمة من الفتنة بسبب الغيرة، ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد اشترط على علي حين زواجه بعدم الزواج على فاطمة، ولعل في إعلان النبي صلى الله عليه وسلم معارضته على المنبر ليتعلم الناس كيفية التعامل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم فعل شيء يؤذيه ويدل قوله صلى الله عليه وسلم:"وإني لست أحرم حلالا أو أحل حرامًا أن عليًا لو تزوج لجاز".

6 صحيح مسلم بشرح النووي. فضائل فاطمة ج16 ص5.

ص: 176

وعن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، فلما كان في الركعة الرابعة أقبل الحسن والحسين، حتى ركبا على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سلم وضعهما بين يديه وأقبل الحسن فحمل رسول الله الحسن على عاتقه الأيمن والحسين على عاتقه الأيسر ثم قال: "أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس جدًا وجدة؟

ألا أخبركم بخير الناس عمًا وعمة؟

ألا أخبركم بخير الناس خالا وخالة؟

ألا أخبركم بخير الناس أبًا وأمًا؟

هما الحسن والحسين، جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدتهما خديجة بنت خويلد، وأمهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وخالهما القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالاتهما زينب، ورقية، وأم كلثوم، بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

جدهما في الجنة، وأبوهما في الجنة، وأمهما في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، وخالاتهما في الجنة، وهما في الجنة، ومن أحبهما في الجنة" 1.

وقد عاشت فاطمة رضي الله عنه في كنف زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى لقيت ربها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر، ودفنت بالبقيع.

السادس: عبد الله رضي الله عنه

ولد عبد الله في مكة بعد البعثة، وهو أول أبنائه الذكور الذين ولدوا بعد ظهور الإسلام، سماه النبي صلى الله عليه وسلم باسم أبيه عبد الله، وكناه بالطاهر، والطيب، والمطهر، والمطيب، وقد سمي، وكني بذلك لأنه ولد بعد النبوة.

ونظرًا لكثرة أسماء عبد الله، وجدنا من يقول: إن هذه الأسماء لأولاد آخرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها، حتى تصور أحدهم أن خديجة رضي الله عنها ولدت مرتين توأمًا ففي المرة الأولى ولدت الطيب، والمطيب، وفي المرة الثانية ولدت الطاهر، والمطهر2.

1 بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج9 ص295.

2 بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد باب أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ج9 ص439.

ص: 177

إلا أن هذه أقوال غير مشهورة، ولم يجمع عليها، والمجمع عليه أنه صلى الله عليه وسلم أنجب عبد الله بعد البعثة وقد مات صغيرًا في مكة بعد أخيه القاسم بوقت قصير، ودفن بالحجون.

السابع: إبراهيم رضي الله عنه

ولد إبراهيم بالمدينة في شهر ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وهو الوحيد من غير خديجة، فأمه مارية القبطية، وأخواله مصريون.

وقد عق عنه النبي صلى الله عليه وسلم في يوم سبوعه، وتوفي وعمره ستة عشر شهرًا في ربيع1 الأول سنة عشر، ودفن بالبقيع بعد أن صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد سر النبي صلى الله عليه وسلم بولادة إبراهيم، وسماه باسم جده إبراهيم عليه السلام، ودفعه إلى ظئر ترضعه، وحزن لموته كذلك2. يروي الإمام مسلم بسنده عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم". ثم دفعه إلى أم سيف، امرأة قين يقال له أبو سيف، فانطلق يأتيه، واتبعته، فانتهينا إلى أبي سيف، وهو ينفخ بكيره، وقد امتلأ البيت دخانًا، فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا أبا سيف، أمسك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه وقال: ما شاء الله أن يقول.

يقول أنس: لقد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون"3.

وقد حدث أن انكسفت الشمس يوم موت إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم.

فخطب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته"4.

وقد ظهر حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأولاده، وحسن رعايته لهم، ولذلك أنزل

1 صحيح مسلم بشرح النووي، باب رحمته صلى الله عليه وسلم ج5 ص174 الشعب.

2 المرجع السابق ج5 ص172.

3 صحيح مسلم بشرح النووي ج5 ص172 ط الشعب.

4 بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد باب فضل إبراهيم ج9 ص256.

ص: 178

خديجة رضي الله عنها منزلة، تليق بها، حيث رزقه الله منها الولد.

وحينما غارت عائشة رضي الله عنها من كثرة ذكر النبي لخديجة رضي الله عنها وقالت: هل كانت إلا امرأة عجوزًا رزقك الله خير منها قال لها: "ما أبدلني الله خيرًا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد ولم أرزق من أحد سواها"1.

وكان صلى الله عليه وسلم يحب الأطفال عمومًا، ويحسن إليهم ويرق لهم.

وقد رأينا ما كان منه صلى الله عليه وسلم مع أولاده جميعًا، وكان يحبهن، ويحب أبناءهن كحبه لهن.

يروي مسلم أن الناس كانوا إذا رأوا أول الثمر، جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه قال:"اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا". ثم يدعو أصغر وليد له، فيعطيه ذلك الثمر2.

1 بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج9 ص361.

2 صحيح مسلم بشرح النووي. باب فضل المدينة ج9 ص146.

ص: 179