الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: غزوة غطفان
كانت غطفان تسكن ناحية نجد، حول ماء يعرف بـ"ذي أمر""بفتح الهمزة والميم" وقد غزاها النبي صلى الله عليه وسلم من شهر المحرم في العام الثالث الهجري، وسبب هذه الغزوة أن بطنين من غطفان، وهما بطنا ثعلبة ومحارب، تجمعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة بقيادة "دعثور بن الحارث المحاربي" الذي تميز في قومه بالشجاعة، وحب الإغارة علم النبي صلى الله عليه وسلم ما يعد له "دعثور" بواسطة عيونه، فندب المسلمين، وخرج معهم إلى بطني ثعلبة ومحارب في أربعمائة وخمسين مقاتلا، ما بين راكب وراجل، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فوجئ دعثور وجنوده بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ففروا في رءوس الجبال ووصل المسلمون إلى مكان الماء، وعسكروا به، وأخذوا يبحثون عن دعثور ورجاله، فأصابوا رجلا منهم يقال له "جبار بن ثعلبة" فجاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دعاه إلى الإسلام أسلم فضمه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بلال وجعله دليلا للمسلمين في أرض غطفان.
ويقال أن السماء أمطرت فابتل ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل صلى الله عليه وسلم تحت شجرة هناك ونشر ثيابه لتجف، واضطجع بمرأى من المشركين، واشتغل المسلمون في شئونهم، وأعمالهم، فبعث المشركون "دعثور بن الحارث" ومعه سيف متقلد به، فبادر "دعثور" وأقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم بسلاحه، حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهورًا، فقال: يا محمد، من يمنعك مني اليوم؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله".
ودفع جبريل عليه السلام في صدر "دعثور" فوقع السيف من يده.
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف، وقال له:"يا دعثور من يمنعك مني"؟.
فقال دعثور: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله،
والله لا أكثر عليك جمعًا أبدًا، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه.
ثم أتى "دعثور" قومه فقالوا: ما لك؟ ويلك!!
فقال لهم: نظرت إلى رجل طويل، فدفع في صدري، فوقعت لظهري، فعرفت أنه ملك، وشهدت بأن محمدًا رسول الله، والله لا أكثر عليه جمعًا، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام وأنزل الله تعالى قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} 1.
وقد تكررت هذه الحادثة في غزوة "ذات الرقاع" وكان الذي حمل السيف فيها "غوري بن الحارث" وقد بقي على شركه، وعاهد النبي صلى الله عليه وسلم على عدم مقاتلته أبدًا.
وقد أقام الرسول صلى الله عليه وسلم وجيش المسلمين في غطفان قريبًا من شهر ليعلم الناس قوة المسلمين، وشجاعتهم، وحسن أخلاقهم، وبخاصة أنهم أنسحبوا من غطفان بلا عدوان على إنسان، أو مال، أو بغير ذلك من صور الظلم والعدوان2.
1 سورة المائدة: 11.
2 المغازي ج1 ص195.
خامسًا: غزوة بحرا ن 1
وتسمى غزوة بني سليم نسبة إلى جماعة من بني سليم كانت تقطن ناحية الفرع "بضم الفاء والراء" وهي قرية قرب المدينة في طريق الذاهب إلى مكة على بعد عشرين ميلا تقريبًا وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بها جمعًا يريد مهاجمة المدينة، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من العام الثالث الهجري، في ثلاثمائة مقاتل، فلما وصل إلى مكانهم وجدهم قد تفرقوا في واديهم فأقام بينهم عشرة أيام، عاد بعدها إلى المدينة وكان قد ولى على المدينة عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه2.
1 بحران بباء مضمومة، وقيل: بفتحها، وسكون الحاء.
2 المغازي ج1 ص196.