الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من استحقاقِ الميراثِ وولايةِ التزويجِ وتحمُّلِ الدِّيةِ والمطالبةِ بها، ودليلُه حديثُ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ عَنِ الْمُعْتِقِ إِلَى الذُّكُورِ مِنْ عَصَبَتِهِ، وَتَرْتِيبُ الْعَصَبَاتِ فِي الْوَلَاءِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْإِرْثِ» ، ينتقلُ الولاءُ عن المعتِقِ بعدَ موتِه إلى الذُّكورِ من عصبتِه، وترتيبُ العصباتِ في الولاءِ كترتيبِهم في الإرثِ، وقد سبق تفصيلُه في «كتابِ الفرائضِ» ، ولا ترثُ المرأةُ بالولاءِ إلَّا من شخصٍ باشرت عتقَه، أو من أولادِه وعتقائِه.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَلَاءِ وَلَا هِبَتُهُ» ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ»
(2)
.
«فصل»
في أحكام التَّدْبِير
التَّدبيرُ في اللُّغةِ: النَّظرُ في عواقبِ الأمورِ.
وفي الاصطلاحِ: تعليقُ المالكِ عتقَ عبدِه على موتِه.
فهو مأخوذٌ من الدُّبُرِ؛ لأنَّ السيدَ أعتقَه بعدَ موتِه، والموتُ دُبرُ الحياةِ.
(1)
رواه الشَّافعي في «مسنده» (237)، وابن حبَّان في «صحيحه» (1896).
(2)
رواه البُخاري (2398)، ومسلم (1506).
وقد كان التَّدبيرُ معروفًا في الجاهلية، فأقرَّه الشَّرعُ، وقد دبَّرَ المهاجرونَ والأنصارُ، ودبَّرَتْ عائشةُ رضي الله عنها أمةً لها
(1)
، وأجمع المسلمون على مشروعيتِه
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهُوَ مُدَبَّرٌ يَعْتِقُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ» ، إذا قال السيدُ لعبدِه -مثلًا-: إذا أنا مِتُّ فأنتَ حُرٌّ؛ فهو مدبَّرٌ، يَعتِقُ بعدَ وفاةِ السيدِ من ثلثِ مالِه بعدَ الدَّينِ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما قال:«الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ»
(3)
.
فإن استغرقَ الدينُ التركةَ لم يَعتِقْ منه شيءٌ، وإن لم يكن دَينٌ ولا مالَ غيرُه عَتِقَ ثُلُثُه؛ لأنَّه تبرُّعٌ معلَّقٌ بالموتِ، فأشبهَ الوصيَّةَ، وهي من الثُّلثِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَيَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ» ، يجوزُ للسيدِ أنْ يبيعَ المدبرَ في حال حياتِه، ويبطُلُ تدبيرُه، وله -أيضا- التَّصرفُ فيه، كهبتِه، أو جعلِه صَداقًا، أو نحوِ ذلك، يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: أعْتَقَ رجلٌ مِن بنِي عُذْرةَ غُلامًا له عن دُبُرٍ، فاحْتَاج، فأخذَه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:«مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي» ، فاشتراه نُعَيْمُ بنُ عبدِ اللهِ بِثَمَانِمِائةِ درهمٍ، فجاء بها النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1)
رواه عبد الرزاق في «المصنف» (18749)، والحاكم (7516)، وقال:«صحيح على شرط الشيخين» .
(2)
«كفاية الأخيار» (ص: 579).
(3)
رواه الشافعي في «الأم» (8/ 18)، وقال:«والحفاظُ الذين يحدثونه يَقفونه على ابنِ عمرَ، ولا أعلمُ مَن أدركت من المفتين اختلفوا في أنَّ المدبَّرَ وصيةٌ من الثُّلثِ» .