الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ العِتْق
العتقُ في اللُّغةِ: خلافُ الرِّقِّ، وهو الحريةُ، يُقالُ: عَتَقَ فلانٌ؛ أي: صار حُرًّا بعدَ أن كان رقيقًا.
وفي الاصطلاحِ: إزالةُ الرِّقِّ عن آدميٍّ.
والأصلُ في مشروعيتِه قبل الإجماعِ آياتٌ، منها: قولُه تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11 - 13].
وأحاديثُ، منها: حديثُ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً، أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَصِحُّ الْعِتْقُ مِنْ كُلِّ مَالِكٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، وَيَقَعُ بِصَرِيحِ الْعِتْقِ، وَالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ» ، يصحُّ العتقُ من كلِّ مالكٍ للرقبةِ مطلقِ التَّصرفِ فيما يملكُ، وهو كلُّ بالغٍ عاقلٍ غيرِ محجورٍ عليه لسفهٍ أو فلسٍ؛ لأنَّ العتقَ تبرُّعٌ، ولا يصحُّ التبرُّعُ إلَّا ممَّنْ كان على هذا الوصفِ، ويقعُ العتقُ باللفظِ الصَّريحِ، كأنت عتيقٌ أو أنت حرٌّ، ولا يحتاجُ اللفظُ الصريحُ إلى نيةٍ، ولا فرقَ فيه بين هازلٍ وجادٍّ، وكذلك يقعُ العتقُ بغيرِ اللفظِ
(1)
رواه البخاري (6337)، ومسلم (1509).
الصريحِ إذا كان مقترنًا بالنيةِ، كقولِ السيدِ لعبدِه: لا ملكَ لي عليك، أو لا سلطانَ لي عليك، ونحوِ ذلك.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدٍ عَتَقَ جَمِيعُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُوسِرٌ سَرَى الْعِتْقُ إِلَى بَاقِيهِ وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ» ، إذا أعتقَ المالكُ بعضَ عبدٍ معينٍ، كيدِه، أو شائعٍ منه كرُبعِه؛ عتقَ جميعُه، وهذا إذا كان باقِيه له، فإنْ كان باقِيه لغيرِه وهو موسرٌ سرَى إلى باقي العبدِ، والمرادُ بالموسِرِ هنا: مَن له من المالِ وقتَ الإعتاقِ ما يفِي بقيمةِ نصيبِ شريكِه، فاضلًا عن قوتِه وقوتِ مَن تلزمُه نفقتُه في يومِه وليلتِه، ودليلُ ذلك حديثُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ قُوِّمَ العَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ»
(1)
.
(1)
رواه البخاري (2386)، ومسلم (1510). وقولُه صلى الله عليه وسلم:«قِيمَةَ عَدْلٍ» ؛ أي: لا زيادةَ فيها ولا نقصٌ، وقوله:«فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ» ؛ أي: قيمةَ حصصِهم. وقولُه: «وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» ؛ أي: نصيبُه الذيَ أعتقَه.