الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الحَج
الحجُّ في اللُّغةِ: القصدُ، يُقالُ: حَجَّ إلينا فلانٌ؛ أي: قَدِمَ، وحجَّهُ يحُجُّهُ حجًّا: قصدَه، وحَجَجْتُ فلانًا؛ أي: قصدته، ورجلٌ محجوجٌ؛ أي: مقصودٌ، وقد حجَّ بنو فلانٍ فلانًا: إذا أطالوا الاختلافَ إليه.
وفي الاصطلاحِ: القصدُ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ؛ لأداءِ عبادةٍ مخصوصةٍ بشروطٍ مخصوصةٍ.
وقد فُرضَ الحجُّ سنةَ ستٍّ من الهجرةِ، وحجَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حَجَّةً واحدةً سنةَ عشرٍ، وهي حَجَّةُ الوداعِ، وتُوفِّي صلى الله عليه وسلم إحدَى عشْرةَ.
والأصلُ في وجوبِ الحجِّ قولُه تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].
وأحاديثُ، منها: حديثُ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»
(1)
.
(1)
رواه البخاري (1331)، ومسلم (19).
وأجمعت الأمةُ على أنَّ الحجَّ أحدُ أركانِ الإسلامِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الْحَجِّ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ:
1 -
الْإِسْلامُ»؛ لأنَّه لا يصحُّ من الكافرِ.
2 -
«وَالْبُلُوغُ» ؛ لحديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ»
(1)
.
3 -
«وَالْعَقْلُ» ؛ للحديثِ السَّابقِ.
4 -
«وَالْحُرِّيَّةُ» ؛ لأنَّ الحجَّ لا يجبُ إلا بوجودِ الزَّادِ والرَّاحلةِ، والعبدُ لا يملكُ شيئًا.
5 -
«وَوُجُودُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ» ؛ لقولِه تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، يقولُ أنسٌ رضي الله عنه: قِيل: يا رسولَ اللهِ، ما السبيلُ؟ قال:«الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»
(2)
.
وقال: ابنُ عمرَ رضي الله عنهما: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولُ اللهِ، ما يُوجِبُ الحجَّ؟ قال:«الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»
(3)
.
6 -
«وَتَخْلِيَةُ الطَّرِيقِ» ، حتى يكونَ آمنًا على نفسِه وعلى من
(1)
رواه أبو داود (4401)، وابن خزيمة (1003)، وابن حبَّان (143)، والحاكم (949)، وصححه، وأقره الذهبي.
(2)
رواه الحاكم (1613)، وقال:«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين» .
(3)
رواه الترمذي (813)، وقال:«هذا حديثٌ حسن، والعملُ عليه عندَ أهلِ العلمِ، أنَّ الرجلَ إذا ملك زادًا وراحلةً وجب عليه الحج» .
معَه في ثلاثةِ أشياءَ، وهي: النَّفسُ والعِرضُ والمالُ.
7 -
«وَإِمْكَانُ الْمَسِيرِ» ؛ أي: بقاءُ زمنٍ يتَّسِعُ لوصولِه عادةً.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَأَرْكَانُ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ:
1 -
الْإِحْرَامُ مَعَ النِّيَّةِ»، الإحرامُ: هو نيَّةُ الدخولِ في النُّسكِ، يُقالُ: أحرمَ الشَّخصُ؛ أي: نوى الدخولَ في حجٍّ أو عمرةٍ أو فيهما معًا، فحرُم عليه به ما كان حلالًا له، والمرادُ بالإحرامِ هنا الفعلُ؛ لذِكْرِ المصنفِ النيةَ معه.
2 -
«وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ» ؛ لحديثِ عبدِ الرحمنِ بنِ يعمرَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ»
(1)
.
3 -
«وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ» ، والمقصودُ به طوافُ الإفاضةِ؛ لقولِه تعالى:{ثمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، والتَّفَثُ: القذرُ والوسخ، تقول العرب لمن تستقذره: ما أتفثك؛ أي: أوسخك، وقضاءُ التفث: إنهاؤُه وإزالتُه، والمراد ما يفعله المحرم عند تحلله من إزالة الشعث والوسخ والحلق وقلم الأظفار ونحوها، ثم يطوف بالبيت بعد ذلك طواف الإفاضة.
(1)
رواه أحمد (18796)، والترمذي (889)، والنسائي (3044)، وابن ماجه (3015)، وابن خزيمة (2822)، والحاكم (3100)، وقال:«هذا حديث صحيح» ، و «جمع»: مزدلفة، سُمِّيَتْ بذلك لاجتماعِ الناسِ فيها.