الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسح، ولا من ابتداء اللبس، فإن مَسَحَ الشَّخْصُ فِي الحَضَرِ ثُمَّ سافر أو مَسَحَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أقام قبل مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَتَمَّ مسحَ مُقِيم، قال الغزي رحمه الله:«والسُّنَّةُ فِي مَسْحِهِ أن يكون خُطُوطًا، بِأَنْ يُفَرِّجَ الماسِحُ بين أَصَابِعِهِ ولا يَضُمَّهَا»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَبْطُلُ الْمَسْحُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
1 -
بِخَلْعِهِمَا»، إذَا خَلَعَ خُفَّيْهِ أو أَحَدَهُمَا أو انْخَلَعَ الخُفُّ بِنَفْسِه أو خَرَجَ الخُفُّ عن صلاحيَةِ المَسْحِ عليه لتخَرُّقِه أو ضَعْفِه أو غَيْرِ ذلك فإنَّه لا يَمْسَحُ عليه.
2 -
«وَانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ» ، إذا مَضَى يومٌ وليلةٌ للمُقِيمِ أو ثلاثةُ أيَّامٍ للمُسافرِ بَطَلَ مَسْحُهُ للحديثِ السَّابقِ، ولحديثِ صَفوانَ رضي الله عنه الآتي.
3 -
«وَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ» ؛ لحديثِ صَفوانَ بنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قال: «كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنا إذا كنَّا مُسافِرِينَ أنْ نَمْسَحَ على خِفافِنا ولا نَنْزِعَها ثلاثةَ أيَّامٍ مِن غائطٍ وبولٍ ونومٍ إلَّا مِن جنابةٍ»
(2)
.
«فَصْلٌ»
في التَّيمُّم
التَّيَمُّمُ في اللُّغةِ: القصدُ، ومنه قولُه تَعَالَى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267].
(1)
«فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب» (ص: 49).
(2)
رواه أحمد (18116)، والترمذي (96)، والنسائي (127)، وقال الترمذي:«هذا حديثٌ حسنٌ صحيح» .
وفي الاصطلاحِ: مَسحُ الوجهِ واليدينِ بترابٍ طَهورٍ على وجهٍ مخصوصٍ بنِيَّةِ التَّعَبُّدِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ:
1 -
وُجُودُ الْعُذْرِ، بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ»؛ لقولِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43].
2 -
«وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّلاةِ» ؛ لحديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»
(1)
.
وفي روايةٍ: «وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسَاجِدَ وَطَهُورًا، أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَمَسَّحْتُ وَصَلَّيْتُ»
(2)
.
وروى عِمرانُ بنُ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا مُعْتزِلًا لم يُصَلِّ في القومِ فقال: «يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟» ، فقال يا رسولَ اللهِ أصابتْني جَنابةٌ ولا ماءَ، قال:«عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ»
(3)
.
(1)
رواه البخاري (328)، ومسلم (521).
(2)
رواه أحمد (7068).
(3)
رواه البخاري (341)، ومسلم (682).
3 -
«وَطَلَبُ الْمَاءِ» ؛ لقولِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]، ولا يُقالُ: لم يَجِدْ؛ إلا بَعْدَ الطَّلَبِ.
4 -
«وَتَعَذُّرُ اسْتِعْمَالِهِ، وَإِعْوَازُهُ بَعْدَ الطَّلَبِ» ، تَعَذُّرُ اسْتِعْمالِه، كأنْ يَكونَ لمَرَضٍ يُخافُ معه الضَّرَرُ، أو إعوازُهُ بَعْدَ الطَّلَبِ؛ أيْ: لاحتياجِهِ إليه، كأنْ يَخَافَ العَطَشَ على نَفْسِه، أو على رفيقِه أو على دابَّتِه، أو يحتاجَه لطعامِهِ مِن عَجْنِ خُبْزٍ أو غَيْرِه.
5 -
«وَالتُّرَابُ الطَّاهِرُ، وَلَهُ غُبَارٌ، فَإِنْ خَالَطَهُ جَصٌّ أَوْ رَمْلٌ لَمْ يُجْزِ» ؛ لقولِهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6]، قالَ الشَّافعيُّ رحمه الله: ترابٌ له غُبارٌ، والشَّافعيُّ رحمه الله حُجَّةٌ في اللُّغةِ، ويؤيِّدُهُ قولُه تَعَالَى:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]، يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضي الله عنهما:«تَيَمَّمْنَا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبْنا بأيدينا على الصَّعيدِ الطَّيِّبِ، ثم نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا فَمَسَحْنا بها وجوهَنا، ثُمَّ ضَرَبْنَا ضَربةً أخرى الصَّعيدَ الطَّيِّبَ، ثُمَّ نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا، فَمَسَحْنا بأيدينا مِنَ المِرْفَقِ إلى الكَفِّ على نابِتِ الشَّعْرِ مِن ظاهرٍ وباطنٍ»
(1)
.
قال النَّوَوِيُّ رحمه الله: «وقد صَحَّ عن ابنِ عُمَرَ مِن قولِهِ وفِعْلِه: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ؛ ضَرْبَةٌ للوجهِ، وضَرْبَةٌ لليدينِ إلى المِرْفَقَيْنِ»
(2)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَفَرَائِضُهُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ:
1 -
النِّيَّةُ»؛ لحديثِ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»
(3)
.
2 -
«وَمَسْحُ الْوَجْهِ» ؛ لقولِهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6].
3 -
«وَمَسْحُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ» ، قياسًا على الوُضوءِ في الآيةِ.
4 -
«وَالتَّرْتِيبُ» ، كما جاءَ -أيضًا- في الآيةِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَسُنَنُهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:
1 -
التَّسْمِيَةُ»؛ لحديثِ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ»
(1)
.
2 -
«وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى» ؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم «كانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ في تَنَعُّلِه وتَرَجُّلِه وطُهورِه وفي شأنِه كُلِّه»
(2)
.
3 -
«وَالْمُوَالَاةُ» ، وهي التَّتابُعُ في التَّطهيرِ بينَ الأعضاءِ، ودليلُها القِياسُ على الوُضوءِ، وقد سَبَقَتْ أَدِلَّتُه.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالَّذِي يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ ثَلاثةُ أَشْيَاءَ:
1 -
كُلُّ مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ»؛ لأنه بَدَلُه، والبَدَلُ له حُكْمُ المُبْدَلِ مِنْهُ.
2 -
«وَرُؤْيَةُ الْمَاءِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ» ؛ أيْ: في غيرِ حالِ
(1)
رواه عبدُ القادرِ الرَّهاويُّ في «الأربعين» ، وهو حديثٌ حسن؛ كما قال النوويُّ رحمه الله في «الأذكار» (ص: 112).
(2)
رواه البخاري (166)، ومسلم (268).
الصَّلاةِ، وقَبْلَ الدُّخولِ فيها؛ لأنَّه لم يَشْرَعْ في المقصودِ، فصارَ كما لو رآه في أثناءِ التَّيَمُّمِ، ولحديثِ أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ المُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ»
(1)
.
3 -
«وَالرِّدَّةُ» ، لأنَّها مُحبِطةٌ للعملِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَصَاحِبُ الْجَبَائِرِ يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ؛ إِنْ كَانَ وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ» ، الجبائر جمع جبيرة، وهي خشبةٌ أو قَصَبَةٌ أو نحو ذلك، توضع على الكسر، ويُشَدُّ عليها لينجبرَ الكسر، وصاحبُ الجبيرة يمسح عليها بالماء إذا عسر نزعها؛ لخوف محذور، ويتيمم وُجُوبًا لحديث جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلًا منَّا حجرٌ فَشَجَّهُ في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بذلك، فقال:«قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ يَعْصِبَ علَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ»
(2)
.
(1)
رواه أحمد (21408)، وأبو داود (332)، والترمذي (124)، وقال:«هذا حديثٌ حسنٌ صحيح» .
(2)
رواه أبو داود (336)، وابن خزيمة (273)، وابن حبان (5595)، والحاكم (585)، وصححه، وأقره الذهبي.