الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالتُّرَابِ»
(1)
.
ويُقاسُ الخِنزيرُ على الكلبِ؛ لأنَّ نجاسَتَهُ أَغْلَظُ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِذَا تَخَلَّلَتِ الْخَمْرَةُ بِنَفْسِهَا طَهُرَتْ» ؛ لأنَّ عِلَّةَ النَّجاسةِ الإسكارُ، وقد زالت بالتَّخَلُّلِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ فِيهَا لَمْ تَطْهُرْ» ؛ لأنَّ ما يُطْرَحُ فيها يَتَنَجَّسُ بملاقاتِها، ويَبقى متنجِّسًا، فإذا انقلبتْ خَلًّا وهو فيها نَجَّسَها.
«فَصْلٌ»
في أحكامِ الحيضِ والنِّفاسِ والاستحاضة
قال أبو شجاع رحمه الله: «يَخْرُجُ مِنَ الْفَرْجِ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ: دَمُ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَالِاسْتِحَاضَةِ» ؛ أيِ: الَّذي يَخْرُجُ مِن قُبُلِ المرأةِ مما تَتَعَلَّقُ به الأحكامُ الشَّرعيَّةُ مِنَ الدِّماءِ ثلاثةٌ، ولكلٍّ منها حدٌّ يُمَيِّزُه.
قال أبو شجاع رحمه الله: «فَالْحَيْضُ هُوَ: الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ، مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْوِلَادَةِ، وَلَوْنُهُ أَسْوَدُ مُحْتَدِمٌ لَذَّاعٌ» ، مُحْتَدِمٌ: أيِ اشتَدَّتْ حُمْرَتُه حتى اسْوَدَّ، ولذَّاعٌ: أي مُوجِعٌ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالنِّفَاسُ هُوَ: الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ» ، أيْ بَعْدَ فَراغِ الرَّحِمِ مِنَ الحَمْلِ.
(1)
رواه مسلم (279).
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالِاسْتِحَاضَةُ هُوَ: الدَّمُ الْخَارِجُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ» ؛ لمرضٍ، أو فسادٍ مِن عِرْقٍ، تَقولُ عائشةُ رضي الله عنها: جاءت فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيْشٍ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ اللهِ، إني امرأةٌ أُسْتحاضُ فلا أَطْهُرُ، أفأدعُ الصَّلاةَ؟ فقالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَغَالِبُهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ، وَأَقَلُّ النِّفَاسِ لَحْظَةٌ، وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا، وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَأَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ، وَأَقَلُّ زَمَنٍ تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ تِسْعُ سِنِينَ، وَأَقَلُّ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُ سِنِينَ، وَغَالِبُهُ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ» ، استُدِلَّ لأقلِّ الحملِ بقولِه تَعَالَى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]؛ مع قولِه تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14]، فإذا كانَ مجموعُ الحمْلِ والفِصالِ ثلاثينَ شهرًا، والفِصالُ -الذي هو الفِطامُ- وَحْدَه عامَيْنِ، كانَ الحملُ سِتَّةَ أشهرٍ.
وباقي هذه التَّقاديرِ في الحيضِ والنِّفاسِ والطُّهْرِ مَبناها الاستقراءُ، أيْ: تَتَبُّعُ الحوادثِ، وقد وُجِدت وقائعُ أَثْبَتَتْها.
(1)
رواه البخاري (300)، ومسلم (333).
وأمَّا حديثُ أمِّ سَلمةَ رضي الله عنها: «كانتِ النُّفَساءُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَقْعُدُ بَعْدَ نِفاسِها أربعينَ يومًا» ، فمحمولٌ على الغالِبِ، وهو لا يَنفي الزِّيادةَ
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَحْرُمُ بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ ثَمَانِيَةُ أَشْيَاءَ:
1 -
الصَّلَاةُ»؛ لحديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيْشٍ السَّابقِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها: «إِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ»
(2)
.
والنِّفاسَ كالحيضِ فِي غالبِ الأحكامِ مما يَحِلُّ أو يَحْرُمُ، وما يُكْرَهُ أو يُنْدَبُ.
2 -
«وَالصَّوْمُ» ؛ لحديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» ، فقلْنَ: وبم يا رسولَ اللهِ؟ قال: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ» ، قُلْنَ: وما نُقصانُ دينِنا وعَقْلِنا يا رسولَ اللهِ؟ قال: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ» ؟ قُلْنَ: بلى، قال:«فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» ؟ قُلْنَ: بلى، قال:«فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا»
(3)
.
(1)
حديثُ أمِّ سلمةَ رواه أحمد (26603)، وأبو داود (311)، والترمذي (139)، وابن ماجه (648)، والحاكم (622)، وصَحَّحه، وأَقَرَّه الذَّهبي.
(2)
انظر: السَّابقَ.
(3)
رواه البخاري (298)، ومسلم (79).
وتَقضي الحائضُ والنُّفَساءُ الصَّومَ ولا تَقضي الصَّلاةَ؛ لحديثِ مُعاذةَ بنتِ عبدِ اللهِ العَدَوِيَّةِ امرأةِ صِلَةَ بنِ أَشْيَمَ قالت: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها فقلتُ: ما بالُ الحائضِ تَقضي الصَّومَ ولا تَقضي الصَّلاةَ؟ قالت: «كانَ يُصِيبُنا ذلك، فنؤمَرُ بقضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤْمَرُ بقضاءِ الصَّلاةِ»
(1)
.
3 -
«وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» ؛ لحديثِ إسماعيلَ بنِ عَيَّاشٍ، عن موسى بنِ عُقْبةَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ شيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ»
(2)
.
4 -
«وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ» ؛ لقولِه تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79].
ولحديثِ عمرِو بنِ حَزْمٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ»
(3)
.
5 -
«وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ» ؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ»
(4)
.
(1)
رواه البخاري (315)، ومسلم (335).
(2)
رواه الترمذي (131)، وابن ماجه (596)، وقالَ الترمذي: «وهو قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ من أصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، والتَّابعينَ، ومَن بَعْدَهم مثل: سفيانَ الثَّوريِّ، وابنِ المبارَكِ، والشَّافعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ
…
وسمعتُ محمَّدَ بنَ إسماعيلَ، يقولُ:«إنَّ إسماعيلَ بنَ عيَّاشٍ يروي عن أهلِ الحجازِ، وأهلِ العراقِ أحاديثَ مَنَاكيرَ، كأنَّه ضَعَّفَ روايتَه عنهم فيما يَتفرَّدُ به» .
(3)
رواه ابن حبَّان (6559).
(4)
رواه أبو داود (232)، وابنُ خُزيمة (1327).
ولحديثِ عائشةَ رضي الله عنها -أيضًا- قالت: قال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ» ، فقلتُ: إني حائضٌ، فقال:«إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»
(1)
.
6 -
«وَالطَّوَافُ» ؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها قالت: خَرَجْنا لا نرى إلا الحَجَّ، فلمَّا كنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فدَخَلَ عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي: قال: «مَالَكِ أَنُفِسْتِ؟» ، قلتُ: نعم، قال:«إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» ، في روايةٍ:«حَتَّى تَطْهُرِي»
(2)
.
7 -
«وَالْوَطْءُ» ؛ لقولِه تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222].
والمرادُ باعتزالِهِنَّ؛ تَرْكُ الوطءِ.
8 -
«وَالِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ» ؛ لحديثِ حَرامِ بنِ حكيمٍ، عن عَمِّه رضي الله عنه، أنَّه سألَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: ما يَحِلُّ لي من امرأتي وهي حائضٌ؟ قال: «لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ»
(3)
.
أيْ: فوقَ ما يَسْتُرُهُ الإزارُ، والإزارُ: الثَّوبُ الَّذي يَسْتُرُ وَسَطَ الجِسْمِ، وهو بَيْنَ السُّرَّةِ والرُّكبةِ غالبًا.
(1)
رواه مسلم (298).
(2)
«صحيح البخاري» (290)، و «صحيح مسلم» (1211)، وقولُها رضي الله عنها:«بسَرِفَ» ، هو مكانٌ قُربَ مكَّةَ، وقولُه صلى الله عليه وسلم:«أَنُفِسْتِ؟» ، يَعني: حِضْتِ؟، وقولُه صلى الله عليه وسلم:«فَاقْضِ مَا يَقْضِي الْحَاجُّ» ؛ أي: افعلي ما يَفْعلُه الحاجُّ من المَنَاسكِ.
(3)
رواه أبو داود (212).