الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بإذنِ شريكِه، فإنْ فعلَ أحدُ الشريكينِ ما نُهِي عنه لم يصحَّ تصرُّفه في نصيبِ شريكِه؛ وَيَصِحُّ فِي نصيبِه، فتنفسخُ الشَّرِكَةُ في الْمُشْتَرَى أو في المبيعِ ويصيرُ مُشْتَرَكًا بينَ البائعِ أو المشترِي والشَّريكِ، فإنِ اشترى بالغبنِ في الذِّمةِ اختَصَّ الشراءُ به؛ فيزنُ الثَّمَنَ من مالِه.
5 -
«وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» ، يكونُ الرِّبحُ والخسرانُ في الشِّركةِ على قدرِ المالين، سواءٌ تساوى الشَّريكان في العملِ وفي المالِ المشتركِ أو تفاوتَا فيه، فإنِ اشترطَا التَّساوِيَ في الرِّبحِ مع تفاوتِ المالينِ أو عكسَه لم يصحَّ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ» ، الشَّركةُ عقدٌ جائزٌ من الطرفينِ، وحينئذٍ لكلِّ واحدٍ من الشَّريكينِ فسخُها متى شاءَ، وينعزلانِ عن التَّصرفِ بفسْخِ كلٍّ منهما.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَتَى مَاتَ أَحَدُهُمَا بَطَلَتْ» ، متى ماتَ أحدُ الشَّريكينِ أو جُنَّ، أو أُغمِي عليه بَطَلَتْ الشَّركةُ؛ لخروجِه عن أهليَّةِ التَّصَرُّفِ.
«فَصْلٌ»
في الوَكَالَة
الوَكالةُ في اللغةِ: التَّفويضُ.
وفي الاصطلاحِ: تفويضُ شخصٍ ما له فعلُه مما يقبلُ النِّيابةَ إلى غيرِه ليفعلَه في حياتِه.
والأصلُ في مشروعيَّتِها من الكتابِ قولُه تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} [الكهف: 19].
ومن السُّنَّةِ حديثُ عروةَ بنِ أبي الجعدِ البارقيِّ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا يشتري له به شاةً، فاشترى له به شاتينِ، فباع إحداهما بدينارٍ، وجاءه بدينارٍ وشاةٍ، فدعَا له بالبركةِ في بيعِه، وكان لو اشترَى التُّرابَ لربحِ فيه»
(1)
.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَكُلُّ مَا جَازَ لِلْإِنْسَانِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ أَوْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ» ، كل ما جاز للإنسان التصرف فيه بنفسه بملك أو ولاية جاز له أن يوكل فيه غيره؛ لأنه إذا لم يقدر على التصرف بنفسه فبنائبه أولى.
وكما يُشترطُ في صحَّةِ التَّوكيلِ صحَّةُ مباشرةِ الموكِّلِ فكذلك الوكيلُ يشترطُ أنْ يكونَ ممن يصحُّ تصرُّفُه فيه لنفسِه، فلا يصحُّ توكيلُ الصبيِّ والمجنونِ ومَن فِي معناهما؛ لِتَعَذُّرِ مُبَاشَرَتِهِمُ العملَ لأنفسهم فلغيرِهما أوْلى.
ويُشترَطُ -أيضًا- في الموكَّلِ فيه أنْ يكونَ قابلًا للنِّيابةِ؛ فلا يصحُّ التَّوكيلُ في العباداتِ البدنيَّةِ؛ لأنَّ المقصودَ منها الابتلاءُ والاختبارُ، وهو لا يحصلُ بفعلِ الغيرِ، ويُستثنى من ذلك مسائلُ؛ كالحجِّ والعمرةِ، وذبحِ الأضاحِي، وتفرقةِ الزَّكاةِ، وصومِ
(1)
رواه البخاري (3443).
الكفَّاراتِ، وأُلحِقَ بالعباداتِ الشَّهاداتُ والأيمانُ؛ ومن الأيمانِ: الإيلاءُ، واللِّعانُ، والظِّهارُ، وكذلك ما في معنَى الأيمانِ؛ كالنَّذرِ، وتعليقِ الطَّلاقِ؛ فلا يصحُّ التَّوكيلُ في شيءٍ منها.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ، وَتُفْسَخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا» ، الوكالةُ غيرُ لازمةٍ من جانبِ الموكِّلِ والوكيلِ، فيجوزُ لكلِّ واحدٍ منهما فسخُها متى شاء، وكذلك تنفسخُ بموتِ أحدِهما أو جنونِه، أو إغمائِه؛ لخروجِه عن أهليَّةِ التَّصرُّفِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ فِيمَا يَقْبِضُهُ وَفِيمَا يَصْرِفُهُ، وَلَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّفْرِيطِ» ، والوكيلُ أمينٌ فيما يقبضُه لموكِّلِه وفيما يصرفُه من مالِ موكِّلِه عنه، ولا يضمنُ ما تلفَ في يدِه من مالِ موكِّلِه إلا بالتَّفريطِ في حقِّه كسائرِ الأمناءِ، ويُصَدَّقُ بيمينِه في دعوى التَّلفِ، فإذا فرَّطَ أو تعدَّى ضَمِنَ كسائرِ الأمناءِ.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِي إِلَّا بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ:
1 -
أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ»؛ أي: لا يبيعُ الوكيلُ بدونِ ثمنِ المثلِ، ولا بغبنٍ فاحشٍ، وهو ما لا يُحتملُ في الغالبِ.
2 -
«وَأَنْ يَكُونَ نَقْدًا» ؛ أي: لا يبيعُ الوكيلُ نسيئةً.
3 -
«وَبِنَقْدِ الْبَلَدِ» ؛ أي: لا يبيعُ إلا بنقدِ بلدِ البيعِ؛ لا بلدِ التَّوكيلِ.