الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ذلك أن عمر رضي الله عنه عمل بخبر أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في الاستئذان عندما وافقه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وقوّى روايته (1).
وكان علي رضي الله عنه يقوّي خبر أبي بكر رضي الله عنه ويعمل به، ولم يحلفه، مع أنه حلَّف غيره لقبول خبره.
والأمثلة على ذلك كثيرة، وأن الصحابة كانوا في اجتهاداتهم يوجبون العمل بالراجح من الظنين دون أضعفهما.
3 - المعقول:
إن العقل يوجب العمل بالراجح في الحوادث والأخبار والأدلة، وإذا لم يُعمل بالراجح لزم العمل بالمرجوح، وهو ترجيح للمرجوح على الراجح، وذلك ممتنع عقلًا، وإن العمل بالراجح متعين عرفًا، وتتقبله النفوس، فيجب العمل به شرعًا؛ لأن الأصل تنزيل الأمور الشرعية منزلة التصرفات العقلية، لكونها أسرع للقبول والتسليم والانقياد، لما ورد في الأثر:"ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند اللَّه حسن"(2)، وهذا ما تتقبله الطباع السليمة.
فإذا ظهر الترجيح لأحد الدليلين، أو لإحدى البينات، كان العمل بالراجح هو الواجب، قال الطوفي رحمه اللَّه تعالى:"لأن العمل بالأرجح متعين عقلًا وشرعًا، وقد عملت الصحابة بالترجيح مجمعين عليه، والترجيح دأب العقل والشرع، حيث احتاجا له"(3).
(1) هذا الحديث أخرجه البخاري (5/ 2305) ومسلم (14/ 130) بلفظ "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع".
(2)
هذا الحديث موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، رواه أحمد (1/ 379) وسبق بيانه.
(3)
مختصر الطوفي (ص 186) مع الاختصار والتصرف، وانظر: الإحكام، للآمدي (4/ 239)، المستصفى (2/ 394)، كشف الأسرار (4/ 76)، فواتح الرحموت (2/ 204)، شرح الكوكب المنير (4/ 619، 621)، إرشاد الفحول ص 274، علم أصول الفقه ص 230، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (2/ 1186)، منهج التوفيق والترجيح ص 347.
وهذا ما يجري عليه العمل في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والعلمية والتشريعية والقضائية والسياسية وغيرها.