المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تاسعا: غزوة بني المصطلق - السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: التعريف بالمدينة المنورة "دار الهجرة" وبيان أهميتها للدعوة

- ‌الفصل الأول: السيرة النبوية من الهجرة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة

- ‌النقطة الثانية: أهمية الهجرة

- ‌النقطة الثالثة: تنظيم الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تآمر القرشيين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: التخطيط للهجرة

- ‌ثالثًا: عناية الله بنبيه في الهجرة

- ‌رابعًا: الوصول إلى المدينة

- ‌النقطة الرابعة: وقفات مع الهجرة

- ‌المبحث الثاني: الاستقرار في المدينة

- ‌مدخل

- ‌أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: تأمين سكن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته

- ‌ثالثًا: هجرة آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: إقامة المسجد النبوي

- ‌المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة

- ‌مدخل

- ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

- ‌ وضع الميثاق العام لسكان المدينة:

- ‌المبحث الرابع: الحياة الأسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة

- ‌أولا: التعريف بأمهات المؤمنين المتفق عليهن

- ‌ثانيًا: الزوجات المختلف فيهن

- ‌ثالثًا: من خطبها أو وهبت نفسها ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس: الحكم العامة في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع: الحياة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أولا: أكله

- ‌ثانيًا: شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: سماحته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

- ‌الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: بناء المجتمع الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دين كامل

- ‌ثانيًا: قيادة أمينة رائدة

- ‌ثالثًا: مؤمنون صادقون

- ‌رابعًا: التفاعل التام بين المسلمين والإسلام

- ‌المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة

- ‌مدخل

- ‌أولا: تعريف الجهاد

- ‌ثانيا: مراحل تشريع الجهاد

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة التحمل والصبر

- ‌المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة القتال المقيد

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بالقتال العام

- ‌المبحث الثالث: السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب وقوع السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌ثانيًا: السرايا والغزوات قبل "بدر

- ‌ثالثًا: السرايا وحركة الدعوة

- ‌المبحث الرابع: غزوة بدر الكبرى

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: مواقف الفريقين قبل المعركة

- ‌مدخل

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ موقف القرشيين:

- ‌ثالثًا: أحداث المعركة

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: قريش والهزيمة

- ‌سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر

- ‌الاختلاف في توزيع الغنائم

- ‌الاختلاف في مصير الأسرى

- ‌ الابتهاج بنصر الله تعالى:

- ‌ تشريع زكاة وعيد الفطر:

- ‌سابعا: بدر في رحاب القرآن الكريم

- ‌حديث ما قبل المعركة

- ‌ حديث القرآن الكريم عن المعركة:

- ‌ حديث ما بعد المعركة:

- ‌ توجيهات قرآنية تربوية:

- ‌المبحث الخامس: أحداث ما بين بدر وأحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: غزوة بني سليم

- ‌ثالثًا: غزوة السويق

- ‌رابعًا: غزوة غطفان

- ‌سادسًا: سرية زيد بن حارثة

- ‌سابعًا: غزوة بني قينقاع

- ‌ثامنًا: قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط

- ‌تاسعًا: قتل كعب بن الأشرف

- ‌عاشرًا: أهم أحداث المجتمع الإسلامي

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة بين بدر وأحد

- ‌المبحث السادس: غزوة أحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: موقف أطراف معركة أحد قبل القتال

- ‌موقف المشركين

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ثالثا: أحداث المعركة

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى للقتال انتصار المسلمين:

- ‌المرحلة الثانية للقتال هزيمة المسلمين:

- ‌المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي:

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد

- ‌سادسًا: أحد في رحاب القرآن الكريم

- ‌سابعًا: أحد وحركة الدعوة

- ‌المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة حمراء الأسد

- ‌ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه

- ‌ثالثًا: بعث عبد الله بن أنيس

- ‌رابعًا: بعث الرجيع

- ‌خامسًا: سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان

- ‌سادسًا: وقعة بئر معونة

- ‌سابعا: غزوة بني النضير

- ‌ثامنا: غزوة نجد

- ‌تاسعًا: غزوة بدر الثانية

- ‌عاشرًا: غزوة دومة الجندل

- ‌حادي عشر: أهم الأحداث الاجتماعية بين أحد والأحزاب

- ‌ثاني عشر: حركة الدعوة بين أحد والأحزاب

- ‌المبحث الثامن: غزوة الأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: وقت الغزوة

- ‌ثانيًا: تجمع الأحزاب

- ‌ثالثًا: استعداد المسلمين للأحزاب

- ‌رابعًا: سير القتال

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق

- ‌سادسًا: حركة الدعوة خلال أيام الخندق

- ‌سابعًا: الأحزاب في رحاب القرآن الكريم

- ‌المبحث التاسع: أحداث ما بين الأحزاب والحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة بني قريظة

- ‌ثانيًا: قتل ابن أبي الحقيق

- ‌ثالثا: سيرة محمد بن مسلمة

- ‌رابعًا: غزوة بني لحيان

- ‌خامسًا: غزوة الغابة

- ‌سادسًا: سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌سابعًا: السرايا إلى ذي القصة

- ‌ثامنًا: سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

- ‌عاشرًا: السرايا بعد غزوة بني المصطلق

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

- ‌المبحث العاشر: غزوة الحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: سبب الغزوة

- ‌ثانيًا: التحرك للعمرة

- ‌ثالثًا: المفاوضات مع قريش

- ‌رابعًا: الصلح

- ‌خامسًا: موقف المسلمين من الصلح

- ‌سادسًا: موقف المسلمين بعد توقيع الصلح

- ‌سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

- ‌ثامنًا: فراق الكافرات

- ‌تاسعًا: أهم ما في الحديبية من حكم

- ‌المبحث الحادي عشر: الأحداث بين صلح الحديبية وفتح مكة

- ‌مدخل

- ‌أولا: هدوء جبهة قريش وظهور مفرزة أبي بصير رضي الله عنه

- ‌ثانيا: العمل في المحيط العام "إرسائل الرسائل

- ‌مدخل

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي وثمامة بن آثال صاحبي اليمامة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر صاحب دمشق:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان وأخيه:

- ‌ الدعاة حملة الرسائل:

- ‌ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها

- ‌مدخل

- ‌ حصون خيبر:

- ‌ تحرك المسلمين نحو خيبر:

- ‌ اقتحام الحصون:

- ‌ نهاية غزوة خيبر:

- ‌ في أعقاب خيبر:

- ‌ تطهير الجبهة الشمالية من أتباع يهود خيبر:

- ‌رابعا: مواجهة القبائل المتمردة

- ‌مدخل

- ‌ غزوة ذات الرقاع:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح في قديد

- ‌ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى بني مرة:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر:

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار:

- ‌ سرية أبي حدرد رضي الله عنه إلى الغابة:

- ‌ سرية أبي بكر رضي الله عنه إلى بني هلال:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة:

- ‌خامسا: تطبيق بنود صلح الحديبية وأداء العمرة

- ‌عمرة القضاء

- ‌ سرية ابن أبي العوجاء:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله:

- ‌سرية ذات الصلح

- ‌ سرية ذات عرق:

- ‌ سرية شجاع بن وهب إلى السي:

- ‌ سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة:

- ‌سادسا: بدء مواجهة الرومان والقبائل التابعة لها

- ‌مدخل

- ‌ سرية مؤتة

- ‌ غزوة ذات السلاسل

- ‌ سرية الخبط:

- ‌ سرية أبي قتادة إلى خضرة:

- ‌سابعًا: حركة الدعوة في مرحلة ما بين الحديبية وفتح مكة

- ‌المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

- ‌مدخل

- ‌أولا: فتح مكة

- ‌سبب فتح مكة

- ‌ محاولة أبي سفيان تجديد الصلح:

- ‌ استعداد المسلمين لفتح مكة:

- ‌ الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة:

- ‌ مكة تحت القيادة الإسلامية:

- ‌ثانيًا: تطهير مكة وما حولها من الأصنام

- ‌ثالثا: غزوة حنين

- ‌مدخل

- ‌ استعداد المشركين للحرب:

- ‌ القتال:

- ‌ تعقب الفارين:

- ‌ غزوة الطائف:

- ‌ توزيع الغنائم:

- ‌ العودة إلى المدينة:

- ‌المبحث الثالث عشر: الاستقرار العام في الجزيرة ومواجهة غير العرب

- ‌مدخل

- ‌أولا: بعث عمال الصدقات إلى القبائل

- ‌ثانيًا: إرسال الدعاة إلى القبائل

- ‌ثالثًا: تسيير السرايا للخارجين على النظام

- ‌رابعا: غزوة تبوك والتصدى لعدوانية الرومان

- ‌استعداد المسلمين للغزوة

- ‌ نتائج الغزوة:

- ‌ موقف المنافقين بعد الغزوة:

- ‌ الثلاثة الذين تخلفوا:

- ‌المبحث الرابع عشر: السرايا والجهاد في الميزان

- ‌الجهاد ضرورة عامة

- ‌ الجهاد يحمي حرية الإنسان:

- ‌ الجهاد يصون كرامة الإنسان:

- ‌ الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:

- ‌ الواقعية في تشريع الجهاد:

- ‌ ظهور فقه الإسلام في الجهاد:

- ‌المبحث الخامس عشر: وجاء نصر الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: تتابع مجئ الوفود إلى المدينة

- ‌ثانيًا: نظام استقبال الوفود

- ‌ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:

- ‌رابعًا: حجة الوداع وتحديد المعالم الكبرى في الإسلام

- ‌خامسًا: آخر بعوث النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسامة

- ‌المبحث السادس عشر: انتقال الرسول إلى الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المدنية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: ضرورة بناء الأمة الإسلامية [قاعدة الدعوة]

- ‌مدخل

- ‌أولا: إيجاد الأمة القوية

- ‌ثانيا: التزام الأمة بالإسلام

- ‌ثالثا: صيانة ثوابت الأمة

- ‌المبحث الثاني: الاهتمام بمعرفة الواقع العالمي

- ‌المبحث الثالث: أهمية التطابق بين المسلم والإسلام

- ‌مدخل

- ‌ نشر العدل:

- ‌ تحقيق القيم النبيلة:

- ‌ تعود الصبر والتحمل:

- ‌ تحقيق التكافل بين الناس:

- ‌المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌تاسعا: غزوة بني المصطلق

‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

وتعرف بغزوة المريسيع1 وكان وقوعها في شعبان سنة ست للهجرة بعد الخندق على الصحيح، ودليل ذلك أن آية الحجاب نزلت في شأن زينب بنت جحش رضي الله عنها بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك سألها صلى الله عليه وسلم عن الإفك الذي دار حول عائشة رضي الله عنها فقالت: أحمي سمعي وبصري وقالت عنها عائشة رضي الله عنها، وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

وحادثة الإفك كانت أثناء العودة من غزوة بني المصطلق ونزول آية الحجاب كان بعد زواج زينب، وزواج زينب كان في ذي القعدة من السنة الخامسة فإذا ما علم أن حادثة الإفك كانت بعد نزول آية الحجاب، إذا علم ذلك صح أن "غزوة المريسيع" كانت في السنة السادسة بعد الخندق2.

وسبب هذه الغزوة أن الحارث بن ضرار زعيم بني المصطلق سار في قومه، ومن قدر عليه من العرب، يريدون حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وأخذوا في إعداد العدة لذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بريدة بن الحصيب الأسلمي ليعلم خبرهم فلما رأى تجمعهم واستعدادهم عاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما رأى، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وأخبرهم خبر عدوهم، فأسرعوا بالخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أمر على المدينة زيد بن حارثة.

ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع فنزله، وضرب قبة من أدم، وكان معه من نسائه عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.

اجتمع المسلمون على الماء، وأعدوا وتهيئوا للقتال، وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر رضي الله عنه، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه، ويقال: كان مع عمار بن ياسر رضي الله عنه راية المهاجرين.

1 المريسيع: بضم الميم، وفتح الراء مصغرًا اسم لماء خزاعة بينه وبين المدينة ما يقرب من سبعين ميلا.

2 انظر سيرة ابن هشام ج2 ص289.

ص: 473

ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ينادي فنادى في الناس: قولوا لا إله إلا الله تمنعوا بها أنفسكم، وأموالكم، ففعل عمر رضي الله عنه فأبوا الإذعان فرماهم.

وكان عمر أول من رمى من المسلمين ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يحملوا عليهم فحملوا حملة رجل واحد فما أفلت إنسان من بني المصطلق، وقتل عشرة منهم وأسر سائرهم، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال، والنساء والذرية وغنمت النعم والشاء، وما قتل أحد من المسلمين إلا رجل واحد يقال له هشام بن صباية رضي الله عنه1.

وكان من جملة السبي جويرية بنت الحارث سيد القوم، وقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبها، فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها.

وقد شعر المنافقون بافتضاح أمرهم في غزوة الأحزاب، فجمعوا جموعهم وأرادوا خلخة الصف الإسلامي بالإشاعات، وزرع جذور الوهن، وأخذوا يتحينون الفرص لبث أكاذيبهم، وكان أول هذه الفرص بعد غزوة الأحزاب في زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم "زينب بنت جحش" رضي الله عنها حيث أخذوا يذكرون للناس أنها الزوجة الخامسة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لا يجوز، وقالوا: إن محمدًا أحبها وهي تحت زيد، فأمر صلى الله عليه وسلم زيدًا أن يطلقها ليتزوجها، وهذا كذب وضحناه قبل2 ورد الله عليه في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} 3.

وانتهز المنافقون خروج المسلمين إلى بني المصطلق فخرجوا معهم في أعداد كبيرة، وتظاهروا بانصهارهم في الصف الإسلامي، وأخذوا يتحينون الفرصة لتحقيق ما خرجوا له.

يقول المقريزي: وبينما المسلمون على ماء المريسيع إذ أقبل "سنان بن وبر الجهني" حليف الأنصار ومعه فتيان من بني سالم يستقون، وعلى الماء جمع من المهاجرين والأنصار فأدلى دلوه، وأدلى "جهجاة بن مسعود" أجير عمر بن الخطاب رضي الله عنه دلوه،

1 المغازي ج1 ص407.

2 انظر ص128-131.

3 سورة الأحزاب: 1.

ص: 474

فالتبست دلو سنان ودلو جهجاه، وتنازعا فضرب جهجاه سنانًا فسال دم سنان فنادى: يا للخزرج، وثارت الرجال، فهرب جهجاه إلى قومه وجعل ينادي في العسكر: يا لقريش، يا لكنانة، فأقبلت قريش وأقبلت الأوس والخزرج، وشهروا السلاح حتى كادت أن تكون فتنة عظيمة، فقام رجال في الصلح فترك سنان حقه.

وانتهز عبد الله بن أبي الموقف وكان جالسًا في عشرة من المنافقين فغضب وقال: والله ما رأيت كاليوم مذلة، والله إني كنت لكارهًا لوجهي هذا ولكن قومي قد غلبوني قد فعلوها، قد نافرونا، وكاثرونا في بلدنا، وأنكروا منتنا، والله ما صرنا وجلاليب قريش هذه إلا كما قال القائل "سمن كلبك يأكلك" والله لقد ظننت أني سأموت قبل أن أسمع هاتفًا يهتف بما هتف به جهجاه، وأنا حاضر لا يكون لذلك مني غير "والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل".

ثم أقبل ابن أبي على من حضر من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وأنزلتموهم منازلكم، وآسيتموهم في أموالكم حتى استغنوا أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير بلادكم، ثم لم ترضوا ما فعلتم حتى جعلتم أنفسكم أغراضًا للمنايا فقتلتم دونهم، فأيتمتم أولادكم، وقللتم عددكم وكثروا1.

أخبر زيد بن أرقم رسول الله بما رأى وسمع فتغير وجه رسول الله واستوثق منه وأبى على أصحابه قتل ابن أبي حتى لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه.

وجاء ابن أبي ينفي صدور ما ذكر عنه فنزل قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} 2.

وقطعًا لهذه الفتنة، ومنعًا للخوض فيها بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعودة إلى المدينة أثناء الحر الشديد، وكان صلى الله عليه وسلم لا يروح حتى يبرد الجو.

وجاء عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: إن كنت تريد أن

1 إمتاع الأسماع ج1 ص199.

2 سورة المنافقون: 1.

ص: 475

تقتل أبي فيما بلغك عنه فمرني به، فوالله لأحملن إليك رأسه قبل أن تقوم من مجلسك هذا، والله لقد علمت الخزرج ما كان فيها رجل أبر بوالده مني، وإني لأخشى يا رسول الله أن تأمر غيري فيقتله فتدعوني نفسي أن أنظر إلى قاتل أبي فأقتله فأدخل النار وعفوك أفضل، ومنك أعظم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أردت قتله، وما أمرت به، ولنحسن صحبته ما كان بين أظهرنا".

فقال عبد الله: إن أبي كانت هذه البحيرة قد اتسقوا عليه ليتوجوه، فجاء الله بك فوضعه ورفعنا بك، ومعه قوم يطيفون به يذكرونه أمورًا قد غلب الله عليها1.

وانتهز المنافقون حادثة أخرى وقعت حين رجوع المسلمين من المريسيع هي "حادثة الإفك" التي ظهرت بين المسلمين فتلقفها ابن أبي، وتولى كبر إذاعتها ونشرها وكما أخزاه الله تعالى بنزول القرآن الكريم في تأكيد كذبه في المرة الأولى أخزاه مرة أخرى بنزول براءة السيدة عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات2.

وسجل القرآن الكريم هذين الموقفين ليعلم المؤمنون طبائع المنافقين، وليأخذوا حذرهم الدائم منهم.

وزاد الله خزي المنافقين مرة أخرى، فإنه لما نزل المسلمون عند ماء يقال له "بقعاء" أخذتهم ريح شديدة، استمرت إلى أن زالت الشمس ثم هدأت، وخاف المسلمون أن تكون هذه الريح لمواجهة "عيينة بن حصن" ظنًا منهم أن يهاجم ظهورهم في المدينة، فقال لهم صلى الله عليه وسلم:"ليس عليكم بأس منها فما بالمدينة من نقب إلا عليه ملك يحرسه، وما كان ليدخلها عدو حتى تأتوها، ولكنه مات اليوم منافق عظيم النفاق". وهو "رفاعة بن زيد بن التابوت" وكانت هذه الريح أيضًا بالمدينة حتى دفن عدو الله فسكت.

وقال عبادة بن الصامت يومئذ لابن أبي: مات خليلك.

قال: أي أخلائي.

1 سيرة النبي ج2 ص293.

2 هذه الحادثة هي حادثة الإفك التي سبق ذكرها في ص162-165 عند الحديث عن حسن معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضي الله عنهن.

ص: 476