الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فَصْلٌ»
في أحكامِ القِسْمَة
القِسمةُ في اللُّغةِ: مأخوذةٌ من قَسَمَ الشيءَ يَقْسِمُه قَسْمًا، والقِسْمُ: النَّصيبُ والحظُّ، وجمعُه أقسامٌ، يُقالُ: هذا قِسْمُك، وهذا قِسْمِي، قال تعالى:{فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات: 4]، وهي الملائكةُ تُقَسِّمُ ما وُكِّلَتْ به.
وفي الاصطلاح: تمييزُ الأنصباءِ بعضِها من بعضٍ.
والقاسمُ: هو الذي يُنصِّبُه القاضي ليقسِمَ الأشياءَ المشتركةَ بينَ الناسِ، ويميزَ نصيبَ كلِّ شريكٍ من نصيبِ غيرِه.
والأصلُ في مشروعيتِها قبلَ الإجماعِ قولُه تعالى في الميراثِ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} [النساء: 8].
وأيضًا فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقسمُ الغنائمَ بينَ مستحقِّيها، وكذلك الخلفاءُ الراشدونَ مِن بعدِه.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَفْتَقِرُ الْقَاسِمُ إِلَى سَبْعَةِ شَرَائِطَ:
1 -
الْإِسْلَامُ»، يُشتَرطُ في القاسمِ أن يكونَ مسلمًا؛ لأنَّ له نوعًا من الولايةِ على من يقسمُ لهم، وقسمتُه مُلزِمةٌ، ولا وَلايةَ لكافرٍ على مسْلمٍ.
2 -
«وَالْبُلُوغُ» ؛ لأنَّ له نوعًا من الولايةِ -كما سبق- والصبيُّ لا يلِي أمرَ نفسِه، فلا يلي أمرَ غيرِه من بابِ أولى.
3 -
«وَالْعَقْلُ» ؛ لأنَّ المجنونَ ممنوعٌ من التصرفِ لنفْسِه، فلا يَكونُ متصرِّفًا لغيْرِه.
4 -
«وَالْحُرِّيَّةُ» ؛ لأنَّ هذا العملَ يستدعي فراغًا، والعبدُ مشغولٌ بخدمةِ سيِّدِه.
5 -
«وَالذُّكُورَةُ» ؛ لحديثِ أبي بكرةَ رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»
(1)
.
6 -
«وَالْعَدَالَةُ» ؛ لأنَّ الفاسقَ غيرُ مؤتمنٍ.
7 -
«وَالْحِسَابُ» ، يشترطُ في القاسمِ أنْ يكونَ على معرفةٍ بالحسابِ، وكذلك المساحةِ، وما يُحتاجُ إليه حسبَ المقسومِ؛ لأنَّ ذلك آلةُ القسمةِ، كما أنَّ معرفةَ أحكامِ الشرعِ آلةُ القضاءِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «فَإِنْ تَرَاضَى الشَّرِيكَانِ بِمَنْ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا، لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى ذَلِكَ» ، وإذا لم يكنِ القاسمُ منصوبًا من جهةِ القاضي ورضي الشريكانِ بأنْ يقسمَ بينهمالم يفتقرِ القاسمُ إلى جميعِ الشروطِ السابقةِ؛ لأنَّه وكيلٌ عنهما، ولكنْ يُشترطُ فيه أنْ يكونَ مُكَلَّفًا؛ أي: بالغًا عاقلًا.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِنْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ لَمْ يُقْتَصَرْ فِيهِ عَلَى أَقَلَّ مِنَ اثْنَيْنِ» ، إن كان في القسمةِ تقويمٌ لم يكْفِ إلا قاسمانِ؛ لأنَّ التقويمَ تقديرُ قيمةِ الشيءِ المقسومِ، فهو شهادةٌ بالقيمةِ، فيشترطُ فيه العددُ.
(1)
رواه البخاري (4163).