الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقولُه: «عَلَى الْجَدِيدِ» ، أيِ المَذْهَبِ الجديدِ، وهو ما قاله الشَّافعيُّ رحمه الله في مِصْرَ، تصنيفًا أو إفتاءً، وهو المعمولُ به.
«فَصْلٌ»
في موجِباتِ الغُسْل
الغُسلُ في اللُّغة: سيلانُ الماءِ على الشيء.
وفي الاصطلاحِ: سيلانُ الماءِ على جَمِيعِ البَدَنِ بِنِيَّةٍ مَخْصُوصَة.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ سِتَّةُ أَشْياءَ: ثَلَاثَةٌ تَشْتَرِكُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَهِيَ:
1 -
الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ»؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ»
(1)
.
ولحديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ»
(2)
.
وفي روايةٍ: «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ»
(3)
.
(1)
رواه مسلم (349)، وقولُه:«الخِتَانَيْنِ» ، مُثَنَّى خِتانٍ، وهو موضعُ الخَتْنِ، وهو عندَ الصَّبيِّ: الجِلدةُ التي تُغَطِّي رأسَ الذَّكرِ قبلَ الخَتْنِ، وعندَ الأنثى: جِلدةٌ في أعلى القُبلِ مجاورةٌ لمَخْرَجِ البولِ، والمرادُ بـ «التقاءِ الختانينِ» ؛ تحاذيهما، حتَّى يكونَ الخِتانُ الَّذي خَلْفَ الحَشَفةِ حَذْوَ خِتانِ المرأةِ، وهو كِنايةٌ عن الجِماعِ.
(2)
رواه البخاري (287)، ومسلم (348)، و «شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ» ، اليدانِ والرِّجْلانِ.
(3)
رواه مسلم (348) و «جَهَدَهَا» ؛ أي: كدَّها بحركتِه، وهو كِنايةٌ عن الجِماعِ.
وهو دليلٌ على وُجوبِ الغُسلِ بمجرَّدِ الجِماعِ، وإنْ لم يُنْزِلْ.
2 -
«وَإِنْزَالُ الْمَنِيِّ» ؛ لحديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ»
(1)
.
ولحديثِ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قالتْ: جاءتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ اللهَ لا يَسْتَحِي مِنَ الحقِّ، فهل على المرأةِ مِنْ غُسلٍ إذا هي احْتَلَمَتْ؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ»
(2)
.
3 -
«وَالْمَوْتُ» ؛ لحديثِ أُمِّ عطيَّةَ رضي الله عنها قالتْ: دَخَلَ علينا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ونحن نَغْسِلُ ابنَتَه، فقال:«اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؛ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» ، فلمَّا فَرَغْنا آذَنَّاه فألقى إلينا حَقْوَه، فقال:«أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ»
(3)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَثَلَاثَةٌ تَخْتَصُّ بِهَا النِّسَاءُ، وَهِيَ:
1 -
الْحَيْضُ»؛ لقولِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا
(1)
رواه مسلم (343)، والمرادُ بالماءِ الأوَّلِ ما يُغْسَلُ به، والثَّاني ماء المَنيِّ.
(2)
رواه البخاري (278)، ومسلم (313)، و «احْتَلَمَتْ»؛ أي: رأت في نومِها أنها تُجامَعُ؛ فَأَنْزَلَتْ.
(3)
رواه البخاري (1195)، ومسلم (939)، وقولُه صلى الله عليه وسلم:«فِي الْآخِرَةِ» ، أيْ: في الغَسلةِ الأخيرةِ، و «آذِنَّنِي» ، أيْ: أَعْلِمْنني، و «حَقْوَه» ، بفتحِ الحاءِ وكسرِها لغتانِ، يَعني إزارَه، وأصلُ الحَقوِ مَعْقِدُ الإزارِ، وسُمِّيَ به الإزارُ لأنه يُشَدُّ فيه، و «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» ، أيِ: اجْعَلْنه شِعارًا لها، وهو الثَّوبُ الَّذي يلي الجسدَ، وسُمِّيَ شِعارًا لأنه يلي شَعْرَ الجسدِ، والحكمةُ من ذلك التَّبَرُّكُ بإزارِه صلى الله عليه وسلم.