الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصنف الثاني: تقليد العالم إذا علم أن الذي يقلده لا يخطئ فيما قلده فيه، فيلزمه القبول بمجرده، وهذا يشمل أربعة أشخاص:
أ- تقليد النبي صلى الله عليه وسلم، بناء على أن قوله يسمى تقليدًا، وهو الأصح؛ لقيام الدليل على صدقه.
ب- المخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من صحابي، أو تابعي ثقة، وكذا كل راوٍ عدل ثقة ضابط؛ لأن تقليده اتباع لما رواه عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
جـ- المجمعون على حكم، فتقليدهم واجب فيما أجمعوا عليه؛ لأنه اتباع للإجماع.
د- تقليد الصحايي في رأيه واجتهاده على أحد القولين الذي يعتبر قول الصحابي دليلًا شرعيًّا، وهو رأي الجمهور (1).
2 - التقليد المذموم أو المحرم:
وهذا يتضمن أربعة أنواع، وهي:
أ- التقليد الذي يتضمن الإعراض عما أنزل اللَّه، مما لا يجوز الالتفات إليه، كتقليد الآباء والرؤساء والزعماء والطواغيت.
ب- التقليد الذي يتعارض مع ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو مع الإجماع، أو مع ما علم من الدِّين بالضرورة، أو يتعارض مع قول الصحابي في القول الأكثر.
جـ- التقليد بعد ظهور الحجة، وإقامة الدليل على خلاف قول المقلَّد.
د- تقليد من يعلم المقلد أنه ليس أهلًا لأن يؤخذ قوله، كأنصاف العلماء، وعلماء السلطان الذين يفتون بما يهوى، وبما يملي.
وهذه الأنواع الأربعة هي التي يحمل عليها ما ورد في القرآن والسنة من ذم التقليد، وعليها يحمل كل ما نقل عن العلماء في ذم التقليد، وهو كثير
(1) البحر المحيط (6/ 276، 277، 285، 288)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (2/ 1129)، إرشاد الفحول ص 265، شرح الكوكب المنير (4/ 531، 532، 534، 539)، وما بعدها.
ثابت عن الأئمة الأربعة في النهي عن تقليدهم، وذم من أخذ بأقوالهم بغير دليل ولا حجة.
ونقل عن مالك رحمه اللَّه تعالى أنه قال: أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي، فما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافقه فاتركوه.
قال الشافعي رحمه اللَّه تعالى: مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب، وفيها أفعى تلدغه ولا يدري، وروى المزني عن الشافعي في أول مختصره أنه لم يزل ينهى عن تقليده وتقليد غيره.
وقال الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى: لا تقلدني، ولا تقلد مالكًا، ولا الثوري، ولا الأوزاعي، وخذ من حيث أخذوا، وقال: من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال.
وقال أبو يوسف: لا يحل لأحد أن يقول مقالتنا حتى يعلم من أين قلناه.
وقال السيوطي: ما زال السلف والخلف يأمرون بالاجتهاد ويحضون عليه، وينهون عن التقليد ويذمونه ويكرهونه، وقد صنف جماعة في ذم التقليد كالمزني، وابن حزم، وابن عبد البر، وأبي شامة، وابن قيم الجوزية، وصاحب القاموس المحيط.
وقال القرافي: مذهب مالك وجمهور العلماء وجوب الاجتهاد وإبطال التقليد (1).
(1) انظر: البحر المحيط (6/ 276، 283)، الرد على من أخلد إلى الأرض ص 42، أعلام الموقعين (2/ 181)، الرسالة للشافعي ص 42، إرشاد الفحول (ص 267، 268).