الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمَّا القنوتُ في الوِترِ في النِّصفِ الثَّاني مِن شهرِ رمضانَ؛ فلحديثِ الحسَنِ بنِ عليٍّ رضي الله عنهما قال: عَلَّمَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كلماتٍ أقولُهنَّ في الوِترِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ»
(1)
.
قالَ التِّرمذيُّ بعدَ روايتِه لهذا الحديثِ: «وقد رُوِيَ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ أنَّه كانَ لا يَقْنُتُ إلَّا في النِّصفِ الآخِرِ مِن رَمضانَ، وكانَ يَقْنُتُ بعدَ الرُّكوعِ»
(2)
.
وقال أبو داودَ: «ويُروى أنَّ أُبَيًّا، كانَ يَقْنُتُ في النِّصفِ مِن شهرِ رمضانَ»
(3)
.
«فَصْلٌ»
في هيئاتِ الصَّلاةِ
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَهَيْآتُهَا خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً:
1 -
رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرامِ، وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ»؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قال: رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم افْتَتَحَ التَّكبيرَ في
(1)
رواه أحمد (1718)، وأبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنَّسائي، (1745)، وابن ماجه (1178)، وقال الترمذي:«هذا حديثٌ حسن» .
(2)
«سُنن الترمذي» (2/ 328).
(3)
«سُنن أبي داودَ» (2/ 63).
الصَّلاةِ، فرَفَعَ يديه حينَ يُكَبِّرُ حتَّى يجعلَهما حذوَ مَنْكِبَيْهِ، وإذا كَبَّرَ للرُّكوعِ فَعَلَ مِثْلَه، وإذا قال:«سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» فَعَلَ مِثْلَه، وقالَ:«رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ، ولا يَفْعَلُ ذلك حينَ يسجدُ ولاحينَ يَرفعُ رأسَه مِنَ السُّجودِ
(1)
.
2 -
«وَوَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ» ؛ لحديثِ وائلِ بنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قال: «رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينَهُ على شِمالِه في الصَّلاةِ»
(2)
.
(3)
.
3 -
«وَالتَّوَجُّهُ» ، وهو أنْ يقولَ بعدَ التَّكبيرِ:{وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79]؛ ولحديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ قال: «{وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79]، {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ
(1)
رواه البخاري (705)، ومسلم (390).
(2)
رواه أحمد (18866)، والنسائي (887).
(3)
رواه ابنُ خُزيمة (478).
الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»، وإذا ركَعَ قال:«اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي» ، وإذا رَفَعَ قال:«اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ، وإذا سَجَدَ قال:«اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» ، ثمَّ يَكونُ مِن آخِرِ ما يقولُ بينَ التَّشهُّدِ والتَّسليمِ:
(1)
.
4 -
«وَالاسْتِعَاذَةُ» ؛ لقولِه تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98].
5 -
«وَالْجَهْرُ فِي مَوْضِعِهِ» ، يُسَنُّ لغيرِ المأمومِ أن يجهرَ بالقراءةِ فِي الصُّبْحِ، وأولتي العشاءين، والجُمُعَةِ، والعيدينِ، وخسوفِ القمرِ، والاستسقاءِ، والتراويح، ووتر رمضان
(2)
.
6 -
«وَالْإِسْرَارُ فِي مَوْضِعِهِ» ، وهو غيرُ ما ذكر؛ إلَّا في نافلةِ
الليلِ المُطْلَقَة، فيتوسطُ فيها بين الإسرارِ والجهر
(1)
.
7 -
«وَالتَّأْمِينُ» ؛ لحديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا تلا: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، قال:«آمِينَ» ، حتَّى يَسْمَعَ مَن يليه مِنَ الصَّفِّ الأوَّلِ
(2)
.
وفي روايةٍ: فَيَرْتَجُّ بها المسجدُ
(3)
.
ويَكونُ تأمينُ المأمومِ مع تأمينِ الإمامِ، يقولُ أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قالَ الإِمَامُ: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
(4)
.
وفي روايةٍ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
(5)
.
8 -
«وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ» ؛ أيْ: في الرَّكعتينِ الأُوليَيْنِ؛ لحديثِ أبي قَتادةَ رضي الله عنه قال: «كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلِّي بنا فيقرأُ في الظُّهرِ والعصرِ في الرَّكعتينِ الأُوليَيْنِ بفاتحةِ الكِتابِ وسُورتينِ، ويُسْمِعُنا الآيةَ أحيانًا، وكانَ يُطَوِّلُ الرَّكعةَ الأُولى مِنَ الظُّهرِ وَيُقَصِّرُ الثَّانيةَ، وكذلك في الصُّبحِ»
(6)
.
(1)
المصدر السابق.
(2)
رواه أبو داود (934).
(3)
رواه ابن ماجه (853).
(4)
رواه البخاري (749).
(5)
رواه مسلم (410).
(6)
رواه البخاري (725)، ومسلم (451).
ولا يقرأُ المأمومُ غيرَ الفاتحةِ في الصَّلاةِ الجهريَّةِ؛ لحديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ رضي الله عنه قال: كنَّا خَلْفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في صلاةِ الفجرِ فقرأَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فثَقُلَتْ عليه القراءةُ، فلمَّا انصرفَ قال:«لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ» ، قال: قلنا: يا رسولَ اللهِ، إي واللهِ، فقالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا»
(1)
.
9 -
«وَالتَّكْبِيرَاتُ عِنْدَ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ» ؛ لحديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّه كانَ يصلِّي لهم فيكبِّرُ كلَّما خَفَضَ ورَفَعَ، فلمَّا انصرفَ قال:«واللهِ إني لأَشْبَهُكُم صلاةً برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم»
(2)
.
10 -
«وَقَوْلُ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ؛ لحديثِ أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قال: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ»
(3)
.
11 -
«وَالتَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» ؛ لحديثِ حذيفةَ رضي الله عنه أنَّه صلَّى مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فكانَ يقولُ في ركوعِه: «سُبْحَانَ رَبِّيَ
(1)
رواه أحمد (22797)، والبخاري في القراءةِ خَلْفَ الإمامِ (158)، وأبو داود (823)، والترمذي (311)، وقال:«حديثٌ حسن» .
(2)
رواه البخاري (752)، ومسلم (392)، وقولُه:«خَفَضَ ورَفَعَ» ، أيْ: نَزَلَ للرُّكوعِ أو السُّجودِ أو قامَ منهما، و «انصرفَ»؛ أي: انتهى من صلاتِه.
(3)
رواه البخاري (657)، ومسلم (411).
الْعَظِيمِ»، وفي سجودِه:«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ، وما مرَّ بآيةِ رحمةٍ إلَّا وَقَفَ عندها فَسَأَلَ، ولا بآيةِ عذابٍ إلَّا وَقَفَ عندها فَتَعَوَّذَ
(1)
.
12 -
«وَوَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ فِي الْجُلُوسِ، يَبْسُطُ الْيُسْرَى وَيَقْبِضُ الْيُمْنَى، إِلَّا الْمُسَبِّحَةَ، فَإِنَّهُ يُشِيرُ بِهَا مُتَشَهِّدًا» ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: «كانَ إذا جلسَ في الصَّلاةِ وَضَعَ كفَّه اليُمنى على فَخِذِه اليُمنى، وقَبَضَ أصابعَه كلَّها وأشارَ بإصبعِه الَّتي تلي الإبهامَ، ووَضَعَ كفَّه اليُسرى على فَخِذِه اليُسرى»
(2)
.
13 -
«وَالِافْتِرَاشُ فِي جَمِيعِ الْجَلَسَاتِ» ، هو أنْ يَجْلِسَ الشَّخصُ على كعبِ اليُسرى، جاعلًا ظَهْرَها للأرضِ، ويَنْصِبَ قَدَمَه اليُمنى ويَضَعَ بالأرضِ أطرافَ أصابِعِها لجهةِ القِبلةِ، ويَكونُ الافتراشُ في جميعِ الجلساتِ؛ خلا الجلسةِ الَّتي هي للتَّشهُّدِ الأخيرِ، يَقولُ أبو حُمَيْدٍ السَّاعديُّ رضي الله عنه وهو يصفُ صلاةَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:«فإذا جلسَ في الرَّكعتينِ؛ جَلَسَ على رِجلِه اليُسرى ونَصَبَ اليُمنى، وإذا جَلَسَ في الرَّكعةِ الآخرةِ؛ قدَّمَ رِجْلَه اليُسرى ونَصَبَ الأُخرى وقَعَدَ على مَقْعَدَتِه»
(3)
.
14 -
«وَالتَّوَرُّكُ فِي الْجَلْسَةِ الأَخِيرَةِ» ، للحديثِ السَّابقِ،
(1)
رواه أحمد (23288)، وأبو داود (871)، والترمذي (262)، والنسائي (1008)، وابن ماجه (888)، وأصلُ الحديثِ في «صحيح مسلم» (772).
(2)
رواه مسلم (580).
(3)
رواه البخاري (794).