الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحاجةُ إليها أكيدةٌ، وشرْعُ اللهِ تعالى إنَّما جاءَ لرعايةِ مصالحِ العبادِ، وتخليصِهم من الحرجِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالْكَفَالَةُ بِالْبَدَنِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ» ، تجوزُ الكفالةُ بإحضارِ بدنِ مَن عليه حقٌّ من مالٍ، أو عقوبةٍ متعلِّقَةٍ بحقِّ آدميٍّ، كالقصاصِ وحدِّ القذفِ؛ لأنَّه حقٌّ لازمٌ فأشبه المالَ، وأمَّا الكفالةُ ببدنِ مَن عليه حدٌّ من حدودِ اللهِ تعالى؛ كحدِّ الزِّنا وشربِ الخمرِ لم تصحَّ، لأنَّا مأمورونَ بسَترِها، والسَّعيِ في إسقاطِها ما أمكنَ.
ويبرأُ الكفيلُ بتسليمِ المكفولِ في مَحِلِّ التَّسليمِ، وإنْ مضتِ المدَّةُ ولم يُحضِرْه حُبِسَ إلَّا أنْ يتعذَّرَ إحضارُ المكفولِ بموتٍ أو غيرِه، أو يُوَفِّيَ الدَّينَ، فإنْ وفَّاه ثمَّ حضرَ المكفولُ فله الاستردادُ، ولا يُطالبُ كفيلٌ بمالٍ ولا عقوبةٍ وإنْ فات التسليمُ بموتٍ أو غيرِه؛ لأنَّه لم يلتزمْهُ، ولو شرَطَ أنَّه يغرمُ المالَ إنْ فات التَّسليمُ للمكفولِ لم تصحَّ الكفالةُ؛ لأنَّ ذلك خلافُ مقتضاها.
«فَصْلٌ»
في الشَّرِكَة
الشَّركةُ في اللُّغةِ: الاختلاطُ والامتزاجُ.
وفي الاصطلاحِ: ثبوتُ الحقِّ في الشيءِ الواحدِ لشخصينِ فصاعدًا على جهةِ الشيوعِ
(1)
.
(1)
الشُّيُوعُ: مُشْتَرَكُ المِلْكِيَّةِ مِن غيرِ تقسيمٍ.
والأصلُ في مشروعيتِها حديثُ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا»
(1)
.
ومعناه أنَّ اللهَ تبارك وتعالى معهما في الحفظِ والرعايةِ والإمدادِ بمعونتِهما في مالِهما وإنزالِ البركةِ في تجارتِهما ما لم يَخُنْ أحَدُهُمَا صاحبَه، فإذا حصلت الخيانةُ نُزِعَتْ البركةُ مِن مالِهما، وفي الحديثِ الحثُّ على التَّشاركِ مع عدمِ الخيانةِ، والتحذيرُ منها.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلِلشَّرِكَةِ خَمْسُ شَرَائِطَ:
1 -
أَنْ يَكُونَ عَلَى نَاضٍّ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ»، النَّاضُّ: ما كان نقدًا من الدَّراهمِ والدَّنانيرِ خاصةً.
2 -
«وَأَنْ يَتَّفِقَا فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ» ، فلا تصحُّ الشركةُ في الذَّهبِ والدَّراهمِ، ولا في صحاحٍ ومكسَّرةٍ.
3 -
«وَأَنْ يَخْلِطَا الْمَالَيْنِ» ؛ أي: يَخلِطَا المالينِ بحيثُ لا يتميَّزانِ.
4 -
«وَأَنْ يَأْذَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ» ، بعدِ خلطِ المالينِ يجبُ أنْ يأذنَ كلُّ واحدٍ منهما لصاحبِه في التَّصرُّفِ؛ لأنَّ المالَ المشتركَ لا يجوزُ لأحدِ الشَّرِيكينِ التَّصرفُ فيه إلا بإذنِ صاحبِه، فإذا أَذِنَ له فيه تصرَّفَ بلا ضررٍ؛ فلا يبيعُ كل منهما نسيئةً، ولا بغيرِ نقدِ البلدِ، ولا بغبنٍ فاحشٍ، ولا يسافرُ بالمالِ المشتركِ إلا
(1)
رواه أبو داود (3383)، والحاكم (2322)، وصححه، وأقره الذهبي.