الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العِدَّةِ؛ لقولِه تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1]؛ أيْ: بيوتِ أزواجِهِنَّ، وإضافتُها إليهنَّ للسُّكنى، قال تعالى:{وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1]، قال ابنُ عبَّاسٍ وغيْرُه: الفاحشةُ المبيِّنَةُ هي أن تَبْذُوَ على أهلِ زَوْجِها، فإن فَعَلَتْ ذلك أُخْرِجَتْ.
وقولُ المصنِّفِ رحمه الله: «إِلَّا لِحَاجَةٍ» ؛ أيْ: فيَجوزُ لها الخروجُ لحاجةٍ، كأن تَخْرُجَ في النَّهارِ لشراءِ طعامٍ، أو كَتَّانٍ أو قُطنٍ، أو بيعِ غزْلٍ، ونحوِ ذلك، ويَجوزُ لها الخروجُ ليلًا إلى دارِ جارتِها لغزْلٍ وحديثٍ ونحوِهِما للتَّأنُّسِ؛ ولكنْ بشرطِ أن تَرْجِعَ وتَبيتَ في بيتِها، يقولُ جابرٌ رضي الله عنه: طُلِّقَتْ خالتي، فأرادت أن تَجُدَّ نَخْلَها، فزَجَرَها رَجلٌ أن تَخْرُجَ، فأتتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال:«بَلَى، فَجُدِّي نَخْلَكِ؛ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا»
(1)
.
«فَصْلٌ»
في أحكامِ الاسْتِبْرَاء
الاستبراءُ في اللُّغةِ: طَلبُ البَراءةِ.
وفي الاصطلاحِ: تربُّصُ المرأةِ مدَّةً بسببِ حدوثِ مِلْكٍ أو زَوَالِهِ؛ لمعرفةِ براءةِ الرَّحِمِ وخُلوِّه مِن الولدِ، أو للتَّعبُّدِ.
(1)
رواه مسلم (1483)، وقولُ جابر رضي الله عنه:«أن تَجُدَّ نَخْلَهَا» ؛ هو من الجدادِ -بالفتحِ والكسرِ- صِرامُ النَّخلِ، وهو قطعُ ثمرتِها، وقولُه رضي الله عنه:«فزَجَرَها رَجلٌ أن تَخْرُجَ» ؛ أيْ: نهاها عن الخروجِ.
والأصلُ في مشروعيَّتِه حديثُ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أَوْطَاسٍ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنِ اسْتَحْدَثَ مِلْكَ أَمَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا؛ إِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ بِحَيْضَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ بِشَهْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَمْلِ بِالْوَضْعِ» ، مَن حَدَثَ له مِلْكُ أَمَةٍ بشراءٍ أو إرثٍ أو هبةٍ أو سبيٍ أو نحوِ ذلك؛ حَرُمَ عليه الاستمتاعُ بها حتَّى يستبرئَها، فإن كانت الأمَةُ من ذواتِ الحيضِ فيَكونُ استبراؤُها بحيضةٍ، وإن كانت من ذواتِ الأشهرِ لصِغَرٍ أو يأسٍ فيَكونُ استبراؤُها بشهرٍ، فإنه كقُرءٍ في الحُرَّةِ، وإن كانت من ذواتِ الحَمْلِ فيَكونُ استبراؤُها بوضعِ الحَملِ؛ لعمومِ الحديثِ السَّابقِ، ولأنَّ المقصودَ معرفةُ براءةِ الرَّحمِ وهي حاصلةٌ بذلك.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا مَاتَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا كَالْأَمَةِ» ، المملوكةُ التي وطِئَها سيِّدُها فحَمَلَتْ منه وأتت بمولودٍ استهلَّ صارخًا؛ يقالُ لها: أمُّ ولدٍ، فلا يَجوزُ لسيِّدِها أن يبيعَها، وتَعتَقُ بمجرَّدِ موتِهِ، وتستبرئُ نَفْسَها كالأمَةِ على التَّفصيلِ السَّابقِ؛ إن كانت من ذواتِ الحيضِ بحيضةٍ، وإن كانت من ذواتِ
(1)
رواه أبو داود (2157)، والحاكمُ (2790)، وقال:«هذا حديث صحيح على شرطِ مسلم» . و «سبايا» ؛ جمعُ سَبِيَّةٍ، وهي الأسيرةُ من الكفَّارِ، و «أَوْطَاسٌ» ؛ وادٍ في ديارِ هوازنَ قريبٌ من الطَّائفِ.