المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ توزيع الغنائم: - السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: التعريف بالمدينة المنورة "دار الهجرة" وبيان أهميتها للدعوة

- ‌الفصل الأول: السيرة النبوية من الهجرة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة

- ‌النقطة الثانية: أهمية الهجرة

- ‌النقطة الثالثة: تنظيم الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تآمر القرشيين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: التخطيط للهجرة

- ‌ثالثًا: عناية الله بنبيه في الهجرة

- ‌رابعًا: الوصول إلى المدينة

- ‌النقطة الرابعة: وقفات مع الهجرة

- ‌المبحث الثاني: الاستقرار في المدينة

- ‌مدخل

- ‌أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: تأمين سكن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته

- ‌ثالثًا: هجرة آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: إقامة المسجد النبوي

- ‌المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة

- ‌مدخل

- ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

- ‌ وضع الميثاق العام لسكان المدينة:

- ‌المبحث الرابع: الحياة الأسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة

- ‌أولا: التعريف بأمهات المؤمنين المتفق عليهن

- ‌ثانيًا: الزوجات المختلف فيهن

- ‌ثالثًا: من خطبها أو وهبت نفسها ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس: الحكم العامة في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع: الحياة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أولا: أكله

- ‌ثانيًا: شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: سماحته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

- ‌الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: بناء المجتمع الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دين كامل

- ‌ثانيًا: قيادة أمينة رائدة

- ‌ثالثًا: مؤمنون صادقون

- ‌رابعًا: التفاعل التام بين المسلمين والإسلام

- ‌المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة

- ‌مدخل

- ‌أولا: تعريف الجهاد

- ‌ثانيا: مراحل تشريع الجهاد

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة التحمل والصبر

- ‌المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة القتال المقيد

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بالقتال العام

- ‌المبحث الثالث: السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب وقوع السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌ثانيًا: السرايا والغزوات قبل "بدر

- ‌ثالثًا: السرايا وحركة الدعوة

- ‌المبحث الرابع: غزوة بدر الكبرى

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: مواقف الفريقين قبل المعركة

- ‌مدخل

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ موقف القرشيين:

- ‌ثالثًا: أحداث المعركة

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: قريش والهزيمة

- ‌سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر

- ‌الاختلاف في توزيع الغنائم

- ‌الاختلاف في مصير الأسرى

- ‌ الابتهاج بنصر الله تعالى:

- ‌ تشريع زكاة وعيد الفطر:

- ‌سابعا: بدر في رحاب القرآن الكريم

- ‌حديث ما قبل المعركة

- ‌ حديث القرآن الكريم عن المعركة:

- ‌ حديث ما بعد المعركة:

- ‌ توجيهات قرآنية تربوية:

- ‌المبحث الخامس: أحداث ما بين بدر وأحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: غزوة بني سليم

- ‌ثالثًا: غزوة السويق

- ‌رابعًا: غزوة غطفان

- ‌سادسًا: سرية زيد بن حارثة

- ‌سابعًا: غزوة بني قينقاع

- ‌ثامنًا: قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط

- ‌تاسعًا: قتل كعب بن الأشرف

- ‌عاشرًا: أهم أحداث المجتمع الإسلامي

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة بين بدر وأحد

- ‌المبحث السادس: غزوة أحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: موقف أطراف معركة أحد قبل القتال

- ‌موقف المشركين

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ثالثا: أحداث المعركة

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى للقتال انتصار المسلمين:

- ‌المرحلة الثانية للقتال هزيمة المسلمين:

- ‌المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي:

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد

- ‌سادسًا: أحد في رحاب القرآن الكريم

- ‌سابعًا: أحد وحركة الدعوة

- ‌المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة حمراء الأسد

- ‌ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه

- ‌ثالثًا: بعث عبد الله بن أنيس

- ‌رابعًا: بعث الرجيع

- ‌خامسًا: سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان

- ‌سادسًا: وقعة بئر معونة

- ‌سابعا: غزوة بني النضير

- ‌ثامنا: غزوة نجد

- ‌تاسعًا: غزوة بدر الثانية

- ‌عاشرًا: غزوة دومة الجندل

- ‌حادي عشر: أهم الأحداث الاجتماعية بين أحد والأحزاب

- ‌ثاني عشر: حركة الدعوة بين أحد والأحزاب

- ‌المبحث الثامن: غزوة الأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: وقت الغزوة

- ‌ثانيًا: تجمع الأحزاب

- ‌ثالثًا: استعداد المسلمين للأحزاب

- ‌رابعًا: سير القتال

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق

- ‌سادسًا: حركة الدعوة خلال أيام الخندق

- ‌سابعًا: الأحزاب في رحاب القرآن الكريم

- ‌المبحث التاسع: أحداث ما بين الأحزاب والحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة بني قريظة

- ‌ثانيًا: قتل ابن أبي الحقيق

- ‌ثالثا: سيرة محمد بن مسلمة

- ‌رابعًا: غزوة بني لحيان

- ‌خامسًا: غزوة الغابة

- ‌سادسًا: سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌سابعًا: السرايا إلى ذي القصة

- ‌ثامنًا: سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

- ‌عاشرًا: السرايا بعد غزوة بني المصطلق

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

- ‌المبحث العاشر: غزوة الحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: سبب الغزوة

- ‌ثانيًا: التحرك للعمرة

- ‌ثالثًا: المفاوضات مع قريش

- ‌رابعًا: الصلح

- ‌خامسًا: موقف المسلمين من الصلح

- ‌سادسًا: موقف المسلمين بعد توقيع الصلح

- ‌سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

- ‌ثامنًا: فراق الكافرات

- ‌تاسعًا: أهم ما في الحديبية من حكم

- ‌المبحث الحادي عشر: الأحداث بين صلح الحديبية وفتح مكة

- ‌مدخل

- ‌أولا: هدوء جبهة قريش وظهور مفرزة أبي بصير رضي الله عنه

- ‌ثانيا: العمل في المحيط العام "إرسائل الرسائل

- ‌مدخل

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي وثمامة بن آثال صاحبي اليمامة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر صاحب دمشق:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان وأخيه:

- ‌ الدعاة حملة الرسائل:

- ‌ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها

- ‌مدخل

- ‌ حصون خيبر:

- ‌ تحرك المسلمين نحو خيبر:

- ‌ اقتحام الحصون:

- ‌ نهاية غزوة خيبر:

- ‌ في أعقاب خيبر:

- ‌ تطهير الجبهة الشمالية من أتباع يهود خيبر:

- ‌رابعا: مواجهة القبائل المتمردة

- ‌مدخل

- ‌ غزوة ذات الرقاع:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح في قديد

- ‌ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى بني مرة:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر:

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار:

- ‌ سرية أبي حدرد رضي الله عنه إلى الغابة:

- ‌ سرية أبي بكر رضي الله عنه إلى بني هلال:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة:

- ‌خامسا: تطبيق بنود صلح الحديبية وأداء العمرة

- ‌عمرة القضاء

- ‌ سرية ابن أبي العوجاء:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله:

- ‌سرية ذات الصلح

- ‌ سرية ذات عرق:

- ‌ سرية شجاع بن وهب إلى السي:

- ‌ سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة:

- ‌سادسا: بدء مواجهة الرومان والقبائل التابعة لها

- ‌مدخل

- ‌ سرية مؤتة

- ‌ غزوة ذات السلاسل

- ‌ سرية الخبط:

- ‌ سرية أبي قتادة إلى خضرة:

- ‌سابعًا: حركة الدعوة في مرحلة ما بين الحديبية وفتح مكة

- ‌المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

- ‌مدخل

- ‌أولا: فتح مكة

- ‌سبب فتح مكة

- ‌ محاولة أبي سفيان تجديد الصلح:

- ‌ استعداد المسلمين لفتح مكة:

- ‌ الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة:

- ‌ مكة تحت القيادة الإسلامية:

- ‌ثانيًا: تطهير مكة وما حولها من الأصنام

- ‌ثالثا: غزوة حنين

- ‌مدخل

- ‌ استعداد المشركين للحرب:

- ‌ القتال:

- ‌ تعقب الفارين:

- ‌ غزوة الطائف:

- ‌ توزيع الغنائم:

- ‌ العودة إلى المدينة:

- ‌المبحث الثالث عشر: الاستقرار العام في الجزيرة ومواجهة غير العرب

- ‌مدخل

- ‌أولا: بعث عمال الصدقات إلى القبائل

- ‌ثانيًا: إرسال الدعاة إلى القبائل

- ‌ثالثًا: تسيير السرايا للخارجين على النظام

- ‌رابعا: غزوة تبوك والتصدى لعدوانية الرومان

- ‌استعداد المسلمين للغزوة

- ‌ نتائج الغزوة:

- ‌ موقف المنافقين بعد الغزوة:

- ‌ الثلاثة الذين تخلفوا:

- ‌المبحث الرابع عشر: السرايا والجهاد في الميزان

- ‌الجهاد ضرورة عامة

- ‌ الجهاد يحمي حرية الإنسان:

- ‌ الجهاد يصون كرامة الإنسان:

- ‌ الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:

- ‌ الواقعية في تشريع الجهاد:

- ‌ ظهور فقه الإسلام في الجهاد:

- ‌المبحث الخامس عشر: وجاء نصر الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: تتابع مجئ الوفود إلى المدينة

- ‌ثانيًا: نظام استقبال الوفود

- ‌ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:

- ‌رابعًا: حجة الوداع وتحديد المعالم الكبرى في الإسلام

- ‌خامسًا: آخر بعوث النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسامة

- ‌المبحث السادس عشر: انتقال الرسول إلى الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المدنية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: ضرورة بناء الأمة الإسلامية [قاعدة الدعوة]

- ‌مدخل

- ‌أولا: إيجاد الأمة القوية

- ‌ثانيا: التزام الأمة بالإسلام

- ‌ثالثا: صيانة ثوابت الأمة

- ‌المبحث الثاني: الاهتمام بمعرفة الواقع العالمي

- ‌المبحث الثالث: أهمية التطابق بين المسلم والإسلام

- ‌مدخل

- ‌ نشر العدل:

- ‌ تحقيق القيم النبيلة:

- ‌ تعود الصبر والتحمل:

- ‌ تحقيق التكافل بين الناس:

- ‌المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌ توزيع الغنائم:

يستقي عليها، فكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم "أبا بكرة" فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه، فشق ذلك على أهل الحصن مشقة شديدة.

ولما طال الحصار، واستعصى الحصن وأصيب المسلمون بما أصيبوا من رشق النبال والحديد المحمى، وكان أهل الحصن، قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم نوفل بن معاوية الديلمي فقال: هم ثعلب في جحر، وإن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك، وحينئذ عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على رفع الحصار والرحيل، فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس: إنا قافلون غدًا إن شاء الله، فثقل عليهم وقالوا: نذهب ولا نفتحه؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغدوا على القتال". فغدوا فأصابهم جراح.

فقال صلى الله عليه وسلم: "إنا قافلون غدًا إن شاء الله". فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك.

ولما ارتحلوا واستقلوا قال صلى الله عليه وسلم: "قولوا: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون".

وقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع على ثقيف، فقال:"اللهم اهد ثقيفًا وآت بهم".

وقد استشهد من المسلمين في حصار الطائف اثنا عشر رجلا1.

1 انظر المغازي ج3 ص922-938 بتصرف.

ص: 602

6-

‌ توزيع الغنائم:

انتهى صلى الله عليه وسلم إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس خلون من ذي القعدة والغنائم بها ستة آلاف، والإبل أربعة وعشرون ألف بعير، فيها اثنا عشر ألف ناقة، والغنم أربعون ألفًا وقيل: أكثر، فأمر صلى الله عليه وسلم بسر بن سفيان الخزاعي أن يقدم مكة فيشتري للسبي ثيابًا من برود هجر، فكساهم كلهم، واستأنى صلى الله عليه وسلم بالسبي ولم يوزع منهم، وأقام يتربص أن يقدم وفدهم، وكان قد فرق منه وهو بحنين، فأعطى عبد الرحمن بن عوف امرأة، وأعطى صفوان بن أمية، وعليًا، وعثمان، وعمر، وجبير بن مطعم، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وأبا عبيدة بن الجراح، والزبير بن العوام رضي الله عنهم فلما رجع إلى

ص: 602

الجعرانة بدأ بالأموال فقسمها، فأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس، فجاء أبو سفيان بن بن حرب والفضة بين يديه، فقال: يا رسول الله أصبحت أكثر قريش مالا، فتبسم صلى الله عليه وسلم.

فقال أبو سفيان: أعطني من هذا يا رسول الله.

قال صلى الله عليه وسلم: "يا بلال! زن لأبي سفيان أربعين أوقية، وأعطوه مائة من الإبل".

قال: ابني معاوية يا رسول الله!

قال صلى الله عليه وسلم: "زن له يا بلال أربعين أوقية، وأعطوه مائة من الإبل".

قال أبو سفيان: إنك لكريم فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك فنعم المحارب كنت! ثم سالمتك فنعم المسالم أنت جزاك الله خيرًا1.

وسأل حكيم بن حزام يومئذ مائة من الإبل فأعطاه، ثم سأل مائة أخرى فأعطاه ثم سأل مائة ثالثة فأعطاه، ثم قال:"يا حكيم بن حزام، إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من السفلى، وابدأ بمن تعول". فأخذ حكيم المائة الأولى ثم ترك ما عداها وقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعد. فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعوه لعطاء فيرفضه2.

وأعطى النضير بن الحارث علقمة بن كلدة أخا النضر بن الحارث مائة من الإبل، وأعطى أسيد بن جارية، حليف بني زهرة مائة من الإبل، وأعطى العلاء بن جارية خمسين بعيرًا، وأعطى الحارث بن هشام مائة من الإبل، وسعيد بن يربوع خمسين بعيرًا.

وفي صحيح مسلم عن الزهري: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى يومئذ صفوان بن أمية ثلاثمائة من الإبل، ويقال إنه طاف مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتصفح الغنائم، إذ مر بشعب مما أفاء الله عليه، فيه غنم وإبل ورعاؤها مملوء، فأعجب صفوان وجعل ينظر إليه، فقال صلى الله عليه وسلم:

1 المغازي ج3 ص944-945.

2 المرجع السابق ج3 ص945.

ص: 603

"أعجبك يا أبا وهب هذا الشعب"؟.

قال صفوان: نعم.

قال: "هو لك وما هو فيه"!.

فقال صفوان: أشهد ما طابت بهذا نفس أحد قط إلا نبي، وأشهد أنك رسول الله1 وأعطى قيس بن عدي مائة من الإبل، وأعطى عثمان بن وهب خمسين بعيرًا، وأعطى سهيل بن عمرو مائة من الإبل، وأعطى حويطب بن عبد العزى مائة من الإبل وأعطى عيينة بن حصن الفزاري مائة من الإبل، وأعطى أبا عامر العباس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة السلمي دون المائة، فعاتب النبي صلى الله عليه وسلم في شعر قاله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقطعوا عني لسانه فأعطوه مائة من الخمس".

وقال يومئذ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة، وتركت جعيل بن سراقة الضمري؟

فقال: "أما والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلها مثل عيينة والأقرع، ولكني أتألفهما ليسلما، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه".

ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت رضي الله عنه بإحصاء الناس والغنائم ثم فضها على الناس وكانت سهامهم: لكل رجل أربع من الإبل وأربعون شاة، وإن كان فارسًا أخذ ثنتي عشرة من الإبل أو عشرين ومائة شاة، وإن كان معه أكثر من فرس واحد لم يسهم له.

وقدم وفد هوازن، وهم أربعة عشر رجلا رأسهم أبو صرد زهير بن صرد الجشمي السعدي، قد أسلموا وأخبروا بإسلام من وراءهم من قومهم.

فقال أبو صرد: يا رسول الله أنا أصل العشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا من الله عليك، إنما في هذه الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، ولو أنا منحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر، ثم نزل منا أحدهما بمثل الذي نزلت به، رجونا عطفه وعائدته، وأنت خير المكفولين.

1 صحيح مسلم.

ص: 604

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن الحديث أصدقه، وعندي من ترون من المسلمين، فأبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم"؟.

قالوا: يا رسول الله! خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا! وما كنا نعدل بالأحساب شيئًا، فرد علينا أبناءنا ونساءنا.

فقال صلى الله عليه وسلم: "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وأسأل لكم الناس، فإذا أنا صليت الظهر بالناس فقوموا فقولوا: إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين، وبالمسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني سأقول لكم: ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وسأطلب لكم إلى الناس". فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالناس: قاموا فتكلموا بما أمرهم به، فأجابهم بما تقدم، فقال المهاجرون: فما كان لنا فهو لرسول الله.

وقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا.

وقال عيينة بن حصن: أما أنا وفزارة فلا.

وقال عباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا!

فقالت بنو سليم: بلى ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبًا فقال: إن هؤلاء القوم جاءوا مسلمين، وقد كنت أستأنيت بهم فخيرتهم بين النساء والأبناء والأموال، فلم يعدلوا بالنساء والأبناء فمن كان عنده منهن شيء فطابت نفسه أن يرده فسبيل ذلك، ومن أبى منكم ويمسك بحقه فليرد عليهم، وليكن قرضًا علينا ست فرائض من أول ما يفيء الله علينا به". فقالوا: يا رسول الله رضينا وسلمنا.

قال صلى الله عليه وسلم: "فمروا عرفاءكم أن يرفعوا ذلك إلينا حتى نعلم". فكان زيد بن ثابت على الأنصار يسألهم: هل سلموا ورضوا؟ فخبروه أنهم سلموا ورضوا، ولم يتخلف منهم رجل واحد، وكان أبو رهم الغفاري يطوف على قبائل العرب، ثم جمعوا العرفاء واجتمع الأمناء الذين أرسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتفقوا على قول واحد: أنهم سلموا ورضوا، ودفع عند ذلك السبي إليهم.

ص: 605

وتمسكت بنو تميم مع الأقرع بن حابس بالسبي فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الفداء ست فرائض: ثلاث حقائق وثلاث جذاع.

وقال يومئذ: "لو كان ثابتًا على أحد من العرب ولاء أورق لثبت اليوم، ولكن إنما هو إسار أو فدية". وجعل أبا حذيفة العدوي على مقاسم المغنم.

وقال للوفد: "ما فعل مالك بن عوف"؟.

قالوا: هرب ولحق بحصن الطائف مع ثقيف.

فقال صلى الله عليه وسلم: إنه إن يأت مسلمًا رددت إليه أهله وماله، وأعطيته مائة من الإبل، وكان قد حبس أهل مالك بمكة عند عمتهم أم عبد الله بهمة ابنة أبي أمية، ووقف ماله فلم تجر فيه السهام، فلما بلغ ذلك مالكًا، فر من ثقيف ليلا، وقدم الجعرانة وأسلم، وأخذ أهله وماله ومائة من الإبل.

ولما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عطاياه وجد الأنصار في أنفسهم إذ لم يكن فيهم منها شيء، وكثرت القالة، فقال واحد: لقي رسول الله قومه! أما حين القتال فنحن أصحابه، وأما حين القسم فقومه وعشيرته، ووددنا أنا نعلم ممن كان هذا؟ إن كان هذا من الله صبرنا، وإن كان هذا من رأي رسول الله استعتبناه.

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب غضبًا شديدًا، ودخل عليه سعد بن عبادة رضي الله عنه فقال له:"ما يقول قومك"؟.

فقال سعد: وما يقولون يا رسول الله؟

فذكر له ما بلغه وقال: "فأين أنت من ذلك يا سعد"؟.

فقال: يا رسول الله، ما أنا إلا كأحدهم، وإنا لنحب أن نعلم من أين هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم:"فاجمع لي من كان ها هنا من الأنصار".

فلما اجتمعوا، حمد الرسول ربه وأثنى عليه ثم قال:"يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتني عنكم؟ وجدة وجدتموها في أنفسكم، ألم آتكم ضلالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم"؟.

قالوا: بلى، الله ورسوله أمنّ وأفضل.

ص: 606