المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌«فصل»في بيان أحكام الدية - إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب

[أبو المعاطي الشبراوي]

فهرس الكتاب

- ‌تَرْجَمَةُ أبِي شُجَاعٍ الأصْبَهَانِيُّ رحمه الله

- ‌اسْمُه ونَسَبُه:

- ‌من مؤلَّفاتِه:

- ‌مُقَدِّمِةُ صَاحِبِ الْمَتْن

- ‌كتابُ الطَّهارة

- ‌«فَصْلٌ»في أنواع المِياهِ وأقسامِها

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ المَيتةِ وبيانِ ما يَطْهُرُ بالدِّباغ

- ‌«فَصْلٌ»في استعمالِ الأواني

- ‌«فَصْلٌ»في فروضِ الوُضوءِ وسُنَنِه

- ‌«فَصْلٌ»في الاستنجاء

- ‌«فَصْلٌ»في نواقِضِ الوُضوء

- ‌«فَصْلٌ»في موجِباتِ الغُسْل

- ‌«فَصْلٌ»في فرائِضِ الغُسْلِ وسُنَنِه

- ‌«فَصْلٌ»في الاغتسالاتِ المَسْنُونَة

- ‌«فَصْلٌ»في المَسْحِ على الخُفَّيْن

- ‌«فَصْلٌ»في التَّيمُّم

- ‌«فَصْلٌ»في بيانِ النَّجاساتِ وإزالتِهَا

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الحيضِ والنِّفاسِ والاستحاضة

- ‌«فَصْلٌ»في ما يَحْرُمُ على الجُنُبِ والمُحْدِثِ فِعْلُه

- ‌كِتابُ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في مَواقيتِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في شروطِ وجوبِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في الصَّلواتِ المَسْنُونَات

- ‌«فَصْلٌ»في شروطِ الصَّلاةِ قبلَ الدُّخولِ فيها

- ‌«فَصْلٌ»في أركانِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في سُننِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في هيئاتِ الصَّلاةِ

- ‌«فَصْلٌ»في ما تُخَالِفُ المرأةُ فيه الرَّجُلَ في الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في مُبطِلاتِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في ما تَشْتَمِلُ عليه الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في سجودِ السَّهْو

- ‌«فَصْلٌ»في الأوقاتِ الَّتي تُكْرَهُ فيها الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الجماعة

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ المسافر

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الجُمُعة

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ العِيدين

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الكسوفِ

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الاستسقاء

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الخوف

- ‌«فَصْلٌ»في اللِّباسِ والزِّينة

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الجِنازةِ

- ‌كتابُ الزَّكاة

- ‌«فَصْلٌ»في نِصَابِ الإبِل

- ‌«فَصْلٌ»في نِصَابِ البَقَر

- ‌«فَصْلٌ»في نِصَابِ الغَنَم

- ‌«فَصْلٌ»في زكاةِ الخَلِيطَيْن

- ‌«فَصْلٌ»في زكاةِ الذَّهَبِ والفِضَّة

- ‌«فَصْلٌ»في زكاةِ الزُّرُوعِ والثِّمَار

- ‌«فَصْلٌ»في زكاة عروض التجارة

- ‌«فَصْلٌ»في زكاة المَعْدِن والرِّكاز

- ‌«فَصْلٌ»في زكاةِ الفِطْر

- ‌«فَصْلٌ»في مصارف الزكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌«فَصْلٌ»في مفسداتِ الصوم

- ‌«فَصْلٌ»في الاعتكاف

- ‌كتابُ الحَج

- ‌«فَصْلٌ»في العمرة

- ‌«فَصْلٌ»في محظوراتِ الإحرام

- ‌«فَصْلٌ»في الدِّماءِ الواجبةِ في الإحرام

- ‌كتابُ البُيُوعِ وغيرِها مِنَ المُعامَلات

- ‌«فَصْلٌ»في الرِّبَا

- ‌«فَصْلٌ»في الخِيَار

- ‌«فَصْلٌ»في السَّلَم

- ‌«فَصْلٌ»في الرَّهْن

- ‌«فَصْلٌ»في الحَجْر

- ‌«فَصْلٌ»في الصُّلح

- ‌«فَصْلٌ»في الحَوَالَة

- ‌«فَصْلٌ»في الضَّمَان

- ‌«فَصْلٌ»في الكَفَالَة

- ‌«فَصْلٌ»في الشَّرِكَة

- ‌«فَصْلٌ»في الوَكَالَة

- ‌«فَصْلٌ»في الإقْرَار

- ‌«فَصْلٌ»في العارِيَّة

- ‌«فَصْلٌ»في الغَصْب

- ‌«فَصْلٌ»في الشُّفْعَة

- ‌«فَصْلٌ»في القِرَاض

- ‌«فَصْلٌ»في المُسَاقَاة

- ‌«فَصْلٌ»في الإجَارَة

- ‌«فَصْلٌ»في الجعَالَة

- ‌«فَصْلٌ»في المُزَارَعَة

- ‌«فَصْلٌ»في إحياءِ المَوَات

- ‌«فَصْلٌ»في الوقف

- ‌«فَصْلٌ»في الهِبَة

- ‌«فَصْلٌ»في اللقطة

- ‌«فَصْلٌ»في اللَّقِيط

- ‌«فَصْلٌ»في الوَدِيعَة

- ‌كتابُ الفَرَائِضِ والوَصَايَا

- ‌«فَصْلٌ»في الحَجْب

- ‌«فَصْلٌ»في أقربِ العَصَباتِ

- ‌«فَصْلٌ»في الفروضِ المذكورةِ في كتابِ اللهِ تعالى

- ‌تَتِمَّةٌ في تأصيلِ المسائلِ وتصحيحِها:

- ‌«فَصْلٌ»في الوَصِيَّة

- ‌كتابُ النِّكاحِ وما يَتعلَّقُ بِهِ مِنَ الأحكامِ والقَضَايَا

- ‌«فَصْلٌ»في ما يُشْتَرَطُ لصحَّةِ عَقدِ النِّكاح

- ‌«فَصْلٌ»فِي المُحَرَّمَاتِ مِن النِّسَاء

- ‌«فَصْلٌ»في تسميةِ المَهر

- ‌«فَصْلٌ»في الوَليمَة

- ‌«فَصْلٌ»في عِشْرَةِ النِّسَاء

- ‌«فَصْلٌ»فِي الخُلْع

- ‌«فَصْلٌ»في الطَّلَاق

- ‌«فَصْلٌ»فِي طلاقِ الحُرِّ والعَبْد

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الرَّجْعَة

- ‌«فَصْلٌ»في الإيلاء

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الظِّهار

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ اللِّعَان

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ العِدَّة

- ‌«فَصْلٌ»في أنواعِ المعتدَّةِ وأحكامِها

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الاسْتِبْرَاء

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الرَّضَاع

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ نفقةِ الأقاربِ

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الحَضَانَةِ

- ‌كتابُ الجِنَايَات

- ‌«فَصْلٌ»في شَرَائِطِ وُجُوبِ القِصَاص

- ‌«فَصْلٌ»في بيانِ أحكامِ الدِّيَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ القَسَامة

- ‌كتابُ الحُدُود

- ‌«فَصْلٌ»في حَدِّ القَذْفِ

- ‌«فَصْلٌ»في حَدِّ شُرْبِ الخَمْر

- ‌«فَصْلٌ»في حَدِّ السَّرِقَة

- ‌«فَصْلٌ»في حَدِّ الحِرابة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الصِّيَال

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ قتالِ أهلِ البَغْي

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الرِّدَّة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ تاركِ الصَّلاة

- ‌كتابُ الجِهَاد

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الغَنِيمَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الفَيْء

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الجِزْيَة

- ‌كتابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِح

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الأطعمة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الأُضْحِيَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ العَقِيقَة

- ‌كتابُ السَّبْقِ والرَّمي

- ‌كتابُ الأَيْمَانِ والنُّذُور

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ النَّذر

- ‌كتابُ الأقْضِيَةِ والشَّهَادَات

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ القِسْمَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكام البَيِّنَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الشَّهادات

- ‌«فَصْلٌ»في حقوقِ الله تعالى وحقوقِ الآدمين

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الوَلَاء

- ‌«فصل»في أحكام التَّدْبِير

- ‌«فَصْلٌ»في أحكام الكِتَابَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكام أمهات الأولاد

الفصل: ‌«فصل»في بيان أحكام الدية

العظمَ من اللَّحمِ، و «هاشِمةٌ» ؛ وهي التي تَكْسِرُ العظمَ سواءٌ أوضحَتْه أمْ لا، و «مُنَقِّلةٌ» ؛ وهي التي تُنَقِّلُ العظمَ من مكانٍ إلى مكانٍ آخَرَ، و «مأمومةٌ» ؛ وهي التي تَبْلُغُ خريطةَ الدِّماغِ المسمَّاةَ أُمَّ الرَّأسِ، و «دامِغةٌ» ؛ وهي التي تَخْرِقُ تلك الخريطةَ وتصلُ إلى أمِّ الرَّأسِ؛ ولا قِصاصَ في الجروحِ المذكورةِ إلَّا في الموضِحةِ فقط، لا في غيرِها من بقيَّةِ العَشَرَةِ.

ويُعْتَبَرُ قدرُ الموضِحةِ بالمسَاحةِ طولًا وعَرضًا في قِصاصِها؛ لا بالجزئيَّةِ؛ لأنَّ الرَّأسينِ -مَثلًا- قد يختلفانِ صِغَرًا وكِبَرًا، ولا يَضُرُّ تفاوتُ غِلَظِ لحمٍ وجلدٍ في قِصاصِها.

«فَصْلٌ»

في بيانِ أحكامِ الدِّيَة

الدِّيةُ في اللُّغةِ: مصدرُ وَدَى القاتلُ القتيلَ يَدِيهِ دِيَةً إذا أعطى وَلِيَّه المالَ الذي هو بَدَلُ النَّفْسِ.

وفي الاصطلاحِ: المالُ الواجبُ بالجنايةِ على الحُرِّ في نفْسٍ أو فيما دُونَها.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالدِّيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُغَلَّظَةٌ وَمُخَفَّفَةٌ» ، سَبَقَ الكلامُ عَلَى أنَّ الدِّيةَ المغلَّظةَ تَكونُ في قتلِ العمدِ، وفي قتلِ شِبْهِ العمدِ، وتجبُ حالَّةً في مالِ القاتلِ تشديدًا عليه، والدِّيةُ المخفَّفةُ تَكونُ في قتلِ الخطإِ على العاقلةِ، وتَكونُ مؤجَّلةً في ثلاثِ سنينَ.

ص: 368

قال أبو شجاع رحمه الله: «فَالْمُغَلَّظَةُ: مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» ، وذلك لحديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جَدِّه رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:«مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ المَقْتُولِ، فَإِنْ شَاؤُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاؤُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِيَ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَمَا صَالَحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ، وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ العَقْلِ»

(1)

.

ولحديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «أَلَا وَإِنَّ قَتِيلَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا، مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا»

(2)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالْمُخَفَّفَةُ: مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ؛ عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ» ، وذلك لحديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنَّه قالَ: «دِيَةُ الخطإِ خمسةُ أخماسٍ، عِشرونَ حِقَّةً، وعِشرونَ جَذَعَةً،

(1)

رواه أحمد (6717)، وأبو داود (4506)، والترمذي (1387)، وابن ماجه (2626)، وقال الترمذي:«حديثٌ حسنٌ غريبٌ» ، والحِقَّةُ: ما لها ثلاثُ سنينَ ودخلت في الرَّابعةِ، وسُمِيت بذلك؛ لأنَّها استحقَّت أن تُركَبَ ويُحمَلَ عليها، وقيلَ: لأنَّها استحقَّت أن يَطْرُقَها الفحلُ، والجَذَعَةُ: هي النَّاقةُ التي لها أربعُ سنينَ ودخلت في الخامسةِ، وسُمِّيَتْ جَذَعَةً؛ لأنَّها تجذعُ مقدَّمَ أسنانِها؛ أيْ: تسقطُ أسنانَ اللَّبنِ، والخَلِفَةُ: هي الحاملُ التي في بطنِها ولدُها، و «صَالَحُوا عَلَيْهِ»؛ أي: رضُوا به واتَّفَقوا عليه، و «تَشْدِيدُ الْعَقْلِ»؛ أي: تغليظُ الدِّيةِ.

(2)

رواه أحمد (6533)، وأبو داود (4547)، والنسائي (4791)، وابن ماجه (2627)، وابن حبَّان (6011).

ص: 369

وعِشرونَ بناتِ مخاضٍ، وعِشرونَ بناتِ لَبُونٍ، وعِشرونَ بني لَبُونٍ ذُكورٌ»

(1)

.

ومِثْلُ هذا له حُكْمُ المرفوعِ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه من المقدَّراتِ، وهي ليست مما يقالُ بالرَّأيِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «فَإِنْ عُدِمَتِ الْإِبِلُ انْتُقِلَ إِلَى قِيمَتِهَا، وَقِيلَ: يُنْتَقَلُ إِلَى أَلْفِ دِينَارٍ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنْ غُلِّظَتْ زِيدَ عَلَيْهَا الثُّلُثُ» ، الأصلُ في الدِّيةِ الإبلُ، فيُرْجَعُ إلى قِيمتِها عندَ فقْدِها، وهو ألفُ دينارٍ، أو اثنا عَشَرَ ألفَ درهمٍ، وهذا في الدِّيةِ المخفَّفةِ، فإذا غُلِّظَت زِيدَ عليها الثُّلُثُ؛ أيْ: إذا كانت قِيمةُ الدِّيةِ بالدَّنانيرِ، وهي ألفُ دينارٍ، فيضافُ إليها الثُّلُثُ؛ وهو ثلاثُمائةٍ وثلاثةٌ وثلاثون دينارًا، أو كانت قِيمةُ الدِّيةِ بالدَّراهمِ، وهي اثنا عَشَرَ ألفَ درهمٍ، فيضافُ إليها الثُّلُثُ، وهو أربعةُ آلافِ درهمٍ.

وقد جاءَ عن مكحولٍ وعطاءٍ - رحمهما الله - أنَّهما قالا: «أَدْرَكْنَا النَّاسَ على أنَّ دِيَةَ المسْلمِ الحُرِّ على عهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مائةٌ من الإبلِ، فَقَوَّمَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه تلك الدِّيةَ على القرى ألفَ دينارٍ، أو اثني عشرَ ألفَ درهمٍ»

(2)

.

(1)

رواه الدَّارقطنيُّ (3362)، وقالَ:«إسنادُه حسنٌ» ، وقد سَبَقَ تعريفُ الحقَّةِ والجَذَعةِ، وأمَّا بنتُ المخاضِ: فهي النَّاقةُ التي لها سَنةٌ ودخلت في الثَّانيةِ، وسُمِّيت بذلك؛ لأنَّ أمَّها غالبًا صارت مخاضًا بأخرى؛ أيْ: حاملًا، والمخاضُ آلامُ الوِلادةِ، وبنتُ اللَّبونِ: ما لها سَنتانِ ودخلت في الثَّالثةِ، وسُمِّيت بذلك؛ لأنَّ أمَّها صار فيها لبنٌ غالبًا بولادةٍ أخرى.

(2)

رواه البيهقيُّ في «السُّنن الكبرى» (16165).

ص: 370

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتُغَلَّظُ دِيَةُ الْخَطَإِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:

1 -

إِذَا قَتَلَ فِي الْحَرَمِ»، تُغَلَّظُ دِيةُ الخطإِ على القاتلِ إذا قَتَلَ في حَرَمِ مكَّةَ؛ لأنَّ له تأثيرًا في الأمنِ بدليلِ إيجابِ جزاءِ الصَّيدِ المقتولِ فيه.

2 -

«أَوْ قَتَلَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ» ، تُغَلَّظُ دِيةُ الخطإِ على القاتلِ إذا قَتَلَ في شهرٍ من الأشهرِ الحُرمِ الأربعةِ؛ وهي: ذو القَعدةِ، وذو الحِجَّةِ، والمحرَّمُ، ورجبٌ، وذلك لعِظَمِ حُرْمَتِها.

3 -

«أَوْ قَتَلَ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ» ، تُغَلَّظُ ديةُ الخطإِ على القاتلِ إذا قَتَلَ ذا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، كالأمِّ والأختِ؛ لما في ذلك من قطيعةِ الرَّحِمِ.

وقد رُوِيَ عن عمرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه: «أنَّه قضى فيمن قَتَلَ في الحَرَمِ أو في الشَّهرِ الحرامِ أو هو مُحْرِمٌ بالدِّيةِ وثُلُثِ الدِّيةِ»

(1)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ» ، دِيةُ المرأةِ الحرَّةِ سواءٌ أَقَتَلَها رجلٌ أمِ امرأةٌ على النِّصفِ من ديةِ الرَّجلِ الحُرِّ ممن هي على دِينِه؛ نفْسًا أو جُرحًا، لما رُوِيَ عن مكحولٍ وعطاءٍ - رحمهما الله - قالا: «أَدْرَكْنَا النَّاسَ على أنَّ ديةَ المسْلِمِ الحُرِّ على عهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مائةٌ من الإبلِ، فَقَوَّمَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه تلك الدِّيةَ على أهلِ القرى ألفَ دينارٍ، أو اثني عَشَرَ ألفَ درهمٍ، ودِيَةُ الحُرَّةِ المسْلمةِ إذا كانت من أهلِ القرى خمسُمائةِ

(1)

المصدر السَّابق (16135).

ص: 371

دينارٍ أو ستَّةُ آلافِ درهمٍ»

(1)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَدِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» ، ديةُ كلٍّ من اليهوديِّ والنَّصرانيِّ ثُلُثُ ديةِ المسْلمِ وهي أربعةُ آلافِ درهمٍ؛ لما رُوِيَ عن عمرَ رضي الله عنه أنَّه قالَ:«ديةُ اليهوديِّ والنَّصرانِّي أربعةُ آلافٍ»

(2)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَفِيهِ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» ، ديةُ المجوسيِّ الذي له أمانٌ ثُلُثا عُشْرِ ديةِ المسْلمِ، وهي ثمانِمائةِ درهمٍ، وكذا الوثنيُّ ونحوُه كعابدِ شمسٍ وقمرٍ ممَّن له أمانٌ كدخولِه رسولًا أو نحوِ ذلك؛ لما رُوِيَ عن عمرَ رضي الله عنه أنَّه قالَ:«دِيةُ المجوسيِّ ثمانِمائةٍ»

(3)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَكْمُلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْأَنْفِ، وَالْأُذُنَيْنِ، وَالْعَيْنَيْنِ، وَالْجُفُونِ الْأَرْبَعَةِ، وَاللِّسَانِ، وَالشَّفَتَيْنِ، وَذَهَابِ الْكَلَامِ، وَذَهَابِ الْبَصَرِ، وَذَهَابِ السَّمْعِ، وَذَهَابِ الشَّمِّ، وَذَهَابِ الْعَقْلِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ» ، تَكْمُلُ دِيةُ النَّفْسِ في الأعضاءِ المذكورةِ تغليظًا أو تخفيفًا؛ لحديثِ عمرِو بنِ حَزْمٍ، عن أبيه، عن جَدِّه رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلى أهلِ اليَمَنِ كتابًا، وكانَ مما فيه: «فِي النَّفْسِ الدِّيَةُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ

(1)

رواه البيهقيُّ في «السُّنن الكبرى» (16165).

(2)

رواه ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (27454).

(3)

المصدر السَّابق.

ص: 372

الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ»

(1)

.

وقال زيدُ بنُ أَسْلَمَ مولى عُمَرَ رضي الله عنه: «مَضَتِ السُّنَّةُ في أشياءَ من الإنسانِ: في نفْسِه الدِّيةُ، وفي أنْفِه الدِّيةُ، وفي اللِّسانِ الدِّيةُ، وفي العينينِ الدِّيةُ، وفي الأذنينِ الدِّيةُ، وفي الذَّكَرِ الدِّيةُ، وفي الأنثييْنِ الدِّيةُ، وفي الصَّوتِ إذا انْقَطَعَ الدِّيةُ، وفي العقلِ إذا ذَهَبَ الدِّيةُ، وفي الشَّفَتينِ الدِّيةُ، وفي الأصابعِ الدِّيةُ، وفي الأسنانِ الدِّيةُ»

(2)

.

وقال الشَّافعيُّ رحمه الله: «وإذا قَطَعَ جفونَ العينينِ حتَّى يستأصلَها ففيها الدِّيةُ كاملةً في كلِّ جفنٍ رُبُعُ الدِّيةِ؛ لأنَّها أربعةٌ في الإنسانِ وهي من تمامِ خِلْقتِه، وممَّا يَأْلَمُ بقَطْعِه قياسًا على أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ في بعضِ ما في الإنسانِ منه واحدٌ الدِّيةَ وفي بعضِ ما في الإنسانِ منه اثنانِ نصفَ الدِّيةِ ولو فَقَأَ العينينِ وقَطَعَ جفونَهما كانَ في العينينِ الدِّيةُ وفي الجفونِ الدِّيةُ؛ لأنَّ العينينِ غيرُ الجفونِ»

(3)

.

(1)

رواه النسائي (4853).

(2)

«الجامع لابن وهب» (518).

(3)

«الأم» (6/ 132).

ص: 373

وقال أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ رحمه الله: «وتَجِبُ بإتلافِ الشَّمِّ الدِّيَةُ؛ لأنَّها حاسَّةٌ تَختصُّ بمنفعةٍ مقصودةٍ، فَوَجَبَ بإتلافِها الدِّيةُ، كالسَّمعِ والبصرِ، وإن ذَهَبَ الشَّمُّ من أحدِ المِنْخَرَيْنِ وَجَبَ فيه نصفُ الدِّيةِ، كما تَجِبُ فى إذهابِ البصرِ من إحدى العينينِ، والسَّمعِ من إحدى الأذنينِ»

(1)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَفِي الْمُوضِحَةِ وَالسِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ» ؛ لحديثِ عمرِو بنِ حَزْمٍ، عن أبيه، عن جَدِّه رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلى أهلِ اليَمنِ كتابًا، وكانَ ممَّا فيه:«وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ»

(2)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَفِي كُلِّ عُضْوٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ حُكُومَةٌ» ، يَجِبُ في كلِّ عضوٍ لا منفعةَ فيه كاليدِ الشَّلَّاءِ والأصبعِ الأشَلِّ، ونحوِ ذلك حكومةٌ؛ والحكومةُ جزءٌ من الدِّيةِ، نِسْبَتُه إلى دِيةِ النَّفْسِ نسبةُ نقصِ الجنايةِ من قِيمةِ المجنيِّ عليه لو كانَ رقيقًا بصفاتِه التي هو عليها، فلو كانت قِيمةُ المجنيِّ عليه بلا جنايةٍ عَشَرَةً، وبعدَ الجنايةِ تسعةً؛ فالنقصُ عُشْرٌ، فيجبُ عُشْرُ دِيةِ النَّفسِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَدِيَةُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ» ، دِيةُ العبدِ ذَكرًا كانَ أو أُنثى قِيمتُه؛ بالغةً ما بَلَغَتْ وإن زادت على دِيَةِ الحُرِّ كسائرِ الأموالِ المتلَفةِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَدِيَةُ الْجَنِينِ الْحُرِّ غُرَّةٌ، عَبْدٌ أَوْ

(1)

«المهذَّب في فقه الإمام الشَّافعيِّ» (2/ 202).

(2)

رواه النسائي (4857).

ص: 374