الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُستثنى مِن ذلك الشعرُ، فيجوزُ الانتفاعُ به إذا أُخذَ مِن مأكولِ اللحمِ حالَ حياتِه، وكذلك بعدَ تذكيتِه، ودليلُ ذلك قولُه تعالى:{وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ} [النحل: 80].
وأُلحقَ بالشعر ما يقومُ مقامَه مِن كلِّ حيوانٍ مأكولِ اللحمِ، كالريشِ ونحوِه.
وأمَّا شعرُ الميتةِ فلا يجوزُ الانتفاعُ به؛ لقولِه تعالى: {حرمت عليكم الميتة} [المائدة: 3]، وكذلك غيرُ مأكولِ اللحمِ لأنَّ الذكاةَ لا تعملُ فيه.
«فَصْلٌ»
في أحكامِ الأطعمة
الأطعمةُ في اللُّغةِ: جمعُ طعامٍ، وهو كلُّ ما يؤكلُ مطلقًا، ولا يخرجُ المعنى الاصطلاحيُّ عنِ المعنى اللغويِّ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَكُلُّ حَيَوَانٍ اسْتَطَابَتْهُ الْعَرَبُ فَهُوَ حَلَالٌ؛ إِلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهِ، وَكُلُّ حَيَوَانٍ اسْتَخْبَثَتْهُ الْعَرَبُ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهِ» ، كلُّ حيوانٍ لم يردْ فيه نصُّ تحليلٍ ولا تحريمٍ، ولا جاءَ الأمرُ بقتلِه ولا النهيُ عن قتلِه؛ فالمرجعُ فيه إلى غالبِ عاداتِ العربِ؛ لقولِه تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا
أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]؛ فدلَّ على أنَّ ما كانوا يستطيبونه فهو حلالٌ لهم، وما كانوا يستخبثونه فهو حرامٌ، ويرجعُ فيه إلى أهلِ الريفِ وذوي اليسارِ، وأهلِ القرى منَ العربِ دونَ الأجلافِ مِن أهلِ الباديةِ والقفرِ، أو أهلِ الضرورةِ، أمَّا ما استطابوه وجاءَ الشرعُ بتحريمِه كالحمارِ الأهليِّ فلا ينظرُ لاستطابةِ العربِ له، وكذلك ما استخبثوه وجاءَ الشرعُ بإباحتِه كالضبِّ، فلا ينظرُ لاستخباثِهم له.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَحْرُمُ مِنَ السِّبَاعِ مَا لَهُ نَابٌ قَوِيٌّ يَعْدُو بِهِ، وَيَحْرُمُ مِنَ الطُّيُورِ مَا لَهُ مِخْلَبٌ قَوِيٌّ يَجْرَحُ بِهِ» ؛ أي: يحرمُ منَ السباعِ كلُّ ما له نابٌ حادٌّ يسطو به على غيرِه ويفترسُه، كالأسدِ، والنمرِ، والفهدِ، والذئبِ، والدُّبِّ، والكلبِ، وكذلك يحرمُ كلُّ ذِي مخلبٌ يقطعُ به الجلدَ ويمزقُه، كالصقرِ، والنسرِ، والعُقابِ، والبازيِّ، والشَّاهينِ، ودليلُه حديثُ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ:«نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَحِلُّ لِلْمُضطَّر فِي الْمَخْمَصَةِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَيْتَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ» ؛ لقولِه تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ؛ إلى قولِه تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثُمَّ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 3].
والمخمصةُ: خُلوُّ البطنِ منَ الطعامِ عندَ الجوعِ، وأصلُه من
(1)
رواه مسلم (1934).