المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌«فصل»في أحكام الغنيمة - إتحاف الأريب بشرح الغاية والتقريب

[أبو المعاطي الشبراوي]

فهرس الكتاب

- ‌تَرْجَمَةُ أبِي شُجَاعٍ الأصْبَهَانِيُّ رحمه الله

- ‌اسْمُه ونَسَبُه:

- ‌من مؤلَّفاتِه:

- ‌مُقَدِّمِةُ صَاحِبِ الْمَتْن

- ‌كتابُ الطَّهارة

- ‌«فَصْلٌ»في أنواع المِياهِ وأقسامِها

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ المَيتةِ وبيانِ ما يَطْهُرُ بالدِّباغ

- ‌«فَصْلٌ»في استعمالِ الأواني

- ‌«فَصْلٌ»في فروضِ الوُضوءِ وسُنَنِه

- ‌«فَصْلٌ»في الاستنجاء

- ‌«فَصْلٌ»في نواقِضِ الوُضوء

- ‌«فَصْلٌ»في موجِباتِ الغُسْل

- ‌«فَصْلٌ»في فرائِضِ الغُسْلِ وسُنَنِه

- ‌«فَصْلٌ»في الاغتسالاتِ المَسْنُونَة

- ‌«فَصْلٌ»في المَسْحِ على الخُفَّيْن

- ‌«فَصْلٌ»في التَّيمُّم

- ‌«فَصْلٌ»في بيانِ النَّجاساتِ وإزالتِهَا

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الحيضِ والنِّفاسِ والاستحاضة

- ‌«فَصْلٌ»في ما يَحْرُمُ على الجُنُبِ والمُحْدِثِ فِعْلُه

- ‌كِتابُ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في مَواقيتِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في شروطِ وجوبِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في الصَّلواتِ المَسْنُونَات

- ‌«فَصْلٌ»في شروطِ الصَّلاةِ قبلَ الدُّخولِ فيها

- ‌«فَصْلٌ»في أركانِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في سُننِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في هيئاتِ الصَّلاةِ

- ‌«فَصْلٌ»في ما تُخَالِفُ المرأةُ فيه الرَّجُلَ في الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في مُبطِلاتِ الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في ما تَشْتَمِلُ عليه الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في سجودِ السَّهْو

- ‌«فَصْلٌ»في الأوقاتِ الَّتي تُكْرَهُ فيها الصَّلاة

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الجماعة

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ المسافر

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الجُمُعة

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ العِيدين

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الكسوفِ

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الاستسقاء

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الخوف

- ‌«فَصْلٌ»في اللِّباسِ والزِّينة

- ‌«فَصْلٌ»في صلاةِ الجِنازةِ

- ‌كتابُ الزَّكاة

- ‌«فَصْلٌ»في نِصَابِ الإبِل

- ‌«فَصْلٌ»في نِصَابِ البَقَر

- ‌«فَصْلٌ»في نِصَابِ الغَنَم

- ‌«فَصْلٌ»في زكاةِ الخَلِيطَيْن

- ‌«فَصْلٌ»في زكاةِ الذَّهَبِ والفِضَّة

- ‌«فَصْلٌ»في زكاةِ الزُّرُوعِ والثِّمَار

- ‌«فَصْلٌ»في زكاة عروض التجارة

- ‌«فَصْلٌ»في زكاة المَعْدِن والرِّكاز

- ‌«فَصْلٌ»في زكاةِ الفِطْر

- ‌«فَصْلٌ»في مصارف الزكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌«فَصْلٌ»في مفسداتِ الصوم

- ‌«فَصْلٌ»في الاعتكاف

- ‌كتابُ الحَج

- ‌«فَصْلٌ»في العمرة

- ‌«فَصْلٌ»في محظوراتِ الإحرام

- ‌«فَصْلٌ»في الدِّماءِ الواجبةِ في الإحرام

- ‌كتابُ البُيُوعِ وغيرِها مِنَ المُعامَلات

- ‌«فَصْلٌ»في الرِّبَا

- ‌«فَصْلٌ»في الخِيَار

- ‌«فَصْلٌ»في السَّلَم

- ‌«فَصْلٌ»في الرَّهْن

- ‌«فَصْلٌ»في الحَجْر

- ‌«فَصْلٌ»في الصُّلح

- ‌«فَصْلٌ»في الحَوَالَة

- ‌«فَصْلٌ»في الضَّمَان

- ‌«فَصْلٌ»في الكَفَالَة

- ‌«فَصْلٌ»في الشَّرِكَة

- ‌«فَصْلٌ»في الوَكَالَة

- ‌«فَصْلٌ»في الإقْرَار

- ‌«فَصْلٌ»في العارِيَّة

- ‌«فَصْلٌ»في الغَصْب

- ‌«فَصْلٌ»في الشُّفْعَة

- ‌«فَصْلٌ»في القِرَاض

- ‌«فَصْلٌ»في المُسَاقَاة

- ‌«فَصْلٌ»في الإجَارَة

- ‌«فَصْلٌ»في الجعَالَة

- ‌«فَصْلٌ»في المُزَارَعَة

- ‌«فَصْلٌ»في إحياءِ المَوَات

- ‌«فَصْلٌ»في الوقف

- ‌«فَصْلٌ»في الهِبَة

- ‌«فَصْلٌ»في اللقطة

- ‌«فَصْلٌ»في اللَّقِيط

- ‌«فَصْلٌ»في الوَدِيعَة

- ‌كتابُ الفَرَائِضِ والوَصَايَا

- ‌«فَصْلٌ»في الحَجْب

- ‌«فَصْلٌ»في أقربِ العَصَباتِ

- ‌«فَصْلٌ»في الفروضِ المذكورةِ في كتابِ اللهِ تعالى

- ‌تَتِمَّةٌ في تأصيلِ المسائلِ وتصحيحِها:

- ‌«فَصْلٌ»في الوَصِيَّة

- ‌كتابُ النِّكاحِ وما يَتعلَّقُ بِهِ مِنَ الأحكامِ والقَضَايَا

- ‌«فَصْلٌ»في ما يُشْتَرَطُ لصحَّةِ عَقدِ النِّكاح

- ‌«فَصْلٌ»فِي المُحَرَّمَاتِ مِن النِّسَاء

- ‌«فَصْلٌ»في تسميةِ المَهر

- ‌«فَصْلٌ»في الوَليمَة

- ‌«فَصْلٌ»في عِشْرَةِ النِّسَاء

- ‌«فَصْلٌ»فِي الخُلْع

- ‌«فَصْلٌ»في الطَّلَاق

- ‌«فَصْلٌ»فِي طلاقِ الحُرِّ والعَبْد

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الرَّجْعَة

- ‌«فَصْلٌ»في الإيلاء

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الظِّهار

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ اللِّعَان

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ العِدَّة

- ‌«فَصْلٌ»في أنواعِ المعتدَّةِ وأحكامِها

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الاسْتِبْرَاء

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الرَّضَاع

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ نفقةِ الأقاربِ

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الحَضَانَةِ

- ‌كتابُ الجِنَايَات

- ‌«فَصْلٌ»في شَرَائِطِ وُجُوبِ القِصَاص

- ‌«فَصْلٌ»في بيانِ أحكامِ الدِّيَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ القَسَامة

- ‌كتابُ الحُدُود

- ‌«فَصْلٌ»في حَدِّ القَذْفِ

- ‌«فَصْلٌ»في حَدِّ شُرْبِ الخَمْر

- ‌«فَصْلٌ»في حَدِّ السَّرِقَة

- ‌«فَصْلٌ»في حَدِّ الحِرابة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الصِّيَال

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ قتالِ أهلِ البَغْي

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الرِّدَّة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ تاركِ الصَّلاة

- ‌كتابُ الجِهَاد

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الغَنِيمَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الفَيْء

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الجِزْيَة

- ‌كتابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِح

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الأطعمة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الأُضْحِيَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ العَقِيقَة

- ‌كتابُ السَّبْقِ والرَّمي

- ‌كتابُ الأَيْمَانِ والنُّذُور

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ النَّذر

- ‌كتابُ الأقْضِيَةِ والشَّهَادَات

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ القِسْمَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكام البَيِّنَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الشَّهادات

- ‌«فَصْلٌ»في حقوقِ الله تعالى وحقوقِ الآدمين

- ‌كتابُ العِتْق

- ‌«فَصْلٌ»في أحكامِ الوَلَاء

- ‌«فصل»في أحكام التَّدْبِير

- ‌«فَصْلٌ»في أحكام الكِتَابَة

- ‌«فَصْلٌ»في أحكام أمهات الأولاد

الفصل: ‌«فصل»في أحكام الغنيمة

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُحْكَمُ لِلصَّبِيِّ بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ وُجُودِ ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ:

1 -

أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ»، فيُنسَبُ إليه، مراعاةً لمصلحةِ الصَّغيرِ، ولأنَّه لا وصايةَ لكافرٍ على مسلمٍ، ولأنَّ الإسلامَ صفةُ كمالٍ وشرفٍ وعلوٍّ قالَ صلى الله عليه وسلم:«الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى»

(1)

.

2 -

«أَوْ يَسْبِيَهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا عَنْ أَبَوَيْهِ» ، فيحكمُ بإسلامِه تبعًا لسابيه؛ لأنَّ له عليه ولايةً، وليس معَه مَنْ هو أقربُ إليه منه، فيتبعُه كالأبِ.

3 -

«أَوْ يُوجَدَ لَقَيطًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ» ، ولو كانَ فيها أهلُ ذمَّةٍ، وذلك لما سبقَ منْ مراعاةِ مصلحةِ الصَّغيرِ، ولأنَّ الإسلامَ صفةُ كمالٍ وعلوٍّ وشرفٍ.

«فَصْلٌ»

في أحكامِ الغَنِيمَة

الغنيمةُ في اللُّغةِ: مأخوذةٌ منَ الغُنْمِ، وهو الرِّبْحُ.

وفي الاصطلاحِ: ما أُخِذَ مِنَ الكُفَّارِ في الحربِ عَنْوَةً.

والأصلُ في مشروعيتِها قبلَ الإجماعِ قولُه تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69].

وقد كانَتْ محرمةً في الشَّرائعِ السَّابقةِ، وإنَّما أُبيحَتْ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

(1)

رواه الدار قطني (3620)، والبيهقي في «السُّنن الكبرى» (11935)، وقال:«قال الحسنُ وشريحٌ وإبراهيمُ وقتادةُ إذا أسلمَ أحدُهما فالولدُ معَ المسلمِ» .

ص: 419

وأمَّتِهِ خاصَّةً، وقد سبقَ حديثُ جابرٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:«أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي» ، وفيه:«وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي»

(1)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا أُعْطِيَ سَلَبَهُ» ؛ لحديثِ أبي قتادةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّصلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ»

(2)

.

والسَلَبُ: ما وُجدَ معَ القتيلِ منْ مالٍ ولباسٍ ودابةٍ وسلاحٍ، والبيِّنةُ: الدَّلالةُ أو الشهودُ الذين يشهدونَ له بقتْلِه.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، فَيُعْطَى أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ: لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ» ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ شقيقٍ العقيليِّ أنَّ رجلًا سألَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عنِ الغنيمةِ؟ فقالَ صلى الله عليه وسلم: «للهِ خُمُسُهَا، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِلْجَيْشِ»

(3)

.

وقالَ ابنُ عمرَ رضي الله عنهما: «إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جعلَ للفرسِ سهمينِ، ولصاحبِه سهمًا»

(4)

.

وفي روايةٍ: «قَسَمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ خيبرَ للفرسِ سهمينِ، وللرَّاجلِ سهمًا»

(5)

.

(1)

رواه البخاري (328)، ومسلم (521).

(2)

رواه البخاري (2973)، ومسلم (1751).

(3)

رواه البيهقي في «السُّنن الكبرى» (12862).

(4)

رواه البخاري (2708)، ومسلم (1762).

(5)

رواه البخاري (3988)، ومسلم (1762).

ص: 420

والراجِلُ؛ أيْ: المُقاتلُ على رجلَيهِ.

قالَ أبو شُجاعٍ رحمه الله: «وَلَا يُسْهَمُ إِلَّا لِمَنْ اسْتُكْمِلَتْ فِيهِ خَمْسُ شَرَائِطَ: الْإِسْلَامُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالذُّكُورِيَّةُ» ؛ لأنَّ الكافرَ والصَّبيَّ والمجنونَ والعبدَ والمرأةَ ليسوا منْ أهلِ فرضِ الجهادِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ رُضِخَ لَهُ وَلَمْ يُسْهَمْ» ، إنِ اختلَّ شرطٌ منَ الشُّروطِ الخمسةِ السَّابقةِ؛ بأنْ كانَ مَنْ حضرَ القتالَ صغيرًا، أو مجنونًا، أو رقيقًا، أو أنثَى، أو ذميًّا؛ رُضِخَ له، والرَّضْخُ في اللُّغةِ: العطاءُ القليلُ، وفي الاصطلاحِ: هو ما دونَ السَّهمِ، ويجتهدُ الإمامُ في قدْرِه؛ لأنَّه لم يَرِدْ فيه تحديدٌ، فيرجعُ إلى رأيِه، ويتفاوتُ على قَدْرِ نفعِ المرضَخِ له، فيرجحُ المقاتِلُ ومَنْ قِتالُه أكثرُ على غيرِه، والفارسُ على الراجلِ، والمرأةُ التي تداوي الجرحى وتَسقي العَطاشَى على التي تحفظُ الرِّحَالَ، وذلك بخلافِ سهمِ الغنيمةِ، فإنَّه يستوي فيه المقاتلُ وغيرُه؛ لأنَّه منصوصٌ عليه، والرَّضْخُ بالاجتهادِ لكنْ لا يبلغُ به سهمَ راجلٍ ومحلُ الرَّضْخِ الأخماسُ الأربعةُ؛ لأنَّه سهمٌ منَ الغنيمةِ يُسْتَحَقُّ بحضورِ الوقعةِ؛ إلا أنَّه ناقصٌ، وإنَّما يُرضَخُ للذِّميِّ وما أُلحقَ به منَ الكُفَّارِ إذا حضرَ بلا أُجرةٍ، وكانَ حضورُه بإذنِ الإمامِ، أو أميرِ الجيشِ، وبلا إكراهٍ منه، ولا أثرَ لإذنِ الآحادِ، فإنْ حضرَ بأُجرةٍ فلَه الأُجرةُ، ولا شيءَ له سواها، وإنْ حضرَ بلا إذنِ الإمامِ أو الأميرِ فلا رضْخَ له، بلْ يعزِّرُه الإمامُ إنْ رآه، وإنْ أكرَهَه الإمامُ

ص: 421

على الخروجِ استحقَ أجرةَ مثلِه؛ منْ غيرِ سهمٍ ولا رضْخٍ لاستهلاكِ عَمَلِه عليه

(1)

.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ:

1 -

سَهْمٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصْرَفُ بَعْدَهُ لِلْمَصَالِحِ»، الخُمسُ الباقي بعدَ الأخماسِ الأربعةِ -التي تكونُ للغانمينَ- يُقسَمُ على خمسةٍ، وهم المذكورونَ في قولِه تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41]، فقولُه تعالى:{فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} ؛ هذا هو السهمُ الأولُ، فسهمُ اللهِ والرسولِ صلى الله عليه وسلم واحدٌ، ودليلُ ذلك قولُه تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]، فقد كانَتْ قبلَ فرضِ الخُمسِ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يضعُها حيثُ شاءَ، فلمَّا فُرِضَ الخمسُ تَبَيَّنَ أنَّ للغانمين أربعةَ أخماسِ الغنيمةِ، وخُصَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالخُمسِ، فليسَ للغانمين فيه حقٌ، وقد بَوَّبَ الإمامُ البُخاريُّ رحمه الله بابًا سمَّاه:«بابُ قولِ اللهِ تعالى: {فأن لله خمسه وللرسول}، يعني: للرسولِ قسمُ ذلك»

(2)

.

ولا يسقطُ هذا السهمُ بوفاتِه صلى الله عليه وسلم بل ينفقُه الإمامُ في مصالحِ المسلمينَ، قالَ الخطيبُ الشربينيُّرحمه الله: «فمِنَ المصالحِ سدُّ الثُّغورِ، وشحنُها بالعُددِ والمقاتِلَةِ، وهي مواضعُ الخوفِ منْ أطرافِ بلادِ الإسلامِ التي تليها بلادُ المشركينَ، فيخافُ أهلُها منهم، وعمارةُ

(1)

«الإقناع في حلِّ ألفاظِ أبي شُجاع» (2/ 564).

(2)

«صحيح البخاري» (3/ 1133).

ص: 422

المساجدِ والقناطرِ والحصونِ، وأرزاقُ القُضاةِ والأئمةِ والعلماءِ بعلومٍ تتعلقُ بمصالحِ المسلمينَ، كتفسيرٍ وحديثٍ وفقهٍ ومُعلمي القرآنِ والمؤذنينَ؛ لأنَّ بالثُّغورِ حِفْظَ المسلمين؛ ولئلَّا يتعطلَ مَنْ ذُكرَ بالاكتسابِ عنِ الاشتغالِ بهذه العلومِ، وعن تنفيذِ الأحكامِ، وعن التَّعليمِ والتَّعلُّمِ، فيُرزَقون ما يكفيهم؛ ليتفرغوا لذلك»

(1)

.

2 -

«وَسَهْمٌ لِذَوِيِ الْقُرْبَى، وَهُمْ: بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ» ؛ لحديثِ جُبيرِ بنِ مطعمٍ رضي الله عنه قال: مشيتُ أنا وعثُمَّانُ بنُ عفَّانَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقلْنا: يا رسولَ اللهِ، أَعطيْتَ بَني المطَّلِبِ وتركْتَنا، ونحنُ وهم منك بمنزلَةٍ واحدةٍ؟ فقالَصلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ»

(2)

.

وقولُ جبيرٍ وعثُمَّانَ رضي الله عنهما: «نحن وهم منك بمنزلةٍ واحدةٍ» ؛ أي: مِن حيثُ القرابةُ؛ لأنَّ الجميعَ بنو عبدِ منافٍ، ولكنَّ عثُمَّانَ رضي الله عنه من بَني عبدِ شمسٍ، وجبيرٌ رضي الله عنه من بَني نَوْفَلٍ.

وقولُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَىْءٌ وَاحِدٌ» ؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم لمَّا بُعثَ بالرِّسالةِ آذاه قومُه وهمُّوا به، فقامَتْ بنو هاشمٍ مسلمُهم وكافرُهم دونَه صلى الله عليه وسلم، وأبَوا أنْ يسلِّمُوه، فاجتمعَتْ قريشٌ على أنْ يكتبوا فيما بينَهم صحيفةً قاطعوا بموجِبِها بَني هاشمٍ، فلا يُبايعونهم، ولا يُناكحونهم، ولا يُعاملونهم حتَّى يسلِّموا إليهم النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، ثُمَّ حاصروهم بعدَ ذلك، فعمدَ أبو طالبٍ

(1)

«الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شُجاع» (2/ 565).

(2)

رواه البخاري (2971).

ص: 423