الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فَصْلٌ»
في زكاة عروض التجارة
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتُقَوَّمُ عُرُوضُ التِّجَارَةِ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ بِمَا اشْتُرِيَتْ بِهِ، وَيُخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ رُبْعُ الْعُشْرِ» ؛ أي: تُقَوَّمُ عُروضُ التِّجارةِ عندَ آخرِ الحَولِ بما اشتُرِيت به، سواءٌ كان ثمنُ مالِ التِّجارةِ نصابًا أم لا، فإن بلَغَت قيمةُ العروضِ آخرَ الحولِ نصابًا زكَّاها، وإلَّا فلا، ويُخرِجُ من ذلك بعدَ بلوغِ قيمةِ مالِ التِّجارةِ نصابًا ربعَ العُشرِ.
«فَصْلٌ»
في زكاة المَعْدِن والرِّكاز
المَعْدِنُ: وهو اسمٌ للمكانِ الذي خلَق اللهُ تعالى فيه الجواهرَ؛ من الذَّهبِ والفضةِ والحديدِ والنُّحاسِ ونحوِ ذلك، وسُمِّي بذلك لإقامةِ ما أنبته اللهُ فيه، تقولُ: عَدَنَ بالمكانِ إذا أقام به، ومنه جنَّاتُ عدْنٍ.
والرِّكازُ: بمعنى المرْكوزِ؛ كالكتابِ بمعنَى المكتوبِ، وهو دفينُ الجاهليَّةِ، والمرادُ بالجاهليَّة ما قبلَ الإسلامِ؛ أي: قبلَ مبعثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، سُمُّوا بذلك لكثرةِ جَهالاتِهم، ويُعرفُ بأنْ يكونَ عليه اسمُ مَلِكٍ من ملوكِهم، أو صليبٌ، أو نحوُ ذلك.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَا اسْتُخْرِجَ مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يُخْرِجُ مِنْهُ رُبْعَ الْعُشْرِ فِي الْحَالِ، وَمَا يُوجَدُ مِنَ الرِّكَازِ فَفِيهِ
الْخُمْسُ»، قال الشَّافعيُّ رحمه الله:«لا زكاةَ في شيءٍ ممَّا يخرجُ من المعادنِ إلَّا ذَهَبًا أو وَرِقًا، فإذا خرَج منها ذهبٌ أو وَرِقٌ فكان غيرَ متميزٍ حتى يُعالجَ بالنَّارِ أو الطَّحنِ، أو التَّحصيل؛ فلا زكاةَ فيه حتى يصيرَ ذهبًا أو ورِقًا»
(1)
.
فإذا استخرجَ مسلمٌ حرٌّ من مَعْدِنٍ في أرضٍ مَواتٍ أو أرضٍ يملكُها نصابًا من الذَّهبِ أو الفِضَّةِ؛ وجبَت عليه الزَّكاةُ، وإنْ وجدَه في أرضٍ مملوكةٍ لغيرِه، فهو لصاحبِ الأرضِ، ويجبُ دفعُه إليه، فإذا أخذَه مالكُه وجبتْ عليه زكاتُه، وإنْ وُجِد دونَ النِّصابِ لم يلزمْه الزَّكاةُ؛ لعمومِ الأدلَّةِ التي اشترطَتِ النِّصابَ؛ ووجهُ عدمِ وجوبِ الحولِ أنَّ وجوبَه في غيرِ المعدِنِ لأجلِ تكاملِ النَّماءِ، والمستخرَجُ من المعدِن نماءٌ في نفسِه؛ فأشبهَ الثِّمارَ والزُّروعَ، وزكاةُ المعدِنِ ربعُ العُشْرِ؛ لعمومِ الأدلَّةِ السابقةِ في النقدين.
وأما الركاز: فيجبُ فيه الخمسُ؛ لحديثِ أبي هريرَةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ»
(2)
.
ولا يشترطُ فيه الحولُ -أيضًا- لأنَّ الحولَ لأجلِ تكاملِ النَّماءِ وهو كلُّه نماءٌ، ولا مشقَّةَ فيه غالبًا، ويشترطُ النِّصابُ والنَّقدُ؛ لأنَّه مستفادٌ من الأرضِ فاختُصَّ بما يجبُ فيه الزَّكاةُ قدرًا ونوعًا كالمَعْدِن، وإنَّما خالفَ المعدِنَ في المُخْرَجِ منه؛ لأنَّه لا مُؤْنةَ في تحصيلِه، أو مؤنتُه قليلةٌ فكثُرَ واجبُه، ويصرَفُ هو والمعدِنُ
(1)
«مختصر المزني» (ص: 78).
(2)
رواه البخاري (1428)، ومسلم (1710).