الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأهم شروط المفتي أمران: العلم، والعدالة (1).
1 - العلم:
يجب أن يكون المفتي عالمًا بالأحكام الشرعية، وإلا أفتى الناس بجهل، أو بغير علم فيَضِلَّ ويُضل (2).
ويمكن اليوم أن يتوفر شرط العلم بالحصول على إجازة في الشريعة، أي: في الفقه وأصول الفقه، وما يلحق ذلك من العلوم الفقهية، كالقواعد الفقهية، والنظريات الفقهية، والفقه المقارن.
ولا يجوز للدولة تعيين المفتي إذا لم يكن مختصًا بالشريعة، وحاصلًا اليوم على شهادة جامعية في ذلك، ولا يجوز للشخص أن يقبل التعيين بوظيفة مفت إذا لم يتوفر فيه ذلك، ويأثم هو، ومن عيّنه.
ويجب على العامي، وكل شخص غير مختص بالشريعة، أن يسأل المفتي الذي توفر فيه شرط العلم عما يعرض له من المسائل، كما يجب عليه أن يسأل العالمَ المفتي عن كل عمل يحتاجه ويخصه، كالصلاة للجميع، وأحكام الزكاة للأغنياء، وأحكام الحج لمن استطاع إليه سبيلًا، وأحكام البيوع والمعاملات للتجار
…
، وغير ذلك مما سنفصله في الركن الثاني.
ويجوز للمستفتي أن يسأل من تصدى للإفتاء بذاته، أو من عينته الدولة بوظيفة الإفتاء العام أو المحلي، ومن يكون منتصبًا للإفتاء (3).
(1) المراجع السابقة، وقال الزركشي رحمه اللَّه تعالى:"وإنما يُسأل من عُرف علمه وعدالته، بأن يراه منتصبًا لذلك، والناس متقفون على سؤاله والرجوع إليه، ولا يجوز لمن عُرف بضد ذلك إجماعًا" البحر المحيط (6/ 309).
(2)
قال العلماء: يلزم ولي الأمر منع من لم يعرف بالعلم، أو جُهل حاله، من الفتيا، وقالوا: يحجر على المفتي الماجن، انظر: المجموع للنووي (1/ 69، 70)، روضة الطالبين (11/ 108)، أعلام الموقعين (4/ 203، 276)، شرح الكوكب المنير (4/ 544)، صفة الفتوى ص 6، 24.
(3)
قال ابن النجار رحمه اللَّه تعالى: "إن للعامي أيضًا استفتاء من رآه منتصبًا للإفتاء والتدريس، معظّمًا عند الناس، فإنه كونه كذلك يدل على علمه، وأنه أهل للإفتاء" شرح الكوكب المنير =
وإن لم يوجد في البلد إلا مفت واحد، تعين سؤاله والرجوع إليه، أما إن تعدد العلماء والمفتون وتفاوتوا في العلم والفضل، فاختلف الأصوليون في ذلك على قولين:
القول الأول: التخيير في سؤال أحد العلماء، وهو قول الأكثرين والفقهاء، ومنهم الحنفية والمالكية والشافعية وأكثر الحنابلة، وقالوا:"يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل في العلم"، قال الرافعي رحمه اللَّه تعالى:"وهو الأصح عند عامة الأصحاب، وقال: إنه الأصح"(1).
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43، الأنبياء: 7]، فالآية مطلقة، ولم تفرق بين العالم والأعلم، مع تفاوت درجتهم في العلم والمعرفة عادة.
وكان الصحابة رضوان اللَّه عليهم يستفتون أي عالم من الصحابة مع تفاوتهم في الفضل والعلم والاجتهاد، ولم ينكر عليهم أحد، فكان ذلك إجماعًا.
قال الآمدي رحمه اللَّه تعالى: "إن الصحابة كان فيهم الفاضل والمفضول من المجتهدين، فإن الخلفاء الأربعة كانوا أعرف بطريق الاجتهاد من غيرهم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "عَليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهْديِّين، تمسكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ" (2)، وقال صلى الله عليه وسلم: "أقضاكم عليّ، وأفرضُكم زَيْد، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل" (3)، وكان
= (4/ 542)، ولكن اليوم يعرف بالشهادة الجامعية التي يحملها، وانظر: البحر المحيط (6/ 309).
(1)
البحر المحيط (6/ 311).
(2)
هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي.
(3)
هذا جزء من حديث رواه الترمذي عن أنس مرفوعًا، وقال:"حسن صحيح" وهو حديث مشهور، وأوله "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر اللَّه عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة" المقاصد الحسنة ص 47، 42، الفتح الكبير (1/ 172)، وفي رواية البخاري:"أقضانا علي" ولفظ =