الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاث مئة ألف، ولعله أراد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين.
ووضح ذلك الشوكاني رحمه اللَّه تعالى فقال: "والحق الذي لا شك فيه ولا شبهة أن المجتهد لا بدَّ أن يكون عالمًا بما اشتملت عليه مجاميع السنَّة التي صنَّفها أهل الفن، كالأمهات الست (وهي: صحيح البخاري ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه) وما يلحق بها (كالموطأ وسنن الدارمي والدارقطني والبيهقي) مشرفًا على ما اشتملت عليه المسانيد والمستخرجات (كمسند أحمد، ومستدرك الحاكم) والكتب التي التزم مصنفوها الصحة (مثل صحيح ابن حبان، وصحيح ابن خزيمة، ومصنف عبد الرزاق) حتى لا يلجأ المجتهد إلى القول بالرأي والقياس مع وجود النص، وهذا ما يتعلق بمتن الحديث
…
وأن يكون ممن له تمييز بين الصحيح منها والحسن والضعيف .. ، بل المعتبر أن يتمكن بالبحث في كتب الجرح والتعديل
…
" (1)، ويمكن الاعتماد على كتب أحاديث الأحكام، وكتب تخريج أحاديث الأحكام، وما ورد فيها من عزو وتخريج وبيان للصحيح والضعيف (2).
3 - العلم بالناسخ والمنسوخ:
يشترط في المجتهد معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنّة، وهي محصورة في آيات وأحاديث كما سبق، حتى لا يعتمد المجتهد على منسوخ متروك في القرآن والسنة، وذلك عند الاجتهاد والفتوى، وجمع ذلك في عدة كتب (3).
4 - معرفة مسائل الإجماع:
بدأ الاجتهاد في الجيل الأول قبل الإجماع، فإن اتفقت آراء المجتهدين صار إجماعًا، ويحتل مرتبة القطع، فلا يجوز خرقُه ولا مخالفته.
(1) إرشاد الفحول ص 251.
(2)
انظر: المصادر والمراجع المذكورة قبل قليل.
(3)
المستصفى (2/ 352)، المحصول (3/ 35)، نهاية السول (3/ 245)، تيسير التحرير (4/ 182)، الإحكام للآمدي (4/ 163)، شرح الكوكب المنير (4/ 461)، إرشاد الفحول ص 252، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (2/ 1046)، المدخل إلى مذهب أحمد ص 181.
ويشترط في المجتهد اللاحق أن يكون متمكنًا من معرفة مسائل الإجماع؛ ليكون رأيه موافقًا للإجماع، ويجتنب الاجتهاد والفتوى بخلاف ما أجمع عليه، فيكون قد خرق الإجماع، وبالتالي يكون رأيه باطلًا ومردودًا.
ولا يلزم المجتهد حفظ جميع مسائل الإجماع، ولكن يشترط أن يعلم أن المسألة التي يجتهد فيها ليس فيها إجماع، وأن فتواه ليست مخالفة للإجماع، بل موافقة لمذهب عالم، أو أنها حادثة جديدة، ولم يسبق بحثها أو الإجماع فيها (1).
ويتفرع عن ذلك أن يعرف المجتهد المسائل الخلافية التي اختلفت فيها وجهات النظر عند الاجتهاد فيها، وبيَّن الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى الحكمة من ذلك، فقال:
"ولا يكون لأحد أن يقيس (يجتهد) حتى يكون عالمًا بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف، وإجماع الناس واختلافهم
…
، ولا يمتنع من الاستماع ممن خالفه؛ لأنه قد يتنبه بالاستماع لترك الغفلة، ويزداد به تثبيتًا فيما اعتقد من الصواب، وعليه في ذلك بلوغ غاية جهده، والإنصاف من نفسه، حتى يعرف أين قال ما يقول، وترك ما يترك، ولا يكون بما قال أعنى منه بما خالفه، حتى يعرف فضل ما يصير إليه على ما يترك إن شاء الله" (2).
وهذا يبين أن دراسة أسباب اختلاف الفقهاء والإحاطة بأدلتهم، وأسس وجهات نظرهم المتفاوتة يربي ملكة الاستنباط والنقد والتمحيص للأدلة، والفحص للمعاني، وينمي في الشخص أهلية الاجتهاد والنظر والاستنباط الصحيح (3).
(1) المحصول (3/ 34)، جمع الجوامع والبناني عليه (2/ 384)، نهاية السول (3/ 244)، المستصفى (2/ 351)، شرح الكوكب المنير (4/ 464)، مختصر الطوفي ص 174، المدخل إلى مذهب أحمد ص 182، إرشاد الفحول ص 251، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (2/ 1046)، أصول الأحكام ص 366.
(2)
الرسالة فقرة 510 - 511.
(3)
أصول الأحكام ص 367، وانظر فصل "أسباب اختلاف الفقهاء" من هذا الكتاب (1/ 77).=