الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
«وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» ؛ لقولِه تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158].
«فَصْلٌ»
في العمرة
العمرةُ في اللُّغةِ: الزِّيارةُ، يُقَال: أَتَانَا فلَانٌ مُعْتَمِرًا؛ أي: زَائِرًا.
وفي الاصطلاحِ: القصدُ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ، في غيرِ وقتِ الحجِّ؛ لأداءِ عبادةٍ مخصوصةٍ بشروطٍ مخصوصةٍ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَأَرْكَانُ الْعُمْرَةِ أَرْبَعَةٌ:
1 -
الْإِحْرَامُ»، سبقَ الكلامُ عن الإحرامِ، وأنَّه نيَّةُ الدخولِ في النُّسكِ.
2 -
«وَالطَّوَافُ» ؛ لعمومِ قولِه تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].
ولحديثِ عبدِ اللهِ بنِ أبي أَوْفَى رضي الله عنه قال: «كنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حينَ اعْتَمَرَ فَطَافَ
…
وسَعَى بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ»
(1)
.
3 -
«والسَّعْيُ» ؛ للحديثِ السَّابقِ، ولقولِه تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158].
(1)
رواه البخاري (2/ 635).
4 -
«وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ» ؛ لقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27]. والحلقُ أو التقصيرُ في العمرة رُكنٌ، وهو واجبٌ في الحجِّ، كما سيأتي إنْ شاءَ اللهُ تعالى. والحلقُ أفضلُ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«اللهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ» ، قالوا: والمقصِّرينَ يا رسولَ اللهِ، قال:«اللهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ» ، قالوا: والمقصِّرينَ يا رسولَ اللهِ، قال:«وَالْمُقَصِّرِينَ»
(1)
.
فالحلقُ للرجالِ أفضلُ من التقصيرِ، والتقصيرُ للنساءِ أفضلُ؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ»
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَوَاجِبَاتُ الْحَجِّ غَيْرُ الْأَرْكَانِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:
1 -
الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ»، الفرقُ بينَ الواجباتِ والأركانِ أنَّ الواجباتِ يُجبَرُ تركُها بإراقةِ دمٍ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى؛ أمَّا الأركانُ فهي ما لا يتمُّ ماهيَّةُ الحجِّ إلا به، ولا يُجبَرُ تركُه بإراقةِ دمٍ.
والمقصودُ بالميقاتِ هنا الميقاتُ بنوعَيه الزَّمانيِّ: وهو شهرُ شوالٍ، وشهر ذي القَعدةِ، وعشرِ ليالٍ من ذي الحجَّةِ؛ والميقاتِ المكاني: وهو الذي حدَّده النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأهلِ كلِّ جهةٍ، فيُحرِمون قبلَ
(1)
رواه البخاري (1640)، ومسلم (1301).
(2)
رواه أبو داود (1984).
أن يتجاوزوه، إذا أتَوا مكةَ قاصدينَ الحجَّ أو العمرةَ.
وقد وقَّت النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ كما قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: «لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ، فَمِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا»
(1)
.
وقال ابنُ عمرَ رضي الله عنهما: لما فُتِحَ هذان الْمِصْرَانِ أتَوا عمرَ، فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حدَّ لأهلِ نجدٍ قرنًا، وهو جَوْرٌ عن طريقِنا، وإنِّا إنْ أردْنا قرنًا شقَّ علينا، قال: فانظروا حَذْوَها من طريقِكم، فحدَّ لهم ذاتَ عِرْقٍ»
(2)
.
وهذه المواضعُ المذكورةُ في الأحاديثِ تُعْرَفُ للحجيجِ الآنَ بواسطةِ سكَّانِها، أو بوسائلَ أخرى.
(1)
رواه البخاري (1454)، ومسلم (1181) وقوله صلى الله عليه وسلم:«فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ» ، فلو مرَّ الشاميُّ على ذي الحليفةِ؛ لزمه الإحرامُ منها وليس له مجاوزتُها إلى الجحفةِ التي هي ميقاتُه، وقولُه صلى الله عليه وسلم:«فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ» ؛ أي: إنَّ مَن كان مسكنُه بين مكةَ والميقاتِ فميقاتُه مسكنُه، ولا يلزمُه الذَّهابُ إلى الميقاتِ، ولا يجوزُ له مجاوزةُ مسكنِه بغيرِ إحرامٍ، ولذلك جاء في رواية:«فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ» ، و «مُهَلُّهُ» ؛ مكانُ إحرامِه، مأخوذٌ من الإهلالِ، وهو رفعُ الصوتِ بالتلبيةِ عند الإحرامِ، و «أهله» ، يعني: مسكنه وموضعه.
(2)
رواه البخاري (1454)، و «الْمِصْرَانِ» ؛ البصرةُ والكوفةُ، «جَوْرٌ»؛ أي: مائلٌ بعيدٌ، «حذوها»؛ أي: ما يحاذيها ويقابلُها، «فحدَّ لهم»؛ أي: عيَّن لهم، وهو لا يكونُ إلا بتوقيفٍ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
2 -
«وَرَمْيُ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ» ؛ أي: في أيامِ التَّشريقِ، وهي الحاديَ عشرَ، والثَّانيَ عشرَ، والثَّالثَ عشرَ؛ من ذي الحجَّةِ، يبدأُ بالصُّغرى التي تلي مسجدَ الخَيفِ، ثمَّ الوُسطى، ثمَّ جمرةِ العقبةِ الكبرى، كما يجبُ على الحاجِّ أنْ يرميَ جمرةَ العقبةِ وحدَها يومَ النَّحرِ، وهو اليومُ العاشرُ من ذي الحجَّةِ، ويكونُ الرَّميُ يومَ النَّحرِ بعدَ طلوعِ الشمسِ، وأيامَ التشريقِ بعدَ الزوالِ.
يقولُ جابرٌ رضي الله عنه: «رمَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ النَّحرِ ضُحًى، وأمَّا بعدُ، فإذا زالتِ الشمسُ»
(1)
.
(2)
.
وكان عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنهما: «يرمي الجمرةَ الدُّنيا بسبعِ حصياتٍ، ثمَّ يكبرُ على إثْرِ كلِّ حصاةٍ، ثمَّ يتقدَّمُ فَيُسْهِلُ، فيقومُ مستقبلَ القبلةِ قيامًا طويلًا، فيدعو ويرفعُ يدَيه، ثمَّ يرمي الجمرةَ الوسطى كذلك، فيأخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، ويقومُ مُستقبِلَ القِبلةِ قيامًا طويلًا، فيدعُو ويرفعُ يدَيه، ثمَّ يرمِي الجمرةَ ذاتَ العقبةِ مِن
(1)
رواه مسلم (1299).
(2)
رواه أحمد (24636)، وأبو داود (1973)، وابن خزيمة (2956)، والحاكم (1756)، وقال:«هذا حديث صحيح على شرط مسلم» .
بطنِ الوادي، ولا يقفُ عندَها، ويقولُ:«هكذا رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يفعلُ»
(1)
.
وإذا عجَزَ شخصٌ عن الرَّمِي بنفسِه لمرضٍ أو حَبْسٍ أو عُذرٍ، فله أنْ يستنيبَ مَن يرمِي عنه، لكنْ لا يصحُّ رميُ النَّائبِ عن المستنيبِ إلَّا بعدَ رميِ النائبِ عن نفسِه، ويُشترطُ في جوازِ النيابةِ -أيضًا- أن يكونَ العذرُ ممَّا لا يُرجَى زوالُه قبلَ خروجِ وقتِ الرمْيِ.
3 -
«وَالْحَلْقُ» ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حلَقَ رأسَه في حَجَّةِ الوَداعِ»
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَسُنَنُ الْحَجِّ سَبْعٌ:
1 -
الْإِفْرَادُ وَهُوَ: تَقْدِيمُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ»، ومن المعلومِ أنَّ الإحرامَ له ثلاثةُ وجوهٍ: الإفرادُ، والتَّمتعُ، والقِرانُ، وصورةُ الإفرادِ أنَّ يُحرِمَ بالحجِّ وحدَه ويفْرُغَ منه، ثمَّ يُحرِمَ بالعمرةِ؛ وصورةُ التمتُّعِ أنْ يُحرِمَ بالعمرةِ من ميقاتِ بلدِه ويفرغَ منها، ثمَّ يُحرِمَ بالحجِّ من مكةَ، وسُمي متمتعًا؛ لأنَّه يتمتعُ بينَ الحجِّ والعمرةِ بما كان مُحرَّمًا عليه؛ وصورةُ القِرانِ الأصليةُ أن يُحرِمَ بالحجِّ والعمرةِ معًا، فتندرجُ أعمالُ العمرةِ في أعمالِ الحجِّ، ويتحدُ الميقاتُ والفعلُ.
(1)
رواه البخاري (1665)، وقوله:«فَيُسْهِلَ» ؛ أي: ينزلَ إلى السهلِ، و «بطن الوادي» ، وسطه.
(2)
رواه البخاري (4148)، ومسلم (1304).
والأفضلُ في مذهبِ الشافعيِّ رحمه الله الإفرادُ، ويليه التمتُّعُ، ثمَّ القِرانُ، وشرطُ كونِ الإفرادِ أفضلَ منهما أنْ يعتمرَ في تلك السنةِ، فيُحرِمَ أوَّلًا بالحجِّ من ميقاتِه ويفرغَ منه، ثمَّ يخرجَ عن مكةَ إلى أدنى الحِلِّ فيُحرِمَ بالعمرةِ، ويأتيَ بعملِها، فلو أخَّرَ العمرةَ عن سَنَتِهِ فكلٌّ من التمتعِ والقِرانِ أفضلُ من الإفرادِ؛ لأنَّ تأخيرَ العمرةِ عن سَنَةِ الحجِّ مكروهٌ.
تقولُ عائشةُ رضي الله عنها: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالحَجِّ»
(1)
.
(1)
رواه البخاري (1487)، ومسلم (1211)، وقولها:«فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ» ، تريدُ أنَّ مَن نسَكَ منهم كان على هذه الوجوهِ الثلاثةِ: التمتُّعِ، والقِرانِ، والإفرادِ، وهي كلُّها مشروعةٌ جائزةٌ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقرَّ عليها جميعًا، ولكنَّ الخلافَ في الأفضلِ.
وقد أهلَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالحجِّ مفردًا، ثمَّ أتاه جبريلُ عليه السلام فأمرَه أن يُدْخِلَ عليه العمرةَ، فصار قارنًا؛ كما في «صحيح البخاري» (1534)، من حديثِ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ» .
قال مجدُ الدين أبو السعاداتِ ابنُ الأثيرِ رحمه الله في «شرح مسند الشافعي» (3/ 420): «إن الفسخَ إنما وقع لأنَّ العربَ كانوا يحرِّمون العمرةَ في أشهرِ الحجِّ، فأمرهم بذلك صرفًا لهم عن سُنةِ الجاهليةِ» .
وقال أبو ذر رضي الله عنه -كما في «صحيح مسلم» (1224) -: «كانت المتعةُ في الحجِّ لأصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم خاصةً» .
قال البيهقيُّ رحمه الله في «السنن الكبرى» (5/ 22): «وإنما أراد -واللهُ أعلمُ- فسخَهم الحجَّ بالعمرةِ وهو أنَّ بعضَ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أهلَّ بالحجِّ ولم يكن معهم هديٌ، فأمرَهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يجعلوه عمرةً، لينقضن -واللهُ أعلم- بذلك عادتَهم في تحريمِ العمرةِ في أشهرِ الحجِّ» .
يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما -كما في البخاري (1568)، ومسلم (1218) -:«أهلَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هو وأصحابُه بالحجِّ، وليس مع أحدٍ منهم هديٌ غيرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وطلحةَ، وقَدِمَ عليٌّ من اليمنِ ومعه هديٌ، فقال: أهللْتُ بما أهلَّ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم فأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه أن يجعلوها عمرةً ويطوفوا، ثم يقصِّروا ويحلُّوا؛ إلا من كان معه الهديُ، فقالوا: ننطلقُ إلى منًى وذكرُ أحدِنا يقطُرُ؟! فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ» .
وفي روايةٍ لمسلمٍ: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» .
وقال عمرُ رضي الله عنه: «افصِلوا حجَّكم من عمرتِكم؛ فإنَّه أتمُّ لحجِّكم، وأتمُّ لعمرتِكم»
(1)
.
2 -
«وَالتَّلْبِيَةُ» ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما استوت به راحلتُه قائمةً عندَ مسجدِ ذي الحُلَيفةِ؛ أهلَّ فقال: «لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ، لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ»
(2)
.
3 -
«وَطَوَافُ الْقُدُومِ» ؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها: «أنَّ أولَ شيءٍ بدأَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين قدِمَ أنَّه توضَّأَ، ثمَّ طافَ»
(3)
.
4 -
«وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ» ، عن جابرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أتى المزْدلِفَةَ، فصلَّى بها المغربَ والعشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ، ولم يُسبِّحْ بينهما شيئًا، ثمَّ اضطجعَ حتى طلع الفجرُ، وصلَّى الفجرَ،
(1)
رواه مسلم (1217).
(2)
رواه البخاري (1474)، ومسلم (1184).
(3)
رواه البخاري (1536)، ومسلم (1235).
حين تبيَّن له الصُّبحُ، بأذانٍ وإقامةٍ»
(1)
.
5 -
«وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ» ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قال: «قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فطاف بالبيتِ سبعًا، ثمَّ صلَّى خلفَ المقامِ ركعتينِ»
(2)
.
6 -
«وَالْمَبِيتُ بِمِنًى» ، هذا فيمَن لا عُذر له، أمَّا المعذورُ كأهلِ السِّقايةِ والرُّعاءِ؛ فلهم إذا رمَوا جَمْرةَ العقبةِ يومَ النَّحرِ أنْ ينفِروا، ويدَعوا المبيتَ بمنًى؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ العباسَ بنَ عبدِ المطلبِ رضي الله عنه استأذن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يبيتَ بمكةَ لياليَ منًى؛ من أجلِ سقايتِه، فأذن له»
(3)
.
7 -
«وَطَوَافُ الْوَدَاعِ» ؛ لحديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّاسَ كانوا ينْصرفونَ في كلِّ وَجْهٍ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ»
(4)
.
وفي روايةٍ: «حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ»
(5)
.
ويسقطُ عن الحائضِ والنُّفساءِ؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ»
(6)
.
(1)
رواه مسلم (1218).
(2)
رواه البخاري (1544).
(3)
رواه البخاري (1553)، ومسلم (1315).
(4)
رواه مسلم (1327).
(5)
رواه أبو داود (2002)، وابن حبَّان (3897).
(6)
رواه البخاري (1668)، ومسلم (1328).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمَخِيطِ وَيَلْبَسُ إِزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ» ؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم انطلق من المدينةِ، بعدَ ما ترجَّلَ وادَّهن، ولبِس إزارَه ورداءَه، هو وأصحابُه، فلم ينهَ عن شيءٍ من الأرديَةِ والأُزُرُ تُلبَسُ»
(1)
.
وكونُها بيضاءَ؛ فَلِحَدِيثِ سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ»
(2)
.
ويستحبُ له أنْ يغتسلَ، ثمَّ يتطيَّبَ، ويلبسُ ثيابَ الإحرامِ، ثمَّ يصلِّي ركعتينِ، ثمَّ يُحرِمُ؛ لحديثِ نافعٍ أنَّ ابنَ عمرَ رضي الله عنهما كان إذا أراد الخروجَ إلى مكَّةَ ادَّهَن بدُهْنٍ ليس له رائحةٌ طيبةٌ، ثمَّ يأتي مسجدَ ذي الحُليفةِ فيُصلِّي، ثمَّ يركبُ، وإذا استوت به راحلتُه قائمةً أحرمَ، ثمَّ قال:«هكذا رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يفعلُ»
(3)
.
وقالت عائشةُ رضي الله عنها: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ حينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ»
(4)
.
(1)
رواه البخاري (1470)، و «ترجل»؛ أي: سرَّح شعرَه، و «ادَّهن»؛ أي: وضعَ الطِّيبَ ونحوَه.
(2)
رواه أحمد (20231)، والترمذي (2810)، والنسائي (1896)، وابن ماجه (3567)، وقال الترمذي:«هذا حديث حسن صحيح» .
(3)
رواه البخاري (1479).
(4)
رواه البخاري (1465)، ومسلم (1189).