الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الطُّهرَ لن يُحْتَسَبَ -أيضًا- من عِدَّتِها، فتَطولُ ببقيَّةِ أيَّامِ هذا الطُّهرِ وبالحيضةِ الكاملةِ التي بَعْدَه، وقد تَكونُ حاملًا من هذا الجماعِ، وهو لا يَرْغَبُ في تطليقِ الحاملِ، فيَكونُ في ذلك النَّدمُ؛ لأنَّ الإنسانَ قد يُطَلِّقُ الحائلَ دونَ الحاملِ، وهذا الطَّلاقُ البدعيُّ حرامٌ؛ للنَّهيِ عنه، فإن طَلَّقَها أَثِمَ، ووقَعَ طلاقُه عندَ الشَّافعيِّ رحمه الله.
2 -
«وَضَرْبٌ لَيْسَ فِي طَلَاقِهِنَّ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ، وَهُنَّ أَرْبَعٌ:
أ- الصَّغِيرَةُ»؛ أيِ: التي لم تَحِضْ؛ لأنَّ عِدَّتَها بالأشْهُرِ، فلا يَلْحَقُها ضررٌ.
ب- «والآيِسةُ» ، وهي التي انقطعَ حيضُها بسببِ تجاوُزِ سِنِّ المحيضِ، فلا يَلْحَقُها ضررٌ؛ لأنَّ عِدَّتَها -أيضًا- بالأشْهُرِ كالصَّغيرةِ.
ج- «والْحَامِلُ» ؛ أيِ: التي ظهرَ حَمْلُها؛ لأنَّ عِدَّتَها بوضعِ الحَملِ، فلا تَختلفُ المُدَّةُ في حَقِّهَا، ولا نَدَمَ بعدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ.
د- «وَالْمُخْتَلِعَةُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا» ؛ لأنَّها لا عِدَّةَ عليها.
«فَصْلٌ»
فِي طلاقِ الحُرِّ والعَبْد
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَمْلِكُ الْحُرُّ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ، وَالْعَبْدُ تَطْلِيقَتَيْنِ» ، يَمْلِكُ الحُرُّ على زوجتِه ثلاثَ تطليقاتٍ، قال تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، يقولُ ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «إذا طَلَّقَ الرَّجلُ امرأتَه تطليقتينِ،
فليتَّقِ اللهَ في التَّطليقةِ الثَّالثةِ، فإمَّا أن يُمْسِكَها بمعروفٍ فيُحْسِنَ صحابَتَها، أو يُسَرِّحَها بإحسانٍ فلا يَظْلِمَها من حَقِّها شيئًا»
(1)
.
ويَمْلِكُ العبدُ طَلْقتينِ؛ لقولِ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه: «يَنْكِحُ العبدُ امرأتينِ ويُطَلِّقُ تَطليقتينِ»
(2)
.
قال الخطيبُ الشِّربينيُّ رحمه الله: «وإذا طَلَّقَ الحُرُّ ثلاثًا سواءٌ أَوْقَعَهنَّ معًا أمْ لا، مُعَلَّقًا كانَ ذلك أمْ لا، قبْلَ الدُّخولِ أمْ لا، أو العبدُ، أو المُبَعَّضُ طَلقتينِ كذلك؛ لم تَحِلَّ له حتَّى تَنكحَ زوجًا غيرَه»
(3)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ إِذَا وَصَلَهُ بِهِ» ؛ أيْ: وَصَلَ الزَّوْجُ لفظَ المستثنى بالمستثنى منه اتِّصالًا عُرْفِيًّا، بأنْ يُعَدَّ في العرفِ كلامًا واحدًا، فإن قال لزوجتِه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلَّا اثنتينِ، صَحَّ ووقعت طلقةٌ واحدةٌ؛ لحديثِ معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَا أَحَلَّ اللهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ، فَمَنْ طَلَّقَ وَاسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ»
(4)
.
وكذلك يُشترطُ أن ينويَ الاستثناءَ قبلَ فراغِ اليمينِ، كما
(1)
رواه ابنُ جريرٍ في «تفسيره» (4/ 543).
(2)
رواه الشَّافعيُّ في «مسنده» (187)، وذكَرَه ابنُ كثيرٍ رحمه الله في «مسند الفاروق» (1/ 406)، وقالَ:«روى الثَّوريُّ عن جعفرِ بنِ محمَّدٍ عن أبيه عن عليِّ بنِ أبى طالبٍ مِثْلَه، وابنُ عوفٍ مِثْلَ قولِهما، ولا يُعْرَفُ لهم مخالِفٌ من الصَّحابةِ» ، والعلَّةُ في أنَّ العبدَ يَنْكِحُ امرأتينِ ويُطَلِّقُ تطليقتينِ؛ أنَّ العبدَ على النِّصفِ من الحُرِّ، والنِّكاحُ لا يَتَبَعَّضُ، وكذلك الطَّلاقُ.
(3)
«مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج» (4/ 299)، والطَّلاقُ بلفظِ الثَّلاثِ من الطَّلاقِ البِدعيِّ المحرَّمِ، وهو يَقَعُ ثلاثًا عندَ الشَّافعيِّ رحمه الله.
(4)
رواه الدَّارقطني (3986).
يُشترطُ -أيضًا- عدمُ استغراقِ المستثنى المستثنى منه؛ فإن استغْرَقَ المستثنى المستثنى منه؛ كقولِه -مثلًا-: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلَّا ثلاثًا» ؛ بَطَلَ الاستثناءُ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالصِّفَةِ وَالشَّرْطِ» ، يَصِحُّ تعليقُ الطَّلاقِ بالصِّفةِ، فتُطَلَّقُ عندَ وُجودِها، فإذا قال لها:«أنتِ طالقٌ في شهرِ كذا» ؛ وَقَعَ الطَّلاقُ مع أوَّلِ جزءٍ من الليلةِ الأولى منه، وكذلك يَصِحُّ تعليقُ الطَّلاقِ بالشَّرطِ، فتُطَلَّقُ عندَ وجودِه، فإذا قال لها:«إن دَخلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ» ؛ وَقَعَ الطَّلاقُ إذا دَخلْتِ الدَّارَ؛ لحديثِ عمرِو بنِ عوفٍ المُزَنِيِّ رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:«الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَقَعُ قَبْلَ النِّكَاحِ» ؛ لحديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جَدِّه رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ»
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَأَرْبَعٌ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُمْ:
1 -
الصَّبِيُّ»، وهو من لم يبلُغْ.
2 -
«والْمَجْنُونُ» ، وهو فاقدُ التَّمييزِ؛ سواءٌ كانَ بشكلٍ جزئيٍّ أو كلِّيٍّ.
(1)
رواه الترمذي (1352)، وابن ماجه (2353)، وقال الترمذي:«هذا حديثٌ حسنٌ صحيح» .
(2)
رواه أحمد (6780)، والترمذي (1181)، وقال:«حديثٌ حسنٌ صحيح» .