المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية - السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: التعريف بالمدينة المنورة "دار الهجرة" وبيان أهميتها للدعوة

- ‌الفصل الأول: السيرة النبوية من الهجرة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة

- ‌النقطة الثانية: أهمية الهجرة

- ‌النقطة الثالثة: تنظيم الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تآمر القرشيين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: التخطيط للهجرة

- ‌ثالثًا: عناية الله بنبيه في الهجرة

- ‌رابعًا: الوصول إلى المدينة

- ‌النقطة الرابعة: وقفات مع الهجرة

- ‌المبحث الثاني: الاستقرار في المدينة

- ‌مدخل

- ‌أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: تأمين سكن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته

- ‌ثالثًا: هجرة آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: إقامة المسجد النبوي

- ‌المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة

- ‌مدخل

- ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

- ‌ وضع الميثاق العام لسكان المدينة:

- ‌المبحث الرابع: الحياة الأسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة

- ‌أولا: التعريف بأمهات المؤمنين المتفق عليهن

- ‌ثانيًا: الزوجات المختلف فيهن

- ‌ثالثًا: من خطبها أو وهبت نفسها ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس: الحكم العامة في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع: الحياة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أولا: أكله

- ‌ثانيًا: شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: سماحته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

- ‌الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: بناء المجتمع الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دين كامل

- ‌ثانيًا: قيادة أمينة رائدة

- ‌ثالثًا: مؤمنون صادقون

- ‌رابعًا: التفاعل التام بين المسلمين والإسلام

- ‌المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة

- ‌مدخل

- ‌أولا: تعريف الجهاد

- ‌ثانيا: مراحل تشريع الجهاد

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة التحمل والصبر

- ‌المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة القتال المقيد

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بالقتال العام

- ‌المبحث الثالث: السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب وقوع السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌ثانيًا: السرايا والغزوات قبل "بدر

- ‌ثالثًا: السرايا وحركة الدعوة

- ‌المبحث الرابع: غزوة بدر الكبرى

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: مواقف الفريقين قبل المعركة

- ‌مدخل

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ موقف القرشيين:

- ‌ثالثًا: أحداث المعركة

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: قريش والهزيمة

- ‌سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر

- ‌الاختلاف في توزيع الغنائم

- ‌الاختلاف في مصير الأسرى

- ‌ الابتهاج بنصر الله تعالى:

- ‌ تشريع زكاة وعيد الفطر:

- ‌سابعا: بدر في رحاب القرآن الكريم

- ‌حديث ما قبل المعركة

- ‌ حديث القرآن الكريم عن المعركة:

- ‌ حديث ما بعد المعركة:

- ‌ توجيهات قرآنية تربوية:

- ‌المبحث الخامس: أحداث ما بين بدر وأحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: غزوة بني سليم

- ‌ثالثًا: غزوة السويق

- ‌رابعًا: غزوة غطفان

- ‌سادسًا: سرية زيد بن حارثة

- ‌سابعًا: غزوة بني قينقاع

- ‌ثامنًا: قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط

- ‌تاسعًا: قتل كعب بن الأشرف

- ‌عاشرًا: أهم أحداث المجتمع الإسلامي

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة بين بدر وأحد

- ‌المبحث السادس: غزوة أحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: موقف أطراف معركة أحد قبل القتال

- ‌موقف المشركين

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ثالثا: أحداث المعركة

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى للقتال انتصار المسلمين:

- ‌المرحلة الثانية للقتال هزيمة المسلمين:

- ‌المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي:

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد

- ‌سادسًا: أحد في رحاب القرآن الكريم

- ‌سابعًا: أحد وحركة الدعوة

- ‌المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة حمراء الأسد

- ‌ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه

- ‌ثالثًا: بعث عبد الله بن أنيس

- ‌رابعًا: بعث الرجيع

- ‌خامسًا: سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان

- ‌سادسًا: وقعة بئر معونة

- ‌سابعا: غزوة بني النضير

- ‌ثامنا: غزوة نجد

- ‌تاسعًا: غزوة بدر الثانية

- ‌عاشرًا: غزوة دومة الجندل

- ‌حادي عشر: أهم الأحداث الاجتماعية بين أحد والأحزاب

- ‌ثاني عشر: حركة الدعوة بين أحد والأحزاب

- ‌المبحث الثامن: غزوة الأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: وقت الغزوة

- ‌ثانيًا: تجمع الأحزاب

- ‌ثالثًا: استعداد المسلمين للأحزاب

- ‌رابعًا: سير القتال

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق

- ‌سادسًا: حركة الدعوة خلال أيام الخندق

- ‌سابعًا: الأحزاب في رحاب القرآن الكريم

- ‌المبحث التاسع: أحداث ما بين الأحزاب والحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة بني قريظة

- ‌ثانيًا: قتل ابن أبي الحقيق

- ‌ثالثا: سيرة محمد بن مسلمة

- ‌رابعًا: غزوة بني لحيان

- ‌خامسًا: غزوة الغابة

- ‌سادسًا: سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌سابعًا: السرايا إلى ذي القصة

- ‌ثامنًا: سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

- ‌عاشرًا: السرايا بعد غزوة بني المصطلق

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

- ‌المبحث العاشر: غزوة الحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: سبب الغزوة

- ‌ثانيًا: التحرك للعمرة

- ‌ثالثًا: المفاوضات مع قريش

- ‌رابعًا: الصلح

- ‌خامسًا: موقف المسلمين من الصلح

- ‌سادسًا: موقف المسلمين بعد توقيع الصلح

- ‌سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

- ‌ثامنًا: فراق الكافرات

- ‌تاسعًا: أهم ما في الحديبية من حكم

- ‌المبحث الحادي عشر: الأحداث بين صلح الحديبية وفتح مكة

- ‌مدخل

- ‌أولا: هدوء جبهة قريش وظهور مفرزة أبي بصير رضي الله عنه

- ‌ثانيا: العمل في المحيط العام "إرسائل الرسائل

- ‌مدخل

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي وثمامة بن آثال صاحبي اليمامة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر صاحب دمشق:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان وأخيه:

- ‌ الدعاة حملة الرسائل:

- ‌ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها

- ‌مدخل

- ‌ حصون خيبر:

- ‌ تحرك المسلمين نحو خيبر:

- ‌ اقتحام الحصون:

- ‌ نهاية غزوة خيبر:

- ‌ في أعقاب خيبر:

- ‌ تطهير الجبهة الشمالية من أتباع يهود خيبر:

- ‌رابعا: مواجهة القبائل المتمردة

- ‌مدخل

- ‌ غزوة ذات الرقاع:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح في قديد

- ‌ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى بني مرة:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر:

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار:

- ‌ سرية أبي حدرد رضي الله عنه إلى الغابة:

- ‌ سرية أبي بكر رضي الله عنه إلى بني هلال:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة:

- ‌خامسا: تطبيق بنود صلح الحديبية وأداء العمرة

- ‌عمرة القضاء

- ‌ سرية ابن أبي العوجاء:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله:

- ‌سرية ذات الصلح

- ‌ سرية ذات عرق:

- ‌ سرية شجاع بن وهب إلى السي:

- ‌ سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة:

- ‌سادسا: بدء مواجهة الرومان والقبائل التابعة لها

- ‌مدخل

- ‌ سرية مؤتة

- ‌ غزوة ذات السلاسل

- ‌ سرية الخبط:

- ‌ سرية أبي قتادة إلى خضرة:

- ‌سابعًا: حركة الدعوة في مرحلة ما بين الحديبية وفتح مكة

- ‌المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

- ‌مدخل

- ‌أولا: فتح مكة

- ‌سبب فتح مكة

- ‌ محاولة أبي سفيان تجديد الصلح:

- ‌ استعداد المسلمين لفتح مكة:

- ‌ الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة:

- ‌ مكة تحت القيادة الإسلامية:

- ‌ثانيًا: تطهير مكة وما حولها من الأصنام

- ‌ثالثا: غزوة حنين

- ‌مدخل

- ‌ استعداد المشركين للحرب:

- ‌ القتال:

- ‌ تعقب الفارين:

- ‌ غزوة الطائف:

- ‌ توزيع الغنائم:

- ‌ العودة إلى المدينة:

- ‌المبحث الثالث عشر: الاستقرار العام في الجزيرة ومواجهة غير العرب

- ‌مدخل

- ‌أولا: بعث عمال الصدقات إلى القبائل

- ‌ثانيًا: إرسال الدعاة إلى القبائل

- ‌ثالثًا: تسيير السرايا للخارجين على النظام

- ‌رابعا: غزوة تبوك والتصدى لعدوانية الرومان

- ‌استعداد المسلمين للغزوة

- ‌ نتائج الغزوة:

- ‌ موقف المنافقين بعد الغزوة:

- ‌ الثلاثة الذين تخلفوا:

- ‌المبحث الرابع عشر: السرايا والجهاد في الميزان

- ‌الجهاد ضرورة عامة

- ‌ الجهاد يحمي حرية الإنسان:

- ‌ الجهاد يصون كرامة الإنسان:

- ‌ الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:

- ‌ الواقعية في تشريع الجهاد:

- ‌ ظهور فقه الإسلام في الجهاد:

- ‌المبحث الخامس عشر: وجاء نصر الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: تتابع مجئ الوفود إلى المدينة

- ‌ثانيًا: نظام استقبال الوفود

- ‌ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:

- ‌رابعًا: حجة الوداع وتحديد المعالم الكبرى في الإسلام

- ‌خامسًا: آخر بعوث النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسامة

- ‌المبحث السادس عشر: انتقال الرسول إلى الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المدنية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: ضرورة بناء الأمة الإسلامية [قاعدة الدعوة]

- ‌مدخل

- ‌أولا: إيجاد الأمة القوية

- ‌ثانيا: التزام الأمة بالإسلام

- ‌ثالثا: صيانة ثوابت الأمة

- ‌المبحث الثاني: الاهتمام بمعرفة الواقع العالمي

- ‌المبحث الثالث: أهمية التطابق بين المسلم والإسلام

- ‌مدخل

- ‌ نشر العدل:

- ‌ تحقيق القيم النبيلة:

- ‌ تعود الصبر والتحمل:

- ‌ تحقيق التكافل بين الناس:

- ‌المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

أخذت الحركة بالإسلام بعد الأحزاب تنشط وتتسع، فوصلت إلى كل قبائل الجزيرة العربية، لأنهم جميعًا تأثروا بهزيمة الأحزاب، وشعروا بضعف وضعهم فأخذوا يعملون بعصبية يملكهم الخوف، ويسيطر عليهم الفزع، وقد رأيناهم يتآمرون ولا يصمدون يتعاونون ويتفرقون، يقتلون ولا ينتظرون، فكان لا بد من مواجهتهم، والذهاب إليهم ليثوبوا لرشدهم، ويعرفوا حجمهم وقوتهم، ويبتعدوا عن العدوان والفساد، ويلتزموا بمراعاة حق الآخرين، ويبتعدوا عن همجيتهم السابقة.

وتعد سرايا ما بعد الأحزاب حملات تطهير للفساد الموجود في الجزيرة العربية، وتخلص من عدوان الطغاة، وإسكات صوت البغي وقهر العدوان قبل ظهوره.

وقد أدت هذه الغزوات والسرايا دورها، وقامت بتحقيق الهدف منها.

صحيح أن القبائل لم تدخل في الإسلام، لكن الحركة صارت آمنة، وأصبح صوت الإسلام عاليًا، وأخذ الناس يشعرون بحرية القول، وحرية الاستماع، وحرية التفكير، وحرية اتخاذ القرار، وهذا هو المطلوب فقط.

في هذه المدة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا من زوجاته هن:

1-

زينب بنت جحش رضي الله عنها تزوجها ليبطل عادة العرب في نكاح زوجة الابن المتبنى بعد طلاقها.

2-

أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها لتعويضها بعد فراق زوجها، ولتطيب نفس أبيها وقومها، ومما يدل على وقع زواج النبي صلى الله عليه وسلم من أم حبيبة رضي الله عنها على أبي سفيان أن أبا سفيان بعد إسلامه عرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه أختها لسروره بذلك فعرفه النبي صلى الله عليه وسلم حرمة الجمع بين الأختين، وقد أشار الله تعالى إلى هذا الأثر في قوله سبحانه: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ

ص: 478

غَفُورٌ رَحِيمٌ} 1.

3-

جويرية بنت الحارث رضي الله عنها من بني المصطلق وكانت خيرًا على أهلها جميعًا حيث صاروا أحرارًا بسببها.

4-

صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها بنت زعيم يهود بني قريظة لتأكيد صلة المسلمين بأهل الكتاب، ولبيان ما في الإسلام من خير للجمع.

ومن هذا الباب دخوله صلى الله عليه وسلم بـ"ريحانة بنت زيد" القرظية، وزواجه من مارية القبطية أم ولده إبراهيم رضي الله عنه.

وفيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم درس للدعاة من بعده صلى الله عليه وسلم ليوسعوا صدورهم في تقبل الآخر، وعدم الانغلاق على الذات، والنظر إلى غير المسلمين على أساس أنهم أرض خصبة لانتشار الإسلام، وعليهم أن يحسنوا فهم الإسلام، وأن يحسنوا عرضه بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وخلال هذه المرحلة تعلم المسلمون من وحي الله، ومن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحكام التالية:

- ضرورة قضاء الصلاة إن فات وقتها مرتبة بأذان واحد وإقامة لكل صلاة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضاء ما فات المسلمين من صلاة يوم الخندق حيث صلاها في ديار بني قريظة.

- تعلموا أحكام صلاة الخوف، وأدوها خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلموا كيفيتها، وشروطها، وكل ما يتعلق بها من أحكام، وقد صلاها النبي وأصحابه عند "ذي قرد" في غزوة الغابة.

- أدوا صلاة القصر في سراياهم وغزواتهم البعيدة كما تعلموها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- نزلت آية التيمم حين رجوع المسلمين من بني المصطلق لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتقد عائشة رضي الله عنها، ونزل منزلا شحيح الماء ضجر الناس فنزلت آية التيمم بعد طلوع الفجر2 وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا

1 سورة الممتحنة: 7.

2 إمتاع الأسماع ج1 ص204.

ص: 479

وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} 1.

- تعلم الصحابة الجمع بين الصلاتين أثناء السفر جمع تقديم، أو جمع تأخير.

- حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقيع لفقراء المدينة لما فيه من سعة وكلأ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه يحفر بئر فيه، وبتجديد جهاته الأربع بمدى وصول صوت المؤذن.

- أقام النبي صلى الله عليه وسلم حد الحرابة على هؤلاء الذين دخلوا في الإسلام وغدروا بالمسلمين فقتلوا الراعي واستاقوا الإبل2 بعد نزول قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 3.

وقد أقيم الحد فقطعت الأيدي والأرجل من خلاف فلم تثمل عين، ولم تحدث مثلة ولم يقطع لسان.

وفرض الحج في هذه المدة على قول.

وبرغم قصر المدة بين الأحزاب، والحديبية، وشغلها بالسرايا والغزوات العديدة، فإنها لم تخل من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وتوجيههم إلى مكارم الأخلاق، ومعالي الأمور ومن ذلك:

- أمرهم بالمحافظة على الصلاة في وقتها، وحين سأله رجل من بني عبد القيس خلال معركة المريسيع عن أحب الأعمال إلى الله.

1 سورة المائدة: 6.

2 إمتاع الأسماع ج1 ص204.

3 سورة المائدة: 33.

ص: 480

قال له صلى الله عليه وسلم: "الصلاة في أول الوقت".

- أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بدعاء الله تعالى في الحضر والسفر، وعلمهم دعاء السفر الذي سبق ذكره.

- وجههم إلى أن المسلمين إخوة، وأنهم يد على من سواهم، وهم جميعًا يجيرون من أجاره أحدهم، فلقد أجاروا جميعًا أبا العاص بن الربيع بعدما أجارته زينب رضي الله عنها.

- أباح صلى الله عليه وسلم للمحارب الزواج أثناء الغزوة كما تزوج عبد الرحمن بن عوف لما في الزواج من فوائد عديدة للرجل، وللدعوة وللأمة كلها.

- نهى صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا عاد من سفر، ذلك أن عبد الله بن رواحة طرق أهله فإذا مع امرأته إنسان، فظن أنه رجل فرفع سيفه يريد أن يضربهما ثم فكر وادكر، فغمز امرأته برجله فاستيقظت وصاحت.

فقال: أنا عبد الله، فمن هذا؟

قالت: رحيلة، سمعنا بقدومكم، فدعوتها تمشطني فباتت عندي، فبات وأصبح فرجع يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سائر بين أبي بكر الصديق، وبشير بن سعد رضي الله عنه فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى بشير فقال: يا أبا النعمان، إن وجه عبد الله ليخبرك أنه كره طروق أهله فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خبرك يابن رواحة". فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تطرقوا النساء ليلا". فكان ذلك أول ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم1.

- عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء غزواته حياته العادية، فكان يصطحب زوجاته، وكان يلاعبهم، ويسابقهم، وكثيرًا ما سبق عائشة وكان صلى الله عليه وسلم يداعبها ويتلطف معها، حدث أن المسلمين أخذوا خوات بن جبير أسيرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبقاه الرسول عند عائشة وقال لها: احتفظي بهذا الأسير فلهت عنه فهرب، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"أين الأسير"؟.

قالت: غفلت عنه فخرج.

1 سنن الترمذي باب ما جاء في كراهية طروق الرجل أهله ليلا ج5 ص66.

ص: 481

فقال صلى الله عليه وسلم: "قطع الله يدك".

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تقلب يدها، وتنظر إليها.

فقال لها: "ما لك"؟.

فقالت: أنظر كيف تقطع يدي.

فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنما أنا بشر أغضب وآسف، كما يغضب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه بدعوة فاجعلها له رحمة".

وفي وسط الجو المليء بالأعمال والآمال اهتم المسلمون بكل ما ينزل من الوحي فحفظوا القرآن الكريم ودرسوا السنة، واعتنوا بتربية أبنائهم وبناتهم على منهج الله تعالى وبذلك كانت الحركة الجادة بالإسلام شاملة للداخل والخارج في انسجام وتكامل، ولم يحدث تقصير ما في نصح وتوجيه، أو يقع خلل في عمل وسلوك، وإنما كان المجتمع الإسلامي يشبه خلية النحل كل ما فيه يؤدي واجبه على الوجه المطلوب.

وهكذا:

كانت السرايا والغزوات مدرسة لتخريج الرجال، وتعليم الإسلام وتطبيق أحكام الإسلام، ودعوة إلى الله تعالى1.

1 إمتاع الأسماع ج1 ص204.

ص: 482