الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأربعةُ والعِشرونَ تعولُ إلى سبعةٍ وعِشرينَ فقط، مِثالُه: أن يَهْلِكَ رجلٌ عن زوجةٍ، وابنتينِ، وأبوينِ، فالمسألةُ من أربعةٍ وعِشرينَ؛ للزَّوجةِ الثُّمُنُ ثلاثةٌ، وللبنتينِ الثُّلُثانِ ستَّةَ عشرَ، وللأمِّ السُّدُسُ أربعةٌ، وللأبِ السُّدُسُ أربعةٌ.
فإذا حَصَلَ العولُ في مسألةٍ فإنَّه يَنْقُصُ من نصيبِ كلِّ وارثٍ بقدرِ نسبةِ ما عالت به إليها بعدَ العَولِ، فإذا عالت السِّتَّةُ -مثلًا- إلى سبعةٍ كانَ نقصُ سهمِ كلِّ وارثٍ سُبُعًا؛ لأنَّها عالت بواحدٍ، ونسبةُ الواحدِ إلى السَّبعةِ سُبُعٌ، وإذا عالت إلى عَشَرةٍ كانَ نقصُه الخُمُسَيْنِ؛ لأنَّها عالت بأربعةٍ، ونسبةُ الأربعةِ إلى العَشَرةِ خُمُسَانِ.
«فَصْلٌ»
في الوَصِيَّة
سَبَقَ تعريفُ الوصيَّةِ في اللُّغةِ والاصطلاحِ. والأصلُ في مشروعِيَّتِها قبلَ الإجماعِ آياتٌ، منها قولُه تعالى:{مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا} [النساء: 11].
وأحاديثُ، منها: حديثُ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»
(1)
.
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَالْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ» ، تَجوزُ الوصيَّةُ بالشَّيءِ المعلومِ، كأن يَقولَ أوصيتُ بهذه الدَّارِ لزيدٍ أو عمرٍو، كما تَجوزُ بالمجهولِ كأن يَقولَ: أوصيتُ بثُلثِ مالي لزيدٍ أو عمرٍو، وهو لا يدري كم سَيَكونُ مالُه عند موتِه، وكذلك تَجوزُ الوصيَّةُ بالموجودِ، سواءٌ كانَ معلومًا أو مجهولًا، كأن يَقولَ: أوصيتُ بهذه النَّاقةِ لزيدٍ أو عمرٍو، أو أوصيتُ بناقةٍ من إبلي لزيدٍ أو عمرٍو، وكذلك تَجوزُ الوصيَّةُ بالمعدومِ، كأن يَقولَ: أوصيتُ بما تَحْمِلُه هذه النَّاقةُ، أو بما يَحملُه شجرُ هذا البستانِ لزيدٍ أو عمرٍو.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَهِيَ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ زَادَ وُقِفَ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ» ؛ لحديثِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه قالَ: جاءَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُني وأنا بمكَّةَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أُوصي بمالي
كلِّه؟ قالَ: «لَا» ، قلتُ: فالشَّطْرُ، قالَ:«لَا» ، قلتُ: الثُّلُثُ، قالَ:«فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»
(1)
.
فإذا أرادَ أن يُوصيَ بأكثرَ مِن الثُّلُثِ وُقِفَ على إجازةِ الورثةِ؛ أي: موافقتِهم؛ لأنَّ حقَّهم متعلِّقٌ بالزِّيادةِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهَا بَاقِي الْوَرَثَةِ» ؛ لحديثِ أبي أُمامةَ رضي الله عنه قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»
(2)
.
وفي روايةٍ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ»
(3)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ لِكُلِّ مُتَمَلِّكٍ وَفِي سَبِيلِ اللهِ تعالى» ، تَجوزُ الوصيَّةُ من كُلِّ حُرٍّ بالغٍ عاقلٍ، لكلِّ متمَلِّكٍ من كبيرٍ أو صغيرٍ ولو كانَ حَمْلًا موجودًا عند الوصيَّةِ، بشرطِ أن ينفصِلَ حيًّا؛ فإن انفصلَ ميِّتًا فلا شيءَ له، كما تَصِحُّ الوصيَّةُ في سبيلِ اللهِ تعالى، فتُصْرَفُ للغزاةِ المجاهِدِينَ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إِلَى مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ: الْإِسْلَامُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْأَمَانَةُ» ،
(1)
رواه البخاري (2591)، ومسلم (1628).
(2)
رواه أحمد (22348)، وأبو داود (2870)، والترمذي (2120)، وابن ماجه (2713)، وقال الترمذي:«هذا حديثٌ حسن» .
(3)
رواه الدَّارقطني (4150).
تَصِحُّ الوصيَّةُ بقضاءِ الدُّيونِ، ورَدِّ المَظالمِ، وتنفيذِ الوصايا، والنَّظرِ في أمرِ الأطفالِ ونحوِ ذلك إلى من اجتمعت فيه خمسُ خصالٍ:
1 -
الْإِسْلَامُ: فلا تَصِحُّ الوصيَّةُ لكافرٍ؛ لأنَّ الوِصايةَ نوعٌ من الوَلايةِ، ولا وَلايةَ لكافرٍ على مسْلمٍ.
2 -
الْبُلُوغُ: فلا تَصِحُّ الوصيَّةُ لصبيٍّ؛ لأنَّ الوصيَّةَ نوعٌ من الوَلايةِ -كما سَبَقَ- والصَّبيُّ ليس من أهلِ الوَلايةِ، ولأنَّه مُوَلًّى عليه، فلا يلي أَمْرَ غَيْرِه.
3 -
الْعَقْلُ: فلا تَصِحُّ الوصيَّةُ لمجنونٍ؛ لعجزِه عن التَّصرُّفِ لنفْسِه، فلا يَكونُ متصرِّفًا لغيْرِه.
4 -
الْحُرِّيَّةُ: فلا تَصِحُّ الوصيَّةُ للعبدِ؛ لأنَّ الوصيَّةَ تَستدعي فراغًا، وهو مشغولٌ بخدمةِ سيِّدِه.
5 -
الْأَمَانَةُ: فلا تَصِحُّ الوصيَّةُ لفاسقٍ؛ لما في الوصيَّةِ من معنى الوَلايةِ، ومقصودُها الأعظمُ الأمانةُ، والفاسقُ غيرُ مأمونٍ.
واللهُ تعالى أَعْلَمُ.