الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فَصْلٌ»
في الرِّبَا
الرِّبا في اللُّغةِ: الزِّيادةُ، ومنه قولُه تعالى:{ويربي الصدقات} [البقرة: 276]؛ أي: يَزِيدُها ويُنَمِّيها.
وفي الاصطلاحِ: الزِّيادةُ في أشياءَ مخصوصةٍ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالرِّبَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَطْعُومَاتِ» ، التَّعاملُ بالرِّبا مُحَرَّمٌ، وهو من كبائرِ الذنوبِ، والأصلُ في تحريمِه آياتٌ، منها قولُه تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278، 279].
وأحاديثُ، منها حديثُ جابرٍ رضي الله عنه قال:«لَعَنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبا، ومُؤْكِلَهُ، وكاتِبَهُ، وشاهِدَيْهِ» ، وقال:«هُمْ سَوَاءٌ»
(1)
.
ويكونُ الرِّبا في: «الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَطْعُومَاتِ» ؛ كما قال المصنِّفُ رحمه الله؛ لحديثِ عبادةَ بنِ الصامتِ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»
(2)
.
(1)
رواه مسلم (1598)، وقوله:«هُمْ سَوَاءٌ» ؛ أي: يستوون في فعلِ المعصيةِ والإثمِ.
(2)
رواه مسلم (1587).
فدلَّ الحديثُ على ما ذكرَه المصنِّفُ في بيعِ الذَّهبِ بالذَّهبِ والفضَّةِ بالفضَّةِ من اشتراطِ التَّماثلِ، والحلولِ، والقبضِ في المجلسِ، وكما تُشترطُ هذه الثَّلاثةُ في الذَّهبِ والفضَّةِ؛ كذلك تُشترطُ في المتماثلاتِ من الأطعمةِ، ويُقاسُ على هذهِ الأشياءِ الستَّةِ ما شارَكها في العلَّةِ.
والعلَّةُ في «الذَّهبِ والفضَّةِ» هي النَّقديَّةُ أو الثمنيَّةُ، فيُقاسُ عليهما كلُّ ما جُعِلَ أثمانًا، كالأوراقِ النَّقديَّةِ المستعملةِ في هذه الأزمنةِ، فيَحرمُ فيها التفاضلُ إذا بِيع بعضُها ببعضٍ مع اتَّحادِ الجنسِ، وما سِوَى الذَّهبِ والفضَّةِ من الموزوناتِ، كالحديدِ والنُّحاسِ والرَّصاصِ والقُطنِ والكَتانِ والصُّوفِ والغَزلِ وغيرِها؛ فلا رِبَا فيها، فيجوزُ بيعُ بعضِها ببعضٍ متفاضلًا ومؤجَّلًا.
والعِلَّةُ في بقيَّةِ الأصنافِ الستَّةِ، وهي:«البُرُّ، والشَّعِيرُ، والتَّمرُ، والمِلْحُ» ؛ هي الطُّعْمُ؛ أي: كونُها تُطْعَمُ وتُؤْكَلُ، ويَدُلُّ عليه حديثُ مَعْمَرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنه قال: كنتُ أسمعُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ»
(1)
.
سواءٌ كان هذا الطعامُ للتَّقوُّتِ أو التَّفكُّهِ أو الإصلاحِ أو التَّداويِ، وقد جاء في حديثِ عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه السَّابقِ:«الْبُرُّ والشَّعِيرُ» ، والمقصودُ بهما التَّقَوُّتُ، فأُلْحِقَ بهما ما في معناهما، كالأرزِ والذُّرةِ، وكذلك «التَّمْرُ» ، والمقصودُ منه التَّفَكُّهُ
(1)
رواه مسلم (1592).
والتَّأَدُّمُ، فأُلْحِقَ به ما في معناه، كالزَّبيبِ والتِّينِ، وكذلك «الْمِلْحُ» ، والمقصودُ منه الإصلاحُ، فأُلْحِقَ به ما في معناه كالمصطكَى والزَّنجبيلِ، ولا فرقَ بين ما يُصلِحُ الغذاءَ، وما يُصلِحُ البدنَ؛ فإنَّ الأغذيةَ تحفظُ الصحَّةَ، والأدويةُ تَرُدُّ الصِّحةَ.
فيَحرُمُ التَّفاضلُ في الجنسِ الواحدِ من أموالِ الرِّبَا إذا بِيعَ بعضُه ببعضٍ، كبيعِ درهمٍ بدرهمين، أو دينارٍ بدينارينِ، أو صاعِ تمرٍ بصاعَينِ، وهو لا يكونُ إلا في الذَّهبِ والفِضَّةِ -كما سبق- ولو غيرَ مضروبَينِ، وكذلك في المطْعوماتِ.
والرِّبا على أنواعٍ:
الأول: «رِبَا الْفَضْلِ» ، وهو بيعُ المالِ الرِّبويِّ أو مبادلتُه بجنسِه مع زيادةٍ في أحدِ العِوضَينِ على الآخرِ، مثالُه: بيعُ صاعِ تمرٍ جيِّدٍ أو مبادلتُه بصاعَينِ من الرَّدِيء، أو مائةِ جرامٍ ذهبًا قديمًا بمائةٍ وعشرةٍ جديدًا، وهو محرَّمٌ؛ لحديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ وأبي هريرةَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم استعمل رجلًا على خيبرٍ، فجاءه بتمرٍ جَنِيبٍ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟» ، قال: لا والله يا رسولَ اللهِ، إنَّا لنأخذُ الصَّاعَ من هذا بالصَّاعَينِ، والصاعَينِ بالثَّلاثةِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا»
(1)
.
(1)
رواه البخاري (2089)، ومسلم (1593)، و «الجنيب»: نوعٌ جيدٌ من أنواعِ التمرِ، «الجمعَ»: الرديءَ أو الخليطَ من التمرِ.
ولحديثِ عُبادَةَ بنِ الصَّامتِ رضي الله عنه: أنَّه غزَا مع معاويةَ رضي الله عنه أرضَ الرومِ، فنظرَ إلى النَّاسِ وهم يتبايعونَ كسرَ الذَّهبِ بالدَّنانيرِ، وكسرَ الفضَّةِ بالدَّراهمِ، فقال: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّكم تأكلونَ الرِّبا، سمعت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:«لَا تَبْتَاعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، لَا زِيَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَظِرَةً»
(1)
.
الثَّاني: «رِبَا النَّسِيئَةِ» ، وهو بيعُ المالِ الربويِّ بجنسِه مؤجلًا، مثالُه: إعطاءُ شخصٍ لآخرَ ألفَ دينارٍ ليردَّه بعدَ عامِ ألفًا ومائةً، وهذا النَّوعُ من الرِّبا هو الأشهرُ والأكثرُ شيوعًا قديمًا وحديثًا، وهو الرِّبا الذي كانت العربُ في الجاهليَّةِ يتعاملُونَ به، وجميعُ الآياتِ القرآنيةِ التي تحدَّثَت عن تحريمِ الرِّبَا المرادُ فيها ربَا النَّسيئةِ الذي هو ربَا الجاهليةِ، وهو الرِّبَا الذي أُنشِئَت على أسَاسِه المصارفُ الرِّبويَّةُ، والمحورُ الرئيسُ لمعاملاتِها، فجميعُ السُّلَفِ، أو القُرُوضِ التي تُقَدِّمها المصارفُ الرِّبويَّةُ إلى أجَلٍ في مقابلِ الزِّيادةِ السنويَّةِ -كسبعةٍ في المائةِ أو نحوِ ذلك- تمثِّلُ صورةً من صورِ ربَا النَّسيئةِ.
الثَّالث: «رِبَا الْيَدِ» ، وهو بيعُ الربويِّ أو مبادلتُه بجنسِه أو بغيرِ جنسِه مع تأخيرِ قبضِ أحدِ البدلَينِ أو كليهما عن مجلسِ العقْدِ، مثالُه: مبادلةُ القمحِ أو الشَّعيرِ بالتَّمرِ مع تأخيرِ قبضِ أحدِ البَدَلَينِ أو كلَيهما، ومنه صرفُ النُّقودِ بجنسِها أو بغيرِ جنسِها مع تأخيرِ التَّقابضِ لأحدِهما أو كليهما، كصرفِ عددٍ من الجنيهاتِ
(1)
رواه ابن ماجه (18)، وأصله في «صحيح مسلم» ، وقد سبق قريبًا، وقوله:«وَلَا نَظِرَةً» ؛ أي: لا انتظارَ ولا تأخيرَ من أحدِ الطَّرفين.
بالدُّولارِ، أو قطعةِ نقدٍ من فئةِ العشرينَ بجنيهاتٍ من فئةِ الجنيهِ الواحدِ، ففي جميعِ هذه الحالاتِ يُشترطُ التَّقابضُ في مجلسِ العَقْدِ، فإذا تأخَّرَ القبضُ لأحدِهما أو كلَيهما وقع المتبادلانِ في الرِّبا، والدَّليلُ على ذلك حديثُ عبادةَ رضي الله عنه المتقدِّمُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَلَا الْفِضَّةِ كَذَلِكَ إِلَّا مُتَمَاثِلًا نَقْدًا» ؛ لحديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا»
(2)
.
وفي روايةٍ لأبي سعيدٍ رضي الله عنه: «يَدًا بِيَدٍ»
(3)
؛ أي: نقدًا، بتقابضِ البدلَينِ في المجلسِ، بغيرِ زيادةٍ ولا نقصانٍ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا بَيْعُ مَا ابْتَاعَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ»
(4)
.
(1)
رواه مسلم (1587).
(2)
رواه مسلم (1588).
(3)
رواه مسلم (1584).
(4)
رواه البخاري (2026)، ومسلم (1525).
ولحديثِ زيدِ بنِ ثابتٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «نهَى أنْ تُباعَ السِّلَعُ حيثُ تُبَتاعُ حتى يحوزُها التُّجَّارُ إلى رحالهم»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» ؛ لحديثِ سمرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «نهَى عن بيعِ الشَّاةِ باللَّحمِ»
(2)
.
ولحديثِ سعيدِ بنِ المسيبِ رحمه الله أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «نهَى عنْ بيعِ الحيوانِ باللَّحمِ»
(3)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا نَقْدًا» ؛ لحديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»
(4)
؛ أي: نقدًا، حالًّا، مقبوضًا بيدِ كلٍّ منهما قبلَ تفرُّقِهما.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَكَذَلِكَ الْمَطْعُومَاتُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجِنْسِ مِنْهَا بِمِثْلِهِ إِلَّا مُتَمَاثِلًا نَقْدًا» ؛ للحديثِ السَّابقِ، ولحديثِ أبي سعيدٍ الخُدرِيِّ وأبي هريرةَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم استعمل رجلًا على خَيْبَرَ، فجاءه بتمر جَنِيبٍ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكُلُّ تَمْرِ
(1)
رواه أبو داود (3499)، والحاكم (2270)، وصححه، وأقرَّه الذهبي.
(2)
رواه الحاكم (2251)، وقال:«هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ، رواتُه عن آخرِهم أئمةٌ حفَّاظٌ ثقاتٌ» .
(3)
رواه مالك في «الموطأ» (1912)؛ مرسلًا.
(4)
رواه مسلم (1587).
خَيْبَرَ هَكَذَا؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، إنَّا لنأخذُ الصَّاعَ من هذا بالصَّاعَينِ، والصَّاعَينِ بالثَّلاثةِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَجُوزُ بَيْعُ الْجِنْسِ مِنْهَا بِغَيْرِهِ مُتَفَاضِلًا نَقْدًا» ؛ أي: يجوزُ بيعُ الجنسِ من المطعوماتِ بغيرِه، كالحِنطةِ بالشَّعيرِ؛ مُتفاضلًا، بشَرطِ أنْ يكونَ نقدًا،؛ أي: حالًّا مقبوضًا بيدِ كلٍّ منهما قبلَ التَّفرُّقِ، ودليلُه حديثُ عُبَادَةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» ، وقد تقدَّمَ مِرارًا.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ» ؛ لحديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»
(2)
.
والنَّهيُ عن بيعِ الغررِ أصلٌ عظيمٌ من أصولِ كتابِ البيوعِ، ويَدخلُ فيه مسائلُ كثيرةٌ غيرُ منحصرةٍ، كبيعِ الآبقِ، والمعدومِ، والمجهولِ، وما لا يُقدَرُ على تسلِيمِه، وما لم يتمُّ ملكُ البائعِ عليه، وبيعِ السَّمكِ في الماءِ الكثيرِ، واللَّبنِ في الضَّرْعِ، وبيعِ الحَمْلِ في البَطنِ، ونظائرَ ذلك، وكلُّ ذلك بيعُه باطلٌ؛ لأنَّه غَرَرٌ
(1)
رواه البخاري (2089)، ومسلم (1593)، و «الجنيب»: نوعٌ جيدٌ من أنواعِ التَّمرِ، «الجمعَ»: الرديءَ أو الخليطَ من التمرِ.
(2)
رواه مسلم (1513).