المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة - السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: التعريف بالمدينة المنورة "دار الهجرة" وبيان أهميتها للدعوة

- ‌الفصل الأول: السيرة النبوية من الهجرة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة

- ‌النقطة الثانية: أهمية الهجرة

- ‌النقطة الثالثة: تنظيم الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تآمر القرشيين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: التخطيط للهجرة

- ‌ثالثًا: عناية الله بنبيه في الهجرة

- ‌رابعًا: الوصول إلى المدينة

- ‌النقطة الرابعة: وقفات مع الهجرة

- ‌المبحث الثاني: الاستقرار في المدينة

- ‌مدخل

- ‌أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: تأمين سكن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته

- ‌ثالثًا: هجرة آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: إقامة المسجد النبوي

- ‌المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة

- ‌مدخل

- ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

- ‌ وضع الميثاق العام لسكان المدينة:

- ‌المبحث الرابع: الحياة الأسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة

- ‌أولا: التعريف بأمهات المؤمنين المتفق عليهن

- ‌ثانيًا: الزوجات المختلف فيهن

- ‌ثالثًا: من خطبها أو وهبت نفسها ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس: الحكم العامة في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع: الحياة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أولا: أكله

- ‌ثانيًا: شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: سماحته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

- ‌الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: بناء المجتمع الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دين كامل

- ‌ثانيًا: قيادة أمينة رائدة

- ‌ثالثًا: مؤمنون صادقون

- ‌رابعًا: التفاعل التام بين المسلمين والإسلام

- ‌المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة

- ‌مدخل

- ‌أولا: تعريف الجهاد

- ‌ثانيا: مراحل تشريع الجهاد

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة التحمل والصبر

- ‌المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة القتال المقيد

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بالقتال العام

- ‌المبحث الثالث: السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب وقوع السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌ثانيًا: السرايا والغزوات قبل "بدر

- ‌ثالثًا: السرايا وحركة الدعوة

- ‌المبحث الرابع: غزوة بدر الكبرى

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: مواقف الفريقين قبل المعركة

- ‌مدخل

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ موقف القرشيين:

- ‌ثالثًا: أحداث المعركة

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: قريش والهزيمة

- ‌سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر

- ‌الاختلاف في توزيع الغنائم

- ‌الاختلاف في مصير الأسرى

- ‌ الابتهاج بنصر الله تعالى:

- ‌ تشريع زكاة وعيد الفطر:

- ‌سابعا: بدر في رحاب القرآن الكريم

- ‌حديث ما قبل المعركة

- ‌ حديث القرآن الكريم عن المعركة:

- ‌ حديث ما بعد المعركة:

- ‌ توجيهات قرآنية تربوية:

- ‌المبحث الخامس: أحداث ما بين بدر وأحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: غزوة بني سليم

- ‌ثالثًا: غزوة السويق

- ‌رابعًا: غزوة غطفان

- ‌سادسًا: سرية زيد بن حارثة

- ‌سابعًا: غزوة بني قينقاع

- ‌ثامنًا: قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط

- ‌تاسعًا: قتل كعب بن الأشرف

- ‌عاشرًا: أهم أحداث المجتمع الإسلامي

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة بين بدر وأحد

- ‌المبحث السادس: غزوة أحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: موقف أطراف معركة أحد قبل القتال

- ‌موقف المشركين

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ثالثا: أحداث المعركة

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى للقتال انتصار المسلمين:

- ‌المرحلة الثانية للقتال هزيمة المسلمين:

- ‌المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي:

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد

- ‌سادسًا: أحد في رحاب القرآن الكريم

- ‌سابعًا: أحد وحركة الدعوة

- ‌المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة حمراء الأسد

- ‌ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه

- ‌ثالثًا: بعث عبد الله بن أنيس

- ‌رابعًا: بعث الرجيع

- ‌خامسًا: سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان

- ‌سادسًا: وقعة بئر معونة

- ‌سابعا: غزوة بني النضير

- ‌ثامنا: غزوة نجد

- ‌تاسعًا: غزوة بدر الثانية

- ‌عاشرًا: غزوة دومة الجندل

- ‌حادي عشر: أهم الأحداث الاجتماعية بين أحد والأحزاب

- ‌ثاني عشر: حركة الدعوة بين أحد والأحزاب

- ‌المبحث الثامن: غزوة الأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: وقت الغزوة

- ‌ثانيًا: تجمع الأحزاب

- ‌ثالثًا: استعداد المسلمين للأحزاب

- ‌رابعًا: سير القتال

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق

- ‌سادسًا: حركة الدعوة خلال أيام الخندق

- ‌سابعًا: الأحزاب في رحاب القرآن الكريم

- ‌المبحث التاسع: أحداث ما بين الأحزاب والحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة بني قريظة

- ‌ثانيًا: قتل ابن أبي الحقيق

- ‌ثالثا: سيرة محمد بن مسلمة

- ‌رابعًا: غزوة بني لحيان

- ‌خامسًا: غزوة الغابة

- ‌سادسًا: سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌سابعًا: السرايا إلى ذي القصة

- ‌ثامنًا: سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

- ‌عاشرًا: السرايا بعد غزوة بني المصطلق

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

- ‌المبحث العاشر: غزوة الحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: سبب الغزوة

- ‌ثانيًا: التحرك للعمرة

- ‌ثالثًا: المفاوضات مع قريش

- ‌رابعًا: الصلح

- ‌خامسًا: موقف المسلمين من الصلح

- ‌سادسًا: موقف المسلمين بعد توقيع الصلح

- ‌سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

- ‌ثامنًا: فراق الكافرات

- ‌تاسعًا: أهم ما في الحديبية من حكم

- ‌المبحث الحادي عشر: الأحداث بين صلح الحديبية وفتح مكة

- ‌مدخل

- ‌أولا: هدوء جبهة قريش وظهور مفرزة أبي بصير رضي الله عنه

- ‌ثانيا: العمل في المحيط العام "إرسائل الرسائل

- ‌مدخل

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي وثمامة بن آثال صاحبي اليمامة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر صاحب دمشق:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان وأخيه:

- ‌ الدعاة حملة الرسائل:

- ‌ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها

- ‌مدخل

- ‌ حصون خيبر:

- ‌ تحرك المسلمين نحو خيبر:

- ‌ اقتحام الحصون:

- ‌ نهاية غزوة خيبر:

- ‌ في أعقاب خيبر:

- ‌ تطهير الجبهة الشمالية من أتباع يهود خيبر:

- ‌رابعا: مواجهة القبائل المتمردة

- ‌مدخل

- ‌ غزوة ذات الرقاع:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح في قديد

- ‌ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى بني مرة:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر:

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار:

- ‌ سرية أبي حدرد رضي الله عنه إلى الغابة:

- ‌ سرية أبي بكر رضي الله عنه إلى بني هلال:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة:

- ‌خامسا: تطبيق بنود صلح الحديبية وأداء العمرة

- ‌عمرة القضاء

- ‌ سرية ابن أبي العوجاء:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله:

- ‌سرية ذات الصلح

- ‌ سرية ذات عرق:

- ‌ سرية شجاع بن وهب إلى السي:

- ‌ سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة:

- ‌سادسا: بدء مواجهة الرومان والقبائل التابعة لها

- ‌مدخل

- ‌ سرية مؤتة

- ‌ غزوة ذات السلاسل

- ‌ سرية الخبط:

- ‌ سرية أبي قتادة إلى خضرة:

- ‌سابعًا: حركة الدعوة في مرحلة ما بين الحديبية وفتح مكة

- ‌المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

- ‌مدخل

- ‌أولا: فتح مكة

- ‌سبب فتح مكة

- ‌ محاولة أبي سفيان تجديد الصلح:

- ‌ استعداد المسلمين لفتح مكة:

- ‌ الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة:

- ‌ مكة تحت القيادة الإسلامية:

- ‌ثانيًا: تطهير مكة وما حولها من الأصنام

- ‌ثالثا: غزوة حنين

- ‌مدخل

- ‌ استعداد المشركين للحرب:

- ‌ القتال:

- ‌ تعقب الفارين:

- ‌ غزوة الطائف:

- ‌ توزيع الغنائم:

- ‌ العودة إلى المدينة:

- ‌المبحث الثالث عشر: الاستقرار العام في الجزيرة ومواجهة غير العرب

- ‌مدخل

- ‌أولا: بعث عمال الصدقات إلى القبائل

- ‌ثانيًا: إرسال الدعاة إلى القبائل

- ‌ثالثًا: تسيير السرايا للخارجين على النظام

- ‌رابعا: غزوة تبوك والتصدى لعدوانية الرومان

- ‌استعداد المسلمين للغزوة

- ‌ نتائج الغزوة:

- ‌ موقف المنافقين بعد الغزوة:

- ‌ الثلاثة الذين تخلفوا:

- ‌المبحث الرابع عشر: السرايا والجهاد في الميزان

- ‌الجهاد ضرورة عامة

- ‌ الجهاد يحمي حرية الإنسان:

- ‌ الجهاد يصون كرامة الإنسان:

- ‌ الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:

- ‌ الواقعية في تشريع الجهاد:

- ‌ ظهور فقه الإسلام في الجهاد:

- ‌المبحث الخامس عشر: وجاء نصر الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: تتابع مجئ الوفود إلى المدينة

- ‌ثانيًا: نظام استقبال الوفود

- ‌ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:

- ‌رابعًا: حجة الوداع وتحديد المعالم الكبرى في الإسلام

- ‌خامسًا: آخر بعوث النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسامة

- ‌المبحث السادس عشر: انتقال الرسول إلى الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المدنية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: ضرورة بناء الأمة الإسلامية [قاعدة الدعوة]

- ‌مدخل

- ‌أولا: إيجاد الأمة القوية

- ‌ثانيا: التزام الأمة بالإسلام

- ‌ثالثا: صيانة ثوابت الأمة

- ‌المبحث الثاني: الاهتمام بمعرفة الواقع العالمي

- ‌المبحث الثالث: أهمية التطابق بين المسلم والإسلام

- ‌مدخل

- ‌ نشر العدل:

- ‌ تحقيق القيم النبيلة:

- ‌ تعود الصبر والتحمل:

- ‌ تحقيق التكافل بين الناس:

- ‌المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

بجانب أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهله وأولاده وأصحابه، نراه صلى الله عليه وسلم يعيش حياته كلها لدين الله تعالى، متوكلا على الله سبحانه وتعالى في كل أعماله.

فلقد عاش صلى الله عليه وسلم، قائدًا للجماعة، ومبلغًا للرسالة، ومجاهدًا في سبيل الله تعالى، ومصدر الفتوى والتعليم للأمة كلها، ولا غرابة في هذا فلقد أدى صلى الله عليه وسلم بذلك الأمانة وبلغ الرسالة، وجاهد في الله حق الجهاد، واستمر على ذلك حتى تمت النعمة، وكمل الدين، وأصبح الإسلام دين العالمين.

لقد كان صلى الله عليه وسلم حركة دائمة في كل حياته بعد الهجرة كما كان قبلها، ولقد أنجز في وقت قصير ما كان يحتاج لمدة طويلة، فهيأ للمهاجرين معيشتهم، وربط المسلمين جميعًا برباط الحب، والمودة، والتآلف.

ونظم الحياة الاجتماعية لمواطني المدينة مسلمين وغير مسلمين، وحدد لكل طائفة ما لها وما عليها، واستسلم الجميع لحكم الله تعالى، وارتضوا أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحاكم فيهم.

أقام النبي صلى الله عليه وسلم المسجد النبوي ليجتمع المسلمون فيه للعبادة، ولأداء كافة الأنشطة التي لا بد منها للحركة بالدعوة إلى الله تعالى، من تعليم وتنظيم، وإعداد

إلخ.

وأخذ الوحي ينزل عليه بكافة التشريعات الدينية، ويوضح أمامه الأخلاق النبيلة وأصبح المسلمون بما تمتعوا به قوة وضاءة في أفق الحياة، تعمل الخير وتنشره بين الناس، وتواصل الدعوة إلى دين الله تعالى.

وتتابع نزول القرآن الكريم تبعًا للأحداث والوقائع والمناسبات، وتربية لأمة أراد الله لها أن تكون خير ما أخرج للناس.

وكان صلى الله عليه وسلم يتابع الناس بالتوجيه والإرشاد، ويبين لهم الوحي، ويوجههم به حتى كمل الدين، وتم نزول القرآن وتعاظمت السنة خلال المرحلة المدنية.

وكان من الواضح أن الإسلام أخذ يزداد أتباعه كل يوم، وصارت حقيقته بادية

ص: 195

أما غير المسلمين

الأمر الذي أدى إلى زيادة حقد القرشيين على المسلمين في المدينة.

ولم يكن عجبًا أن يبدأ العدوان القرشي على المسلمين بعد نجاح الهجرة، الأمر الذي أدى إلى بدء الجهاد القتالي ضد أعداء الإسلام واستمرت الحركة بالدعوة حتى تم الإسلام، وكمل الدين، ونزل قول الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} 1.

لم تكن مدة الرسالة المدنية طويلة لكنها رغم قصرها امتلأت بالحوادث العديدة، والمواقف الشاقة، والمواجهات المتنوعة، حتى أن العقل يندهش حين ينظر في المرحلة المدنية، ويرى ما حدث فيها.

لقد استمرت المرحلة المدنية عشر سنوات بدأت بالهجرة وانتهت بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلالها عاش المسلمون بالإسلام، وتحركوا به في العالمين.

لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال هذه السنوات العشر بكل ما كلف به على خير وجه أراده الله تعالى.

تلقى القرآن الكريم من جبريل عليه السلام ونقله كما تلقاه إلى أصحابه الذين اهتموا به حفظًا وفهمًا واتباعًا.

وبين لهم بسنته صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم حتى صار الإسلام معلومًا، مفصلا، كاملا، شاملا.

وربى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة على منهج الله تعالى، وبطريقة تتلاءم مع الواقع، وتلتقي مع الخصائص البشرية للإنسان.

وحول صلى الله عليه وسلم معايب الجاهلية إلى محاسن دينية بعد أن تسامى بها، وهذب حركتها وطهر غايتها، وضبط حركتها ووجهتها بتعاليم الله حتى صارت عونًا للمحتاج، وانتصارًا للعدل، والحرية، والكرامة.

وعرف الناس حقوقهم وواجباتهم، فقاموا بما عليهم، ونالوا ما لهم حتى ظهرت أمة الإسلام بحضارتها تباهي الدنيا بحقيقتها الرائعة التي حافظت على حقوق الفقراء والضعفاء

1 سورة المائدة: 3.

ص: 196

قبل الأغنياء والأقوياء وأنصفت أصحاب الحقوق من المعتدين، وحررت مسارات الحياة من أي غلو، أو عدوان، أو إهمال، أو تفريط.

إن أمة الإسلام التي رباها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي النموذج الأسوة فقد بلغت الأوج وتميزت بكرم الخلق، وحسن المعاملة ونبل الهدف، مع التخلص التام من عنصرية الجاهلية، وعدوانية الظلم والضلال، والبعد المطلق عن الأنانية، والأثرة، والكبرياء والتعالي.

لقد حققت أمة الإسلام في مدة وجيزة ما يعجز عن تحقيقه الآخرون في مئات السنين.

لقد أوجدت على أرض الواقع العدل العام، وأسست قوة الخير والسلام، وحققت عمليًا التوازن الدقيق بين المسئولية والجزاء، والتناغم الجميل بين الحقوق والواجبات، كل ذلك وغيره بتعاليم الله تعالى التي قدمت الإسلام هدية لإسعاد العالمين.

لقد شهد الواقع بما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دخل الناس في الإسلام، وزالت دولة الفرس والروم، ولم يتمكن أحد من الأعداء أن يتهم محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه ظلم إنسانًا، أو ضيع حقوقًا، أو هان ضعيفًا، أو فرط في إصلاح.

لقد حرك صلى الله عليه وسلم أناسًا نائمين، ووضع في قلوبهم سر الحركة والنشاط، حتى صنع منهم الأمة الإسلامية العظيمة التي تصون حقوق رعاياها، وتحسن تعاملها مع غيرها.

والمسلمون اليوم عليهم أن يعودوا للسيرة الذاتية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليتشبهوا بها، ويقتدوا بمسلكها لأن هذا الاقتداء واجب شرعًا، وبخاصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه صناعة ربانية فقد نشأ وتربى، وعاش كسائر البشر.

رأيناه صلى الله عليه وسلم يتيمًا، فقيرًا، عالة

وشاهدناه يتاجر ويعمل للناس راعيًا. ووقفنا على حياته صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وأبنائه، وإخوانه، وعلمنا كيف نومه وأكله وشربه، كل ذلك عشناه معه وتأكدنا من صدق روايته مما يؤكد أن الاتباع والاقتداء أمر سهل ممكن لمن أراد أن يكون إنسانًا كاملا يعمل للدنيا وللآخرة معًا، يقول الله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} 1.

1 سورة الأحزاب: 21.

ص: 197