الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمن ذلك كلمة "الرجوع" في قانون الوصية المصري، ثم صدر قانون بتفسيرها وأن المراد منها الرجوع القولي للموصي، وكلمة الأحوال الشخصية وتحديد المراد منها، وما يدخل فيها، وما لا يدخل، ثم فسرها قانون خاص، وكلمة التعويضات التي يستحقها الموظف عند استدعائه لخدمة العلم في سورية، ففيها إبهام، وحصل خلاف شديد في تطبيقها حتى أصدر مجلس الدولة بيانًا للمراد منها (1).
حكم المجمل:
إن حكم المجْمَل هو التوقف في تعيين المراد منه حتى يصدر بيان رسمي من المصدر نفسه، وهذا ما حصل عند نزول بعض الآيات المجملة فتوقف الصحابة فيها حتى نزل الوحي ببيانها إما في القرآن نفسه، وإما في السنة؛ لأنه لا يوجد في صيغة اللفظ ولا في القرائن الخارجية عنه ما يبين المراد، فيتعين الرجوع إلى صاحب الكلام للاستفسار منه، وللبيان، مع الاعتقاد فيه.
وإذا صدر من المشرع بيان للمجمل، ولكنه بيان غير واف بإزالة الإجمال، صار به المجمل من المشكل، وفتح الباب للبحث والاجتهاد لإزالة الإشكال (2).
4 - المُتَشابه:
وهو آخر أقسام المبهم عند الحنفية، وهو أشدها خفاءً وإبهامًا، ولشدة خفائه جعلوه في مقابل المحْكم، الذي هو أكثر الألفاظ وضوحًا.
والمتشابه في اللغة مأخوذ من: اشتبهت الأمورُ وتشابهت، أي: التبست لإشباه بعضها بعضًا، واشتبه الأمر: اختلط (3).
والمتشابه في الاصطلاح: هو اللفظ الذي لا تدل صيغته على المراد منه،
(1) علم أصول الفقه ص 174، تفسير النصوص (1/ 307)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (1/ 321)؛ أصول الأحكام ص 247.
(2)
أصول السرخسي (1/ 168)، التلويح على التوضيح (1/ 127)، شرح الكوكب المنير (3/ 414)، روضة الناظر ص 181، علم أصول الفقه ص 175، تفسير النصوص (1/ 298)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (1/ 341)، أصول الأحكام ص 248.
(3)
المعجم الوسيط (1/ 471)، لسان العرب مادة: شبه.
ولا توجد قرائن خارجية تبينه، واستأثر الشارع بعلمه فلم يفسره (1).
والمتشابه بهذا المعنى لا يوجد في آيات الأحكام أو أحاديث الأحكام، ولا يرد في نصوص القوانين؛ لأنه يتنافى مع التكليف المطلوب من المكلف، أو القاعدة القانونية المطلوب من الناس العمل بها، ولذلك فهو قليل الأثر في الجانب العملي، وقد يرد في مباحث علم الكلام وأصول الاعتقاد.
ومن المتشابه الحروف المقطعة في أوائل بعض السور، مثل: الَمَ، حمَ، عَسَقَ، صَ، قَ، نَ، فهذه الحروف لا تدل بنفسها على المعنى المراد منها، ولم يرد لها تفسير في كتاب أو سنة.
ومن المتشابه صفات اللَّه تعالى التي يوهم ظاهرها مشابهة اللَّه لخلقه مما يتنافى مع جلال اللَّه تعالى، لقوله عز وجل:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] فنفى التشابه، وأثبت السمع والبصر، ومثل ما جاء من نسبة العَيْن واليَد والوَجْه والمكان للَّه تعالى، كقوله عز وجل:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 27]، {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7]، وقوله:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5]، ونسبة المجيء إلى اللَّه تعالى
(1) يرى كثير من العلماء أن الراسخين في العلم يعلمون معنى المتشابه، لقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلا أُولُو الْأَلْبَابِـ (7)} [آل عمران: 7]، فاللَّه يعلم المتشابه وكذلك الراسخون في العلم، والراجح الوقوف عند قوله: إلا اللَّه، ثم الاستئناف وابتداء كلام جديد: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ
…
} انظر تفصيل ذلك في كتب التفسير لهذه الآية، ومن كتب الأصول: المستصفى (1/ 363)، الإحكام للآمدي (3/ 100)، كشف الأسرار (1/ 55) وما بعدها، أصول السرخسي (1/ 170)، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني (2/ 61)، شرح الكوكب المنير (3/ 415)، روضة الناظر ص 181، إرشاد الفحول ص 169، علم أصول الفقه ص 175، تفسير النصوص (1/ 317)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (1/ 342)، أصول الأحكام ص 249.