المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم - السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد: التعريف بالمدينة المنورة "دار الهجرة" وبيان أهميتها للدعوة

- ‌الفصل الأول: السيرة النبوية من الهجرة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌النقطة الأولى: تحديد موطن الهجرة

- ‌النقطة الثانية: أهمية الهجرة

- ‌النقطة الثالثة: تنظيم الهجرة النبوية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تآمر القرشيين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: التخطيط للهجرة

- ‌ثالثًا: عناية الله بنبيه في الهجرة

- ‌رابعًا: الوصول إلى المدينة

- ‌النقطة الرابعة: وقفات مع الهجرة

- ‌المبحث الثاني: الاستقرار في المدينة

- ‌مدخل

- ‌أولا: الترحيب بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: تأمين سكن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته

- ‌ثالثًا: هجرة آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: إقامة المسجد النبوي

- ‌المبحث الثالث: تنظيم الحياة الاجتماعية في المدينة

- ‌مدخل

- ‌ تنظيم الإخاء بين المسلمين:

- ‌ وضع الميثاق العام لسكان المدينة:

- ‌المبحث الرابع: الحياة الأسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة

- ‌أولا: التعريف بأمهات المؤمنين المتفق عليهن

- ‌ثانيًا: الزوجات المختلف فيهن

- ‌ثالثًا: من خطبها أو وهبت نفسها ولم يتزوجها صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس: الحكم العامة في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثامن: أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث التاسع: الحياة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أولا: أكله

- ‌ثانيًا: شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثًا: نومه صلى الله عليه وسلم

- ‌رابعًا: سماحته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: قيامه صلى الله عليه وسلم بمهام الرسالة

- ‌الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: بناء المجتمع الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌أولا: دين كامل

- ‌ثانيًا: قيادة أمينة رائدة

- ‌ثالثًا: مؤمنون صادقون

- ‌رابعًا: التفاعل التام بين المسلمين والإسلام

- ‌المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة

- ‌مدخل

- ‌أولا: تعريف الجهاد

- ‌ثانيا: مراحل تشريع الجهاد

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة التحمل والصبر

- ‌المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

- ‌المرحلة الثالثة: مرحلة القتال المقيد

- ‌المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بالقتال العام

- ‌المبحث الثالث: السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب وقوع السرايا والغزوات قبل بدر

- ‌ثانيًا: السرايا والغزوات قبل "بدر

- ‌ثالثًا: السرايا وحركة الدعوة

- ‌المبحث الرابع: غزوة بدر الكبرى

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: مواقف الفريقين قبل المعركة

- ‌مدخل

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ موقف القرشيين:

- ‌ثالثًا: أحداث المعركة

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: قريش والهزيمة

- ‌سادسا: المسلمون في إطار انتصار بدر

- ‌الاختلاف في توزيع الغنائم

- ‌الاختلاف في مصير الأسرى

- ‌ الابتهاج بنصر الله تعالى:

- ‌ تشريع زكاة وعيد الفطر:

- ‌سابعا: بدر في رحاب القرآن الكريم

- ‌حديث ما قبل المعركة

- ‌ حديث القرآن الكريم عن المعركة:

- ‌ حديث ما بعد المعركة:

- ‌ توجيهات قرآنية تربوية:

- ‌المبحث الخامس: أحداث ما بين بدر وأحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: غزوة بني سليم

- ‌ثالثًا: غزوة السويق

- ‌رابعًا: غزوة غطفان

- ‌سادسًا: سرية زيد بن حارثة

- ‌سابعًا: غزوة بني قينقاع

- ‌ثامنًا: قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط

- ‌تاسعًا: قتل كعب بن الأشرف

- ‌عاشرًا: أهم أحداث المجتمع الإسلامي

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة بين بدر وأحد

- ‌المبحث السادس: غزوة أحد

- ‌مدخل

- ‌أولا: أسباب الغزوة

- ‌ثانيا: موقف أطراف معركة أحد قبل القتال

- ‌موقف المشركين

- ‌ موقف المسلمين:

- ‌ثالثا: أحداث المعركة

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى للقتال انتصار المسلمين:

- ‌المرحلة الثانية للقتال هزيمة المسلمين:

- ‌المرحلة الثالثة للقتال الصمود الإسلامي:

- ‌رابعًا: نتائج المعركة

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في "أحد

- ‌سادسًا: أحد في رحاب القرآن الكريم

- ‌سابعًا: أحد وحركة الدعوة

- ‌المبحث السابع: أحداث ما بين أحد والأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة حمراء الأسد

- ‌ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه

- ‌ثالثًا: بعث عبد الله بن أنيس

- ‌رابعًا: بعث الرجيع

- ‌خامسًا: سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان

- ‌سادسًا: وقعة بئر معونة

- ‌سابعا: غزوة بني النضير

- ‌ثامنا: غزوة نجد

- ‌تاسعًا: غزوة بدر الثانية

- ‌عاشرًا: غزوة دومة الجندل

- ‌حادي عشر: أهم الأحداث الاجتماعية بين أحد والأحزاب

- ‌ثاني عشر: حركة الدعوة بين أحد والأحزاب

- ‌المبحث الثامن: غزوة الأحزاب

- ‌مدخل

- ‌أولا: وقت الغزوة

- ‌ثانيًا: تجمع الأحزاب

- ‌ثالثًا: استعداد المسلمين للأحزاب

- ‌رابعًا: سير القتال

- ‌خامسًا: الآيات الربانية الخارقة في يوم الخندق

- ‌سادسًا: حركة الدعوة خلال أيام الخندق

- ‌سابعًا: الأحزاب في رحاب القرآن الكريم

- ‌المبحث التاسع: أحداث ما بين الأحزاب والحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: غزوة بني قريظة

- ‌ثانيًا: قتل ابن أبي الحقيق

- ‌ثالثا: سيرة محمد بن مسلمة

- ‌رابعًا: غزوة بني لحيان

- ‌خامسًا: غزوة الغابة

- ‌سادسًا: سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌سابعًا: السرايا إلى ذي القصة

- ‌ثامنًا: سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه

- ‌تاسعًا: غزوة بني المصطلق

- ‌عاشرًا: السرايا بعد غزوة بني المصطلق

- ‌حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية

- ‌المبحث العاشر: غزوة الحديبية

- ‌مدخل

- ‌أولا: سبب الغزوة

- ‌ثانيًا: التحرك للعمرة

- ‌ثالثًا: المفاوضات مع قريش

- ‌رابعًا: الصلح

- ‌خامسًا: موقف المسلمين من الصلح

- ‌سادسًا: موقف المسلمين بعد توقيع الصلح

- ‌سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

- ‌ثامنًا: فراق الكافرات

- ‌تاسعًا: أهم ما في الحديبية من حكم

- ‌المبحث الحادي عشر: الأحداث بين صلح الحديبية وفتح مكة

- ‌مدخل

- ‌أولا: هدوء جبهة قريش وظهور مفرزة أبي بصير رضي الله عنه

- ‌ثانيا: العمل في المحيط العام "إرسائل الرسائل

- ‌مدخل

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي وثمامة بن آثال صاحبي اليمامة:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر صاحب دمشق:

- ‌ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان وأخيه:

- ‌ الدعاة حملة الرسائل:

- ‌ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها

- ‌مدخل

- ‌ حصون خيبر:

- ‌ تحرك المسلمين نحو خيبر:

- ‌ اقتحام الحصون:

- ‌ نهاية غزوة خيبر:

- ‌ في أعقاب خيبر:

- ‌ تطهير الجبهة الشمالية من أتباع يهود خيبر:

- ‌رابعا: مواجهة القبائل المتمردة

- ‌مدخل

- ‌ غزوة ذات الرقاع:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح في قديد

- ‌ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى بني مرة:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر:

- ‌ سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار:

- ‌ سرية أبي حدرد رضي الله عنه إلى الغابة:

- ‌ سرية أبي بكر رضي الله عنه إلى بني هلال:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله إلى بني مرة:

- ‌خامسا: تطبيق بنود صلح الحديبية وأداء العمرة

- ‌عمرة القضاء

- ‌ سرية ابن أبي العوجاء:

- ‌ سرية غالب بن عبد الله:

- ‌سرية ذات الصلح

- ‌ سرية ذات عرق:

- ‌ سرية شجاع بن وهب إلى السي:

- ‌ سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة:

- ‌سادسا: بدء مواجهة الرومان والقبائل التابعة لها

- ‌مدخل

- ‌ سرية مؤتة

- ‌ غزوة ذات السلاسل

- ‌ سرية الخبط:

- ‌ سرية أبي قتادة إلى خضرة:

- ‌سابعًا: حركة الدعوة في مرحلة ما بين الحديبية وفتح مكة

- ‌المبحث الثاني عشر: وتطهير الجزيرة العربية كلها من الشرك

- ‌مدخل

- ‌أولا: فتح مكة

- ‌سبب فتح مكة

- ‌ محاولة أبي سفيان تجديد الصلح:

- ‌ استعداد المسلمين لفتح مكة:

- ‌ الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة:

- ‌ مكة تحت القيادة الإسلامية:

- ‌ثانيًا: تطهير مكة وما حولها من الأصنام

- ‌ثالثا: غزوة حنين

- ‌مدخل

- ‌ استعداد المشركين للحرب:

- ‌ القتال:

- ‌ تعقب الفارين:

- ‌ غزوة الطائف:

- ‌ توزيع الغنائم:

- ‌ العودة إلى المدينة:

- ‌المبحث الثالث عشر: الاستقرار العام في الجزيرة ومواجهة غير العرب

- ‌مدخل

- ‌أولا: بعث عمال الصدقات إلى القبائل

- ‌ثانيًا: إرسال الدعاة إلى القبائل

- ‌ثالثًا: تسيير السرايا للخارجين على النظام

- ‌رابعا: غزوة تبوك والتصدى لعدوانية الرومان

- ‌استعداد المسلمين للغزوة

- ‌ نتائج الغزوة:

- ‌ موقف المنافقين بعد الغزوة:

- ‌ الثلاثة الذين تخلفوا:

- ‌المبحث الرابع عشر: السرايا والجهاد في الميزان

- ‌الجهاد ضرورة عامة

- ‌ الجهاد يحمي حرية الإنسان:

- ‌ الجهاد يصون كرامة الإنسان:

- ‌ الجهاد يبرز إيجابية الإنسان المسلم:

- ‌ الواقعية في تشريع الجهاد:

- ‌ ظهور فقه الإسلام في الجهاد:

- ‌المبحث الخامس عشر: وجاء نصر الله

- ‌مدخل

- ‌أولا: تتابع مجئ الوفود إلى المدينة

- ‌ثانيًا: نظام استقبال الوفود

- ‌ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:

- ‌رابعًا: حجة الوداع وتحديد المعالم الكبرى في الإسلام

- ‌خامسًا: آخر بعوث النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسامة

- ‌المبحث السادس عشر: انتقال الرسول إلى الله تعالى

- ‌الفصل الثالث: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المدنية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: ضرورة بناء الأمة الإسلامية [قاعدة الدعوة]

- ‌مدخل

- ‌أولا: إيجاد الأمة القوية

- ‌ثانيا: التزام الأمة بالإسلام

- ‌ثالثا: صيانة ثوابت الأمة

- ‌المبحث الثاني: الاهتمام بمعرفة الواقع العالمي

- ‌المبحث الثالث: أهمية التطابق بين المسلم والإسلام

- ‌مدخل

- ‌ نشر العدل:

- ‌ تحقيق القيم النبيلة:

- ‌ تعود الصبر والتحمل:

- ‌ تحقيق التكافل بين الناس:

- ‌المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

‌المبحث الخامس: رد ما يقال عن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم

يمكن تقسيم حياة النبي الأسرية إلى فترات أربع عاشها النبي صلى الله عليه وسلم بدءًا بزواجه من خديجة رضي الله عنها أولى زوجاته، وانتهاء بميمونة رضي الله عنها آخر زوجاته حتى وفاته صلى الله عليه وسلم وهي:

الفترة الأولى: بدأت حين تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة رضي الله عنها وعمره خمس وعشرون سنة، واستمرت حتى وفاة خديجة رضي الله عنها، وعمره صلى الله عليه وسلم خمسون سنة، وهذه الفترة هي مرحلة شباب النبي صلى الله عليه وسلم ومدتها خمس وعشرون سنة.

الفترة الثانية: بدأت بوفاة السيدة خديجة وعمره صلى الله عليه وسلم خمسون سنة حيث تزوج صلى الله عليه وسلم السيدة سودة بنت زمعة، وعاش معها أربع سنوات، انتهت بعد الهجرة بعام واحد، وكان عمره صلى الله عليه وسلم أربعًا وخمسين سنة.

الفترة الثالثة: امتدت ست سنوات، منذ أن كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا وخمسين سنة، إلى أن بلغ ستين سنة، وفيها تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عددًا من أمهات المؤمنين توفي عن تسعة منهن، وكانت ميمونة آخر من تزوجهن صلى الله عليه وسلم.

الفترة الرابعة: وتمتد من بلوغ النبي صلى الله عليه وسلم سن الستين إلى أن توفي صلى الله عليه وسلم عندما بلغ ثلاثًا وستين سنة، وفي هذه الفترة لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا حيث حرم الله تعالى عليه الزواج فيها، وأمره أن لا يستبدل بإحدى زوجاته غيرها.

وحين ندقق النظر في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وبخاصة في المراحل العمرية المذكورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم نلحظ الآتي:

أولا: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة رضي الله عنها، وكانت تكبره بخمس عشرة سنة وعاش معها حتى لقيت ربها وعمرها خمسة وستون عامًا وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقتها خمسين عامًا.

ثانيًا: استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجة واحدة حتى بلغ سنه أربعًا وخمسين سنة؛ لأنه تزوج سودة بنت زمعة الأرملة المسنة بعد وفاة خديجة، ولم يدخل بسواها إلا

ص: 138

بعد أربع سنوات من الدخول بسودة، وذلك بعد تمام الهجرة إلى المدينة المنورة.

ثالثًا: فترة التعدد كانت ستة أعوام، بعدما بلغ عمر رسول الله أربعًا وخمسين، ودخل في سن الكبر والشيخوخة، وهي الأعوام التي امتلأت بنزول القرآن، وبيان الأحكام الشرعية وبناء الدولة المسلمة، والحركة بالإسلام وسط الناس والقيام بالسرايا والغزوات، والاتصال بالعالم الخارجي، واستقبال الوفود من كل جهة، وإرسال الرسائل، وتبليغ الدعوة عمليا إلى العالم كله.

رابعًا: أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كن ثيبات، سبق لهن الزواج قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عائشة رضي الله عنها، فقد عقد عليها بأمر الله تعالى، وسنها ست سنوات، ولم يدخل بها النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد الهجرة بسنة تقريبًا، وعمرها تسع سنوات رضي الله عنها.

خامسًا: لم يعترض أحد من اليهود، أو من المنافقين أو من كفار مكة على زواج النبي صلى الله عليه وسلم مع أنهم كانوا يتربصون به الدوائر، ولو وجدوا في زواج الرسول صلى الله عليه وسلم لعبًا، أو هوى، أو مطعنًا لأذاعوه، ونشروه في العالمين، لكنهم مع عداوتهم لرسول الله لم يتكلموا في زواجه صلى الله عليه وسلم بل شهدوا له بالعفة والطهر.

وهذه الملاحظات: تؤكد لنا حقيقة واضحة، وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن شهوانيًا أبدًا كما يدعي بعض أعداء الإسلام؛ لأنه لو كان شهوانيًا لاختار بكرًا، صغيرة وجميلة في زواجه الأول، ولتزوج معها غيرها وبخاصة أن المجتمع الجاهلي كان يعدد الزوجات بلا حد معين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة يملك الوقت الذي يمكنه من إشباع شهوته، بدل أن يضيعه في الخلاء والبعد عن الناس.

ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم شهوانيًا لأوثر عنه اتصاله بالغواني والبغايا، وكان لهن يومذاك دور معروفة، وكان المجتمع يقر هذا العمل لمن يريده.

لكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن كذلك وإنما عاش طاهرًا عفيفًا، لم يتهم بريبة، ولم يرم بخطيئة، وعاش صادقًا أمينًا.

وبعد موت خديجة رضي الله عنها تزوج سودة رضي الله عنها في مكة، وهي الأرملة العجوز، وعاش معها وحدها أربع سنوات، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو رغب في

ص: 139

أي فتاة عذراء وجميلة ومسلمة لسعدت به، ولرحب به قومها جميعًا، لكنه صلى الله عليه وسلم تزوج سودة لتعلم الدنيا كلها أن الغاية لم تكن أبدًا إشباع شهوة، أو التمتع المجرد بالأنثى، أو الانغماس في الملذات الحسية.

يقول الأستاذ عباس العقاد: قال لنا بعض المستشرقين: إن تسع زوجات لمحمد لدليل على فرط الميول الجنسية.

قلنا له: إنك لا تصف السيد المسيح بأنه قاصر جنسيًا لأنه لم يتزوج قط، فلا ينبغي أن تصف محمدًا بأنه مفرط جنسيًا لأنه جمع بين تسع نساء.

ونحن قبل كل شيء، لا نرى ضيرًا على الرجل العظيم أن يتزوج ويتمتع لأن الفطرة لا عيب فيه.

فحب المرأة لا معابة فيه ما دام في إطاره المشروع، وفي حده المباح.

وإنما المعابة أن يطغى هذا الحب حتى يخرج عن حده، وحتى يشغل المرء عن غرضه، وحتى يكلفه شططًا في طلابه، فهو عند ذلك مسح للفطرة المستقيمة، يعاب كما يعاب الجور في جميع الطباع!!

فمن الذي يعلم حقيقة ما صنع النبي في حياته، ثم يقع في روعه أن المرأة شغلته عن عمل كبير، أو عن عمل صغير؟! لم يوجد هذا بعد!!

مَن مِن بناة التاريخ قد بنى في حياته، وبعد مماته، تاريخًا أعظم من تاريخ الدعوة المحمدية، والدولة الإسلامية؟!!

ومن ذا الذي يقول عن تراث محمد صلى الله عليه وسلم: هذا عمل رجل مشغول بالنساء؟

عم شغلته المرأة؟

ومتى شغلته؟

وكيف شغلته؟

لم يتحدث أحد من المؤرخين أن محمدًا شغل بالمرأة عن رسالته، ومسئوليته.

ومن ذا الذي تفرغ لعمل ما فبلغ فيه شأو محمد في مسعاه؟ ولو كان تخصصه في جزئية صغيرة من تاريخ محمد صلى الله عليه وسلم الشامل؟

ص: 140

إن عظمة محمد صلى الله عليه وسلم قد أتاحت له أن يعطي الدعوة حقها، ويعطي المرأة حقها، فالعظمة حينئذ رجحان يذكر، وليست بنقص ينكر.

وهذا الاستيفاء السليم لكل واجباته صلى الله عليه وسلم كمال في الرجولة، وفي الأداء، وفي السلوك.

ورسالة محمد إذن هي الرسالة التي يفهمها أناس خلقوا للحياة، ولم يخلقوا نابذين لها، ولا منبوذين منها.

وشريعته إذا هي الشريعة المطلوبة لعامة الناس في كافة العصور لما يتمتعون فيها من حلال مشروع.

وأعجب شيء أن يقال عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنه استسلم للذات الحس، وقد أوشك أن يطلق نساءه أو يخيرهن في الطلاق؛ لأنهن طلبن إليه المزيد من النفقة، وهو لا يستطيعها.

نساء محمد يشكون قلة النفقة والزينة، ولو شاء لأغدق عليهن النعمة، وأغرقهن في الحرير والذهب وأطايب الملذات.

أهذا فعل رجل يستسلم للذات حسه؟

أما كان يسيرًا عليه أن يفرض لنفسه ولأهله من الأنفال والغنائم ما يرضيهن، ولا يغضب المسلمين، وهم موقنون أن إرادة الرسول من إرادة الله؟

وماذا كلفه الاحتفاظ بالنساء، حتى يقال: إنه كان يفرط في ميله إلى النساء؟

هل كلفه أن يخالف ما يحمد من سننه؟!!

أو هل دفعه إلى نقض العظمة ويخالف ما يحمد من سيرته؟!!

وهل ألجأه أن يترخص فيما يرضاه أتباعه، ولا ينكرونه عليه؟!!

لم يكلفه شيئًا من ذلك، ولم يشغله عن جليل أعماله، وصغيرها، ولم نر فيه صلى الله عليه وسلم رجلا تغلبه لذات الحس كما يزعم المشهرون، بل رأيناه رجلا يغلب تلك الملذات في طعامه، ومعيشته، وفي ميله إلى نسائه، فيحفظها بما يملك منها، ولا يأذن لها أن تسومه ضريبة مفروضة عليه، ولو كانت هذه الضريبة بسيطة قد ينالها أصغر المسلمين، ولا شك

ص: 141

في قدرة النبي عليها لو أراد.

ويزيد في غرابة اتهام النبي بالإفراط الجنسي أن الرجل الذي توهموه ذلك التوهم لم يكن مجهولا قبل زواجه.

ولا بعد زواجه، حتى تتخبط فيه الظنون ذلك التخبط الذريع.

فمحمد كان معروفًا بين الشباب قبل قيامه بالدعوة الدينية كأشهر ما يعرف فتى من قريش وأهل مكة.

كان معروفًا من صباه إلى كهولته فلم يعرف عنه أنه استسلم للذات الحس في ريعان صباه، ولم يسمع عنه أنه لها كما يلهو الفتيان، حين كانت الجاهلية تبيح ما لا يباح، بل عرف بالطهر والأمانة، واشتهر بالجد والرصانة، وقام بالدعوة بعدها، فلم يقل أحد من شانئيه والناعين عليه والمنقبين وراءه أهون الهنات.

لم يقل أحد: تعالوا يا قوم فانظروا هذا الفتى، الذي كان من شأنه مع النساء كيت، وكيت، يدعوكم اليوم إلى الطهارة، والعفة، ونبذ الشهوات.

كلا لم يقل أحد هذا قط من شانئيه، وهم عديد لا يحصى، ولو كان لقوله موضع لجرى على لسان ألف قائل1.

وهناك من يعترض على تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لمجرد التعدد في ذاته، ويرون ذلك غير لائق بعظماء الرجال.

والذين يقولون ذلك ضعيفو العقول بسطاء التفكير؛ لأنهم إن كانوا من الإباحيين الذين يعيشون بين الخليلات، والعاشقات، والصاحبات، فهؤلاء لا يصح الالتفات إليهم؛ لأن اعتراضهم لا مقياس له، ولا معقولية فيه، ولأن الزواج عندهم لا قيمة له وحديثهم هراء لا مصداقية فيه، ولا معنى له.

وإن كانوا أصحاب دين يقول بالتعدد، فهم قوم يحرمون على غيرهم ما أباحه دينهم، ولذلك فإهمالهم أمر عادي، واعتراضهم مردود عليهم، وعليهم أن يناقشوا أنفسهم ودينهم في إباحة التعدد.

1 عبقرية محمد ص136-140 بتصرف.

ص: 142

وإن كانوا من أهل الكتاب "يهود أو نصارى"، فإن الحقيقة يجب أن تتضح وهي أن العهد القديم يذكر أن عددًا من الأنبياء عددوا أزواجهم حيث لا عيب في الزواج والتعدد.

إن فرط الرجولة ليس عيبًا في الرجل، بل هو كمال وقوة إذا ظهر ضمن الإطار الذي حدده الله تعالى، وحافظ على حقوق سائر الأطراف، وكان عامل خير للمجتمع، وتقدمه1.

وإن كان العيب في التعدد تكثير النسل، والمساهمة في الانفجار السكاني -كما يقولون- فإن الله تعالى قدر لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يموت وليس له من الأبناء إلا فاطمة رضي الله عنها فلقد توفاهم الله تعالى جميعًا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا فاطمة رضي الله عنها.

وإن تصور البعض أن التعدد يضر بالمرأة، فهو معارض بما يحققه التعدد للمرأة من فوائد عديدة2.

والخلاصة هي تأكيد حقيقة براءة النبي صلى الله عليه وسلم من كل زيف أشاعه أعداؤه حول زواجه صلى الله عليه وسلم.

1 الإسلام للأستاذ سعيد حوى ص157.

2 والأمثلة على فوائد التعدد للمرأة عديدة منها:

- أن تكون الزوجة عقيمًا والرجل يريد الولد، فإن من الخير لها أن يتزوج ثانية عليها، وتبقى في رعايته.

- أن تكون مريضة يرعاها زوجها، ومن الخير لها أن يتزوج أخرى وتبقى هي في عصمته.

- أن يملك الرجل طاقة "أي شبقًا" ويحتاج لأكثر من زوجة فزواجه أفضل من ارتكابه الحرام.

- وحينما تكثر النساء عقب الحروب فإن التعدد هو العلاج لذلك، وإلا فسد المجتمع كله.

إن التعدد في هذه الحالات أكرم للمرأة لتعيش في كنف رجل يرعى حقوقها، بدل أن تضيع في معترك الحياة الضروس، وهو أكرم للمجتمع حفاظًا على الطهر والفضيلة، وضمانًا، لحقوق كل فرد فيه، وهو أكرم للرجل ليصل ما بينه وبين الناس بذرية صالحة، وأسرة كريمة حانية.

ص: 143