الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُستثنى من ذلك عندَ الضَّرورةِ، لمرضٍ ونحوِه لحديثِ أنسٍ رضي الله عنه:«أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لعبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ والزُّبيرِ في قميصٍ مِن حريرٍ مِن حكَّةٍ كانت بهما»
(1)
.
وقال عَرْفَجَةُ بنُ أَسْعَدَ رضي الله عنه: «أُصيبَ أنفي يومَ الكُلَابِ في الجاهليَّةِ، فاتَّخذتُ أنفًا من وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عليَّ فأمَرَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أَتَّخِذَ أنفًا مِن ذهبٍ»
(2)
.
«فَصْلٌ»
في صلاةِ الجِنازةِ
الجِنازةُ بالكسرِ والفتحِ: الميِّتُ بسريرِه، وقِيل: بالكسرِ السَّريرُ، وبالفتحِ المَيِّتُ، وقال النَّوويُّ رحمه الله:«الجِنازةُ مُشْتَقَّةٌ مِن جَنَزَ إذا سَتَرَ»
(3)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَلْزَمُ فِي الْمَيِّتِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: غَسْلُهُ، وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُهُ» ، أَجْمَعَ المسْلمونَ على وجوبِ هذه الأمورِ الأربعةِ وجوبًا كِفائيًّا، والدَّليلُ على لزومِها الإجماعُ المستنِدُ إلى ما وَرَدَ مِنَ الأحاديثِ، والَّتي سيأتي بعضُها إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
(1)
رواه البخاري (2762)، ومسلم (2076)، و «الحِكَّةُ» ، داءٌ يَكونُ بالجِلْدِ.
(2)
رواه أحمد (20283)، وأبو داود (4232)، والترمذي (1770)، والنسائي (5161)، وقال الترمذي:«هذا حديثٌ حسن» ، و «الكُلَابُ» ، اسمُ ماءٍ للعربِ مشهورٍ، ويومُه؛ يومُ الوقْعةِ الَّتي كانت عليه.
(3)
«شرح النَّووي على صحيح مُسْلِم» (6/ 219).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَاثْنَانِ لَا يُغَسَّلَانِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا:
1 -
الشَّهِيدُ فِي مَعْرَكَةِ الْمُشْرِكِينَ»؛ لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ في قَتْلى أُحُدٍ بدفْنِهِم في دمائِهم، ولم يُغَسَّلُوا ولم يُصَلَّ عليهم»
(1)
.
2 -
«وَالسُّقْطُ الَّذي لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا» ؛ لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ»
(2)
.
وقال جابرٌ رضي الله عنه قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ، صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوُرِثَ»
(3)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُغْسَلُ الْمَيِّتُ وِتْرًا، وَيَكُونُ فِي أَوَّلِ غُسْلِهِ سِدْرٌ، وَفِي آخِرِهِ شَيْءٌ مِنْ كَافُورٍ» ؛ لحديثِ أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّةِ رضي الله عنها قالت: دَخَلَ علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ونحن نُغَسِّلُ ابنَتَهُ فقال: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ؛ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» ، قالت: فلمَّا فَرَغْنا آذنَّاهُ، فألقى إلينا حَقْوَهُ، فقال:«أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» ، قالت: فَضَفَّرْنا شَعْرَها ثلاثةَ قرونٍ وأَلْقَيْنَاها
(1)
رواه البخاري (1278).
(2)
رواه الترمذي (1032)، و «يَسْتَهِلُّ» ، من الاستهلالِ، وهو الصِّياحُ، أو العُطاسُ، أو حركةٌ يُعْلَمُ بها حياتُه.
(3)
رواه ابن ماجه (1508)، والحاكم (8023)، وصَحَّحه، وأَقَرَّه الذَّهبي.
خَلْفَها»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» ؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها قالت: كُفِّنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ثلاثةِ أثوابٍ يَمانيَّةٍ بِيضٍ سَحُوليَّةٍ، مِن كُرْسُفٍ، ليس فيها قَمِيصٌ ولا عِمَامةٌ
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُكَبَّرُ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ» ؛ لحديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَعى النَّجاشيَّ في اليوم الَّذي ماتَ فيه، خَرَجَ إلى المصلَّى فصفَّ بهم وكَبَّرَ أربعًا»
(3)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ الْأُولَى» ؛ لحديثِ طلحةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عوفٍ قال: صلَّيتُ خَلْفَ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما على جِنازةٍ، فقرأَ بفاتحةِ الكِتابِ، فقال:«لِيَعْلموا أنَها سُنَّةٌ»
(4)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الثَّانِيَةِ» ؛ لحديثِ أبي أُمامةَ بنِ سهلِ بنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه قال: أَخْبَرَنِي
(1)
رواه البخاري (1195)، ومسلم (939)، وجاءَ في روايةٍ:«وابْدَءُوا بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا» ، وقولُه صلى الله عليه وسلم:«فِي الْآخِرَةِ» ، أيْ: في الغَسلةِ الأخيرةِ، و «آذِنَّنِي»؛ أي: أَعْلِمْنَني، و «حَقْوَه» ، بفتحِ الحاءِ وكسرِها لغتان، يَعني إزارَه، وأصلُ الحَقْوِ مَعْقِدُ الإزارِ، وسُمِّيَ به الإزارُ؛ لأنَّه يُشَدَّ فيه، و «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ»؛ أي: اجْعَلْنه شِعارًا لها، وهو الثَّوبُ الَّذي يلي الجسدَ، وسُمِّيَ شِعارًا؛ لأنَّه يلي شعرَ الجسدِ، والحكمةُ من ذلك التَّبَرُّكُ بإزارِه صلى الله عليه وسلم.
(2)
رواه البخاري (1205)، ومسلم (941)، و «سَحُوليَّةٌ» ، أيْ: بِيضٌ نقيَّةٌ، و «كُرْسُفٌ»؛ أي: قُطْنٌ.
(3)
رواه البخاري (1188)، ومسلم (951).
(4)
رواه البخاري (1270).
رجالٌ منْ أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الصَّلاةِ على الجِنازةِ، «أنْ يُكَبِّرَ الإمامُ، ثم يُصَلِّيَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويُخْلِصَ الصَّلاةَ في التَّكبيراتِ الثَّلاثِ، ثم يُسَلِّمَ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَدْعُو لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ، خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا، وَمَحْبُوبُهُ وَأَحِبَّاؤُهُ فِيهَا؛ إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا؛ اللَّهُمَّ إِنَّهُ نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إِلَيكَ شُفَعَاءَ لَهُ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا؛ فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا؛ فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ رِضَاكَ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِكَ، حَتَّى تَبْعَثَهُ آمِنًا إِلَى جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ» ، هذه الأدعيةُ الْتَقَطَها الشَّافعيُّ رحمه الله؛ من مجموعِ الأحاديثِ، وربَّما ذَكَرَ بَعْضَها بالمعنى
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَقُولُ فِي الرَّابِعَةِ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ» ؛ لحديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا صلَّى على جِنازةٍ يقولُ: «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ»
(3)
.
(1)
رواه الشَّافعيُّ (581)، والحاكم (1331)، وقال:«صحيحٌ على شرطِ الشَّيخين» .
(2)
قاله ابنُ حَجَرٍ رحمه الله في «نتائج الأفكارِ» (4/ 400)، وانظر:«الأُم» (1/ 323).
(3)
رواه أبو داود (3201)، والنَّسائي في «السُّنن الكبرى» (10852)، وابن ماجه (1498)، وابن حبَّان (3073).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُسَلِّمُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ» ؛ لحديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: «كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ التَّسليمَ على الجِنازةِ مِثْلَ التَّسليمِ في الصَّلاةِ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُدْفَنُ فِي لَحْدٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ» ؛ لحديثِ سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه أنه قالَ في مَرَضِ مَوْتِه: «الْحَدُوا لي لَحْدًا، وانْصِبُوا عليَّ اللَّبِنَ نَصبًا؛ كما صُنِعَ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم»
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ» ؛ لحديثِ أبي إسحاقَ السَّبيعيِّ أنَّ الحارثَ أوصى أنْ يُصَلِّيَ عليه عبدُ اللهِ بنُ يَزيدَ الخَطْميُّ الصَّحابيُّ رضي الله عنه، فصلَّى عليه، ثمَّ أَدْخَلَه القبرَ مِن قِبَلِ رِجْلَيِ القَبْرِ، وقال:«هذا مِنَ السُّنَّةِ»
(3)
.
فيكونُ رأسُ الميِّتِ عندَ رِجْلِ القبرِ، ثم يُسَلُّ في القبرِ مِن قِبَلِ رأسِه سَلًّا رفيقًا.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَقُولُ الَّذي يُلَحِّدُهُ: بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» ؛ لحديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا وَضَعَ الميِّتَ في القبرِ قال: «بِسْمِ اللهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ»
(4)
.
(1)
رواه البيهقيُّ في «السُّنن الكبرى» (6780)، وسندُه جيِّدٌ؛ كما قال النَّوويُّ رحمه الله في «خُلاصة الأحكام» (3507).
(2)
رواه مسلم (966)، و «اللَّحدُ» ، هو: الشَّقُّ في جانبِ القبرِ.
(3)
رواه أبو داود (3211)، والبيهقيُّ (6844)، وقال:«هذا إسنادٌ صحيح» .
(4)
رواه أحمد (4812)، وأبو داود (3213)، والترمذي (1046)، وابن ماجه (1550)، وابن حبَّان (3109).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُضْجَعُ فِي الْقَبْرِ بَعْدَ أَنْ يُعَمَّقَ قَامَةً وَبَسْطَةً» ؛ لحديثِ هشامِ بنِ عامرٍ رضي الله عنه قال: قُتِلَ أبي يومَ أُحُدٍ، فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَحْسِنُوا»
(1)
.
وقال عمرُ رضي الله عنه: «عَمِّقُوا إلى قَدْرِ قَامَةٍ وبَسْطَةٍ»
(2)
.
ولم يُنْكِرْه أَحدٌ مِنَ الصَّحابةِ، وقَدَّرَه العلماءُ بثلاثةِ أذرعٍ ونِصْف، وهو قَدْرُ ما يَقُومُ الرَّجلُ، وَيَبْسُطُ يَدَه مرفوعةً.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُسَطَّحُ الْقَبْرُ وَلَا يُبْنَى عَلَيْهِ وَلَا يُجَصَّصُ» ؛ لحديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه أنَّه قالَ لأبي الهَيَّاجِ الأسديِّ: «أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ أنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ»
(3)
.
ولحديثِ جابرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُجَصَّصَ القبرُ، وأن يُقْعَدَ عليه، وأنْ يُبنى عليه»
(4)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ؛ مِنْ غَيْرِ نَوْحٍ وَلَا شَقِّ جَيْبٍ» ؛ لحديثِ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بكى على ولدِه إبراهيمَ لمَّا رآهُ يَجودُ بنفْسِه، وقال: «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ
(1)
رواه أحمد (16300)، وأبو داود (3215)، والترمذي (1713)، والنسائي (2018)، وابن ماجه (1560)، وقال الترمذي:«هذا حديثٌ حسنٌ صحيح» .
(2)
رواه ابنُ أبي شيبةَ في «المصنَّف» (11663).
(3)
رواه مسلم (969).
(4)
رواه مسلم (970)، والتجصيص: هو البناء بالجص، وهو النورة البيضاء.
لَمَحْزُونُونَ»
(1)
.
فلا بأسَ بالبكاءِ؛ لكنْ مِنْ غَيْرِ نَوْحٍ، وَلا شَقِّ جَيْبٍ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُعَزَّى أَهْلُهُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن دَفْنِهِ» ؛ لأنَّ قُوَّةَ الحزنِ لا تَزيدُ عليها في الغالبِ، وفي حديثِ أمِّ حبيبةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»
(3)
.
ولا يُعَزَّى بعدَ ثلاثةِ أيَّامٍ إلَّا لمسافرٍ؛ لأنَّ الحزنَ ينتهي بها غالبًا فلا يُسْتَحْسَنُ تجديدُه، والأَوْلى أنْ تَكونَ بعدَ الدَّفنِ لاشتغالِ أهلِ الميِّتِ بتجهيزِهِ، إلَّا إنِ اشتدَّ حُزْنُهم فتقديمُها أَوْلى مواساةً لهم.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ إِلَّا لِحَاجَةٍ» ؛ لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِن قَتلى أُحُدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثمَّ يقولُ:«أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟» ، فإذا أُشيرَ له إلى أَحَدِهِما؛ قَدَّمَه في اللَّحْدِ، وقال: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى
(1)
رواه البخاري (1241)، ومسلم (2315).
(2)
رواه البخاري (1294)، و «الجيوب»: جمع جيب، وهو فتحة الثوب من أعلاه؛ ليدخل فيه الرأس.
(3)
رواه البخاري (1221)، ومسلم (1490).
هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، وأَمَرَ بدَفْنِهِم في دمائِهِم، ولم يُغَسَّلُوا، ولم يُصلَّ عليهم
(1)
.
واللهُ تعالى أعلم.
(1)
رواه البخاري (1278).