الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ماعزًا (1)، والغامدية (2)، واليهوديين" (3)، والمنسوخ يثبت بخبر الآحاد، ولا يشترط فيه التواتر (4).
حالات النسخ في المصادر الشرعية:
يقع النسخ في المصادر الشرعية، وقد يكون الناسخ والمنسوخ في مصدر واحد، كنسخ القرآن بالقرآن، والسنة بالسنة، وهذا متفق عليه، وقد يكون في مصدرين كنسخ القرآن بالسنة، ونسخ السنة بالقرآن، وهما مختلف فيهما، كما سنذكره تفصيلًا، ويلحق بذلك نسخ الإجماع بالإجماع، ونسخ القياس بالقياس، وهو محل خلاف أيضًا.
أولًا: نسخ القرآن بالقرآن:
لا يجوز نسخ جميع القرآن باتفاق العلماء؛ لأنه معجزة الإسلام إلى الأبد، ولأن أحكامه تمثل آخر الشرائع، ولا يعقل رفع الشريعة وترك الناس بغير أحكام، قال الزركشي رحمه اللَّه تعالى:"يمتنع نسخ جميع القرآن بالإجماع .. ، وأما نسخ بعضه فجائز"(5)، وقال ابن النجار الفتوحي رحمه اللَّه تعالى: "وأما نسخ جميع
(1) هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والإمام أحمد عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما.
(2)
هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود وأحمد عن بريدة رضي الله عنه.
(3)
حديث رجم اليهوديين أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(4)
المستصفى (1/ 123)، الإحكام للآمدي (3/ 141)، المحصول (3/ 483)، البحر المحيط (4/ 97، 103)، كشف الأسرار (3/ 188)، فتح الغفار (2/ 134)، فواتح الرحموت (2/ 73)، أصول السرخسي (2/ 78)، شرح العضد على ابن الحاجب (2/ 194)، التلويح على التوضيح (2/ 36)، شرح تنقيح الفضول ص 309، شرح الكوكب المنير (3/ 553)، المسودة ص 198، العدة (3/ 780)، الحاوي (20/ 134)، إرشاد الفحول ص 189 (2/ 548 ط محققة)، روضة الناظر ص 74، الفصول في الأصول (2/ 251)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (2/ 978)، أحكام القرآن للجصاص (1/ 414)، فتح القدير للشوكاني (1/ 259).
(5)
البحر المحيط (4/ 102).
القرآن، فممتنع بالإجماع؛ لأنه معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الأبد، قال بعض المفسرين في قوله تعالى:{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42]، أي: لا يأتيه ما يبطله" (1).
ولذلك وضع العلماء شروطًا للنسخ حتى لا يقع التغالي والتوسع في آي القرآن الكريم، وخاصة إذا أمكن الجمع والتوفيق بين الآيات، وإن كان بعض العلماء يطلقون النسخ على التخصيص أو التقييد، ولذلك كانت مواطن النسخ قليلة ومحدودة ومعدودة كما ذكرناها في أول البحث.
واتفق العلماء على جواز نسخ بعض القرآن ببعض (2)، وهو نسخ القرآن بالقرآن، لتساويه في العلم القطعي ووجوب العمل، ولوقوعه فعلًا في القرآن، كما ذكرنا سابقًا.
فمن ذلك: نسخ آية الوصية للوالدين والأقربين بآيات المواريث، وهذا ما بينه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعدما أنزلت آيات الميراث:"إن اللَّه أعطى كل ذي حقّ حقَّه، فلا وصية لوارث"(3).
ومن ذلك: نسخ تحريم نكاح الزانية الوارد في قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3]، وثبت نسخه بقوله تعالى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32]، فيحل نكاح الأيم ولو كانت زانية.
ومن ذلك: نسخ الاعتداد بالحول في الوفاة بأربعة أشهر وعشر، كما سبق.
ومن ذلك: نسخ وجوب ثبوت الواحد في القتال للعشرة بضرورة ثبات المسلم أمام اثنين فقط، كما سبق.
ومن ذلك: نسخ تقديم الصدقة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم لمناجاته بإلغائها
(1) شرح الكوكب المنير (3/ 553 - 554).
(2)
سبق التنويه إلى النقل بالمنع عن أبي مسلم الأصفهاني، وأن ذلك اختلاف لفظي واصطلاحي، وأنه موافق على المبدأ.
(3)
هذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن اثني عشر صحابيًّا منهم أبو أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من التابعين.