الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا دَعَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ إِلَى قِسْمَةِ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ، لَزِمَ الْآخَرُ إِجَابَتَهُ» ، إذا دعا أحدُ الشريكينِ شريكَه إلى قسمةِ ما لا ضررَ فيه، كدارٍ كبيرةٍ، أو دراهمَ أو ثيابٍ متعددةٍ، أو نحوِ ذلك، لزم الشريكَ الآخرَ إجابتُه إلى القسمةِ؛ إذ قد يكونُ في استمرارِ الشركةِ ضررٌ عليه، أما لو كان في القسمة ضررٌ، فإنَّه لا تلزمُه إجابتُه؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»
(1)
.
«فَصْلٌ»
في أحكام البَيِّنَة
البينةُ في اللغة: الدَّلالةُ الواضحةُ؛ سواءٌ كانت عقليةً أو حِسِّيَّةً.
وفي الاصطلاحِ: اسمٌ لما يُبيِّنُ الحقَّ ويُظهرُه.
والأصلُ في مشروعيتِها أحاديثُ، منها: حديثُ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»
(2)
.
وحديثُ الأشعثِ بنِ قيسٍ رضي الله عنه قال: كان بيني وبين رجلٍ أرضٌ باليمنِ، فخاصمتُه إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:«هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟» ، فقلتُ: لا، قال:«فَيَمِينُهُ»
(3)
.
(1)
رواه أحمد (2867)، وابن ماجه (2340)، وصححه السيوطي في «الجامع الصغير» (2/ 397).
(2)
رواه البخاري (4277)، ومسلم (1711).
(3)
رواه البخاري (2523)، ومسلم (138).
وفي روايةٍ «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ لَهُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ» ، إذا كان مع المدعِي بينةٌ على ما ادَّعاه سمِعها منه القاضي وحكم له بها، فإن لم تكنْ معه بينةٌ فالقولُ حينئذٍ قولُ المُدَّعَى عليه لموافقتِه الظاهرَ؛ ولكن بيمينِه، فإن امتنع المدَّعَى عليه عن اليمينِ بعدَ عرضِها عليه رُدَّتْ اليمينُ حينئذٍ على المدَّعِي فيحلفُ ويستحقُّ بيمينِه لا بنكولِ خَصمِه؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم:«رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الحَقِّ»
(2)
.
ويبينُ القاضي حكمَ النُّكولِ للجاهلِ به؛ بأنْ يقولَ له: إن نكلتَ عن اليمينِ حلفَ المدعِي وأخذ منك الحقَّ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا تَدَاعَيَا شَيْئًا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدَيْهِمَا تَحَالَفَا، وَجُعِلَ بَيْنَهُمَا» ، إذا ادعى الخصمانِ عينًا في يدِ أحدِهما، ولا بينةَ لواحدٍ منهما، فالقولُ حينئذٍ قولُ صاحبِ اليدِ بيمينِه إنها ملكُه؛ إذ اليدُ من الأسبابِ المرجِّحةِ، فإن كانت العينُ في يديهما ولا بينةَ لهما حلفَ كلٌّ منهما على نفيِ أنْ تكونَ ملكًا للآخرِ؛ لحديثِ أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّ رجلين ادَّعيَا بعيرًا إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وليست لواحدٍ
(1)
رواه البخاري (2380).
(2)
رواه الحاكم (7057)، وصححه.