الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الجهةِ المقفولةِ؛ لأنَّ ذلك القدرَ هو محلُّ تردُّدِه، وما عدَا ذلك فهو فيه كالأجنبيِّ، فإذا أرادَ أنْ يؤخرَ بابَه إلى رأسِ الدَّربِ فله ذلك لأنَّه تركَ بعضَ حقِّه؛ بشرطِ أنْ يَسُدَّ الأوَّلَ، أمَّا إذا أرادَ نقلَه إلى داخلِه من الجهةِ المقفولةِ مُنع إلا برضى الشُّركاءِ.
«فَصْلٌ»
في الحَوَالَة
الحَوَالَةُ في اللُّغةِ: الانتقالُ، يُقالُ: تحوَّلُ من مكانِه إذا انتقلَ عنه.
وفي الاصطلاحِ: عقدٌ يقتضِي نقلَ دَيْنٍ مِن ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ أُخرى.
والأصلُ في مشروعيَّتِها حديثُ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَشَرَائِطُ الْحَوَالَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ:
1 -
رِضَا الْمُحِيلِ»، وهو مَن عليه الدَّيْنُ، ووجهُ اشتراطِ رضا المُحِيلِ أنَّ الحقَّ الذي عليه له قضاؤُه من حيث شاء.
(1)
رواه البخاري (2166)، ومسلم (1564)، والمطلُ منعُ قضاءِ ما اسْتُحِقَّ أداؤه، فمطلُ الغنيِّ ظلمٌ وحرامٌ، ومطلُ غيرِ الغنيِّ ليس بظلمٍ ولا بحرامٍ؛ لأنَّه معذورٌ، وأيضًا إذا كان غنيًّا ولكنه ليس متمكنًا من الأداءِ؛ لغَيبةِ المالِ أو لغيرِ ذلك، ويجوزُ له التأخيرُ إلى الإمكانِ، وقولُه صلى الله عليه وسلم:«وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» ؛ أي: إذا أُحِيلَ بالدَّينِ الذي له على موسِرٍ، فليقْبلِ الحَوَالةَ وليأخذْ دينَه.
2 -
«وَقَبُولُ الْمُحْتَالِ» ، وهو مستحِقُّ الدَّينِ من المُحِيلِ، ووجهُ اشتراطِ رضا المحتالِ أنَّ حقَّه في ذمَّةِ المُحِيلِ فلا ينتقلُ إلى غيرِه إلَّا برضاه.
3 -
«وَكَوْنُ الْحَقِّ مُسْتَقِرًّا فِي الذِّمَّةِ» ، الحقُّ المستقرُّ هو الذي لا يكونُ عرضةً للسُّقوطِ بحالٍ، فالثمنُ في زمنِ الخيارِ ليس مستقرًّا في ذمَّةِ المشترِي؛ لأنَّه قد يفسخُ البيعَ في زمنِ الخيارِ، وإذا فسخَ بَطَلَ ما يترتَّبُ عليه من ثمنٍ، وكذلك المهرُ قبلَ الدخولِ، والأجرةُ قبلَ استيفاءِ المنفعةِ، والثمنُ قبلَ قبضِ المبيعِ، وما شاكلَ ذلك، كلُّها ديونٌ لازمةٌ؛ لكنَّها غيرُ مستقرَّةٍ وعُرْضَةٌ للسُّقوطِ بفواتِ مقابلِها، كَرِدَّةِ الزوجةِ، وموتِ الأجيرِ، وتلفِ المبيعِ.
4 -
«وَاتِّفَاقُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ، وَالْحُلُولِ، وَالتَّأْجِيلِ» ؛ أي: اتفاقُ الدَّيْنَيْنِ: المحالِ به والمحالِ عليه، وذلك في الجنسِ، فلا تصحُّ الحوالةُ بالدَّارهمِ على الدَّنانيرِ؛ وفي النَّوعِ، فلا تصحُّ بالدَّراهمِ المضروبةِ على الدَّارهمِ غيرِ مضروبةٍ؛ وفي القدْرِ، فلا تصحُّ بعشرةِ -مثلًا- على خمسةٍ؛ والحلولِ والتأجيلِ، فلا تصحُّ حوالةُ دَيْنٍ حالٍّ على دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَبْرَأُ بِهَا ذِمَّةُ الْمُحِيلِ» ؛ أي: تبرأُ ذِمَّةُ المحيلِ من المُحْتالِ، ويبرأُ -أيضًا- المُحالُ عليه من دَيْنِ المُحِيلِ، ويتحوَّلُ حقُّ المُحْتَالِ إلى ذمَّةِ المُحالِ عليه.