الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا ذَلِكَ»
(1)
.
ولحديثِ أمِّ سلمةَ رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى ركعتينِ بعدَ العصرِ، فسألَتْهُ عن ذلك، فقال:«أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ»
(2)
.
«فَصْلٌ»
في صلاةِ الجماعة
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ» ، لمواظَبَتِه صلى الله عليه وسلم عليها، ولحديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»
(3)
.
ولحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»
(4)
.
ولا تَعَارُضَ بينَ الحديثَيْنِ؛ لأنَّ الكثيرَ لا ينفي القليلَ، أو أنَّ ذلك يَخْتَلِفُ باختلافِ أحوالِ المصلِّينَ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَعَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَنْوِيَ الِائْتِمَامَ دُونَ
(1)
رواه البخاري (572)، ومسلم (684).
(2)
رواه البخاري (1176)، ومسلم (834).
(3)
رواه البخاري (619)، و «الفَذُّ»؛ أي: المنفرِدُ.
(4)
رواه البخاري (621)، ومسلم (650).
الْإِمَامِ»، لا بُدَّ للمأمومِ أنْ ينويَ أنه مُؤْتَمٌّ، فإنْ لم يَفْعَلْ كان مُنْفَرِدًا، ولم تَنْعَقِدْ جماعتُه، ولا يُشْتَرَطُ نيَّةُ الإمامِ ليصحَّ الاقتداءُ به، فلو صلَّى خَلْفَه جَمْعٌ ولم يَعْلَمْ بهم انعقدتْ جماعتُهم، ولم يَحْصُلْ له هو فضلُ الجماعةِ؛ إلَّا إذا نواها؛ لقولِهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، وَالْبَالِغُ بِالْمُرَاهِقِ» ، أمَّا جوازُ الاقتداءِ بالعبدِ فلِمَا وَرَدَ أنَّ عائشةَ رضي الله عنها:«كانَ يَؤُمُّها عبدُها ذَكْوانُ»
(2)
.
وأمَّا جوازُ الاقتداءِ بالصبي المُمَيِّز، أو المراهِقِ -وهو مَنْ قارب سِنَّ الاحتلامِ- فلحديثِ عمرِو بنِ سَلَمَةَ رضي الله عنه أنَّه كانَ يؤمُّ قومَه وهو:«ابنُ سِتِّ أو سبعِ سِنينَ»
(3)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ، وَلَا قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ» ، لا يصحُّ اقتداءُ الرَّجلِ بالمرأةِ لقولِهِ تَعَالَى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34].
ولقولِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: «أَخِّرُوهنَّ من حيثُ أَخَّرَهُنَّ اللهُ»
(4)
.
ولأنَّ «الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ» ؛ كما في الحديثِ، وفي إمامتِها بالرِّجالِ فتنةٌ
(5)
.
(1)
رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).
(2)
رواه البخاري (1/ 245).
(3)
رواه البخاري (4051).
(4)
رواه عبدُ الرَّزَّاقِ في «المصنَّف» (5115)، وابنُ خُزيمةَ في «صحيحِه» (1700).
(5)
حديثُ: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ» ، رواه الترمذي (1173)، من حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه مرفوعًا، وقال:«هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب» .
وأمَّا اقتداءُ القارئِ بالأمِّيِّ؛ فلا يَجوزُ كما قالَ المصنِّفُ، والمقصودُ بالقارئِ: مَنْ يُحْسِنُ قراءةَ الفاتحةِ، والأُمِّيُّ: الَّذي لا يُحْسِنُ قراءةَ الفاتحةِ، ولم تصحَّ القدوةُ به؛ لأنَّ قراءتَها كاملةً ركنٌ كما سَبَقَ، وإنما صحَّتْ صلاةُ الأُمِّيِّ لنفْسِه لعدمِ قدرتِه على التَّعلُّمِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَأَيُّ مَوْضِعٍ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِيهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِصَلَاتِهِ أَجْزَأَهُ؛ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ» ، إذا كانَ الإمامُ والمأمومُ في المسجدِ فأيُّ موضعٍ صلَّى فيه المأمومُ بصلاةِ الإمامِ؛ جازَ بشرطيْنِ: الأوَّلُ: أنْ يكونَ عالمًا بصلاةِ الإمامِ؛ كأنْ يَسْمَعَه، أو يراه، أو يرى بعضَ الصَّفِّ، والثَّاني: أنْ لا يَتَقَدَّمَ عليه، فإذا جَمَعَهُما مسجدٌ أو جامعٌ صحَّ الاقتداءُ سواءٌ انقطعتِ الصُّفوفُ بَيْنَهُما أو اتَّصلتْ وسواءٌ حالَ بينهما حائلٌ أم لا وسواءٌ كانَ الإمامُ أعلى من المأمومِ أو أسفلَ؛ لأنَّه كُلَّه مكانٌ واحدٌ وهو مبنيٌّ للصَّلاةِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِصَلَاتِهِ وَلَا حَائِلَ هُنَاكَ؛ جَازَ» ، إذا كانَ الإمامُ في المسجدِ والمأمومُ خارجَ المسجدِ وليس بينهما حائلٌ يَمْنَع الاستماعَ أو المشاهَدةَ؛ جازَ الاقتداءُ به؛ لحصولِ الاتِّصالِ، فإنْ حالَ جدارٌ لا بابَ فيه، أو بابٌ مُغْلَقٌ؛ مُنِعَ الاقتداءُ لعدمِ الاتِّصالِ.