الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
«وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الاسْتِحْقَاقِ فِي الْغَالِبِ» ، فلو أسلمَ فيما ينقطعُ وجودُه غالبًا وقتَ حلولِ الأجل؛ كرطب في الشِّتاءِ؛ لم يصحَّ.
5 -
«وَأَنْ يَذْكُرَ مَوْضِعَ قَبْضِهِ» ؛ أي: من الأمكنةِ الممكنةِ؛ لا سيَّما فيما لنقلِه مُؤنةٌ.
6 -
«وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا» ؛ أي: بالقدرِ أو بالمشاهدةِ.
7 -
«وَأَنْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ» ؛ أي: أن يقبضَ البائعُ المالَ من المشتري في مجلسِ العقدِ.
8 -
«وَأَنْ يَكُونَ عَقْدُ السَّلَمِ نَاجِزًا لَا يَدْخُلُهُ خِيَارُ الشَّرْطِ» ، ناجزًا: أي ماضيًا نافذًا؛ لما فيه من غرَرِ إيرادِ عقدِه على معدومٍ، فلا يضمُّ إليه غررَ خيارِ الشَّرطِ، ولهما خيارُ المجلسِ ما لم يتفرَّقَا؛ لعمومِ قولِه صلى الله عليه وسلم:«البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»
(1)
.
«فَصْلٌ»
في الرَّهْن
الرَّهنُ في اللُّغة: الحبسُ، ومنه قولُه تعالى:{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]، وقولُه تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38]؛ أي: محبوسةٌ بكسْبِها وعَملِها.
(1)
رواه البخاري (1973)، ومسلم (1532).
وفي الاصطلاح: جَعْلُ عينٍ ماليَّةٍ وثيقةً بِدَيْنٍ يُستوفَى منها عندَ تعذُّرِ الوفاءِ.
والأصلُ في مشروعيَّتِه من الكتابِ قولُه تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283].
ويصحُّ الرَّهنُ في الحضرِ كما يصحُّ في السَّفرِ، تقولُ عائشةُ رضي الله عنها:«اشترى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ»
(1)
.
وقد أجمعتِ الأمَّةُ على مشروعيَّةِ الرَّهنِ وتعاملت به، ولم ينكرْه أحدٌ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ رَهْنُهُ فِي الدُّيُونِ إِذَا اسْتَقَرَّ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ» ؛ لأنَّ المقصودَ من الرَّهنِ أنْ يباعَ ويُستوفَى الحقُّ منه إذا تعذَّرَ استيفاؤُه من ذمَّةِ الرَّاهنِ، وهذا يتحقَّقُ في كلِّ عينٍ جازَ بيعُها.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلِلرَّاهِنِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ» ؛ أي: للرَّاهنِ الرُّجوعُ عن الرَّهنِ ما لم يقبضِ المرتهنُ العينَ المرهونةَ؛ لقولِه تعالى: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، فلا يلزمُ الرَّهنُ قبلَ القبضِ، فإنْ قبضَه لزِمَ الرَّهنُ وامتنعَ على الرَّاهنِ الرُّجوعُ فيه.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي» ، المرهونُ أمانةٌ في يدِ المرتهَنِ؛ لأنَّه قبضَه بإذنِ الرَّاهنِ، فكان
(1)
رواه البخاري (1962).
كالعينِ المستأجَرةِ فلا يضمنُه إلا بالتَّعدِّي؛ كسائرِ الأماناتِ، فلو تلفَ المرهُونُ بغيرِ تعدٍّ لم يضمنْه، ولم يَسقطْ من الدَّينِ شيءٌ؛ لأنَّه وثيقةٌ في دينٍ فلا يسقطُ الدَّيْنُ بتلفِه.
وليس للمرتَهِنِ في المرهونِ إلا حقُّ الاستيثاقِ؛ فيمنعُ مِن كلِّ تصرُّفٍ أو انتفاعٍ بالعينِ المرهونةِ، أمَّا الرَّاهنُ فله عليها كلُّ انتفاعٍ لا يُنقصُ القيمةَ كالرُّكوبِ ودرِّ اللَّبونِ، والسُّكنى والاستخدامِ؛ لحديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ»
(1)
.
أي: لا يمنعُ الرَّهنُ المرهونَ من مالكِه الذي رهنَه، لينتفعَ به، «لَهُ غُنْمُهُ»؛ أي: فوائدُه ونماؤُه، «وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ»؛ أي: نفقتُه ومُؤْنتُه، فإنَّه إذا تلِفَ تلِفَ عليه
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا قَضَى بَعْضَ الْحَقِّ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنَ الرَّهْنِ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَهُ» ؛ أي: إذا قبض المرتهنُ بعضَ الدَّينِ الذي على الرَّاهنِ لم ينفكَّ شيءٌ من الرَّهنِ حتى يقضيَ الرَّاهنُ الدَّينَ الذي عليه كاملًا.
(1)
رواه الشافعي في «مسنده» (ص: 148)، وأبو داود في «المراسيل» (186)؛ عن سعيد بن المسيب رحمه الله مرسلًا، ووصله ابن حبَّان (4094)، والحاكم (2315)، وصححه، وأقره الذهبي.
(2)
وقيل: «لَا يَغْلَقُ» ؛ هو من غَلِقَ الرهنُ يَغْلَقُ غُلُوقًا إذا بقِي في يدِ المرتهِنِ؛ لا يقدر راهنُه على تخليصِه، والمعنى: أنه لا يستحقُّه المرتهِنُ إذا لم يستفكَّه صاحبُه، وكان هذا من فعلِ الجاهليةِ؛ أنَّ الراهنَ إذا لم يُؤدِّ ما عليه في الوقتِ المعينِ ملَكَ المرتهِنُ الرهنَ، فأبطلَه الإسلامُ.