الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأخير تبليغ الوحي إلى وقت الحاجة:
يتعلق بالمسألة السابقة مسألة تأخير تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم ما أوحي إليه لوقت الحاجة، فقال جمهور العلماء بجواز تأخير تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم الحكم إلى وقت الحاجة كالمسألة السابقة، وأما المانعون هناك فقد اختلفوا هنا فقال أكثرهم بجوازه موافقين رأي الجمهور؛ لأن صيغة الأمر في التبليغ في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، لا يقتضي الفور ولا التراخي، وقال بعضهم: لا يجوز له تأخير التبليغ لما أوحي إليه من قرآن أو غيره؛ لأن ظاهر الأمر في الآية الوجوب وفورية التبليغ، وردَّ الجماهير عليهم بأن مطلق الأمر لا يقتضي الفور، وهذا الأمر لتبليغ ما أُنْزل من لفظ القرآن، وأن الآية نزلت لتقوية عزيمته عليه الصلاة والسلام، والمضي في تبليغ رسالته مع عدم الالتفات إلى أباطيل المشركين وادعاءاتهم (1).
المبيَّن له:
إن البيان يكون أولًا للمكلَّف عامة لأداء التكليف، والقيام به، والالتزام فيه، ويكون البيان للعلماء خاصة للفتوى بالحكم وتعليمه للناس، ولو لم يعملوا به، كأحكام الحيض يتعلمها العلماء والمفتون، ثم يبينونها للنِّساء، ويفتونهنَّ بها، وكذلك أحكام القضاء والزكاة والحج يبينها العلماء وإن لم يكلفوا بها لعدم توفر سببها أو شرطها عندهم، وكذلك يكون البيان للمجتهدين على وجه أخص ليستنبطوا الأحكام بالقياس والاستحسان والاستصلاح وغير ذلك (2).
(1) انظر هذه المسألة في: المستصفى (1/ 368)، الإحكام للآمدي (3/ 32)، الإحكام لابن حزم (1/ 75)، المحصول (3/ 280)، البرهان (1/ 166)، التمهيد للإسنوي ص 130، كشف الأسرار (3/ 108)، تيسير التحرير (3/ 174)، نهاية السول (2/ 156)، شرح تنقيح الفصول ص 282، شرح العضد (2/ 164)، فواتح الرحموت (2/ 49)، روضة الناظر ص 185، مختصر الطوفي ص 119، العدة (3/ 725)، جمع الجوامع والبناني (2/ 69)، شرح الكوكب المنير (3/ 453)، إرشاد الفحول ص 174، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (1/ 334).
(2)
نهاية السول (2/ 157)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (1/ 335).